في لقاء الكاتب الأول للحزب ادريس لشكر الذي حل ضيفا على وكالة المغرب العربي للانباء : نحن منفتحون على كل اليسار، وعلى اللبيراليين، وتحالفنا المستقبلي مع أحزاب الحركة الوطنية
قال إدريس لشكر إن الحكومة الحالية، قياسا على ما يمر منه العالم من صعوبات وتحولات، استطاعت أن تدبر المرحلة الشائكة والصعبة، مستدركا بالقول إن طموح الاتحاد الاشتراكي أكثر من ذلك، وإن الزمن السياسي لهذه الحكومة لم يتم تدبيره وحسن استعماله على الوجه الأكمل.
تقييم الحصيلة الحكومية
وأضاف إدريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي حل ضيفا على وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم أمس، أن الحزب الذي يقود الحكومة وفريقه البرلماني يتحملون المسؤولية في ذلك، مستغربا كيف أن رئيس الحكومة الذي هو في نفس الوقت الأمين العام للحزب الذي يقود الائتلاف الحكومي، يحيل على البرلمان مشاريع قوانين، وفي المقابل تجد فريقه البرلماني يعارض هذه المشاريع، ما يتسبب في هدر للزمن السياسي الحكومي.
وأوضح لشكر، في رد على سؤال أحد الصحفيين متعلق بتقييم الحصيلة الحكومية، على أن مجموعة من القضايا السياسية عرفت تأخيرا وتباطؤا في إخراجها للوجود، بسبب هذه الممارسات التي تفتقد للحس السياسي، والمسؤولية الأولى ترجع لرئيس الحكومة في ذلك.
تدبير محكم للجائحة
وشدد الكاتب الأول للحزب على أننا نعيش بالمغرب بنوع من الاطمئنان للتدبير والإرادة الجيدة للبلاد من قبل جلالة الملك محمد السادس خاصة في الظرف الاستثنائي للجائحة، بالرغم من بعض المزايدات السياسية لبعض الأحزاب، فالبلاد استطاعت أن تدبر المرحلة بنوع من الحكمة والرزانة، وذروة الانضباط وقمة الالتزام اللذين أبان عنهما الشعب دون انزلاقات او انفلات أمنى، بل كان هناك انخراط وتضامن كبيرين في ظل الجائحة.
وذكر لشكر بالسياقات الدولية والتحولات والصعوبات التي أحدثتها الجائحة على الصعيد العالمي، مبرزا في نفس الوقت أن ما تعيشه البشرية اليوم لم يسبق لها أن عاشته بهذا الحجم، مشيرا إلى أن البعض كان يعتقد، في بداية تفشي الوباء، أنها مجرد نزهة وستنتهي قريبا، لذلك كان يتساءل عن مرحلة ما بعد الجائحة وعن المشروع المحتمل، وأكدنا في هذا الصدد يومها على أن «يقدرنا الله في التفكير في تدبير ومواجهة هذه الجائحة».
نظرة استباقية للاتحاد بخصوص الجائحة
وسجل الكاتب الأول على أن هناك بعض السياسيين في بداية الجائحة وضمنهم البعض من اليسار من اعتبر على أنها مناورة مصنوعة لأهداف سياسية واقتصادية، لكننا في الاتحاد الاشتراكي قبل الإعلان في البلاد عن الحجر، اعتبرنا أن ما يتهدد الإنسانية أكبر بكثير والتصور لم يكن قائما فقط في ضمان صحة الإنسان بل في الدفاع عن حقه في الحياة.
وأبرز الكاتب الأول أن الحزب أولى للأمر أهمية كبرى بشكل استباقي قبل أن يتطرق رئيس الحكومة للموضوع بالبرلمان، حيث أصدر أرضية تضمن تصوره المتكامل في ذلك عن الجائحة وانعكاساتها على جميع الأصعدة، وضمن المقترحات الكفيلة لمواجهة هذا الوباء الخطير، هذه الأرضية التي تم نشرها في موقع الأممية الاشتراكية والتحالف الدولي الاجتماعي الديمقراطي والتي لاتزال إلى الآن بالموقع، مؤكدا أن «حزب الاتحاد الاشتراكي وجد نفسه في ما بعد في المبادرات والقرارات الفعلية التي اتخذها جلالة الملك والدولة وهو ما أشعرنا بالاطمئنان والارتياح.»
