النقل والتنقل
يشكل قطاع النقل أحد أهم القطاعات الرئيسية داخل المجتمع إذ يساهم بشكل كبير، عبر نقل الأشخاص والبضائع، في التنمية الاقتصادية والحركية الاجتماعية وتدعيم الأنشطة الحيوية: فلاحيا وتجاريا وصناعيا وخدماتيا وسياحيا. ويؤدي النقل، الذي يمثل حاليا حوالي 7 % من الناتج الداخلي الخام، دورا محوريا في الربط الجغرافي بين الجهات وتقريب الخدمات الأساسية من المواطنين وتزويد المناطق النائية بالمواد الأساسية. غير أن المعطيات الراهنة المتعلقة بالنقل والتنقل تبرز أن التحديات المطروحة متنوعة ومتعددة تستلزم من الفاعل الحكومي تصورا نسقيا كليا وجهودا مضاعفة لتحقيق المتطلبات اللازمة في المجال وتوفير شروط الجودة. الأمر الذي يكشف عن انتظارات مهولة في الوسطين الحضري والقروي، وعن وجود اختلالات كبرى نتيجة المقاربة الجزئية التي تعتمدها السياسة العمومية المتبناة. فالرؤية الحكومية لا تعي – على المستوى الاستراتيجي – أهمية البعد التكاملي بين أنماط النقل (البحري، الجوي، البري طرقيا وسككيا)، وبالتالي تظل سجينة التناول الأحادي للإشكالات والتعامل الظرفي مع القضايا الملحة الذي لم يستطع حل المشاكل العالقة.
ومن هذا المنطلق، يطرح حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تصورا استراتيجيا بديلا يقوم على مباشرة الإصلاحات الكبرى على مستوى جميع أنماط النقل في أفق إقامة «نظام آمن» يطبعه التكامل والانسجام وتميزه الفعالية والمردودية القصوى والحد من الخسارات البشرية والمادية. ويهدف هذا التصور إلى تقوية الاستثمار في البنيات التحتية والتجهيزات الأساسية ووسائل النقل والتقنيات الحديثة من أجل إصلاحات قوية تنهي مع الممارسات الريعية وتساهم في تقوية التنافسية وتحسين جودة الخدمات المتصلة بالأفراد والسلع.
وضعية مفلسة .. خسارات في الأجساد والأرواح
انعدام سلامة النقل والتنقل، خاصة بالنسبة للفئات العديمة الحماية (الراجلون ومستعملو الدراجات) الذين يمثلون أكثر من 50 % من القتلى على الصعيد الوطني، وأكثر من 80 % من قتلى حوادث السير بالمجال الحضري.
ضعف الإجراءات الخاصة بإنقاذ الرصيد الوطني الطرقي، خاصة مع وقف الحكومة تنفيذ 15 مليار درهم من ميزانية الاستثمار لسنة 2013 التي أثرت سلبا في العديد من القطاعات، من بينها صيانة الطرق الوطنية والجهوية التي تدهورت حالتها وأصبحت تتطلب ميزانيات مضاعفة لصيانتها.
انعدام الحكامة في تدبير المؤسسات الاستراتيجية حيث توجد الشركة الوطنية للطرق السيارة على حافة الإفلاس إذ فاق عجزها المالي مليار و11 مليون درهم بسبب ثقل فوائد القروض التي تعاقدت عليها الشركة لتطوير شبكة الطرق السيارة والتي تصل إلى 1.52 مليار درهم سنة 2014، بالإضافة إلى مصاريف مخاطر صرف العملات الأجنبية المرتبطة بهذه القروض والتي بلغت بدورها 568 مليون درهم.
سياسة تجزيئية منهزمة
أمام مقاومة الريع
غياب استراتيجية وطنية تكاملية في مجال النقل والتنقل والاكتفاء ببرامج مجزأة تفصل بين أنماط النقل المختلفة، مما أدى إلى تفاوتات صارخة في التطوير الشامل لمنظومات النقل على المستوى بري والبحري والجوي.
انعدام العدالة المجالية على مستوى الاستثمارات المرتبط بالنقل والتنقل مما ينتج عنه تطور قطاعي غير متكافئ وتدهور في الخدمات المجتمعية في المناطق الهشة واستمرار عوائق الإصلاح.
