أجرى الحوار : عبد الله الكوزي ومحمد بها  – تصوير: (عبد المجيد بزيوات)

< هل شرعت في إجراء مصالحة مع كل الاتحاديين والاتصال برموز قيادية غادرت البيت الاتحادي؟
< منذ صعودنا في المؤتمر التاسع ونحن في سلسلة من المبادرات، الهدف منها معالجة الاختلال الذي عرفه المشهد الحزبي في المغرب لصالح قوى محافظة. رغم كل الادعاءات التي تقول إن قيادة لشكر شتتت وأضعفت الحزب وغيرها من الاتهامات، لابد أن يعترف كل محلل موضوعي أن هذه القيادة هي التي أدمجت أطر ومناضلي وكفاءات كبيرة في الحزب الاشتراكي الديمقراطي التي التحقت بالحزب. وهذه القيادة هي التي قامت رفقة قيادة الحزب العمالي والحزب الاشتراكي بمجهودات جبارة من أجل إعادة إدماجهم في حزبهم الأصلي “الاتحاد الاشتراكي”.
رغم الإنجاز الذي تم بالحفاظ على الأداة الحزبية، إلا أن ما تعرفه الحركة اليسارية والأحزاب الاشتراكية من تراجع، ومن أجل مواجهة الشعبوية والشوفينية الموجودتين في العالم وعلى المستوى الإقليمي والمنعكستين على المغرب، يفرض علينا الاصطفاف في صف واحد.
إذا كان هناك إيمان بالمشروع الذي جمعنا فإنني أدعو كل هؤلاء من أجل الالتحاق بالحزب وأن نحضر جميعا للاستحقاقات المقبلة من أجل كسب الرهان، ويجب أن نشتغل من أجل نجاح المشروع المجتمعي الحداثي.

< (مقاطعا) ولكن هل باشرت الحوار واللقاءات مع بعض الغاضبين في الاتحاد الاشتراكي؟
< أصدقك القول أن النداء في حد ذاته هذه المرة وجد استجابة وصدى من قبل مجموعة من الأطر والمناضلين الاتحاديين، خاصة أن الاتحاد بدأ يستعيد وهجه داخل النخب. نحن القوة الأولى داخل مجموعة من النقابات والجمعيات، وبدأ يستعيد وهجه وسط الشباب، إذ نحن اليوم موجودون في مجالس كليات الطب والحقوق والمدارس العليا. ويمكن القول إننا الحزب الوحيد الذي يُنتخب الآن على صعيد مجموعة من المؤسسات. ونحن الحزب الأول في ما يتعلق بالانتخابات المهنية، وهذا يؤكد أن الاتحاد بدأ يستعيد وهجه.
كل هذه الأمور الإيجابية ومجموعة من المبادرات التي قمنا بها ومن ضمنها النداء للوحدة، جعلت الاتحاديين ومنهم الذين كانوا على مسافة من الحزب، يتواصلون بشكل تلقائي.

< من ترشح لخلافتكم على رأس الاتحاد الاشتراكي؟
< (وحتى يزيد ونسميوه سعيد)، يجب أولا أن نعرف من يتوفر على طموح القيادة ومن له رغبة في تقديم ترشحه، ووقتها حتى لو بلغ عددهم عشرة مرشحين سأكون كباقي الاتحاديين لي صوت واحد، ولن أوجه عملية الانتخاب لصالح هذه الجهة أو تلك. أنا حريص على أن أمارس حقي الديمقراطي في اختيار من أرشحه عن قناعة لتولي الكتابة الأولى للاتحاد، ولا شك أنها ستكون مهمة صعبة، لأن الكفاءات الموجودة في الحزب كثيرة إذ توجد في الأقاليم والقطاعات وداخل المكتب السياسي وخارجه.

< هل تعتقد أن الحبيب المالكي هو الأجدر لتولي الكتابة الأولى؟
< عليك أولا أن توجه له السؤال هل سيتقدم ويعلن نفسه مرشحا لانتخابات المؤتمر الاتحادي، حتى أقول لك وجهة نظري. يجب أن تؤكد لي ترشحه لأن الخوض في ترشحه سيكون مبنيا على الاحتمال الذي سينتج عنه الإقصاء. لا أريد أن أقصي أي اتحادي كيفما كان نوعه، كما أن الطموحات مشروعة رغم أن معركتنا اليوم ليست هي الكتابة الأولى.
لا يهمنا من سيكون غدا قائدا للاتحاد بل السؤال المطروح هو من سيخدم المشروع المجتمعي الحداثي بشكل كبير؟ ومن سينجح في كسب الرهان في 2021؟ ومن سيعمل على أن تكون له بصمة قوية في النتائج التي يجب أن ننجح فيها في استحقاقات 2021؟.

