يمكن الجزم بأن الانتخابات في المغرب، من أطول الاستحقاقات التي تجري في العالم. غير أن محصولها في الثقافة السياسية، يكاد يكون صفرا، حيث يطغي عليها منذ البداية، منطق التنقلات والتحالفات والبيع والشراء، بشكل يمكن أن يدوخ أعتى محلل سياسي في الكرة الأرضية.
في البدء كان الترحال.
أخبار متضاربة عن رحيل “أطر” وأعضاء” من حزب لحزب آخر، مقابل مبالغ مالية ووعود، وغيرها من مقومات ثقافة الزبونية، التي يفقه فيها الزبانية. وبعد أن تكتمل الخريطة، تبدأ الحملة الانتخابية.
رشوة حلال، رشوة حرام.
تتواصل الحملة على إيقاع الرشوة. وهي نوعان:
الأول حلال، متواصل طيلة السنة، أبطاله، أولائك الذين يقفون وراء تنظيمات إحسانية، يجمعون التبرعات باسم الدين ويوزعونها على مدار السنة، ولهم زبناء قارون، لا يهمهم أن يكون أداء الحزب الذي يمثل واجهة هذه الجمعيات الخيرية، ناجحا أم فاشلا، ما يهم هو أن الإعانة تصل. لذلك فتصويتهم ثابت ومضمون.
الثاني، هو الذي أخرج أموال قارون في فترة وجيزة، من أجل إعادة إنتاج الصورة التي اعتقد المغاربة أنها انتهت مع عهد إدريس البصري، لكنهم مخطئون، فقد عادت الكاميرا إلى الوراء، في سفر حقيقي إلى الماضي.
سيناريو كافكاوي.
استمر هذا السيناريو بشكل أكثر غرائبية، في التحالفات التي ظلت تنسج طيلة المدة الفاصلة بين إعلان النتائج، وتشكيل مكاتب المجالس والجهات. هنا سيصاب بالدوار أكبر خبير أو محلل سياسي في العالم، لأن الخريطة تتغير في كل ساعة، بدون منطق واضح، حيث تتحالف الأغلبية مع المعارضة، والمعارضة مع الأغلبية، والأغلبية مع نفسها والمعارضة مع نفسها، ثم تعود لنقطة البداية…
أسواق مفتوحة.
من كان يعتقد أن الانتخابات لحظة ديمقراطية، في المغرب، فهو مخطئ. وقد أثبتت الاستحقاقات التي نحن بصدد الحديث عنها، أنها كانت فارغة من أي محتوى، حيث تم إغراق برامج ورؤى بعض الأحزاب الجدية، في بحر من التنافس غير الشريف، لتتحول هذه اللحظة، إلى سوق حقيقية.
ومازال منطق السوق متواصلا، في أغلب التحالفات، التي ستصنع مكاتب لمجالس وجهات، لايحكمها أي منطق سياسي منسجم، بل ما يجمعها هو العمليات الحسابية، وأحيانا تصفية الحسابات.
تعليقات الزوار ( 0 )