غياب المنافسة ونقص المهنية في أنماط النقل البري، خاصة في مجال نقل المسافرين بسبب استمرار العمل بنظام المأذونيات الذي لا يلائم حاجيات وانتظارات المواطنين ويعرقل أي تطور أو تنمية حقيقية.
عجز الإجراءات المحدودة المتخذة عن توفير شروط السلامة الطرقية إذ ما زالت اختلالات منظومة النقل، وأساسا حوادث السير، تفرز خسارات بشرية وادية جسيمة بتكلفة اجتماعية باهظة ومضاعفات اجتماعية كبيرة.
ضعف الفعالية والعجز عن بلوغ الجودة اللازمة في خدمات اللوجستيك والنقل، خاصة مع طموح المغرب ليكون قاعدة محورية للتجارة والنشاط اللوجستي من وإلى إفريقيا جنوب الصحراء أو على الأقل بالنسبة لشمال إفريقيا ولغربها والوسط.
تمركز حركية النقل والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية الأساسية في المحاور الحضرية الكبرى مما يخل بالتوازنات المجالية الحيوية الضرورية، حيث تستحوذ جهة الدار البيضاء الكبرى (أكثر من 1.180.000 وحدة) على 34,53 % من الحظيرة الوطنية للمركبات (أكثر من 3.430.000 وحدة) وجهة الرباط سلا زمور زعير على 15,91 % من الحظيرة (أكثر من 540.000 وحدة).
انعدام أي تشجيع للنقل الجماعي بوصفه آلية ناجعة لإقامة أنظمة تكاملية للتنقل المحلي الآمن والعالي الجودة مما يفتح المجال أمام الاستعمال الفردي لوسائل النقل وما ينتج عن ذلك من تداعيات سلبية كثيرة (تهيمن المركبات السياحية على الحظيرة الوطنية بشكل صارخ : 2.423.609 وحدة).
تجميد الحكومة للقرارات المتخذة اتجاه السائقين المهنيين في ما يتعلق بحقوقهم المهنية والاجتماعية المنصوص عليها في الاتفاقية التي وقعتها وزارة الداخلية ووزارة التجهيز والنقل ووزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية ووزارة الصحة ووزارة التشغيل والتكوين المهني ومجموعة التهيئة العمران بتاريخ 20 فبراير 2009.
انعدام التخطيط الاستثماري الاستراتيجي في مجال النقل البحري وضعف تنافسية المقاولات الوطنية أمام الشركات الدولية سواء على مستوى نقل الأشخاص ونقل البضائع أو على مستوى الأنشطة اللوجستية.
ضعف الإمكانات المتوفرة في مجال النقل الجوي ومحدودية مؤشراته إذ لا يصل عدد المسافرين الوافدين على مطارات المغرب إلى 17 مليون مسافر، ولا تتجاوز الطاقة الاستيعابية للمطارات المغربية، في أحسن الحالات، 25 مليون مسافر.
نحو نظام آمن لإقرار التكامل
بين أنماط النقل
بلورة استراتيجية وطنية تكاملية تدمج مختلف أنماط النقل ضمن مقاربة شمولية موحدة ترفع من مستوى القدرات الوطنية وتضمن التوازن المجالي وتوفر شروط السلامة في التنقل والجودة في الخدمات.
وضع مخططات بحرية وجوية وبرية على المدى القريب والمتوسط منبثقة عن الاستراتيجية الوطنية لمباشرة الإصلاحات ذات الطبيعة الاستعجالية وتقوية الهيكلة القطاعية وفق الأهداف الاستراتيجية الوطنية الكبرى.
إدماج إشكالية التنقل ضمن التطور التنموي مع اعتماد رؤية استشرافية للمستقبل تقوم على استهداف إحداث نظام يقوم على التكامل بين أنماط النقل، ومراعاة التغيرات الحضرية العميقة والاحتياجات الجديدة لشرائح واسعة من المواطنين.
بلورة رؤية شمولية ومندمجة مستندة إلى التخطيط المستقبلي والمقاربة الاستباقية باعتماد مقاربة تشاركية تضمن مساهمة مختلف الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين في رسم مستقبل النقل وتوجيهه الوجهة الأنسب للرفع من الأداء التنموي الوطني.
