أكد الأخ الحبيب المالكي، رئيس اللجنة الإدارية الوطنية وعضو المكتب السياسي وبرلماني إقليم خريبكة، خلال الدورة الثالثة للمجلس الإقليمي للحزب – دورة عمر بن جلون- المنعقدة مؤخرا بمدينة خربيكة أن هذا اللقاء يعد ناجحا بكل المقاييس، نظرا للتمثيلية الحاضرة سواء على مستوى الفروع أو الجماعات أو على مستوى نوعية المشاركة من الأخوات والإخوة أعضاء الحزب بالمنطقة وكذا الفعاليات المحلية والإقليمية الحاضرة، مؤكدا أن ذلك سيجعل من هذا المجلس إطارا مؤسسا فعلا لمرحلة جديدة في إعادة بناء الحزب على مستوى إقليم خريبكة،
ومما يؤكد نجاحه، يوضح المالكي، أن “الحوار والنقاش في ما بيننا كان صريحا وكان متجها نحو المستقبل. وبدون شك أننا استفدنا لأننا تحلينا بروح المسؤولية وبالنضج رغم مجموعة من المشاكل المرتبطة بالمحطات الانتخابية التي عشناها منذ بداية الصيف إلى بداية أكتوبر الماضي. مشاكل منها القديم ومنها الجديد. ودائما يرينا المسلسل الانتخابي ما هي نقط الضعف في ما قمنا به وكذلك ماهي نقط القوة وكيف يمكننا أن نستمر إذا قمنا بتشخيص موضوعي واقعي فيه نوع من الجرأة”.
أكد لحبيب المالكي أن الجرأة في التشخيص هي التي “تساعد على تطوير علاقتنا وعلى جعل هذه العلاقات ترتكز على الثقة. فالشيء الذي ينقصنا ليس فقط محليا، إقليميا أو وطنيا وهو ما نسميه بالعملة الصعبة، هي الثقة علينا كاتحاديات وكاتحاديين أن نسترجع الثقة في ما بيننا بدون الثقة من الصعب جدا أن نقوم بأي شيء وتبقى العلاقات الإنسانية على اساس الثقة فوق كل الاعتبارات الأخرى لأنها جوهر العمل السياسي. “، موضحا أن الشروط الموضوعية لكسب هذه الثقة كلها متوفرة، حيث “نتقاسم نفس المبادئ والقيم، ونناضل في سياق نفس المشروع المجتمعي، ورأسمالنا على المستوى المحلي، الإقليمي، الجهوي والوطني رأسمالنا اللامادي هو الوقود الذي يجعلنا نجتمع كاجتماع اليوم؛ لذلك فالعمل السياسي بدون ثقة يؤدي إلى أزمات مصطنعة، أزمات ذات طابع شخصي وذاتي والبناء يحتاج إلى إعادة الثقة في ما بيننا. أنا شخصيا، وفي أصعب الظروف التي عشناها في الماضي، منذ أزيد من 50 سنة، كنت دائما متفائلا لأن العمل السياسي هو الذي ينتج التفاؤل. فبدون تفاؤل ليس هناك عمل سياسي. والعمل السياسي يرتكز على تدبير المشاكل، في إطار توجه مشترك جماعي انطلاقا من مبادئنا وقيمنا وكذلك في إطار المشروع المجتمعي الكبير الذي نناضل جميعا من أجل تحقيقه”.
