بقلم محمد انفي
بعد التحية، أبادر إلى القول بأن طول اللسان عندك، أيها السيد، وحسب وجهة نظري غير المتواضعة والمتحيزة جدا كما هي خرجاتك “الإعلامية” (وأضع إعلامية بين مزدوجتين لانعدام المهنية والموضوعية في خرجاتك البهرجية)، قد أصبح عاهة مستديمة ومستفحلة بسبب العقد الكثيرة التي تعاني منها، كما يعاني منها الكثير من أمثالك؛ وبالأخص عقدة الاتحاد الاشتراكي، والعقدة المستجدة في مجال العقد النفسية اسمها “لشكر”(أحيلك على مقال لي بعنوان ” عن العقد الجديدة في مجال علم النفس التحليلي”، نشر بجريدة “الاتحاد الاشتراكي” بتاريخ 22 يناير 2019).
لقد سبق لي أن تساءلت عن طول لسانك في مقارنة مع لسان طويل آخر حيث كتبت مقالا بعنوان ” لسان ‘مول البونج’ ولسان مدير موقع ‘بديل’، أيهما الأطول؟”(نشر بجريدة “الاتحاد الاشتراكي” بتاريخ 27 ينير 2017). لن أذكرك بما قُلتُه عنك في هذا المقال؛ لكن لا شك أنك تتذكر ما قلتَه عن الاتحاد وعن الأخ حبيب المالكي بعد انتخابه على رأس مجلس النواب. وقد جعلت من هذا الأمر، لغبائك وجهلك بدور الاتحاد الاشتراكي في الدفاع عن الديمقراطية وعن القضايا الوطنية، خطرا على الديمقراطية وعلى مستقبل المغرب وعلى القضية الوطنية.
ويبدو لي، أيها الفضولي، أن لسانك يتمطط بشكل ملفت كلما تعلق الأمر بالاتحاد الاشتراكي أو بقيادته. فهل تدرك أن السم الذي تعمل على نفثه من خلال دغدغة العواطف (الفيديو المخصص لذكرى الشهيد المهدي بنبركة) بهدف تصفية حساباتك مع هذا القيادي أو ذاك، لا يزيدك إلا فضحا وافتضاحا لدى الاتحاديات والاتحاديين المتمسكين بحزبهم والمعتزين بانتمائهم والمستميتين في الدفاع عنه ضد معاول الهدم الداخلية والخارجية؟ وهل تعتقد أن بإمكانك أن تصل إلى هدفك الخبيث من خلال استغلالك لذكرى اختطاف عريس الشهداء المهدي بنبركة، فتصفي حساباتك مع كل الاتحاديين الذين ساهموا في التدبير الحكومي، وبالأخص منهم وزراء العدل، بدءا من المرحوم محمد بوزبع مرورا بالأخ عبد الواحد الراضي وصولا إلى الأخ محمد بنعبد القادر؟ فإن اعتقدت ذلك، فاعلم أنك لا تعرف شيئا عن الاتحاديات والاتحاديين، وإنما تتسوق من هوامش حزبهم ومن بعض أبنائه الذين تتقاسم معهم نفس العقد النفسية، شفى الله الجميع.
وإذا كان الهدف من فضولك وتطويل اللسان على الاتحاد وعلى قيادته، هو الزيادة في عدد المشاهدات وعدد المتابعين لفيديوهاتك (كما كان يفعل بعض أصحاب الجرائد الورقية للفرع من المبيعات)، فهذا يضعك في خانة الانتهازيين والمتاجرين بالكلمة (بينما الكلمة مسؤولية) حتى لا أقول شيئا آخر. وفي هذا الباب، لن تعدم أيضا أصواتا لتعتمد عليها في تصفية حساباتك مع الاتحاد وقيادته حتى ترفع من نسبة المشاهدة والمتابعة؛ ذلك أن هذه الأصوات لا تدخر أي جهد في النيل من الاتحاد الذي صنع مجدهم وبوأهم مراتب متقدمة، ليتبين، بعد أن جف ضرع الريع المادي والمعنوي الذي كانوا يستفيدون منه، أن ما كان يحركهم، هو ما يحركك اليوم؛ أي الانتهازية والنفعية، ولا شيء غير ذلك.