اعتماد سياسة منسجمة ومتناسقة للتنقل ووضع مخططات وطنية وجهوية لا يتف عند حدود الجهة الواحدة، بل تدمج الجهات في ما بينها من خلال إقامة شراكات مثمرة تعزز التعاون الجهوي وتضمن التنقل الآمن والفعال.
تبني سياسة وطنية وجهوية تشجع النقل الجماعي، خاصة في المناطق الحضرية الكبرى، واتخاذ التدابير اللازمة للاستثمار في التجهيزات والوسائل والبنيات الضرورية وتعبئة الموارد البشرية والتقنية والمالية الملائمة.
مراجعة الإطار المؤسساتي لتدبير منظومة النقل والسلامة الطرقية بإحداث وتقوية مؤسسة وطنية للقيادة وإدارة مختلف هياكل التنقل والمرور بشكل منسجم ومتناسق وبطريقة موحدة تجمع الاختصاصات المختلفة وتدمج المجالات المتعددة.
إيلاء الأهمية اللازمة للبنيات الأساسية المتعلقة بالنقل الطرقي لمعالجة الإشكالات ذات الأولوية والاستجابة لحاجات الفئات الأكثر عرضة للخطر، وبالأخص تهيئة المسارات الموجهة لسائقي الدراجات والفضاءات المخصصة للراجلين.
إعطاء الأولوية في توفير تهيئة مناسبة لتنقل الراجلين من خلال اعتماد معايير مضبوطة لممرات العبور وتقنين السرعة المنخفضة في الأماكن والساحات الكبرى وتهيئة وتحرير الأرصفة وغيرها.
إشراك الفاعلين الاقتصاديين والهيئات المهنية في وضع السياسة العمومية للنقل والتنقل، خاصة ما يتعلق بوسائل النقل المخصصة للأشخاص والبضائع (سيارات الأجرة والحافلات والشاحنات الصغرى).
إعادة النظر في تدبير وحكامة المؤسسات الوطنية في مختلف مجالات النقل الجوي والبحري والبري (الشركة الوطنية للنقل واللوجستيك، الشركة الوطنية للطرق السيارة، المكتب الوطني للسكك الحديدية، المكتب الوطني للمطارات، المكتب الوطني للموانئ، …) من أجل عقلنة التسيير الإداري وتقوية الاستثمارات المالية وتأهيل الموارد البشرية.
الزيادة، في أفق 2021، في الشبكة الطرقية وشبكة الطرق السيارة بنسبة 25 % وشبكة السكك الحديدية بنسبة 30 % وقدرة المطارات بنسبة 35 % من خلال برنامج استثمارات يصل إلى 300 مليار درهم خلال الفترة من 2016 إلى 2021 بشراكات بين القطاعين الخاص والعام.
اتخاذ مجموعة من التدابير الموجهة إلى تحسين سلامة البنيات التحتية الطرقية بالنسبة 50 % من الشبكة الطرقية في أفق 2021، عبر برمجة عمليات للتشوير الطرقي وإقامة تجهيزات السلامة وإعادة تهيئة المقاطع الطرقية الخطيرة.
– إصلاح نظام المأذونيات المتعلق بالنقل العمومي من خلال تطوير المنافسة بين الفاعلين في القطاع وتشجيع إحداث واندماج الشركات المهنية وخلق الشروط من أجل تحسين جودة الخدمات والرفع من مستوى سلامة المسافرين.
إعادة النظر في وتيرة وطريقة إنجاز البرنامج الوطني للطرق القروية من أجل تسريع فك العزلة عن المناطق النائية والمعزولة من خلال الرفع من نسبة الولوج إليها إلى 95 % في أفق 2021.
