في استجواب خص به أسبوعية الأيام، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي يقول:
أشعر بارتياح كبير، لا أتحسر على الماضي وكلي أمل وتفاؤل في المستقبل
في كل الديمقراطيات يتم تعديل الحكومات في 24 أو 48 ساعة، وينتهي اللغط والكلام الزائد، وتنخرط كل حكومة في مسؤولياتها ابتداء من الغد.. هنا مع كامل الأسف نسبق العرس بشهرين أو ثلاثة أشهر، ونستتبعه بكذا ونجتر الأمر، اليوم المغرب فيه حكومة جديدة مسؤولة على تدبير الشأن العام والشؤون العامة للبلاد، وهذا شيء إيجابي.
أعتقد أن البطولة من خارج المؤسسات تبقى للمحللين.. ولكن البطولة لا يمكن أن تكون إلا من داخل الحزب
من يعيش المشروع ومن يعمل في المشروع بمكاسبه وإخفاقاته وبأخطائه ونجاحاته، هذا من له الحق للحكم بصحة المشروع من عدمه..
من أراد ان يعيد الاتحاد فقط باسم التاريخ فأقول له العالم تغير، والله إذا لم تنزل وتشتغل في المجتمع وبالمجتمع يستحيل أن يعود الاتحاد إلى قوته.
حاورته زينب مركز
ـ لنبدأ بالحدث الطري، لم تحضروا حفل تأبين النقابي عبد الرحمان العزوزي، هل الأمر فيه رسالة سياسية أو رسالة تنظيمية؟
لا، لا هذا أو ذاك. أنا ذهبت إلى عائلته وقمت بواجب العزاء بالطريقة المغربية. الدعوة الى الاربعينية تمت من طرف منظمة غير معروفة في المشهد النقابي ولا أعرفها نهائيا ولم أتوصل بأي دعوة منها، ورغم ذلك حرصت أن أنشر الدعوة على الصفحة الأولى لجريدة الاتحاد الاشتراكي. نحن في الاتحاد حريصون على أن المحطات الاجتماعية التي يكون فيها ولو القليل من التشويش أن نتعامل معها بكل هدوء والا ننخرط في المزايدات احتراما للفقيد وعائلته.. ورغم ذلك فالمكتب السياسي بعث بوفد من الاتحاديين، والحاضرون في أغلبهم هم اتحاديو المؤسسة.
كان بودي ان احضر كما كنت راغبا في الحضور في ذكرى حسن لحوس والتي أقيمت في أكادير وكانت الدعوة هناك مع العائلة الاتحادية، ورغم ذلك لم يسعف برنامجي في ان أحضر..
ـ يقول البعض أنكم رفضتم عرضا مغريا للانضمام لحكومة بن كيران، في حين قبلتم بأقل من هذا العرض مع حكومة العثماني سواء في صيغتها الأولى أو الثانية المعدلة، والتي نلتم فيها حقيبة واحدة؟ ما تعليقكم؟
على العكس، ووقتها في 2011، لم أكن المسؤول الأول في الحزب وقت عرض بن كيران، الذي كان الجواب عليه اتحاديا.
الدخول إلى حكومة سعد الدين العثماني كان قرارا حزبيا ايضا، وأعتقد أن تواجد الاتحاد في المؤسسات هو تواجد جيد، والعبرة من المشاركة في الحكومات هو الاتفاق على برنامج، وتواجد خط سياسي متفق عليه، والاتفاق على الأهداف ، أما الأشخاص فلا أعتبر هذه المسألة مهمة.