قرارات حكيمة لجلالة الملك في مواجهة الوباء
وشدد الكاتب الأول على أننا لاحظنا، في بداية الجائحة، كيف أن قادة ورؤساء دول في العالم كانوا يتكلمون عن الجائحة يوميا ويتخذون القرار ونقيضه خلال الأسبوع، لكن وحده المغرب وعلى رأسه جلالة الملك الذي لم يكن يتكلم كثيرا، وكان الفعل في الوقت المناسب ولعل ذلك ما أثار إعجاب العالم والمجتمع الدولي في تدبير المغرب للجائحة.
واعتبر الكاتب الأول للحزب أنه بالرغم من أن العلاقات الدولية اتسمت بنوع من الشوفينية والنظرة الضيقة التي تخص المصلحة الخاصة للبلد الواحد، فالمغرب استطاع أن يحرز عددا من المكتسبات والنقط الإيجابية لصالحه، وفي مقدمة ذلك التدبير الجيد للقضية الوطنية، بداية من الاعتراف الأمريكي لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، حسن تدبير أزمة الكركرات، تمتين الجبهة الداخلية في مواجهة جار عنيد في الشرق يعاكس كل القضايا الوطنية للمغرب، وفي الشمال دول أوروبية، التي كنا نقتسم معها عددا من القيم والمبادئ كالحرية والديمقراطية والمساواة، شعرت أن المغرب قادم ما جعلها لا تقبل مبدأ الندية في العلاقات الدولية وبالتالي لجأت للمناورات السياسية.
إصلاحات جوهرية للقوانين الانتخابية
اعتبر الكاتب الأول للحزب على أن في المرحلة، استعدادا للاستحقاقات القادمة، إصلاحات للقوانين الانتخابية، إصلاحات جوهرية، ومن ينكر هذا ويختزله في مجرد القاسم الانتخابي فليس له إيمان وعطف على تطور الديمقراطية بالبلاد، مؤكدا أن من زعموا أن القاسم الانتخابي سيؤدي إلى البلقنة، فهذا غير صحيح والواقع سيكذب ذلك.
وأوضح لشكر أن ما حرك حزب الاتحاد الاشتراكي في إصلاح المنظمة الانتخابية كشرط أول هو المشاركة السياسية لفئات الشعب المغربي في تدبير البلاد والتمثيلية الحقيقية للإرادة الشعبية بالمؤسسات المنتخبة، ومن بين أهم هذه القرارات، التي لا تعطى لها الأهمية كما تم ذلك للقاسم الانتخابي، هي التمثيلية النسائية من أجل إشراك نصف المجتمع، تغيير يوم الاقتراع من يوم الجمعة الذي كان يستغل من البعض، وكذلك من كان يعتبره يوما مكملا لعطلة آخر الأسبوع، وبالتالي السفر دون الإدلاء بواجب التصويت، وأن تتم الانتخابات الجماعية والجهوية والتشريعية في يوم واحد…
وأشار لشكر إلى أن الاتحاد الاشتراكي يدرك أن إصلاح المنظومة الانتخابية لم يتم ككل، حيث لم تكن إصلاحات تهم الانتخابات المهنية المتعلقة بالمأجورين والموظفين بالقطاع الخاص والعام وكذلك الشأن بالنسبة لقوانين الانتخابات للغرف المهنية التي ستجرى في الأيام القليلة القادمة، لكن يقول الكاتب الأول، ما لم يدرك كله لا يترك كله.
مرحبا بكم في الاشتراكية الديمقراطية
ولاحظ الكاتب الأول أن العديد من الأحزاب اليوم أصبحت ترفع شعارات التي كانت للاشتراكيين الديمقراطيين، والاتحاد الاشتراكي كان الممثل لهذا التوجه، كالدولة الراعية، الحماية الاجتماعية، إصلاح المقاولات العمومية، والتضامن في أقصى أشكاله ليعم الفئات الهشة … هذه مبادئ كنا نطالب بها في الوقت الذي كان يؤمن بالليبيرالية إلى حد أن منهم من كان يريد خوصصة التعليم والصحة وبعض القطاعات الاجتماعية.
وأشار في ذات السياق إلى أن البلاد عرفت هذا التوجه بعد حكومة عباس الفاسي، في أسمى قرارات اتخذت في هذا الإطار، وكانت لها انعكاسات اجتماعية سلبية أثرت على التوظيف للشباب والقدرة الشرائية للمواطنين …مضيفا في هذا الباب على أن أنصار هذا التوجه تكاد برامجه تقول لي من يفصلكم عن الآخرين، ما عساي أن أقول لهم سوى «مرحبا بكم في الاشتراكية الديمقراطية».