الاقتصاد الرقمي
أضحى التطور السريع للمجتمعات المعاصرة يقتضي بالضرورة الولوج إلى عالم الرقميات وامتلاك التقنيات الجديدة للمعلومات والمعرفة والتواصل من أجل تحديث وعصرنة طرق الاشتغال وضمان نجاعة أكبر في إنجاز والمشاريع. وفي هذا السياق، بدأ الاقتصاد الرقمي يفرض نفسه في تحريك التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإنماء عمليات الابتكار وتمكين المقاولات من تحسين أدائها وإنتاجيتها. وإذا كان المغرب قد انخرط فعليا في الأجواء الرقمية وإدماج إمكاناته التكنولوجية في المنظومة الاقتصادية، فإنه لم ينتقل بعد إلى السرعة القصوى التي تعزز موقعه الإقليمي والدولي في الاقتصاديات الصاعدة وتساعده على إحداث التحولات الكبرى، خاصة التحسين الملموس للنمو الاقتصادي الوطني.
في هذا الإطار، يطرح حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تصورا متماسكا وطموحا يتمحور حول تدعيم الولوج إلى الأشكال الرقمية الحديثة ومجالات المعرفة والتواصل، وتحفيز المقاولات على تطوير استثمارها للتقنيات والأنظمة المعلوماتية والرفع من مستوى الابتكار. ويتعلق هذا التصور بمخطط استراتيجي مندمج يعبئ الطاقات القطاعية والمجتمعية لترسيخ مقاربة متقدمة للاقتصاد الرقمي تنطلق من مبادئ الحكامة والعدالة الرقمية والتعبئة الشاملة للموارد البشرية والمالية الملائمة.
مؤشرات للتحليل
تبرز المعطيات الدولية أن الاقتصاد الرقمي يساهم في الناتج الخام العالمي بما يقارب نسبة 10 % وبنسبة 25 % في النمو العالمي وإحداث ما يقارب نسبة 65 % من مناصب الشغل في القطاع الصناعي.
تبرز المعطيات الصادرة عن الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات أن المغرب يتوفر على أكثر من 16 مليون مستعمل للإنترنت وأكثر من 5 ملايين مستعمل للفايسبوك، كما أن 25 % من الهواتف المستعملة فيه هواتف ذكية.
سجل المغرب تقدما ملحوظا في مؤشر الأمم المتحدة للخدمات الإلكترونية حيث انتقل من المرتبة 104 في سنة 2010 إلى المرتبة 30 عالمياً سنة 2014 على مستوى الولوج إلى الإنترنت مما يعزز مناخ الاستثمار رغم ضعف التجارة الإلكترونية.
مجال خصب بمبادرات محتشمة
ضعف كفاية البنية التحتية الرقمية وضعف رقمنة المقاولات الصغرى والمتوسطة والمقاولات الصغرى جدا،
النقص الكبير في نسبة مقاولات الاقتصاد الجديد في قطاع الصناعة والخدمات،
ضعف البحث والتطوير،
ضعف تطوير وتنمية رأس المال البشري المشغل في الاقتصاد الرقمي،
لم يتم أخذ حاجيات المواطنات والمواطنين والمقاولات في الاعتبار عند بلورة برنامج تطوير الخدمات العمومية عبر الانترنيت،
غياب استشارة الجهات في إعداد برنامج «المغرب الرقمي».
تأخر كبير في تنفيذ برنامج المغرب الرقمي،
ضعف خطير في حكامة البرنامج وغياب ترتيب أولويات التدخلات،
تأخر في ملاءمة الإطار القانوني والتنظيمي مع نماذج الاقتصاد الرقمي،
نقص المجهودات لتقوية الثقة الرقمية،
غياب هيئة للقيادة والإشراف والمتابعة والتحكيم في الاقتصاد الرقمي.
استراتيجية موسعة لاقتصاد
رقمي طموح
إعادة النظر في الاستراتيجية الرقمية من أجل تجاوز ثغراتها وتوجيهها بشكل معقلن، مع تعبئة الموارد البشرية والتقنية والمالية اللازمة.
رفع نسبة الاقتصاد الرقمي، بالمعنى الواسع، إلى 3 % من الناتج الداخلي العام الصناعي مع الزيادة في مناصب الشغل في أفق 2021 .