< في حال المطالبة بتغيير القانون في المؤتمر المقبل من أجل بقاء لشكر على رأس الحزب. هل تقبل ولاية ثالثة؟
< هذا العبث ابحث عنه في الأحزاب الأخرى أما في الاتحاد الاشتراكي فلا يوجد هذا الأمر. الاتحاديون سيكونون غير واعين بمصلحتهم إذا ضغطوا على إدريس لشكر من أجل الاستمرار في القيادة. من مصلحة الحزب التجديد.

العثماني مطالب بالإنصات لأغلبيته

< رغم التوقيع على ميثاق الأغلبية إلا أننا مازلنا نشاهد تراشقا إعلاميا بين الأحرار و”بيجيدي”. ألا يهدد ذلك تماسك الأغلبية وما موقفك باعتباركم مكونا داخل هذه الأغلبية؟
< هذه الأغلبية لها قائد، وحتى على مستوى الأحزاب هناك حزب قائد لها. هذا الاختلال الذي تتحدث عنه صحيح وعشناه، ومثال على ذلك عندما نشاهد رئيس الحكومة يوقع على إحالة مشروع قانون على البرلمان وأول من ينتقد ذلك القانون ويتهمه اتهامات خطيرة هم المنتمون لذلك الحزب الذي يترأس الحكومة، بل حتى واجب التحفظ يكون من قبل قيادي سابق، والذي كان يشغل موقع رئيس حكومة، وكل هذا تترتب عنه آثار، أما إذا أضفنا قضية ضرب واستهداف الأغلبية الحكومية فهذا هو السبب الحقيقي للاختلال. المفروض أن يحرص الحزب الذي يرأس الحكومة على أغلبيته الحكومية وليس العكس.
من مسؤولية رئيس الحكومة والحزب القائد لها، أن يكون مرنا في تعامله مع أغلبيته وينصت للآخرين ويحرص على بقاء الجميع، أما أن يأتي الضرب والتفجير من داخل حزبه، فهذا ما لا ينبغي أن يكون وهو ما يجعلنا نطرح هذا الأمر مرارا ونتمنى أن يعالج مستقبلا.

تعديل الدستور يحتاج إلى حوار

< انتقدتم القطبية رغم أنكم كنت من بين المدافعين عنها قبل حكومة العثماني. ماذا وقع حتى صرتم تهاجمونها؟
< بكل مسؤولية يمكن القول إنني كنت أعتقد أن الفسيفساء في المشهد الحزبي لا تساعد على تطوير الديمقراطية، ولذلك كنت من المدافعين عن القطبية. المغرب ديمقراطية ناشئة فنحن لسنا من الديمقراطيات التي اكتملت ويتمخض عنها اليمين واليسار وفي أبعد تقدير الوسط، بل نحن ديمقراطية ناشئة ولذلك وصلنا إلى القطبية المصطنعة التي أنشأها المال والإحسان وبعض المفسدين في بعض الإدارات المحلية. كل هذه الأمور جعلت البلد يجد نفسه أمام قطبية مصطنعة ولا شك أننا عانينا جميعا من الأزمة السياسية التي سببتها هذه القطبية المصطنعة.
لابد من مراجعة القوانين الانتخابية بما يضمن وقوع أقل الخسائر خلال 2021 في ما يتعلق بنزاهة العملية الانتخابية، وصولا إلى توازن حقيقي للمشهد الحزبي في المغرب، لأن هذا التوازن هو الذي تحتاجه العملية الديمقراطية في المغرب وهو الذي يمكن أن يجعل المواطنين مطمئنين. الجميع رأى كيف أوصلنا اللاتوازن الذي حدث إلى “بلوكاج” خطير، رأينا كيف أقسم مكلف بالأغلبية بعدم دخول حزب معين إلى الحكومة، مع أنه ليست له هذه الصلاحية سواء من الناحية الدستورية أو غيرها. فلو كانت له الأغلبية لعمل طبقا للدستور بتشكيل أغلبيته كيفما يريد، لكن عندما لا تتوفر لك الأغلبية فيجب أن تبحث عنها. وإذا انطلقت من أن اعتبارك الحزب الأول يعطيك الحق لتناول السوط وتضرب ذات اليمين وذات الشمال، فمعناه أننا وصلنا إلى الأزمة. هناك من ركز على “البلوكاج” الذي وقع لكن تم نسيان الانفراج الذي دفع به الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في تدبيره للمفاوضات التي حصلت.

