في المنتديات الاشتراكية… «المنتدى الاقتصادي، التطور الاقتصادي المغرب رؤى متقاطعة» 

قال ادريس خروز إن سؤال التنمية في المغرب، طرح منذ أواسط التسعينيات، حين عرفت الظرفية الاقتصادية انطلاقة هامة، وشهدت برامج متنوعة في مجالات الصناعة والسياحة والطاقة.
وأوضح خروز أن التشخيص بات معروفا بخصوص ما أنجزه المغرب منذ استرجاع الثقة مع حكومة اليوسفي ومنذ ذلك النفس التنموي الذي أعطى ما أعطى من إيجابيات وحمل ماحمل من إضافات وتطور في الصناعة والسياحة والتجارة واتفاقية التبادل الحر، وساهم في انفتاح الاقتصاد الوطني على العالم كما ساهم في توجه المغرب نحو القطر الافريقي:
وتساءل خروز لماذا نطرح إشكالية النموذج التنموي اليوم: هل لأنه وصل إلى محدوديته؟ وهل كان المغرب يتوفر على نموذج اقتصادي أصلا بقدر ما كانت له سياسات اقتصادية وبرامج قطاعية؟
واعتبر خروز أن التجربة المغربية تمكنت من التطور إلى مستويات إيجابية، حين توفرت على ما يسمى بالتعبئة الاقتصادية التي أعطت نتائج مهمة على مستوى التنمية الاقتصادية للبلاد ترجمت منذ 2012 بنمو اقتصادي بلغ في المتوسط %4,5 وذلك بفضل انفتاح الاقتصاد المغربي على الاقتصاد العالمي.
غير أن الباحث استطرد متسائلا عن الأسباب التي تجعل الاقتصاد الوطني اليوم، لا ينتج سوى قيمة مضافة ضعيفة مقارنة مع الاقتصاديات الصاعدة.
ومن بين الأسباب التي يراها خروز تقف خلف هذا الضعف كون الاقتصاد المغربي رغم تطوره، لم يكن مدمجا، ولم يكن يخدم التنمية على المدى الطويل، حيث لم يكن يخدم خلق فرص الشغل، وبالتالي مازلنا أمام بطالة وإن عرف معدلها تراجعا ملحوظا وصل إلى %9,6 حاليا، إلا أنها تظل مرتفعة بين الشباب والنساء.
وعزا أستاذ الاقتصاد هذا الأمر إلى مجموعة من الأسباب على رأسها انكماش مستوى التشغيل، الذي قلص من فرص الولوج إلى عالم الشغل، وسجل أن التشغيل النسائي مثلا تراجع من %33 قبل 1995 إلى %26 حاليا بما يعني أن المناصفة وإدماج المرأة، يظل مجرد خطاب وذلك لكون المرأة المغربية أصبحت تغادر سوق الشغل وسوق الإنتاج،وبالتالي نعيش اليوم واقعا يتميز بكون %50 من إمكانيات التشغيل المجتمع المغربي أصبحت في وضعية هشة. وتظهر المفارقة جلية في المستوى الثاني من المشهد، حيث إنه رغم ذلك فقد شهد المجتمع تحولات جذرية على المستوى الكمي والنوعي خصوصا على المستوى الهيكلي. ومن بين تجليات هذه التحولات، أن الشباب المغربي لم يعد يعيش طموحات وطنية صرفة، وإنما بات منفتحا على العالم. واليوم في 2019 هناك 44,8 مليون مغربي منخرطون في الهاتف النقال، ما يعني أن المغربي خاصة الشباب، لم يعد ينصت للسياسي المغربي والمنتج المغربي والمؤسسة المغربية فحسب، وإنما يتطلع إلى آفاق دولية كما أن 22 مليون مغربي متصلون بالانترنيت ومنخرطون في شبكات التواصل الاجتماعي، في حين أن هذا العدد لم يكن يتجاوز 4 ملايين سنة 2001 وهو ما بات يطرح إشكالية الإنتماء لأن الشباب لم يعد ينطلق من الواقع المغربي بل يسقط عليه مقارنات مع مايجري في العالم، وهو ما يخلق أزمة ثقة في المؤسسات والهياكل السياسية التقليدية، والتي لم تتمكن من مسايرة هذه التحولات التي تمت على الصعيد الدولي داخل الشبكات الإجتماعية، ما نتج عنه بعض المفارقات على رأسها تراجع الفقر المجرد في المغرب الى %1,4 والذي نقصد به الدخل السنوي الذي يقل عن 3300 درهم سنويا كما أن 7 إلى 8 مغاربة في المئة يعيشون وضعية هشاشة غير أن 50,4% يعتبرون أنفسهم فقراء، وذلك بسبب الفقر الذاتي الذي يشعر به المغاربة لأن مرجعية المواطن اليوم، لم تعد مرجعية مغربية صرفة وإنما مرجعية عالمية ومن بين المفارقات كذلك أن مغربيا من أصل 2 يشعرون بأنهم فقراء، وهو ما بات يستدعي حسب خروز ضرورة انخراط المؤسسات في الثقافة العالمية التي يعيش داخلها الشباب المغربي.
