خص إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، برنامج « من المغرب « الذي يعده ويقدمه الزميل زيد أبو شمعة على قناة « فلسطين الإخبارية « ، بحوار تناول فيه علاقة الشعب المغربي بالقضية الفلسطينية وتفاعل قيادات الحركة الوطنية تجاه القضية على اعتبار أنها قضية وطنية تخص الشعب المغربي، وبأن هذا الإجماع ظل بمثابة السند الذي يعطي للقضية الفلسطينية وهجها في الشارع المغربي ..
وهذا نص المقابلة:
من منطلق سؤال عن الكيفية التي تشكلت بها علاقة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالقضية الفلسطينية، اعتبر إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أنها ليست فقط علاقة الاتحاد الاشتراكي بالقضية الفلسطينية، بل هي علاقة الشعب المغربي بالقضية، حيث كان هناك دائما تفاعل مابين قيادات الحركة الوطنية والقضية الفلسطينية مؤسسا على علاقة نبيلة ومتينة تقوم على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للإخوة الفلسطينيين،والارتقاء بها إلى مستوى قضية وطنية، بمعنى في المغرب، نعتبر بأن القضية الفلسطينية ترقى إلى مستوى اعتبارها قضية وطنية .
من هذا المنطلق، أشار إدريس لشكر، إلى الأدوار الهامة التي لعبتها الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، ومن خلالها كل من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الاستقلال، كتكتل ضم كل الطاقات والقوى الوطنية المغربية ، بحيث كان هناك إجماع بخصوص القضية بما فيه مؤسسات الدولة ،حيث ظل هذا الإجماع بمثابة السند الذي يعطي للقضية الفلسطينية مكانتها وأهميتها داخل المجتمع المغربي، مشيرا إلى أن الشارع المغربي كان في حجم تظاهراته المساندة للقضية الفلسطينية لا يقاس بأي شارع في أي منطقة في العالم ، معتبرا أن الذي ساهم في ذلك هو الوحدة الوطنية الفلسطينية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية …
وفي سياق حديث إدريس لشكر عن المكامن التي تجسد تميز الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في دعمه للقضية، استحضر التجربة الإعلامية الحزبية التي ترأسها شهيد الحركة الاتحادية عمر بن جلون بعنوان « فلسطين « ، بالإضافة إلى مساهمة كل الإطارات الحزبية الطلابية أو الشبابية أو النسائية أو المهنية التي كانت منخرطة في هذه الدينامية، حيث كان لها تأثير في المنظمات الدولية سواء الاتحاد العالمي للشباب أو اتحاد الطلاب العالمي.. ، حيث – يقول إدريس لشكر – كنا صوتا واحدا إلى جانب إخواننا الفلسطينيين ، مذكرا بأن القيادات الفلسطينية التي كانت معنا في هذه الإطارات الدولية ، كانت دائما تعتبر بأن المغرب هو العمق الحقيقي لمطالبها للدفاع عنها في كل المنتديات الدولية ..
وعن واقع القضية اليوم ، عبر إدريس لشكر ، عن أسفه لما أصابها من تعب وإنهاك داخلي، والذي أدى إلى ظهور انقسامات كان لها أثر على الشارع المغربي .. ، موضحا بأن هذا الواقع لم يكن له الأثر على تجمع القوى الوطنية في إطاراتها الجماهيرية ، ولكن كان له الأثر على الرأي العام .. ، بحيث أن الرأي العام المغربي لم يكن يقبل نهائيا حتى التفكير في حقيقة أن إسرائيل كيان موجود .. ، معتبرا بأنه كان لطرح خطة ترامب ، بعد ما عرفه العالم العربي ، والعمق الفلسطيني ، وما عرفته الساحة الفلسطينية من تفكك وانقسامات، كان لطرحها دواع إيجابية، حيث أنها أعادت تجميع كل القوى الفلسطينية وحركة كل المبادرات التي تدعو إلى الوحدة والانسجام …
وعن موقف الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مما يسمى بصفقة القرن، وكيف ترجم على أرض الواقع ؟..شرح إدريس لشكر ، أنه في علاقاتنا الخارجية كحزب وضمن اشتغالنا داخل الإطارات القارية، كنا دائما حريصين في دعمنا لإخواننا الفلسطينيين على أن لا نكون عاطفيين فقط ، لأنه من الصعب أن تقنع الرأي الدولي إذا لم تكن عقلانيا .. ولذلك حتى في تعاملنا مع مخطط ترامب، كنا حريصين أن لا يكون منطلقنا اللاءات فقط ، وبالتالي كل حديث عن الخطة في غياب اتفاق المعنيين يسقطها منذ البداية، وبأن هذه الخطة لم تحترم مقررات الشرعية الدولية ، ولم تتطرق إلى ملف عودة اللاجئين .. وموضوع قضية القدس الشرقية، والمستوطنات .. ، معتبرا أنه عوض أن يتم انضاج تفعيل كل هذه الملفات يتم التراجع على حتى ما كانت تصرح به الولايات المتحدة داخل مجلس الأمن .. ، لذلك نعتبر بأن هذه الصفقة ولدت ميتة ..