– كيف قبلتم وزارة العدل التي أفرغت من جوهرها بعد فصل النيابة العامة واستقلال القضاة؟
لقد عبرنا في الاتحاد الاشتراكي عن رأينا منذ انطلاق المشاورات وقلنا بان التقليص من العدد سيكون له اثر مجتمعي اذ ان الحكومة كانت ثقيلة وعرضنا ضرورة التقليص منها عدديا وحزبيا واعلنا وقت المشاورات اننا سندافع على التقليص حتى لو احتفظنا بوزارة واحدة، واعطينا مثالا بالحكومات التي تحيط بنا شمالا البرتغال، إسبانيا وإيطاليا، فيها أقل من نصف عدد الحكومة السابقة. تمت الاستجابة لطلبنا وتصورنا… لقد كان لدينا وزيران منتدبان وكاتبة الدولة، ولم يكن لدينا وزير مسؤول على قطاع. اليوم لدينا وزير داخل هذه الحكومة المقلصة وفق طلبنا .
– لقد وضعت الفيتو في وجه انضمام الاتحاد لحكومة بن كيران أول مرة، ومن بعدها أصررتم على المشاركة في ذات الحكومة التي يرأسها ذات الشخص بن كيران، ما الحكمة وراء هذا التغير بين المشاركة وعدم المشاركة من الناحية السياسية؟ فمبرر اختيار الموقع السياسي يكون إيديولوجيا أو سياسيا، ما مبرركم في الاستمرار في حكومة العثماني، أي مع الإسلاميين الذين تقولون إنهم يستغلون الدين في السياسة وظلاميين و…، هم لم يغيروا شيئا في أطروحاتهم، واش الحزب اللي ما يدور كدية؟
ها أنت قلتها، من الناحية الجيو سياسية في المنطقة، الوضع في 2010 و2011، ليس هو نفسه بعد انتخابات 2016، فما حدث بعد دستور 2011 وبناء على تشخيصنا للوضعية كاتحاد اشتراكي، ورغبتنا في تكريس ثقافة التداول على السلطة اي ما سمي بالتناوب، اخترنا ان ننخرط في فسح المجال له لتدبير الشأن العام . كما انه لم يحسن (رئيس الحكومة السابق) تدبير هذا الأمر، اذ لا يمكن أن تتحالف مع أشخاص وتنظر إليهم نظرة دونية، تتذكرون العبارة التي استخدمها: “أنا محتاج للاتحاد الاشتراكي باش يسخن لي كتافي”، الاتحاد لا يدفئ. ولذلك كان ذاك القرار، التاريخ وحده هو الذي سيؤكد صوابه من عدمه.
العكس في 2016 عين صاحب الجلالة عبد الإلاه بن كيران، لكنه لم ينجح في تدبير المرحلة، وقع له خلط بين أن تكون الحزب الأول يجب أن تبحث عن الأغلبية، وما بين أن الحزب الأول يحق له أن يفعل ما يشاء بباقي الأحزاب. هذه النظرة لم تساعد على أن يصل للنجاح في مهمته. من بعد جاء سعد الدين العثماني في سياق معين، وهو أننا استطعنا كاتحاد اشتراكي أن نقنع الآخرين أغلبية ومعارضة بأن يصوتوا لنا عند الترشيح لرئاسة مجلس النواب. كان هذا مكسبا أعطانا قوة، كنا رافضين أن نكون في وضعية حزب الأصالة والمعاصرة الذي لديه رئاسة مجلس المستشارين وذهب للمعارضة، وتفاوضنا على هذا الأساس، أننا نرى مشروعا كبيرا يقوده جلالة الملك على أرض الواقع، و مشاريع قوانين تمر تقريبا في أغلبها بالإجماع في البرلمان، واتضح لنا أنه إذا استمررنا خارج الحكومة لن يكون لنا ذلك الفعل الذي أردناه لحزبنا، وهو المساهمة في المشروع الكبير، ولذلك انخرطنا مع سعد الدين العثماني… حتى حين نقول انخرطنا مع سعد الدين العثماني، ليس كل شيء جيد مائة بالمائة. أبدا، هو نسبي وتدبير ما هو نسبي هو ما يجعلنا نميز ما بين أن يتم الإصلاح بكامله أو لا يتم نهائيا، أو إذا وصلنا لأغلبه أو جله فيجب الانخراط.