تدارك التأخر المسجل في تنمية البنيات التحتية الرقمية في أفق 2020،
تدارك التأخر الكبير في ورش الخدمات العمومية عبر الإنترنيت (E-gov)،
تحسين ملموس لحكامة العمل العمومي لتنمية الاقتصاد الرقمي لاسيما عبر إحداث هيئة للقيادة والمصاحبة والتحكيم في الاقتصاد الرقمي ومدها بالصلاحيات والسلطات اللازمة،
ملاءمة القانون التجاري والإطار القانوني والتنظيمي للقطاع المالي وقانون الشغل، من أجل تحرير الابتكار والإبداع والمبادرة الخاصة في الاقتصاد الرقمي،
تعزيز الدعم لإنشاء المقاولات في الاقتصاد الرقمي: خلق حاضنات جهوية لمواكبة واحتضان المقاولات الصاعدة start-ups داخل المدارس العليا والجامعات والأحواض الصناعية،
تعبئة 100 ألف متر مربع للصناعات الرقمية،
من حيث الموارد البشرية : (1) إدماج مخططات التكوين الموجهة لتكنولوجيا الإعلام في العقد / البرنامج للتكوين في القطاع الصناعي، (2) إحداث شعبة للصناعة الرقمية داخل مدارس المهندسين، مدارس التجارة والجامعات، (3) إدخال مفاهيم ونماذج للاقتصاد الرقمي فيبرامج التعليم الابتدائي والثانوي،
بخصوص البحث والتطوير، (1)تخصيص إعفاء ضريبي للبحث والتطوير ، (2) دعم إنشاء عقود برامج بين المدارس والجامعات والمقاولات، شراكات بين القطاع العام والخاص للبحث والتطوير، مع إحداث صندوق بقيمة 1 مليار درهم لدعم الاستثمار في البحث والتطوير،
إحداث صندوق لرأس المال الاستثماري (Capital Risque) بقيمة 5 مليار درهم موجه للاستثمار في مجال الاقتصاد الرقمي،
تقوية ورش الثقة الرقمية: التحسيس في مجال الأمن الرقمي، تطوير الثقة، احترام المعطيات الشخصية، البيانات المفتوحة …
المجال المجتمعي
نحو مجتمع ديمقراطي عادل متسع لجميع الطاقات
رؤيتنا السياسية المنبثقة من التصور الاشتراكي الديمقراطي تتوخى ترسيخ منظومة مجتمعية متماسكة أساسها المناصفة والمساواة والكرامة الإنسانية من أجل ضمان حق الجميع في تنمية المجتمع وضمان أمنه واستقراره. إنها رؤية استراتيجية تهدف إلى توفير الشروط الملائمة للإشراك الفعلي لمختلف الفئات الاجتماعية (النساء، الشباب، الأشخاص في وضعية إعاقة، الأشخاص المسنون، …) في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وعلى هذا الأساس، ننطلق من اقتناعنا الراسخ بضرورة تفعيل الآليات الديمقراطية في تكريس الحقوق السياسية والاجتماعية والبيئية الأساسية التي تؤسس لثقافة مجتمعية حداثية متعددة لا مجال فيها للإقصاء أو التهميش أو التعسف.
المرأة
استطاع المغرب، خلال العقدين الأخيرين، أن يجعل من قضايا النهوض بأوضاع النساء جزء لا يتجزأ من المشروع المجتمعي الشامل المتعلق بالإصلاح والمصالحة حيث تحققت مجموعة من المكتسبات الهامة التي بوأت المرأة مكانة متميزة في الفضاء العمومي. وقد تم تتويج هذا المسار النضالي باعتماد الوثيقة الدستورية ذات المقتضيات الأساسية، وخاصة الفصل 19، إذ تم التنصيص على ضرورة تحقيق المساواة بين الرجال والنساء في جميع المجالات. غير أن مرحلة تفعيل المقتضيات الدستورية، التي تمثلت في الخمس سنوات الأخيرة، سجلت جملة من التراجعات الخطيرة حيث لم تكن الحكومة في مستوى اللحظة التاريخية الحاسمة التي تجازها بلادنا، وبالتالي، لم تباشر الإصلاحات الجوهرية الضرورية واكتفت بالدفاع عن تصور رجعي لا يرقى إلى طموحات وآمال معظم الفعاليات النسائية. وقد تجسدت هذه التراجعات في الآراء الملتبسة والمتحجرة التي طغت على النقاش العمومي وفي العديد من المشاريع المجحفة الخاصة بالنصوص القانونية التي أحدثت قلقا عميقا في المجتمعين: السياسي والمدني.