في هذا السياق، أعتبر أن هذا لا يمنع من أن ننفي أن لنا مسؤولية، سواء كقيادات فلسطينية أو عربية ، لأنه لا يكفي أن ندين أو أن نرفض أو نرفع كل الشعارات المضادة ، بل لابد أن نطرح سؤال ما العمل ؟
في هذا الإطار، أعتقد أن الوهج الذي عاد إلى القضية الفلسطينية في سلم الأولويات المطروحة دوليا، يجب أن نعتبر مخطط ترامب كمعطى يجب الاستمرار في مقاومته حتى تظل القضية الفلسطينية مطروحة على سلم الأولويات ، مشيرا إلى أن أكبر عمل للمقاومة هو في إيجاد حل أدنى داخلي فلسطيني يساهم في إنهاء الخلافات الداخلية الفلسطينية ، وإيجاد حد أدنى عربي لكل الخلافات المطروحة …
ومن وسط هذه الرؤية الشاملة لواقع القضية الفلسطينية عربيا ودوليا ، التي قدمها إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أكد أنه لابد أن تكون هناك مفاوضات مباشرة فلسطينية إسرائيلية تحت رعاية دولية تتجسد في الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن، وهذه وجهة نظر مقنعة، معتقدا بأن القضية الفلسطينية ستبقى على رأس الأولويات الدولية ..
وبخصوص تعليقه على بعض بنود الصفقة التي تستهدف دول العالم الإسلامي، من ضمنها دفع تعويضات لليهود، اعتبر إدريس لشكر أن الإشكالية ليست مطروحة بالمغرب، ولن نتحدث في هذه النقطة بموقف عدائي، لأن الرابح الحقيقي سواء بالنسبة للقضية الفلسطينية أو المغرب، هو في أن يرتبط هؤلاء بوطنهم الأصلي وبالرجوع إليه، لذلك أرى بأن هذه المسألة ليست مطروحة كأولوية بالمغرب، ومن خلال اطلاعنا على خطة ترامب، اعتبر ما يهمنا هو قضية اللاجئين، هل سنضمن أن ندافع عنهم من أجل أن نضمن لهم حق العودة إلى أراضيهم، مع حقهم في المواطنة ..
وعن وجهة نظره بخصوص المسيرة الأخيرة التي احتضنها الشارع المغربي ضد صفقة القرن، هل كانت فقط في إطار التبني التقليدي المغربي للقضية الفلسطينية، أم حملت في طياتها رسائل أخرى ..
اعتبر إدريس لشكر، الرسالة الأساسية التي حملتها هاته المسيرة ، هي أنها أعادت الوهج للقضية بعد أن عانى الشعب المغربي من التمزق الذي كانت تعرفه الساحة الفلسطينية .. معتبرا أن الإيجابي في هذه المسيرة، هو ذلك الحضور الشامل لكل الحساسيات السياسية والنقابية وغيرها من الإطارات المهنية والحقوقية ..
لهذا فنحن في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية نعتز بمساهمتنا فيها من خلال كل تنظيماتنا الحزبية والنقابية والمهنية والشبيبية .. ونعتز كذلك بنوعية الشعارات الوحدوية ذات البعد القومي .. التي حققت ذلك المشهد الوحدوي والوطني الكبير ..
الرسالة الأخرى، التي حملتها المسيرة، يقول إدريس لشكر، كانت موجهة إلى الرأي العام الدولي، والتي تعبر من خلالها بأن الشعب المغربي لايزال متمسكا بالقضية، ولا أحد بإمكانه أن ينسي الرأي العام الدولي عدالة هذه القضية، لذلك مسؤوليتنا هو أن تظل هذه القضية حاضرة في عقول ووجدان العقل العربي، مع العمل على التقليل من الخلافات والصراعات العربية …
وعن مواجهة كل المحاولات التي تسعى في اتجاه تفكيك التضامن الشعبي مع القضية الفلسطينية، أكد إدريس لشكر، أنه هناك بالفعل محاولات «شيطانية» لزج الفلسطينيين في الصراعات التي تعرفها المنطقة العربية، مشيرا إلى أنه يجب التعامل مع كل هذه السلوكات بالحذر والمسؤولية، وأنه بالنسبة المغرب،لا يمكن لنا أن ننخرط في أي ابتزاز للمواقف، ونحن نعرف بأن الشعب الفلسطيني هو في منآى عنها، وهذا ليس هو الامتحان الأول الذي مر به المغرب في مثل هذه القضايا .. ، لذلك دائما نحن نقدر حتى لحظات الضغط التي تمارس أحيانا على شعبنا الفلسطيني، لكن نقول بكل مسؤولية، بأن السلطة الوطنية الفلسطينية استطاعت وحافظت على أن تظل بمنآى عن الخلافات العربية …
وعن أداء وفعالية الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية داخل المنظمات الدولية تجاه القضية الفلسطينية، أكد إدريس لشكر، بأن تواجد الحزب بالأممية الاشتراكية أو بالتحالف التقدمي، كان دائما يسعى إلى دفع هذه الإطارات إلى إعلان مساندتها للقضية الفلسطينية، وذلك بتنسيق مع إخواننا الفلسطينيين، ولاشك أنه مع المستجدات الأخيرة التي تعرفها القضية، سننسق مع إخواننا الفلسطينيين، وسنعمل على شرح ودعم قضيتنا الفلسطينية .. وسنكثف اتصالاتنا مع القيادة والفصائل الفلسطينية للتنسيق ووضع خطط مشتركة لمجابهة صفقة القرن .. وبالتالي يجب أن لا تقبل أي علاقات مع دولة الاحتلال ما لم يحصل الفلسطينيون على حقوقهم، مع العودة إلى مبادرة السلام العربية كأساس لأي حل يخص القضية الفلسطينية ..
9 مارس 2020
تعليقات الزوار ( 0 )