< كيف ذلك؟
< لعبنا دورا أساسيا في الانفراج الذي حدث والذي أدى إلى تجاوز الفهم الخاطئ والتقليدي للفصل 47، إذ وقع اجتهاد في البحث عن الشخصية الثانية من الحزب المتصدر لنتائج الانتخابات التشريعية، وهذا يطرح اليوم وأقولها بكل مسؤولية ضرورة فتح حوار جدي حول الاختلالات التي عرفها دستور 2011.
وفي هذا الإطار لدي مجموعة من الملاحظات من ضمنها أن العمل المؤسساتي ليس ناجحا في المغرب لأن الدورات البرلمانية تجعل الوزير غير قادر على التفرغ لعمله المؤسساتي في القطاع، إذ عليه أن يكون حاضرا في المجلس الحكومي ومجلس النواب ومجلس المستشارين، فمتى سيتفرغ لقطاعه الوزاري سواء مركزيا أو في الأقاليم والجهات؟ وهذا راجع لطول المدة البرلمانية، في حين أن الفترات البرلمانية في دول ديمقراطية مقلصة.
ومن بين الملاحظات أيضا لكي لا نتيه في قضية تشكيل الأغلبية من عدمها بعد كل استحقاق، لا بد من التفكير في ما يعرفه الفصل 47 من تضييق، والاجتهاد لنجعل منه ميسرا لا معسرا لتشكيل الأغلبية الحكومية.

< إذن أنت مع تعديل الدستور؟
< أنا مع حوار حول هذا الموضوع، لأن لا أحد منا يمتلك الحقيقة. يمكن أن تقابل قناعتي حول فتح حوار، آراء أخرى ونسمع أيضا وجهة نظر الأحزاب والمؤسسات. قد أستمر في قناعتي وقد أنضم إلى قناعات الآخرين.

< هناك من يقول إن المطالبة بتعديل الفصل 47، تخوف من تصدر “بيجيدي” الاستحقاقات المقبلة؟
< “شكون عندو سوارت ديال الشعب المغربي؟”، من يمتلك مفاتيح صناديق الاقتراع في المغرب؟ هذه الأقوال هي أنانية مفرطة. من له الحق أن يدعي أنه بعد سنتين ونصف لديه مفاتيح صناديق الانتخابات المغربية، إذا كان هذا الشخص ديمقراطيا ومتتبعا للديمقراطيات يمكن له أن يأخذ العبرة مما وقع لخوصي ماريا أزنار في اسبانيا، ففي آخر الدقائق كان الجميع  مقتنعا أن اليمين سيكتسح الانتخابات ويتصدرها، لكن وقعت حادثة القطار وعدم التعامل معها بشكل مسؤول أدت بين عشية وضحاها إلى تغيير الأغلبية. هل هؤلاء عالمون بالغيب للقول إنهم سيستمرون في تصدر الانتخابات؟. أتعجب عندما أستمع للأحاديث والترهات التي تتردد هذه الأيام بأن الحزب الفلاني والعلاني سيتبوأ الانتخابات، “أسيدي كلنا متبوأين وكلنا غادين نجحوا”.
الذي يعتقد أن تعديل الفصل 47 سيكون على قياسه، نذكره بأننا إلى حدود 2002 و 2003 كنا نعتقد في الاتحاد الاشتراكي على أننا الحزب الأول وكنا نتحدث عن العتبة بمنظور، لكن بين عشية وضحاها أصبحنا نتحدث عنها بمنظور آخر، ولذلك أقول لكل من يدعي بأنه سيكون هو الفائز وأن تلك القواعد يجب الاحتفاظ بها لأنه هو من سيفوز، فليتواضع و”حتى يزيد ونسميوه سعيد”.
الحقل الحزبي المغربي يعرف اليوم توازنا بين الأحزاب الموجودة في البرلمان على الأقل خمسة أو ستة والسباق هو الذي سيكشف الحزب الذي سيتصدر الرتبة الأولى، أما كل من يدعي غير ذلك فهو محتاج إلى عراف “ولا شي شوافة عفريتة من بني حسين”.