النموذج التنموي الجديد
شدد لشكر على أن المطلوب من الصحافيين والمراقبين الرجوع لأدبيات الأحزاب ووثاقها وبياناتها، ليتضح لهم الفرق والحقيقة، مشيرا في هذا الصدد إلى أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سبق له أن أكد على أن المشروع التنموي الذي انطلق مع حكومة التناوب قد استنفد أهدافه، وجلالة الملك لم يكتف بذلك وأكد أن علينا التفكير في مشروع تنموي جديد، ففي سنة 2018، يذكر الكاتب الأول، على أن حزب الاتحاد الاشتراكي قد نظم ملتقى وشارك فيه فعالية دولية، خرج بالمحددات الأولى لهذا النموذج، وحينها رفع الحزب شعار «من أجل دولة قوية عادلة ومجتمع قوي ومتضامن»، باعتبار أن قوة الدولة تكمن في قوة مؤسساتها وقوة شعبها.
وأشار لشكر إلى أن الاتحاد الاشتراكي في البداية كان سباقا لوضع مذكرة في 2018 تخص النموذج التنموي الجديد، وبعد تشكيل اللجنة المتعلقة بالنموذج التنموي الجديد تمت إعادة صياغتها وطرحت على اللجنة، مبرزا في رده على سؤال بهذا الخصوص أن البرامج الحكومية هي التي ستسعى لتنزيل المشروع التنموي الجديد باعتبار أن لا خلاف على ما هو استراتيجي في هذا المشروع، الذي يعتبر وثيقة مرجعية إذا تم التوافق في الميثاق ستكون ملزمة للجميع.
وحدة اليسار والتحالفات
أكد الكاتب الأول أن الاتحاد لاشتراكي بذل من أجل وحدة اليسار ما لا يمكن تصوره وفي عدد من المحطات التاريخية، مقرا في هذا الصدد على أن الاتحاد الاشتراكي فشل في تحقيق هذه الوحدة لظروف أصبح يعرفها الجميع من خلال الواقع، موضحا أنه بعد المؤتمر الوطني التاسع خلص الاتحاد إلى أن العمل مع اليسار في المجتمع من خلال مناصرة القضايا الأساسية وفي مقدمتها قضية المرأة، وقضايا الشباب، والحريات والدفاع عن الديمقراطية، مختتما قوله بأن من يرى الكأس في الجانب الفارغ وليس في شموليته لا يمكن أن يشجع على وحدة اليسار.
وأكد الكاتب الأول أن الاتحاد الاشتراكي منفتح على كل اليسار، في تحالفاته، مبرزا على أن الصراع السياسي الحقيقي ليس في الصالونات والشاشات وإنما على أرض الواقع والميدان، وساق مثالا في هذا الصدد، كالبحث عن الصانع التقليدي الاشتراكي في المغرب العميق وترشيحه في انتخابات الغرف المهنية…
وأكد لشكر أن أحزاب الحركة الوطنية التي أحرزت استقلال المغرب ودافعت عن الوطن هي الدائرة المدعاة للتحالف كما أننا كحزب منفتحون على اللبيراليين.
الترحل السياسي
بكل جرأة وشجاعة قال الكاتب الأول إن ظاهرة الترحال السياسي كان لها حضور حين كانت الدولة العميقة هي المتحكمة فيها، وتخلق الخريطة السياسية، مضيفا أننا لاحظنا في دولة متقدمة ديمقراطيا كيف يغادر البعض الحزب ليلتحق أو يكون مجموعة سياسية أخرى، واليوم في بلادنا القانون حسم في هذه الظاهرة، سواء أكان المعني بالظاهرة منتخبا برلمانيا أو مواطنا عاديا، لذلك نحن في قيادة الاتحاد الاشتراكي نؤمن بأن لا أحد مهم، فمن أراد أن يستمر في حزبه مرحبا به ومن أراد أن يلتحق بالحزب فهو مرحب به شريطة احترام قوانين الحزب ومبادئه ومن أراد أن يغادر فله الحرية في الاختيار.
الكاتب : عبد الحق الريحاني
تعليقات الزوار ( 0 )