– كيف مرت المفاوضات مع رئيس الحكومة؟ ماذا عرض عليكم خصوصا وأنكم اتفقتم في المكتب السياسي على حقائب اجتماعية كالصحة والإسكان؟
لا، لا المكتب السياسي أصدر بلاغا صريحا وواضحا. نحن كنا ندافع عن التقليص ونجحنا في الدفاع عنه، وجاءت هيكلة قريبة من تصورنا لهيكلة الحكومة 90%، طيب، حين جاءت هذه الهيكلة طلب مني السيد رئيس الحكومة الأسماء، استدعيت الإخوة أعضاء المكتب السياسي وطلبت منهم اقتراح الأسماء، بعدها تداولوا وقالوا يستحيل أن يكون الاشتغال بهذه المنهجية، ولذلك اقترحوا وقرروا بعد ذلك تفويضي عملية تدبير المفاوضات رفقة رئيس المجلس الوطني الأخ لحبيب المالكي.. وبالفعل، بهذه الشراكة وبتدبيرنا للأمور يمكنني أن أقول بكل مسؤولية أنني مسؤول مسؤولية كاملة على الإخراج الذي تم بالنسبة لحزبنا. وأنا أعتبر أن من مسؤولية الأحزاب الأخرى المفاوضة أن يكون موقفها واضحا وصريحا. لا يجب أن نخفي الشمس بالغربال بأن هناك جهة ما وراء تشكيل الحكومة! لا. دستورنا واضح، سلطة التعيين لجلالة الملك، سلطة الاقتراح لرئيس الحكومة، وسلطة الاقتراح هذه يشركنا فيها رئيس الحكومة في إطار إيجاد أغلبيته ولذلك فاقتراحاتنا هي اقتراحات أولية وليست تعيينات..
– إذن أنت اقترحت محمد بنعبد القادر لوزارة العدل؟
لم أقترح محمد بنعبد القادر وحده بل اقترحت اسماءا لكل القطاعات، إذا كنا في هذا القطاع فها من يكون وفي ذاك القطاع ها من يكون. هذه الاقتراحات ما رفع منها السيد رئيس الحكومة رفعه، ويبقى لجلالة الملك سلطة التعيين ضمن هذه الاقتراحات، ولا أحد يمكن له أن يدعي أنه تنازل هنا أو هناك، وإلا لا يمكن تسمية ذلك حوارا أو مفاوضات، ولن نصل إلى التوافق.. يعني إذا حدد كل حزب شروطه حول القطاعات، فلن تستمر الأغلبية.
وأنا في النهاية أعتبر أن هذا التعديل أعطي له أكثر من حجمه. ففي كل الديمقراطيات يتم تعديل الحكومات في 24 أو 48 ساعة، وينتهي اللغط والكلام الزائد، وتنخرط كل حكومة في مسؤولياتها ابتداء من الغد.. هنا مع كامل الأسف نسبق العرس بشهرين أو ثلاثة أشهر، ونستتبعه بكذا ونجتر الأمر، اليوم المغرب فيه حكومة جديدة مسؤولة على تدبير الشأن العام والشؤون العامة للبلاد، وهذا شيء إيجابي.
ـ حين تخلو إلى نفسك، ألا تحس بهذه المقارنة، كيف كان الاتحاد الاشتراكي كقوة سياسية يضرب لها ألف حساب، وكيف أصبحت الأمور، وأضحى الاتحاد الاشتراكي مفصولا عن المجتمع بلا امتداد تنظيمي، لقد انفصلت القوات الشعبية عن الاتحاد الاشتراكي؟
أنا أدعو بكل مسؤولية، أن يعيش الإنسان واقعه، اليوم هل العملية السياسية في العالم هي نفسها التي كانت في الستينيات والسبعينيات؟ اليوم في الديمقراطيات الغربية، ها أنت تتبعين كيف يدبر الساسة في بريطانيا عملية دخولهم اوخروجهم من الاتحاد الأوروبي، التصويت اليوم، التصويت غدا، أقيلت رئيسة حكومة وجيء برئيس حكومة آخر.. ها أنت ترين في فرنسا كيف انهارت الأحزاب، الحزب الاشتراكي الفرنسي كانت لديه الأغلبية المطلقة في البرلمان في الانتخابات السابقة واليوم هو في المعارضة بفريق مقلص.. نقطة الضوء الوحيدة بالنسبة للاشتراكيين في اوربا هي منطقة البحر الأبيض المتوسط جنوبا.. الاتحاد الاشتراكي حافظ على الذات وشمالا الحزب الاشتراكي الإسباني والحزب الاشتراكي البرتغالي في وضع جيد.