وتساءل المالكي عن الخلاصات التي يمكن أن نسجلها اليوم ونعتبر أنها خلاصات لا بد أن نعتمدها لكي نسير أكثر إلى الأمام، وحدد ذلك في ثلاث خلاصات:
الأولى هي أن القاعدة الاجتماعية للاتحاد الممثلة للمواطنين الذين كانوا يصوتون علينا بالأمس لم تعد تصوت علينا اليوم، مشيرا إلى فئة التعليم يقول: “دائما تقاطع الاتحاد منذ 2007 إلى اليوم لأسباب لم نستطع إلى اليوم أن نقوم بتحليل موضوعي حتى نتعرف على الأسباب العميقة لذلك، ثم الطبقة العاملة”، يوضح المالكي، “التي كنا مرتبطين بها رغم التحولات الداخلية التي عرفت في الخمس عشر سنة الأخيرة والتي لم تعد تصوت علينا وتتعبأ من أجلنا كما كانت تفعل في الماضي، حيث كانت تقوم بمبادرات جريئة وحملات للتعريف ببرامجنا ومن خلال ذلك التعريف بمرشحاتنا ومرشحينا”.. مؤكدا أن هناك تراجعا مهما جدا في التواصل مع هذه الفئة. وكذا فئة التجار الصغار والمتوسطين وأضاف قوله: “الذين كانوا من ضمن ركائز القاعدة الاجتماعية لحزبنا، حيث نسجل تراجعا كبيرا لهذه الفئات الاجتماعية كذلك، في المحطات الانتخابية الأخيرة، وهي فئات نعتبرها القوات الشعبية والقاعدة المحركة للاتحاد الاشتراكي منذ تأسيسه إلى اليوم، حيث أصبحت تعيش نوعا من القلق إزاء مشروعنا كاتحاد اشتراكي للقوات الشعبية”.
وألح برلماني إقليم خريبكة على طرح التساؤل حول هذا التراجع قائلا: “بكل موضوعية وواقعية وجرأة كذلك حتى لا نبقى مغفلين من الناحية السياسية. هذه الفئات التي انطلقنا من صلبها وأسسنا الاتحاد وجعلناه قدوة لهذه الفئات لماذا تعرف هذا التراجع.. وعندما نطرح هذا السؤال تبدو لنا مشاكلنا الداخلية ثانوية جدا. وأحيانا تافهة أمام التحولات التي يعرفها المجتمع المغربي، لأنه إذا لم نطرح هذه الأسئلة وإذا لم نجب عنها لا يمكن أن نستمر في إعادة بناء حزبا على جميع المستويات عموديا وأفقيا لذلك يجب أن نعرف مجتمع اليوم. فالمجتمع المغربي اليوم لا علاقة له بالمجتمع الذي كنا قاطرته في مجال الإصلاح والتغيير. المجتمع المغربي اليوم تغير كليا، والمواطن المغربي أصبحت له مطالب أخرى ، ثقافة أخرى ، له تقاليد أخرى وطموح آخر”.
هذا التحول وهذا التغيير، يؤكد رئيس اللجنة الإدارية الوطنية وعضو المكتب السياسي “ لا بد من تشخيصه والإجابة عن طبيعة هذه التحولات وعن مسار المغرب ، لأن هناك نزعة أصبحت سائدة وهي النزعة المحافظة الرجعية ، سائدة في قطاعات مختلفة على مستوى الخطاب والسلوك والتعامل. وهي تشكل خطرا كبيرا على التطور الطبيعي لمجتمعنا وبالتالي تشكل خطرا كبيرا على مشروعنا المجتمعي الذي نسميه المشروع الديمقراطي الحداثي . وهذا ما يميزنا عن الآخرين. لا يمكنا أن نناضل من أجل مجتمع تسود فيه المساواة ، تكافؤ الفرص ، التضامن والعدالة الاجتماعية إذا لم نكن ديمقراطيين . يجب أن نكون ديمقراطيين لكي نناضل من أجل مجتمع يتميز بنوع من الحداثة، والحداثة هي تكافؤ الفرص ، هي جنسين على قدم المساواة، هي حرية التعبير، هي التسامح ومن لا يؤمن بكل هذا فهو ليس ديمقراطيا. والنزعة المحافظة الرجعية ليست ديمقراطية لأن عمقها لا علاقة له بالقيم والمبادئ والثقافة الديمقراطية” وأوضح أن الديمقراطية ليست هي فقط أرقام بمناسبة الانتخابات ، فكم من مرشح بإسم حزب وطني ديمقراطي لم ينجح في الانتخابات.. “الديمقراطية هي سلوك وقيم وأن نسمح للآخر أن يلبس ويفعل ما يريد في إطار احترام ضوابط مجتمعنا وتقاليدنا الأصيلة جدا. لكن هناك تقاليد مبتذلة يريد البعض أن يجعل منها تقاليد حقيقية.
