عبد السلام المساوي
1-النهر يعود إلى نبعه والماء الى مصبه الطبيعي …نحن المعارضة
يقول الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي الأستاذ إدريس لشكر ، الذي حل ضيفا على برنامج ” نقطة الى السطر ” على القناة الأولى مساء الثلاثاء 26 أكتوبر ” هذه الأغلبية كانت على طرفي نقيض والكل يتذكر الحروب الاعلامية والمواقف التي عبر عنها قادة أحزاب الأغلبية الثلاثة خلال الحملة الانتخابية ” .


فعلا، كلنا يتذكر أنه بعد ظهور النتائج ، بدأ عدد من قيادات الأحزاب يغيرون لهجتهم ويبدلون قاموسهم ويتوددوز للحزب المتصدر للركوب معه في حافلة الأغلبية المقبلة ، وتحول خطاب أولئك ” القباح ” الذين كانوا يظهرون بمظهر الخصوم الشرسين الذين بنوا حملتهم الدعائية وبرنامجهم الانتخابي على مهاجمة الحزب الفائز بالانتخابات الى حملان وديعة بين عشية وضحاها …” ان المواطن لم يختر هذه الأغلبية المتواجدة عكس ما قاله رئيس الحكومة ، فالمواطن اختار عن طريق صناديق الاقتراع ، ونحن جزء من هذا الاختيار الديموقراطي ، وبالتالي فهذه الأغلبية ليست هي التي اختارها المغاربة …”


أكد الأستاذ إدريس لشكر للكل أن التاريخ ليس أمرا نافلا مثلما حاول عديد من الجهلاء اقناعنا بذلك ، وأكد لنا جميعا أن حزبا هو الاتحاد الاشتراكي الذي يستند على مرجعية تاريخية هو حزب سيجد بالضرورة في المستقبل مكانا له بين من سيصنعون المغرب القادم ، وعلى العكس من ذلك من صنع من عدم سيظل رهين ذلك العدم غير قادر على تقديم أي إضافة لوطنه .


لقد سجل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قدرته على البقاء كبيرا في المشهد الحزبي المغربي رغم الضربات الكثيرة والعديدة التي تلقاها الحزب مرات ومرات ، وجزء كبير من تلك الضربات كان تحت الحزام ، ولم يكن نقيا تماما …أكد الاتحاد الاشتراكي يوم الأربعاء 8 شتنبر أنه قوة سياسية أساسية وضرورة حزبية في بلدنا ، ورقم وازن في أجندة المغرب ….نحن المعارضة


رسالة موجهة الى التحالف المتغول، مفادها أن التغيير لم يعد مقبولا أن يظل مجرد شعار انتخابي ، بل ينبغي ترجمته على أرض الواقع ، في شكل برامج ومشاريع وافكار خلاقة ، تعيد الاعتبار الى المواطن …
يقول الأستاذ إدريس لشكر ” بلادنا محتاجة الى المعارضة وكل اضعاف لها يعتبر تغولا ….ان الاتحاد الاشتراكي مارس المعارضة طيلة عقود ، ومن مصلحة الوطن أن يكون حزبنا في موقع المعارضة ، فنحن ممتدون في المجتمع وفي تلويناته النقابية والجمعوية …شعارنا ” الوطن أولا ” من أي موقع كان سواء في المعارضة أو الأغلبية ، ونخدمه من موقع الحكومة أو البرلمان أو المجتمع ، وبالتالي نحن نخدم البلاد ومصالحها العليا ، بعيد عن الحسابات الضيقة …”


من الواضح أن مصلحتنا كمجتمع ودولة ليست بناء حكومة منسجمة بل بالدرجة الأولى بل أيضا تشكيل برلمان فاعل وقوي ، والحكم على فعاليته وقوته يجب أن تحتكم لمعايير التوازن السياسي والعددي ، فلا يمكن أن تتحول المؤسسة التشريعية الى طائر يطير بجناح واحد للأغلبية بينما جناح المعارضة معطل ، وهناك من يعتقد أن ضعف البرلمان وتحوله الى لعبة في يد السلطة التنفيذية سيسهل على الحكومة انجاز الكثير من الأمور دون ازعاج ، هذا التقدير قد يكون صحيحا لكنه غير صحي لسير النظام برمته ، فضعف البرلمان ولا سيما المعارضة يعني فتح الباب مشرعا أمام الشارع والفاعل الاحتجاجي والتيارات العدمية .