– حين قلت ضعف الاتحاد الاشتراكي ليس بنوستالجيا الماضي، والعودة إلى ذات القوة التنظيمية وذات الشعارات، أتكلم في السياق المغربي، فما حدث للاتحاد الاشتراكي لم يكن مصدره هو التراجع العالمي لليسار والاشتراكيين عامة، ونتائج الانتخابات الأخيرة وحدها تحمل صدمة التراجع المهول لاتحاد الاشتراكي؟
نحن نراهن على الوضع الداخلي كما نراهن على الوضع الاقليمي الموجود في منطقة البحر الأبيض المتوسط بالنسبة لليسار والاشتراكية ونراهن على العمل بقوة، ولهذا نحن نشتغل فيما يتعلق باستحقاقات 2021. بالعكس أنا أشعر بارتياح كبير ولا أتحسر على الماضي وكلي أمل وتفاؤل في المستقبل، اعتبارا من أن الذين راهنوا على موت الاتحاد الاشتراكي ونهايته، ها هم يلاحظون اليوم أنه فاعل ضمن الفاعلين الأساسيين في المشهد الحزبي في البلاد. كل الذين راهنوا، حتى من داخل الاتحاد في وقت ما وأسسوا إطارات حزبية أخرى… أنظري مآل تلك الإطارات الحزبية…، اليوم الكل يعلم جيدا أن الاتحاد الاشتراكي رقم أساسي في العملية السياسية في البلاد.
ـ لست أنا من تقول هذا، فأحمد رضى الشامي دعا إلى استرجاع دور الحزب سياسيا ومجتمعيا والطيب منشد قال بالحرف: “لقد عشت حتى رأيت كيف أن أذرع الحزب من الشباب ومن باقي القطاعات قد رحلت أو توقفت ورأيت كيف أن الاختيارات المذهبية أصبحت مضببة” ؟ وهؤلاء اتحاديون كبار؟
ببساطة، البطولة لا تكون من خارج المؤسسة، بل داخل المؤسسات لان العضوية حقوق وواجبات. بالنسبة لالشامي، تتبعت ما قاله على قناة ميدي1تيفي ولا علاقة له بما اوردته على لسانه فنحن نتولى الظاهر والله يعلم السرائر. أما بالنسبة للمنشد، فأقول له: “اللي قال العصيدة باردة يدير فيها يديه”. والاتحاد منذ انطلاقة 30 يوليوز والمؤتمر الاستثنائي، اختار أن شؤونه الداخلية قرار داخلي لاعضائه… تفضل يا سي منشد، ها هو الاتحاد يفتح اليوم أذرعه، اعمل من داخل الاتحاد وخذ تلك الوردة التي تحدثت عنها بذلك الشكل، وقد ساهمت في تاريخ معين في “ذبولها” لتعيد لها وهجها ونضارتها..
– كيف ساهم في ذبول الوردة الاتحادية؟
نحن جئنا للإنقاذ، ولذلك فانني ادعو للتجاوز عن اخطائنا جميعا، والتوجه للمستقبل .
