«إننا ننتظر تطبيق مقتضيات دستور 2011، بينما الحكومة المغربية بزعامة العدالة والتنمية تقدم حصيلة تتميز بعطب في الإصلاحات وغياب رؤية اقتصادية واضحة. ذلك أن النمو في أدنى مستوياته، وكل المؤشرات متعثرة بالإضافة إلى ارتفاع مستوى المعيشة وارتفاع أسعار المواد الاساسية وأسعار الكهرباء. هذا بالإضافة الى تزايد تعثرات الحكومة (وضعية المرأة، محاربة الرشوة، السياسة الهجروية، العمل في المجال الثقافي والسيطرة على الإعلام العمومي والتجاوزات…). والملاحظ أنه في ظل هذه الظروف، يقوم رئيس الحكومة بتطوير خطاب انتخابي-ديني مبني على الأخلاق بدل الحديث عن حصيلة حكومته».
هذا ما قاله الكاتب الإقليمي للاتحاد الاشتراكي بفرنسا شكيب بوعلو، في كلمته الافتتاحية في اللقاء الذي تم بين أحزاب المعارضة البرلمانية المغربية بفرنسا (الاتحاد الاشتراكي، حزب الاستقلال، الاصالة والمعاصرة) والذي تم بعد ظهر يوم السبت 18 ابريل 2015 على الساعة الواحدة والنصف بمدرسة لمين بباريس.
وقد تميزت بداية اللقاء بدقيقة صمت حول الضحايا 33 لحادثة المروعة التي شهدتها طانطان والتي أودت بحياة عدد كبير من المواطنين أغلبهم من الأطفال.
بعد ذلك، تحدثت مونية غولام، وهي عضوة المجلس التنفيدي لحزب الاستقلال، عن تجربة حزب الاستقلال مع حزب العدالة والتنمية في التجربة الأولى للحكومة وكيف حاول حزبها وضع برنامج حكومي بأسلوب واقعي، في الوقت التي كان حزب العدالة والتنمية يتحدث عن 7 في المائة من النمو الاقتصادي، خلال وعوده الانتخابية تقول البرلمانية.
وأضافت: «اليوم نلاحظ الوضع الذي وصلت إليه الأمور، وهو أن الحكومة الحالية رفعت نسبة الديون الخارجية والداخلية، ووضعتها على كاهل المغرب بشكل لم يشهده المغرب في السابق. كما رفعت الحكومة أيضا الأسعار وضربت القدرة الشرائية للمواطنين».
وقالت إن «هذا الحزب- العدالة والتنمية- يفتقد إلى رؤية ومشروع للبلد، ويعاني من ضبابية في الرؤية الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يهدد التماسك الاجتماعي.»
واستعرضت المتحدثة الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة بتخفيض الاستثمارات العمومية بشكل استتنائي، وهو ما عطل إعادة انطلاق الاقتصاد المغربي،وأدى إلى ارتفاع العجز، سواء بسبب ارتفاع الديون أو بسبب خدمة الدين، بالإضافة إلى إلغاء المقاصة التي كانت تحول دون الارتفاع المهول للأسعار، فضلا عن التأثير السلبي للأزمة الاقتصادية التي ضربت أوربا، وأثرها على الاقتصادي الوطني الذي عرف نسب نمو أضعف، مما تحقق قبل وصول هذه الحكومة.
وأكدت برلمانية حزب الاستقلال أن « الحكومة تفتقد الى رؤية اقتصادية قادرة على الدفع بالنمو والحد من البطالة»، وعززت تدخلها ببيانات وأرقام حول الأوضاع الاقتصادية للمغرب مند تولي الحكومة للمسؤولية.
محمد الزيتوني عضو حزب الاصالة والمعاصرة المسؤول بفرنسا تحدث عن حركة 20 فبراير التي رفعت شعارات اعتبرها مهمة في الحراك الشعبي، وهي محاربة الفساد، إصلاح الدستور وتجديد النخب وتمثيلية الشباب والمرأة ومغاربة العالم. وهي الحركة التي تم التجاوب مع مطالبها بشكل ايجابي من خلال الخطاب الملكي لـ9 مارس الذي عبر عن نضج سياسي متقدم، ونتج عنه دستور سنة 2011 ، الذي نص على العمل المؤسساتي وفصل السلط وربط تحمل المسؤولية بالمحاسبة. وأضاف أن هذا الدستور اعتبر «الاختيار الديموقراطي من توابث الأمة.»
«وقال الزيتوني إن الذي أثر في نتائج الانتخابات التشريعية لسنة 2011 هو الوضعية الذي عرفها العالم العربي وما شهده من حراك. أما في ما يخص تشكيل الحكومة، فلاحظنا صعوبة تشكيل تحالف ووجدنا أنفسنا، في نهاية المطاف، أمام حكومة بمرجعية هجينة من خلال التشكيلات السياسية المشاركة بها. كما لاحظنا كيف تم إبعاد حزب الاستقلال والطريقة التي تم بها التفاوض مع حزب الأحرار. ولاحظنا أيضا حضور التقنوقراط في الحكومة رغم أن بنكيران كان يحارب هذه الظاهرة، وهو ما يعكس ضعف الأطر التي تتوفر عليها الأحزاب المشكلة للحكومة.
هذه الحكومة أيضا تشجع الترحال السياسي.
وتحث الزيتوني أيضا عن البرامج الحكومي والآليات التي تم تخصيصها لتطبيقه. وغياب المخططات الثقافية وعدم استحضار حاجيات المواطنين في التنمية الديمقراطية والتحديث، وعدم اشراك المواطنين وغياب رؤية واضحة لهذه الحكومة. وقال إن هذه الحكومة أخطأت موعدها مع التاريخ، خاصة أنها هي الحكومة الوحيدة التي كانت لها مقتضيات دستورية تسمح لها بهامش كبير للتحرك.