ونبه ادريس خروز إلى أن شابا من أصل 2 بين 19 و 24 سنة يعيشون وضعية عطالة وأن %50 من الشباب المغاربة يعيشون البطالة لمدة سنتين على الأقل، كما أن %22 من حاملي الشهادات المغاربة يعيشون مابين سنة إلى ثلاث سنوات من البطالة. ويتوصل سوق الشغل ب 350 ألف طلب شغل سنويا بينما الاقتصاد المغربي لا ينتج سوى 120 ألف منصب شغل كما أن 100 ألف مغربي يختار الهجرة إلى الخارج سنويا، وهو ما يطرح إشكالية لا تقل خطورة، ألا وهي إشكالية هجرة الأدمغة.
وبعد كل هذا التشخيص، خلص خروز إلى أن البرامج الاقتصادية في الصناعة والفلاحة والخدمات، تعاني من غياب التنسيق وضعف الالتقائية، حيث أصبح المغرب ينتج في بعض الصناعات كالسيارات والطيران، غير أنه لا ينتج بتاتا في مجال سلاسل القيمة العالمية ذات التكنولوجيا والمحتوى العلمي المرتفع.
ودعا خروز إلى ضرورة انخراط المغرب في الصناعات المنتجة للقيمة المضافة العالية والناتجة عن تخصصات علمية دقيقة، كما طرح الباحث إشكالية التربية خصوصا في مرحلة الطفولة قبل المدرسية وتتضمن التربية على القيم وعلى العقلانية والإبداع.
واعتبر خروز أن مشكلة التعليم في المغرب، تكمن في جزء منها في مستوى المكونين الذين يعتبر الباحث أنهم في حاجة إلى إيلاء أهمية خاصة لمسألة التكوين المستمر.
وعلى الرغم من كون هيئة التدريس في المغرب، عرفت تطورا نوعيا وكميا على مستوى التعويضات المادية، غير أن ذلك لم يقابله اهتمام بمستوى التكوين المستمر، وبالتالي لا يمكن أن نغير وضعية التعليم بإدماج أساتذة ومعلمين ضعيفي التكوين أو بدون تكوين أصلا، كما لا يمكن أن نغير عقلية المدرسة بدون تكوين أساتذة.
وتطرق ادريس خروز لإشكالية لغة التدريس في المغرب، وقال إن بلادنا لا تعرف حرب لغات بقدر ما تعاني من سوء تدبير المشكل اللغوي، مسجلا أن المغرب كان شجاعا حين أقر ازدواجية اللغة في الدستور.
وأوصى ادريس خروز بالاهتمام بالتعليم في الثقافات والمعارف العامة أو ما يعرف بالسوفت كيلز والتعليم الذكي، كما دعا إلى تطوير صناعات ثقافية تتحلى بالتجديد والإبداع والتنوع، للتعامل مع الواقع وليس مراكمتها كصندوق كمي.
وأخيرا، دعا خروز إلى ضرورة تعزيز الثقة في الدولة وفي المؤسسات، حيث أصبح المغاربة يفتقدون هذه الثقة، وهو ما يتطلب مجهودا خاصا في هذا الورش، كما دعا في ذات الوقت إلى ضرورة العمل على أوراش أخرى مثل تطوير الاقتصاد الرقمي واقتصاد المعرفة، بينما يتطلب تخليق الحياة السياسية والاقتصادية ضرورة محاربة الرشوة والفساد الإداري والعمل على تثبيت عوامل الاستقرار وبناء علاقات اجتماعية متماسكة مبنية على المواطنة والمسؤولية وهو ما يتطلب مرحلة انتقالية طويلة لكسب هذا الرهان.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

بحضور الكاتب الأول الاستاذ ادريس لشكر : الجامعة السنوية للتقدم والاشتراكية تناقش «السياسة أولا.. لإنجاح المشروع الديموقراطي التنموي»

ندوة للحزب بالمحمدية على ضوء التطورات الدولية والاقليمية الأخيرة

الكاتب الأول الاستاذ ادريس لشكر في برنامج « نقطة إلى السطر» على القناة الاولى

في  الجلسة الافتتاحية المؤتمر الوطني الثاني عشر للنقابة الوطنية للتعليم العالي