– تتكلم برسائل مشفرة، ما الذي قام به الطيب منشد بالضبط حتى…
(مقاطعا) نحن اليوم نقول فلنتجاوز جميعا أخطاء الماضي، اليوم نتوجه بخطاب واضح وصريح، كلنا مسؤولون عن النجاحات كما أننا مسؤولون عن الإخفاقات ولكن تعالوا جميعا لنتوجه للمستقبل، وحتى تكون هذه الدعوة دعوة صريحة ومشجعة، فقد وضعنا بشأنها مجموعة من الإجراءات نعتقد أنها تجعل الباب مفتوحا على مصراعيه لكل الاتحاديات والاتحاديين، لم نتحفظ على أي شخص لم ننعت أي شخص بنعت سيء.. على العكس أنا أعتقد أن البطولة من خارج المؤسسات تبقى للمحللين.. ولكن البطولة لا يمكن أن تكون إلا من داخل الحزب. من يعيش المشروع ومن يعمل في المشروع بمكاسبه وإخفاقاته وبأخطائه ونجاحاته، هذا من له الحق للحكم بصحة المشروع من عدمه.. أما إذا بقيت كمتأمل نحن نرى الذي يتحدث هذه اللغة قد أسس مشروعا آخر ووضع أوراقه لدى السلطات، أين وصل المشروع اليوم؟ هو من يجب أن يسأل. انت من وضعت إطار وخلقت وأعلنت عليه ، طيب إلى ما انتهى هذا المشروع، من المسؤول عن تقديم نقد ذاتي؟ الذي خلق مشروعا بديلا؟ الذي خلق مشروعا بديلا لا يحق له أبدا في تقويم أو تقييم المشروع الذي خرج منه، لأنه منذ خروجه حكم على ذلك المشروع.. لذلك أن يأتي اليوم ويقول بذلك. نحن نقول اليوم برغم من كل هذا فلنتجاوز إيجابا جميع أخطائنا ـ أقول أخطائنا وأسطر تحت النون ـ أنا لن أفعل مثل الآخرين. أنا أقول فلنتجاوز جميعا عن أخطائنا ولننجح هذه المصالحة التي أردناها أن تكون مصالحة حقيقية وإيجابية، ولنتوجه إلى المستقبل.
ـ رفعتم شعار المصالحة مع كل الاتحاديين فيما الواقع ينم عن تشتت تنظيمي غير مسبوق، المصالحة هي أفق فكري وتصور تنظيمي وليس هو التحلق حول كؤوس الشاي والعناق، هذا حزب وليس خصام بين الجيران نتدخل بالصلح بينهم، لأن الغاضبين خاصموا الحزب بسبب مواقف سياسية وتحولات إيديولوجية؟ كيف تقيمون الأمر؟
أعطني موقفا سياسيا واحدا اختلفوا فيه مع الحزب ، اعطيني موقفا ملموسا.. إلى حد الساعة الأرضيات والوثائق المطروحة هي أرضيات ووثائق مؤسسات حزب الاتحاد الاشتراكي، إلى حد الساعة لم ينشر هؤلاء وثيقة أو برنامجا أو أرضية مختلفة، لم يعقب هؤلاء في أية محطة من المحطات علنيا، بمعارضتهم لهذا الموقف أو ذاك الذي اتخذناه…
– أنت تدبر حزب الاتحاد ولا بد أن يكون العديدون مختلفون معك في التدبير، يؤاخذ عليك الخصوم أنك حولت الحزب 180 درجة عن جوهر الفكرة الاتحادية وسرعة الانتقال من موقف إلى آخر، رفعتم شعار التآلف مع البيجيدي، ثم أصبحتم أشد المعارضين للحزب المحافظ بتعبيركم، ثم دخلتم حكومة العدالة والتنمية؟
رجاء، أنت تجرينني للجراح، وأنا أدعوك كما أدعوهم جميعا لتضميد هذه الجراح. هل ذبلت الوردة فقط في المؤتمر التاسع، أم ذبلت في الخلاف الذي وقع في المؤتمر الخامس والتشتت الذي اعقب المؤتمر السادس والسابع، واستمر حتى المؤتمر الثامن؟ من يومها إلى الآن ونحن نحاول أن نلم الشمل، كل محاولات التشتيت لم تنجح. أنا قلت لك وأعطيتك نماذج الديمقراطيات الغربية، العملية السياسية بالأمس ليست هي العملية السياسية اليوم، أنا تكلمت لك عن اليسار عالميا وعن المشاكل التي يتخبط فيها، اليوم يعترف الجميع بأن الاشتراكيين في المغرب، استطاعوا أن يحافظوا على وحدتهم. والرسائل التي تلقيتها من قادة اشتراكيين كلها تؤكد هذه الحقيقة، انظري من كانوا في إفريقيا ولا في العالم وقت وهج الاشتراكية واليسار، إلى أين كانت المآلات؟ نحن نعتز اليوم أننا مازلنا نحافظ على وحدة صفوفنا، نعم ليس كما نريدها، ولكن هذا أمر لن يتحقق بالخطب الرنانة وبالكلام، ولكن بالعمل، من أراد ان يعيد الاتحاد فقط باسم التاريخ فأقول له العالم تغير، والله إذا لم تنزل وتشتغل في المجتمع وبالمجتمع يستحيل أن يعود الاتحاد إلى قوته.