فلم يحدث أن كان البرلمان المغربي ممثلا للأغلبية فقط وخادما للحكومة ، وحتى في ظل الولايات التشريعية التي كانت تهيمن فيها الأحزاب ” الإدارية ” ضم البرلمان معارضة قوية يقودها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مما كان يضمن الكثير من التوازن الدستوري والسياسي ، ويجنب البلد الانزياحات خارج الأطر الدستورية المشروعة .


لذلك الذين شكلوا الأغلبية البرلمانية دون ايلاء المعارضة مكانتها هم واهمون وحالمون ويركبون مغامرة غير محسوبة العواقب ، لأن قوة الأغلبية من قوة المعارضة ، وقوة الحكومة من قوة البرلمان ، لذلك من الواجب جدا اعطاء مجلس الأمة مساحته الكاملة للعمل والتحرك لحماية المجتمع من أي تغول .


المطلوب مؤسسات قوية وعلاقة تحكمها الأطر الدستورية الناظمة بوجود حكومة تنفذ القوانين وتدبر شؤون البلد وتنزل مشاريعه الكبرى ، ومؤسسة تشريعية تجود ما عجزت عنه الحكومة وتراقب بقوة عملها وتقيم سياساتها ، هذا ما حرمنا منه خلال العشر سنوات الماضية ، وأدى لخلل كبير في السياسات العمومية ومنظومة المساءلة الدستورية والسياسية ، ولذلك لا نريد أن نسبح في النهر نفسه مرة أخرى .


يقول الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي ذ إدريس لشكر : ” أخشى على وطني من الثلاثي المتغول ، ورجوعنا للمعارضة هو من أجل مواجهة هذا التغول .”


الواقع والدستور يعطيان للمعارضة شأنا كبيرا لم تستوعبه طبقتنا السياسية لحد الان وليس هناك أي مؤشر يوحي باستيعابه قريبا . ولولا مكانة المعارضة لما خصص لها الدستور الحالي عددا من الفصول تظهر دورها الحيوي في ضمان توازن النظام السياسي وفعالية البناء الدستوري والمؤسساتي .


في كل الدول الديموقراطية التي تحترم نفسها هناك معايير ومبررات تحدد من سيكون في الأغلبية ومن سيصطف في المعارضة ، وإذا كان الدستور المغربي قد حدد بناء على نتائج الاقتراع الحزب القائد للحكومة فإن روح الدستور شددت على أن يكون النظام السياسي متوازنا وأن تكون المعارضة قوية تقودها جهة سياسية ذات وزن وحضور كبير في الوطن تضع نفسها في موضع المراقب والمحاسب للحكومة وأغلبيتها مثلما تصنع معظم الدول الديموقراطية .


ان قرار التموقع في المعارضة والأغلبية ليس نزهة في حديقة بل قناعة واختيار شاق .
وحفاظا على التوازن داخل النسق السياسي، ولكي لا تتحول المعارضة الى مكان شاغر تشغله معارضات الشارع المدفوعة بالعدمية والمجهول والفراغ ، وخوفا على الوطن من الثلاثي المتغول ، قرر الاتحاد الاشتراكي الرجوع إلى المعارضة ….

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الفريق الاشتراكي يطالب بمنهجية تشاركية لأجل قانون إضراب يخدم المجتمع

بيان منظمة النساء الاتحاديات

من مقترحات تعديلات المعارضة الاتحادية إعفاء جمعيات المجتمع المدني 

يوسف إيدي لرئيس الحكومة: «أين نحن من الاكتفاء الصناعي؟»