سعيد جعفر
الازمة الداخلية للعدالة والتنمية كوجه من اوجه الصراع الايديولوجي بين الاتحاد و اسلاميو التوحيد والاصلاح..
بين التقدميين والمحافظين اليسار واليمين ولا سيما الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والعدالة والتنمية خلاف ايديولوجي تاريخي تلعب فيه النفسيات والسيكولوجيا اكثر من الايديولوجيا والتاريخ نفسيهما..
يخضع هذا الصراع لقوانين الزمن وقوانين السياسة..يخفت ويتراجع ويتقدم وينفجر حسب ملابسات كل مرحلة وكل فترة ومنعطف سياسي وحتى بمناسبة الضرورات السياسية…
بلغ هذا التنافر اوجه في فترة الحركة الوطنية عندما شكلت الزوايا قوة نابذة لرواد الحركة الوطنية وشكلت افكار رواد الحركة الوطنية عامل استفزاز و حتى تكفير من طرف شيوخ الزوايا..
ليصل الصراع درجاته القصوى باغتيال الزعيم النقابي عمر بنجلون منتجا مسافات من الاحقاد والضغائن التاريخية لم ينجح الزمن في تذويبها…
وبتأسيس حزب العدالة والتنمية كامتداد طبيعي للشبيبة الاسلامية والجماعة الاسلامية مع بعض الرعاية المخزنية سيأخذ الصراع توجهات اخرى سياسية وقانونية بالأساس..ومن هنا نفهم سر مطالبة حركة التوحيد والإصلاح والعدالة والتنمية في كثير من المرات بحل الاحزاب العلمانية وبدعوة قيادات من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بحل العدالة والتنمية او على الاقل تحميله المسؤولية المعنوية في انفجارات 2003 بالبيضاء لمساهمته المعنوية في تشجيع الخطاب والسلوك الجهادي…
والحال ان هذا الصراع ومنذ اشراف الدولة على ولادة العدالة والتنمية مال بتواتر لفائدة الاسلاميين والمحافظين ورغم نجاح حكومة التناوب بقيادة المجاهد اليوسفي في ربح معارك انتخابية وسياسية وقانونية وثقافية إلا ان الصراع مال لصالح العدالة والتنمية بشكل غير مسبوق وكلير في 2011 و 2016 بتحقيقه لانتصارات انتخابية وسياسية كبيرة…
وقد اقترب المتتبعون بل وحتى الحزبيون من اعتبار الامر حتمية سياسية ستفرز قوة سياسية وحيدة وستنهي مع فكرة التقدمية واليسارية وعلى رأسها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية…
وفعلا فقد انتاب كثير منا شك في قدراتنا و طموحاتنا وأحسسنا شبابا وروادا ان ارثا تاريخيا ونضاليا قد طواه خصم سياسي منظم ومندفع ومحصن يستفيد من عوامل داخلية وخارجية متضافرة…
كثيرون منا احسوا ان حلم التقدمية والتحرر على وشك ان ينغلق و ان اوكسجينا بدا في التبدد و التلاشي…
لم يكن في الافق حل…لم يكن هناك انقاذ..لم يكن هناك امل..ولم تكن هناك مبادرة ولا ابداع بل وحتى ايمان بذلك…
فجأة حدث ما لم يكن بالحسبان..حدث ما لم يكن متوقعا..فجأة انبعثت الروح الاتحادية الاصيلة لتهزم واقعا انتخابيا مهزوزا وواقعا سياسيا عنيدا ليعيد رسم وجه الهزيمة ويخلق مساحات من الامل…
تمسكت قيادة الحزب بأولوية الوزن السياسي للحزب وجعلتها شرطا اساسيا وحاسما في اعادة انتاج الفعل السياسي…
اوضحت ان عبارة الوزن السياسي ليست عبارة انشائية او مجازية..انها تعني واقعا وتميزا وتعني نقط قوة تم نحتها بكثير من التضحيات والجهود والألم والأمل داخليا وخارجيا وفي محطات ومعارك مختلفة في الزمان والمكان…
وعندما كانت قيادة الحزب في شخص الكاتب الاول ومرافقيه تضع شرط الوزن السياسي شرطا رئيسيا في التفاوض فهي كانت تنبه الى ان الشرعية الانتخابية حدث ظرفي متغير بتغير شروطه وظرفياته وان الثابت هو الشرعية السياسية الملتحمة بالتاريخ وهو ما لم يقبله مفاوضو العدالة والتنمية وعلى رأسهم السيد عبد الاله بنكيران لأنه يعي جيدا دلالة ووزن عبارة الوزن السياسي…
من هذا المنطلق اذن استمر عدم تشكيل الحكومة زمنا طويلا وساهمت عوامل اخرى في تمديده…
وبنجاح قيادة الحزب في فرض جزء من شرط الوزن السياسي في التفاوض والذي سينتج لاحقا رئاسة مجلس النواب والمشاركة في الحكومة الحالية والحضور في مجالس دستورية من قبيل المحكمة الدستورية والمجلس الاعلى للسلطة القضائية..يكون الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كسب مرحلة جديدة من الصراع الايديولوجي مع محافظي العدالة والتنمية وهذه المرة بكثير من الذكاء والبراغماتية الايجابية…
والحال ان الازمة الداخلية التي يعيشها حزب العدالة والتنمية والتي يجليها حالة التجاذبات السياسية بين اعضائه وبداية تراخي اوصالها العقدية وانتعاش خطاطة الفئوية والحلقية والولاءات داخل الحزب وبداية معالم تقاطبات حادة غير فكرية وربما غير اخلاقية…تفيد كيف ان اصرار الاتحاد على المشاركة في حكومة العدالة والتنمية على اساس الوزن نجح في تحقيق هدفين مترابطين: تصدير ازمة الاتحاد الداخلية وإنتاج الشروط الحاضنة لازمة داخل العدالة والتنمية نفسه…
تعليقات الزوار ( 0 )