– تخليتم عن التحالف الطبيعي الذي كان بين الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال، وتحالفتم مع حزب الأصالة والمعاصرة، ثم انتقلتم إلى التوافق مع عزيز أخنوش، هل اتخذ هذا القرار داخل هيئة من هيآت الحزب؟
أولا أنتم تقعون في خلط، فرق كبير بين التحالف وبين المشاركة في ائتلاف أو في التواجد في جبهة سواء في المعارضة أو الأغلبية، الدليل على ذلك، أننا حين كنا في المعارضة لم يكن معنا إلا البام، ألا يمكن أن يكون هناك تنسيق ما بين حزبين كلاهما في المعارضة؟ إذن هذا ليس بتحالف، ثانيا، لما قررنا الدخول في الحكومة، هل نحن في تحالف اليوم مع العدالة والتنمية القائدة لهذا الائتلاف؟ كما أننا لسنا في تحالف مع التجمع الوطني للأحرار الذي هو طرف مثلنا في هذا الائتلاف.. يبقى مشروعنا الحقيقي الذي اختلفنا حوله وخرجنا ساعتها للمعارضة، دخل حزب الاستقلال، لم يكن يمكن الاستمرار ككتلة، راه السياسة هي تحليل الواقع الحقيقي: واحد دخل الحكومة واحد بقا على برا، إذن هذه الكتلة قبل أن أتولى منصب الكتابة الأولى بسنين عديدة انفرطت..
-هل كان هذا التغير في المواقع السياسية كان يتم بقرار من المكتب السياسي واللجنة المركزية للتحول بهذه السرعة من موقع سياسي إلى موقع نقيض؟
نعم. لا دخولنا للحكومة ولا خروجنا للمعارضة وجلوسنا مع تلك الأحزاب تم بعلم الأجهزة الحزبية، وأقول لك ليس تحالفا، لكن كان تنسيقا بحكم الموقع سواء في المعارضة، أما التحالف فمن يحدد لنا مساره هو مؤتمراتنا، نحن نبحث في اليسار، واليسار ليس بالضرورة من خلال أحزابه، اليسار موجود في المجتمع والعمل مع المجتمع، كما نبحث في الأحزاب القادرة التي تلتقي معنا في التوجه التقدمي الحداثي الوطني، ولذلك في هذا التوجه نحن مستعدون للاشتغال في أفق 2021، الاشتغال هل سيتطور إلى تحالف؟ هذا ما ستقرره المعطيات ومستقبل العمليات السياسية.