ومن هذا المنطلق، يؤكد حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على ضرورة مواجهة أي تأويل تقليدي محافظ ورجعي للمقتضيات والقوانين المؤطرة لمجتمع المساواة والمناصفة وتكافؤ فرص بوصفه الإطار المجتمعي الحداثي المتسع للجميع والضامن لكرامة بناته وأبنائه. كما يدافع عن رؤيته الاشتراكية الديمقراطية القائمة على اعتبار المرأة فاعلا محوريا في البناء الديمقراطي ومساهما أساسيا في التنمية ورقي المجتمع. ولذلك، يقترح الحزب مجموعة من التدابير والآليات الكفيلة بتحسين وضعية المرأة في كل المجالات من خلال ضمان حقوقها الحيوية في التعليم والصحة والشغل والمواطنة والمشاركة السياسية والثقافية.
نصف المجتمع .. ما يشبه نصف الحقوق
حسب تقارير المندوبية السامية للتخطيط، ما زالت ظاهرة الأمية منتشرة بشكل كبير في أوساط النساء حيث تصل نسبتها إلى حوالي النصف (48 %) في حين لا تتجاوز الأمية نسبة 26 % في أوساط الرجال.
لا تتعدى نسبة النشاط الاقتصادي للنساء 25 %، مما يؤكد عدم استفادتهن العادلة من سوق الشغل وإرغامهن على الاشتغال في قطاعات غير مهيكلة خارج أية حماية قانونية واجتماعية وبأجور تقل عن أجور الرجال بحوالي 30 %.
تمثل الأسر التي تعيلها النساء، حسب المندوبية السامية للتخطيط، 20 % من مجموع الأسر القاطنة بالمدن، و12,3% من الأسر القروية، علما أن المعيلات لهذه الأسر يعشن وضعية صعبة (مطلقات أو أرامل بنسبة 71,7%، يعانين من ارتفاع في نسبة الأمية، عاجزات عن تنويع مصادر دخلهن، فاقدات لأية تغطية اجتماعية، …).
سياسة محافظة لتحجيم دور المرأة
معاناة النساء من نقص حاد في المجالات الحيوية، خاصة في العالم القروي، حيث توجد عوائق كثيرة تحول دون ولوجهن لأغلب الخدمات الاجتماعية وعلى رأسها التعليم والصحة والسكن اللائق وغيرها.
ضعف الإجراءات المتعلقة بالرفع من كفاءة النساء في العديد من القطاعات مما يحول دون تمكينهن من المساهمة الفاعلة والكاملة في مسار التطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
هيمنة واقع اقتصادي واجتماعي هش يجعل من الفتيات، البالغات سن التمدرس، ضحايا لظاهرتي الهدر المدرسي أو الانقطاع المبكر عن الدراسة بسبب غياب الإمكانيات وضعف التجهيزات وفشل التدابير المتخذة.
عدم استفادة نصف نساء البوادي من الخدمات الصحية أثناء الحمل وإبان الوضع نظرا لضعف البنيات وقلة الموارد البشرية المؤهلة وانعدام ثقافة الصحة الإنجابية.
استقطاب «خدمة المنازل» للعديد من الطفلات والقاصرات اللواتي يشتغلن في ظروف تنعدم فيها كل الضمانات المتعلقة بالحماية والمراقبة مما يجعلهن عرضة للاستغلال بكل أشكاله.
ضعف نسبة النساء الموظفات في الوظيفة العمومية مقارنة مع الرجال الموظفين، وبالأخص في العالم القروي حيث ما زالت النظرة تقلدية لدور المرأة في الحياة المهنية.
ضعف الإجراءات المحفزة للمرأة في توسيع مشاركتها داخل الفضاءات الوظيفية والمهنية نظرا لاستمرار معاناتهن من تقليص احتلالهن لمواقع المسؤولية وعدم استفادتهن بالقدر الكافي من البرامج الداعمة لقدراتهن ومؤهلاتهن.
استمرار تفاقم الفوارق النوعية، مما يمثل تحديا حقيقيا لأصحاب القرار السياسي والفاعلين الحزبيين ومكونات المجتمع المدني رغم التقدم النسبي الحاصل في ملف النهوض بأوضاع النساء.