هذه أسئلة كبرى لمسناها من خلال تشخيصنا للنتائج على مستويات مختلفة، سواء على مستوى إقليم خريبكة أو على مستوى أقاليم أخرى”.
الخلاصة الثانية، يوضح المالكي، هي أن سلطة المال أصبحت تقوم، اليوم أكثر من الأمس، بدور تخريبي لمؤسسات الدولة، فأصوات المواطنين تباع وتشترى بالمال وعلى نطاق واسع جدا، حيث أصبح أسلوب التعامل في الانتخابات هو البيع والشراء مما يجعل المجالس المنتخبة بدون تمثيلية حقيقية؛ وبالتالي بدون مصداقية. والمؤسسات بدون مصداقية كيفما كان مستواها محليا أو إقليميا أو جهويا أو على مستوى البرلمان أو على مستوى الدولة فهي هشة ومهددة، يؤكد المالكي “وهذا خطر ثان يهدد مجتمعنا ومستقبل بلادنا، وعلينا أن نستوعب كلنا أن هذه هي المشاكل الحقيقية. وغيرها فهي مشاكل الطريق نحو الديمقراطية، وهي شيء طبيعي وصحي أحيانا نحتك ببعضنا وأحيانا لا نتفق لكن يجب على الاتحاد الاشتراكي أن يستمر كحزب للحوار، للانفتاح على بعضنا البعض ، للتسامح ، حزب يجمع المناضلين وهذه هي ثقافتنا في الاتحاد الاشتراكي.. فكم من مرة تصارعنا فيها منذ سنين وعقود، لكن العلاقات الإنسانية تبقى فوق كل الاعتبارات الأخرى لأن العلاقات الإنسانية هي جوهر العمل السياسي بدونها لا يساوي شيئا والعلاقات الإنسانية إذا لم تكن مبنية على الثقة فهي أيضا لا تساوي أي شيء”. مضيفا أن “العمل السياسي هو نحن جميعا، وما يجمعنا اليوم ليس المصالح المادية، بل هموم ومشاكل المواطنين، وكيف يمكننا جميعا أن نتعاون في إطار حزبنا وبرامجنا واختياراتنا لنتمكن من التعاون للتخفيف من مشاكل المواطنين. وهذا ما جعل القيادة الحزبية للاتحاد الاشتراكي تحدد ثلاثة مهام لسنة 2016، وهي مهام أساسية من المفيد أن أذكر بها بمناسبة انعقاد هذا المجلس، المهمة الأولى وهو ما سميناه بالحوار الاتحادي-الاتحادي، فقد حان الوقت لفتح الحوار مع الاتحاديين الغاضبين في كل المحطات الانتخابية المهمة أو بمناسبة المؤتمرات الوطنية، منذ سنة 1997 و1998 إلى الآن ونقول لهم حان الوقت لفتح المجال لمحاورتهم ومساءلتهم، ونقول لهم هذا حزبكم بعض القيادات الحزبية سابقا قد أخطأت منذ سنة 1997 و1998 إلى اليوم لكن الخطأ لا يبرر الانسحاب لأن الانسحاب هو هروب من المسؤولية الحزب بيت للجميع، وبدونكم ككفاءات من الصعب جدا أن يستمر الاتحاد الاشتراكي كحركة تاريخية تطمح إلى التغيير والإصلاح. ونقول لهم الديمقراطية لا تمنح بل تبنى داخل الحزب وخارج الحزب”. وأضاف “ليس هناك هدايا في السياسة، بل النضال هو ما يجعل كل واحد منا حاضرا في النسيج الحزبي وتقوية موقفه ورأيه ليصل وإن المواقف أقوى وأهم وأنبل من المواقع، وأما المواقع فهي مسؤولية ومهمة نضالية.