تذكرني، أيها الفضولي، برشيد نيني؛ إذ يبدو لي أنك تكرر تجربته. فهو، أيضا، بعد خروجه من السجن، جعل من حزب الاتحاد الاشتراكي شغله الشاغل، وكأن هذا الحزب هو الذي أدخله إلى السجن، أو أن خروجه من السجن كان مشروطا بالنيل من الاتحاد (لا أدري ما موقفه الآن من هذا التشويش القائم حاليا حول مؤتمر الاتحاد؛ فقد توقفت عن اقتناء صحيفته منذ بداية انتشار كورونا).
تأكد، أيها الفضولي، أن الاتحاديات والاتحاديين قد يغفرون لك كل شيء، إلا أن تحشر أنفك في الشأن الداخلي لحزبهم. فأن تنتقد تدبير حزبهم أو مواقفه السياسية أو قيادته، أمر عادي عندهم بل ومطلوب أحيانا. لكن، أن تقترح عليهم من سيقودهم في المرحلة المقبلة، وكأنهم قاصرين أو تنقصهم ملكة التمييز بين من يصلح لهم ومن لا يصلح، فهذا أمر لن يغفروه لك أبدا.
لقد حشرت أنفك في أمر لا يهمك؛ لهدا وصفتك بالفضولي. فمؤتمر الاتحاد الاشتراكي ليس “كاستينغ”(Casting ) لاختيار وجه يليق بدور القائد، أو البطولة كما في السينما؛ بل لحظة للنقد والنقد الذاتي؛ لحظة لتجديد الخط السياسي وتحديد آفاقه، وكذا لحظة لتجديد وتحديد النموذج التنظيمي المناسب لتفعيل الخط السياسي، انسجاما مع الواقع الاجتماعي والمجتمعي. وحتى لو كان الأمر يتطلب الاعتماد على مدير “كاستينغ”، فلن نحتاج لأمثالك. فلنا، في الاتحاد الاشتراكي، أطر من كل التخصصات. ولا أعتقد أن مدنا مثل الرباط والدار البيضاء ومراكش وفاس وطنجة وغيرها، لن نجد فيها من أهل الاختصاص (السينما، أقصد) من يقوم بهذا الدور.
وأختم بتخصيص حيز قصير لعبارة “خوتي المغاربة” التي تحتمي بها، أيها الفضولي، وكأن البلاد لم تنجب غيرك من الغيورين على هذا الوطن وعلى مصالحه؛ لذلك تتكلم باسمهم وتخاطبهم فيما يعنيهم وما لا يعنيهم، كمسألة الكتابة الأولى للاتحاد الاشتراكي (ففيما يعني هذا الأمر المغاربة؟ وفيما يعنيك أنت، بالخصوص، أيها الفضولي؟ أليس هذا شأن الاتحاديات والاتحاديين فقط؟). فعبارة” خوتي المغاربة” تدل على أشياء كثيرة؛ ومنها طول اللسان الذي يدل على الخواء (أليس الفارغون هم الأكثر ضجيجا؟)؛ وطول اللسان غالبا ما يعبر عن وقاحة صاحبه الذي لا يتوانى عن إفراغ ما في قلبه من الحقد والضغينة وغيرهما من النقائص؛ ناهيك عن كون طول اللسان يميز بعض النفوس التي تعاني من كل أنواع العُقد ويحاول أصحابها إخفاء ذلك بالتطاول والتحامل من خلال اللجوء إلى ما يمكن أن نسميه “البلطجة الخطابية”.
محمد إنفي، مكناس في 18 يناير 2022 (غريب أمر هذه الصدفة: المقالان المشار إليهما أعلاه، كتبا أيضا في شهر يناير، واحد في سنة 2017 والآخر في سنة 2019)
تعليقات الزوار ( 0 )