عدم تجانس المنظومات التشريعية المتعلقة بوضعية المرأة في العديد من المجالات حيث لم تستطع القوانين في مجملها تشجيع المرأة لإبراز ذاتها بشكل لافت وتكريس مقاربة النوع في التشريع بشكل متماسك.
انعدام العدالة المجالية في معالجة الإشكالات الاجتماعية والتنموية والثقافية المرتبطة بقضايا المرأة نظرا لتفاوت وضعية النساء من جهة إلى أخرى، ومن جماعة محلية إلى أخرى.
إقرارا لآليات تشاركية منصفة للنساء
إعادة النظر في القانون المنظم لهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز،بما يجعل منها هيئة من هيئات حماية حقوق الإنسان والنهوض بها وبشكل يجعلها مختصة في قضايا النساء.
مواصلة رد الاعتبار للنساء المغربيات وإنصافهن لتمكينهن من ممارسة حقوقهن وواجباتهن باعتبارهن مواطنات كاملات المواطنة، وفاعلات وشريكات أساسيات في صناعة مغرب العدالة والمساواة والكرامة.
تطوير الوعي العام بضرورة مساعدة المرأة المغربية على اجتياز كافة الصعوبات الاجتماعية والثقافية التي تعرقل مشاركتها النشيطة في المسيرة التنموية وفي المسلسل الديمقراطي.
بلورة آليات لبناء عدالة سياسية واقتصادية واجتماعية لصالح النساء من خلال التفعيل الإيجابي للمقتضيات الدستورية وحظر كافة أشكال التمييز ودعم المشاركة النسائية في مختلف المجالات المجتمعية.
توسيع تمثيلية النساء في مراكز القرار السياسي والاقتصادي وفقا لمقتضيات «التمييز الايجابي» الذي ينبغي اعتماده كآلية لتصحيح أوضاع التمييز الذي تعاني منه النساء لأسباب اجتماعية وثقافية.
اعتماد «مقاربة النوع الاجتماعي» في كافة السياسات القطاعية وفي وضع الميزانية العامة للدولة، وجعلها وسيلة منهجية لتحقيق المساواة الفعلية بين الرجال والنساء وتقليص الفوارق بينهما.
ملاءمة الإطار المرجعي القانوني الوطني مع مضامين ومقتضيات الاتفاقيات والمواثيق الدولية، وخاصة من ذلك تعديل أحكام مدونة الأسرة.
إقرار عدالة جنائية لإنصاف النساء وإخراج قانون متطور مناهض لعنف النوع يؤسس لثقافة جديدة.
اعتراف الدولة المغربية بالعمل غير المأجور للنساء في أفق التعويض المالي عنه وإقرار سياسات تقوي الاقتصاد الاجتماعي لصالح التمكين الاقتصادي للنساء.
تسهيل ولوج وضمان استمرارية التعلم بالنسبة للفتيات، وخصوصا في القرى والمدارات الهامشية.
تطوير الإطار القانوني المرتبط بالصحة الإنجابية بضمان المجانية وتيسير الولوج إلى الخدمات الصحية.
إقرار حق ذوي الحقوق في معاشات النساء المنخرطات في صناديق التقاعد عند الوفاة.
تجريم التمييز في الأجور بين العاملات والعمال في القطاع الخاص، واعتماد آليات متخصصة في تفتيش الشغل، مع العمل على محاربة تشغيل الفتيات القاصرات.
إصلاح القانون التنظيمي للمالية عبر مأسسة مقاربة النوع في الميزانية واعتماد الميزانية المستجيبة للنوع في الإنفاق العمومي من أجل ضمان إقرار المساواة في الاستفادة من المال العمومي وإصلاح مدونة الجبايات لصالح عدالة ضريبية لصالح النساء، بالإضافة إلى إجبارية اعتماد ميزانية النوع في الميزانيات المحلية .
دعم المشاركة السياسية والنقابية للنساء وتوسيع تمثيليتهن في مراكز القرار السياسي والاقتصادي إعمالا لمبدأ المساواة والمناصفة عبر مراجعة القوانين الانتخابية.