لقد حان الوقت في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر منها المغرب أن نمارس التجاوز الإيجابي من أجل المستقبل لأن الاتحاد حزب المستقبل أحب من أحب وكره من كره، لأنه يتوفر على كل المواصفات، وبدونه فالعمل السياسي ببلدنا رغم المؤامرات لا يستقيم البناء الديمقراطي ببلادنا. هذه هي المهمة الأولى التي يجب أن نتعبأ من أجلها إلا من خان الاتحاد وطعنه من الخلف وخان الأمانة عدا ذلك فالبيت الاتحادي مفتوح للجميع ولا حق لأحد من القمة إلى القاعدة أن يغلقه في وجه اتحاديات واتحاديين أعطوا الشيء الكثير لهذا الحزب “ .
المهمة الثانية يقول المالكي هي توحيد اليسار، مذطرا بخصال عمر بن جلون، رحمه الله، الذي “كان زاهدا سياسيا، وكان يعيش من أجل حزبه أساسا، يعيش بفكره وبعطاءاته في المجال الفكري، باجتهاداته وقدرته على الإبداع، على مستوى المصطلحات والمفاهيم والتحليل ووضع المقاربات الجديدة، هو مؤسس لمدرسة الزهد السياسي، ترك لنا أمانة وهو اليسار المغربي المشتت الأن ولا يمثل اليوم أي قوة في المشهد السياسي المغربي بسبب الأنانيات الفردية الضيقة لبعض التنظيمات التي تنتمي لليسار والتي تعتقد أنها تملك الحقيقة المطلقة وبدونها لا يمكن لشيء أن يكون وهذا نوع من الغرور، ولا يمكن لليسار المغربي أن يصبح قوة ولا أن يساعد ويساهم في تغيير ميزان القوى في بلادنا إلا إذا أصبح قطبا له القدرة على تقديم الاقتراحات”. وأوضح المالكي أن القطب لا يمكن أن يبنى إلا من خلال التجميع. ومشيرا إلى أن الحزب سيقدم، في الأسابيع المقبلة، أرضية واضحة من أجل فتح حوار حول مستقبل اليسار”، حيث اعتبر أن المشهد السياسي المغربي والتطور السياسي ببلادنا لا يمكن أن يساهم في فتح آفاق جديدة ولا أن ينتج الأمل بالنسبة للشعب المغربي إلا إذا توحد اليسار. ومؤكدا أن مطالب اليسار هي مطالب الشعب المغربي وهي: التضامن، المساواة، تكافؤ الفرص، العدالة الاجتماعية، القيم، التسامح والانفتاح على الآخر.
المهمة الثالثة والأخيرة والتي اعتبرها المالكي أساسية ومهمة جدا هي إصلاح المنظومة الانتخابية التي تعرف أمراضا وعيوبا كثيرة، نجترها منذ بداية الستينات إلى اليوم، وأوضح أن الأمراض التي مازالت تسم المنظومة الانتخابية ببلادنا بالإضافة إلى سلطة المال، هناك غياب الاستقرار القانوني، وهو ما يساهم في تمييع المسلسل الديمقراطي بالإضافة إلى عيوب التقطيع الانتخابي ونمط الاقتراع منها مشاكل رئيس الحكومة مع مواقف بعض وزرائه في مجالات مختلفة وعلى هذا الأساس نتساءل، هل رئيس الحكومة يتصرف كرئيس حكومة حقيقي أم كرئيس حزبه؟
واختتم المالكي عرضه بالتأكيد على أن “مسؤولية الحزب ثقيلة، ومشاكلنا ثانوية من السهل تدبيرها ، ملحا على ضرورة استرجاع الثقة وأكد أن الحزب مؤهل لأن يفوز بالمعارك المقبلة ؛ وذلك بفضل الانخراط الكلي للاتحاديين والاتحاديات، ووضع الحزب ضمن اهتمامتنا اليومية حتى لا يسير بلدنا نحو المجهول مشيرا إلى أن “الوطنية بالأمس كانت من أجل تحرير البلاد، أما اليوم فمن أجل تحرير الإنسان المرتبط باسترجاع كرامته بعيدا عن كل أشكال الوصاية على أساس توفير الشروط الكاملة من أجل استقلالية قراراته “ .
تعليقات الزوار ( 0 )