وأضاف المتحدث أن الحكومة لم تخرج حتى القانون التنظيمي الذي يخصها في تنظيم عملها، فضلا عن العديد من القوانين التي يتضمنها الدستور الجديد. ونبه الزيتوني إلى أنه بعد ثلاثة سنوات و5 أشهر ليس هناك قانون تنظيمي حول كيفية تمثيل المغاربة في الخارج، علما أنه لم يتبق من عمر الحكومة سوى سنة ونصف، كما أن التدبير الحكومي لا يرقى إلى مستوى المسؤولية السياسية.»
ومن جهته، اعتبر يونس مجاهد عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن حكومة بنكيران جاءت بعد انتخابات سابقة لأوانها، وجاءت بعد الحراك العربي وبعد الإصلاح الدستوري والنقاش الذي كان للخروج من الملكية التنفيذية نحو الملكية البرلماننية، والتوافق الذي حصل بالمغرب من خلال دستور جديد وبانتخابات جديدة، وكان الرهان هو تفعيل الدستور وليس الانتخابات رغم أهميتها.»
وذكر يونس مجاهد بالنقاش الذي عرفه الاتحاد الاشتراكي قبيل تشكيل الحكومة، إذ هناك من دعا إلى المشاركة من أجل تفعيل هذا الدستور من الداخل، وهناك من رأى أنه لا يمكن أن نشارك في هذه الحكومة، بسبب استحالة الوصول إلى توافق مع العدالة والتنمية. وكيف انتهى هذا هذا النقاش الداخلي إلى عدم المشاركة.»
وقال المتحدث إن بنكيران اعتبر نفسه يحكم باسم الشعب، في حين أن هيمنته ليس لها شرعية كبيرة ونحن نعرف الظروف التي نجح فيها وعدد المشاركين في الانتخابات التي فاز بها. كما نبه إلى أن توجس الاتحاديين كان في محله حول قضية تطبيق الدستور. وقال و»كان لنا توجس من هذا الحزب، لأننا نعرف توجه وظروف نشأته . فهذا الحزب له مشروع مجتمعي آخر، فكرته الرئيسية هي الهيمنة وبناء مجتمع آخر بدل تفعيل دستور 2011 الذي كان حوله توافق وطني وتمت فيه مراعاة العديد من خصائص المجتمع المغربي في تعدده» .
وقال يونس مجاهد إن «الفكرة الرئيسة لدستور2011 هو الحداثة، حقوق الإنسان الديموقراطية التشاركية، حرية التعبير، محاربة الفساد، المرفق العام وهي مبادئ مستمدة من الفلسفة الحقوقية السائدة بالعالم أو من تنظيمات الحكامة وغيرها. لكن الحزب الأغلبي له مشروع مجتمعي آخر غير الذي صوت عليه المغاربة سنة 2011.وهو دستور واضح حاول التوفيق في بعض القضايا مثل الهوية. «
وأكد عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي أن الأزمة الحكومية بدأت حول تفعيل هذا الدستور، وحول كيفية تعاملها مع البرلمان، خاصة ان الدستور الجديد أولى أهمية كبيرة للمعارضة وكيفية التعامل مع البرلمان ومع المجتمع المدني وتنزيل القوانين الدستورية وتطبيقها. لكن أول قانون اجتهدت فيه الحكومة هو قانون التعيين في المناصب العليا، والذي كان الهاجس من ورائه هو إرضاء رغبات أعضائه، وزرع انصار هذا الحزب في مفاصل الأساسية للدولة، وهي قضية خطيرة الهدف منها السيطرة على المؤسسات. ذلك أنه في المجتمعات الديموقراطية، هناك ربط المسؤولية بالمحاسبة وهناك قضية الكفاءات وكيف يتم التنافس على المناصب العليا. وسجلنا نفس الوضع حول الإعلام العمومي. كما أن مشروع القانون الجنائي المطروح اليوم له صورة رجعية، ويريد العودة بنا إلى ما يتم ببعض البلدان المشرقية.»
وقال يونس مجاهد إن المشروع المجتمعي لهذا الحزب لا علاقة له بالشعارات التي تم رفعها في 20 فبراير، ولا بمطالب الأحزاب الديموقراطية، ولا بدستور 2011 أو الخطاب الملكي أو الخطابات التي جاءت فيما بعد.»
وأضاف: «هذه الحكومة لها مشاكل في تدبير الزمن التشريعي والانتخابي. كما أن رئيس الحكومة بدل حل المشاكل المطروحة عليه يختار دائما الخرجات الشعبوية والإثارة بدل التطرق للمشاكل. والغرض من هذه السلوكات هو تمييع النقاش الديموقراطي وتمييع المؤسسات وتمييع الفهم وهو حزب يسب السياسيين والسياسية لأنه حزب وراءه جمعية دينية هي التوحيد والإصلاح.»
وفي ختام هذا اللقاء ، انطلق نقاش مع الحاضرين، وكانت الأسئلة الغالبة هي حول تفعيل فصول الدستور التي تمس مغاربة العالم ومشاركتهم في المؤسسات بالمغرب وفي الاقتصاد. وتم خلال هذا النقاش فتح المجال لممثل الحزب الأغلبي للعدالة والتنمية للإدلاء بموقف حزبه حول الانتقادات التي تقدمها أحزاب المعارضة.
تعليقات الزوار ( 0 )