– ما هو الأفق السياسي والتصور الفكري الذي يرى عليه إدريس لشكر حزب الاتحاد الاشتراكي منذ جئتم إلى الكتابة الأولى؟ وكيف تتصورون مستقبل الحزب عام 2021؟
أنا متفائل كما قلت لك، أنا لست من الذين يتماهون مع الماضي، خاصة مع التطورات السريعة التي يشهدها العالم، اليوم إذا لم نفهم بأن الواقع تغير كثيرا وإذا لم نعد إلى القاعدة الأساسية التي جاءت في مؤتمرنا الاستثنائي في التقرير الإيديولوجي : التحليل الملموس للواقع الملموس، فإن كل تحليل للمعطيات اليوم وكل تشخيص للواقع يفرض توجها وبرنامجا أساسيا. توجهنا نحن حتى في المذكرة التي رفعنا لجلالة الملك حول المشروع التنموي الجديد تحت عنوان “دولة قوية عادلة،مجتمع حداثي متضامن”، اننا نستوعب حجم المكاسب التي حققتها البلاد.. ها أنتم ترون اليوم، أليس المغرب نموذجا فيما يتعلق بأمنه واستقراره؟ هل يمكن الحديث في أية أمة عن تنمية دون استقرار أو أمن؟ أليس المغرب نموذجا فيما يتعلق بمعطياته الماكرو اقتصادية؟ هل نعيش حالة التضخم التي تعيشها مصر وتركيا… أليس المغرب نموذجا فيما يتعلق بأوراشه الكبرى ومستوى المشروع التنموي لبلادنا؟
إذا كنا نموذجا في هذه الأمور فقدعجزنا فيما يتعلق بما هو اجتماعي، لذلك يجب أن نتوجه إلى هذا الجانب. نحن معنيين كيساريين أو اشتراكيين بما هو اجتماعي، لأن الأمر يتعلق بالشباب والتشغيل، بالصحة والتعليم، وها نحن بدأنا في القانون الإطار. الأمر يتعلق في نهاية المطاف بمشروع اجتماعي يجب أن يقلص الفوارق بين الفئات الأكثر فقرا من المغاربة، والفئات الأكثر غنى، هاديك 15% التي وضعها الاجتماعي وصل للعظم، كما يقول المغاربة، يجب أن نبذل من أجلها مجهودا كبيرا، هاد الناس لي تحت عتبة الفقر يجب في هذه العشرية القادمة إدماجها.. كذلك الطبقات الوسطى، يجب أن نخفف عنها الأعباء .كما أنني وأقولها لك بكل مسؤولية : أعتبر أن العامل الأساسي في تطوير وتنمية هذا الوطن، هو الحداثة. يعني إذا لم نطور بحوار جماعي مسألة الحريات الفردية، وإذا لم نطور مسألة المساواة بين الجنسين من أجل أن نصل إلى أن نصف المجتمع يقوم بدوره كاملا، إذا لم نكن في الحداثة، فان مشروعنا التنموي سيتبخر ولن يعرف التطور المنشود. فلا بد لنخب هذا المجتمع أن تفتح حوارا هادئا بمحافظيها وحداثييها حول هذا الموضوع لأني أعتبره الشرط الأساسي لكل مشروع تنموي جديد.
– ما هي الانتصارات التي حققتموها داخل الحزب وأنتم مطمئنون إليها؟
نحن مطمئنون إلا أن البيت الاتحادي أكد أنه بيت الكفاءات، نحن اليوم نوجد من خلال الفعاليات الاتحادية على رأس عدة مؤسسات سواء مؤسسات الحكامة أو مؤسسات المجتمع، أبناء هذا البيت هم من يقودون مجموعة من المهن، نقابة التعليم العالي، الصحافيين، الأدباء.. الاتحاديون من يساهمون في تأطير هذه المجالات . لذلك لا بد أن يحسب للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أنه خزان الكفاءات في هذا الوطن، أبناء هذا الحزب يتواجدون ويساهمون في مؤسسات المجتمع، في الجمعيات والنقابات والهيئات المهنية، يمكن لأي محلل موضوعي أن يقول نسبة مساهمة الاتحاد الاشتراكي فيها، من نسبة مساهمة الآخرين.