إعادة النظر في مفهوم “الفائز” بالانتخابات

< ألا ترون أن المطالبة بتعديل الفصل 47 انقلاب على العملية الديمقراطية ويمكن أن تجعل الحزب الأول رهينة في أيدي أحزاب أخرى ترغب في الالتفاف على النتائج؟
< “واهي دابا نخليو الأحزاب كلها والدولة والشعب رهينة في حزب ما فقط لأنه حصل على الرتبة الأولى؟”، تصدر حزب ما الانتخابات التشريعية يمنحه الحق في التفاوض مع الأحزاب الأخرى لتشكيل الأغلبية ونحن مع تكليف الحزب الأول، ولكن في كل الدول الديمقراطية هناك أجل محدد، فعندما لا يستطيع الحزب الأول أو الثاني تشكيل أغلبيته وهذا عشناه في انتخابات ديمقراطية حقيقية في دول أخرى، ولاحظنا كيف أن الحاصل على الرتبة الرابعة أو الخامسة هو من شكل الائتلاف الحكومي، ولكن كانت له القدرة على التفاوض والانفتاح على الآخر والعمل معه. أما إذا كان هذا الحزب “شوفيني” ومنغلقا ويحمل السوط على الآخرين، هل سننتظر الشعب إلى أن يتحرك؟ لذلك يمكن اعتبار أن من يصف المثيرين للنقاش حول تعديل الفصل 47 بغير ديمقراطيين، هو خطر على الأمة والمجتمع.
هل نسي من يتحدث عن حصوله على الرتبة الأولى في الاستحقاقات المقبلة، أن بين هذه المؤسسات توجد المؤسسة الملكية، والجميع يعرف دور المؤسسة الملكية داخل الدستور، ثم فيها اقتراع واختيار الأمة، فإذا كانت نسبة 70 في المائة من النتائج موزعة على الأحزاب فلا يمكن أن نمنح حزبا ما نسبة 30 في المائة لأنه فقط حصل على الرتبة الأولى للهيمنة على المشهد الحزبي. ماذا سنقول للأحزاب الأخرى لم تعد لك قيمة ومحكوم عليك بالزوال؟ نحن في حاجة لمن يجمع 51 في المائة وليس من يحتل الرتبة الأولى.

< هل صحيح ما راج حول تلقيكم عرضا لتولي منصب سفير بتونس لكنكم رفضتم ذلك؟
< هذا غير صحيح أبدا. لم يُعرض علي أي منصب، وأعتقد أن الشخص المقترح ليكون سفيرا بتونس هو الأخ حسن طارق، الذي يعتبر أهلا لهذا المنصب ويمتلك من الكفاءة والقدرة ما يجعلنا متأكدين أنه سينجح في مهامه.
ما عرض علي هو المساهمة في تشكيل هذه الحكومة ونجحنا في تدبير هذه المفاوضات ولنا وزراء أعتز بمجهودهم وحصيلتهم، منهم محمد بنعبد القادر وعبد الكريم بنعتيق ورقية الدرهم.

< هل تتوقعون تعديلا حكوميا مرتقبا؟
< يمكنني القول إنه بالفعل وسط كل ولاية يكون هناك تعديل حكومي. لكن هل السياق الوطني والإقليمي والدولي يجعلنا في حاجة لهذا التعديل؟ هذا فيه نقاش لأنني أعتبر ما يجري في الجارة الجزائر وما يجري في أوربا المقبلة على الانتخابات التي تعرف توجها منغلقا شوفينيا ويمينيا لا يستدعي التعديل داخليا الجبهة متراصة والمكاسب جيدة رغم وجود بعض الاختلالات لا يختلف عنها اثنان، لكن هل هذه الاختلالات ترقى إلى مستوى البحث في تعديل حكومي جوهري؟ أعتقد أن معالجة هذه الاختلالات تقتضي فقط إجراء تعديل جزئي بسيط ولو أنني من أنصار الاستمرارية.

< هل صحيح أنكم تضغطون للعودة إلى الحكومة؟
< “ما عمرني” ولا أعتقد سأقوم بالضغط من أجل العودة إلى الحكومة.

لن أترشح لولاية ثالثة

< هل تتعهد فعلا بعدم الترشح لولاية ثالثة في المؤتمر المقبل الذي سيكون بعد انتخابات 2021؟
< أكيد أننا توافقنا وتعاهدنا على أن المسؤولية على رأس حزب الاتحاد الاشتراكي، هي مسؤولية لولايتين فقط. ثانيا بكل صدق (هذا راه الاتحاد الاشتراكي ماشي بحال باقي الأحزاب)، ويمكن القول إن حزبنا هو الوحيد في المغرب الذي يضم العشرات من المرشحين والكفاءات القادرة على تحمل مسؤولية الكتابة الأولى. الكتابة الأولى هي مسؤولية مُتعبة، والولاية الثالثة تتطلب ضخ دماء جديدة وتجديدا وتشبيبا في القيادة المقبلة.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

تشييع جنازة المناضل والإعلامي الكبير جمال براوي في موكب مهيب

الكاتب الأول يقدم التعازي لجلالة الملك، أصالة عن نفسه ونيابة عن الاتحاديات والاتحاديين

الكاتب الأول يحضر اللقاء التواصلي الأول لنقيب المحامين بالرباط

الكاتب الأول الاستاذ إدريس لشكر يحل ضيفا على برنامج «نقطة إلى السطر» بالقناة الأولى يومه الثلاثاء