– حسب المعطيات التي أتوفر عليها فإن المجلس الوطني للحزب صوت على أن يكون لجريدة حزبكم مجلس إداري، وأن تنظم بشكل عصري، لكن لم نر شيئا من هذا فأنت هو الرئيس المدير العام؟
هذا الحزب مؤسسة، التطوير الذي أحدثناه لا يمكن أن يتصور، أولا أملاك الحزب لم تبق في أسماء الأشخاص، المؤسسة الإعلامية التي تتحدثين عنها، ، نحن اليوم نظمنا هذا الأمر، الاتحاد الاشتراكي وليبيراسيون ليستا مؤسستين في ملك أي شخص هم في ملك الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والحزب خلق مؤسسة وباعتباري الكاتب الأول فأنا مسيرها، ولل جريدة مدير مسؤول عن خطها التحريري. ولذلك أنا أعتبر أننا قمنا بتقدم كبير في ما يتعلق بمأسسة وضبط الإعلام الحزبي، لأنا حولناه من ملك الأشخاص إلى ملك المؤسسة.
– هل تخضعون ميزانية حزب الاتحاد الاشتراكي والجريدة للنقاش العام داخل حزبكم بشكل واضح وشفاف ليطلع المكتب السياسي على كل شيء بوضوح وشفافية؟
أنا أدعوك إلى قراءة موضوعية لكل تقارير المجلس الأعلى للحسابات وستعرفين إلى أي مدى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية هو الحزب الحريص على كل الشفافية، نحن حزب لا يمكن لأي محطة تنظيمية ألا نقدم تقريرا بشأنه، نحن الحزب الذي رغم شحّ الموارد مقارنة مع الماضي لم تحدث لنا أي أزمة، تقلص فريقنا البرلماني وتقلصت مساهماتهم، ووجودنا في الحكومة تقلص كثيرا… ورغم ذلك، فبالتمويل الذي نحصل عليه ورغم هذا التقليص من طرف الدولة ومساهمة الاتحاديين، لم تحدث لنا أي أزمة، ما يزيد عن مائة أسرة تعيش من إعلامنا، وما أعتقد أن أوضاع العاملين في الصحف الأخرى هي أجود من أوضاع العاملين في صحافة حزب الاتحاد الاشتراكي، فيما يتعلق بالحقوق والواجبات على سبيل المقارنة، نحن ليست لدينا أي عقدة، وتأكدي وأقولها لك بكل مسؤولية، ما سميته بمدير عام والرئيس، أنا لا أتقاضى درهما واحدا من المؤسستين، أنا المسؤول السياسي والمادي على تدبير وضع صعب اليوم، تعرفون الصحافة المكتوبة ومردوديتها، يعني أن نصمد ونستمر، ونحن نرى كيف انهارت مؤسسات إعلامية بإمكانيات هائلة، أن نصمد وأن يدبر العاملون بهذه المؤسسات الأمور بكل مسؤولية هذه المرحلة، ويساهموا في الحفاظ عليها بتضحياتهم وعملهم الجاد وجهدهم.
ـ يعيب عليك خصومك جعل ابنك مستشارا في ديوان وزير العدل، وابنتكم مكلفة بالعلاقات الخارجية للحزب؟
أبدا، ابنتي ليست مكلفة بالعلاقات الخارجية أولا، هي تساعد في العلاقات الخارجية، لم تمتطي أي طائرة أو تحملت أي مسؤولية، نحن في العلاقات الخارجية ندبرها بشكل جماعي داخل المكتب السياسي.. فيما يتعلق بابني، فالابن يكون ابنك عندما يكون قاصرا تحت 18 سنة، لا يمكن أن أتحدث نيابة عنه..
-(أقاطعه) ولكن هل كان أن يكون في ديوان الوزير لو لم يكن أبوه هو إدريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي؟
أرجو أن تتوجهي بالسؤال لمن عينه واليه شخصيا، وأن تعفيني لأنه ليس من حقي أن أتدخل في حق شخص لديه ولدان هو أب لطفل وطفلة، لديه أسرة وتجاوز الثلاثين. خاصنا نوعاوا شوية فهاد البلاد، نتحدث عن الحداثة يجب أن نتجاوز هذا المنطق، ابني كان ابني، لكن لما تجاوز 18 سنة فقد أصبح ابن نفسه ومسؤول عن نفسه.
تعليقات الزوار ( 0 )