اعتبار مجالات التعليم والصحة والسكن والقضاء على الأمية من المسؤوليات الأساسية للدولة، وضمان استفادة النساء منها بإدماج آلية مقاربة النوع عند وضع خطط العمل والميزانيات المخصصة لها وعند تقييمها .
تعميم التعليم وضمان مجانيته وإجباريته وضمان تعليم الفتيات، لا سيما في الوسط القروي مع وضع إستراتيجية وطنية حقيقية للقضاء على الأمية والهدر المدرسي في أوساط النساء وإعادة هيكلة التربية غير النظامية من أجل ذلك.
إدخال التربية على المساواة بين المرأة والرجل في الحياة العامة والخاصة في المناهج المدرسية، والقضاء على مفهوم الأدوار النمطية التقليدية لكلا الجنسين، وتنقيح الكتب والبرامج التعليمية بما ينسجم مع روح المواثيق الدولية تفعيلا للمادة 5 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة . وتحمل الدولة لمسؤولياتها في وضع خطة حقيقية للتربية على المساواة بين الجنسين.
إلغاء البرامج والإعلانات التجارية التي تكرس النظرة الدونية للنساء والصور النمطية السلبية والمهينة للمرأة في وسائط التواصل والإعلام بمختلف أنواعها الإلكترونية والمطبوعة والسمعية والبصرية، مع الانفتاح على المنظمات النسائية والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في الوسائل الإعلامية العمومية والخاصة.
مكافحة الاتجار المنظم بالنساء والأطفال، بما في ذلك الاتجار لأغراض الاستغلال الجنسي، وإنتاج المواد الإباحية والبغاء والسياحة الجنسية وغيرها، والقضاء عليها، ومحاكمة ومعاقبة المسؤولين عنها. والمصادقة على بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص ، وتقديم الخدمات القانونية والاجتماعية لضحايا الاستغلال المنظم للنساء والأطفال.
الاهتمام بأوضاع الأمهات المتخلى عنهن ومن ضمنهن الأمهات العازبات، ووضع تدابير وقائية للحد من الظاهرة وحماية أطفالهن.
الاهتمام بأوضاع النساء والفتيات ضحايا العنف الجنسي والاغتصاب من طرف ذوي الأصول أو الفروع و اتخاذ تدابير وقائية للحد من الظاهرة.
دمقرطة حقل الإعلام والتواصل وإعادة هيكلته على أسس المساواة والحرية والتعدد والتنوع والحكامة الجيدة لضمان منظومة إعلامية ديمقراطية تنويرية وتثقيفية داعمة للمساواة وللقيم الحقوقية الإنسانية.
الطفولة
تشكل وضعية الطفولة، في عالمنا المعاصر، محورا أساسيا يتطلب مجهودا خاصا في تكريس حقوق الأطفال وتحسين ظروف عيشهم وتهيئة بيئة سليمة لتنشئتهم وحمايتهم من المخاطر المحدقة بهم. وتعتبر السياسات العمومية الموجهة للنهوض بأوضاع الطفولة أساس التخطيط المستقبلي الصلب الذي يهدف إلى بناء مجتمعات قوية ومتماسكة وإعداد جيل صاعد مستعد لتحمل المسؤوليات وقادر على رفع مختلف التحديات التنموية. وعلى الرغم من بعض المنجزات المحققة على الصعيد الوطني، لم يمكن تنفيذ البرنامج الحكومي من تحسين وضعية الطفولة المغربية إذ مازالت تحتاج إلى تدخلات متناسقة بإجراءات مباشرة فعالة وتدابير تطبيقية مواكبة. فإلى اليوم، لم يحسم بشكل تام في مسالة تعزيز حقوق الأطفال وفقا للمقتضيات المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية والمرتكزات المحددة في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل. كما لم يتم وضع الآليات الناجعة لبلوغ الحماية الشاملة للأطفال من سلبيات الظواهر الخطيرة المتمثلة في الإهمال والحرمان والعنف والاتجار والاستغلال وغيرها.
وارتكازا على ذلك، يقترح حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية رؤية شمولية بإجراءات استراتيجية وأخرى استعجالية تستهدف النهوض بأوضاع الطفولة في الجوانب المتعددة الأبعاد: التشريع والمراقبة والتجهيزات وغيرها. وتسعى هذه الرؤية إلى تحسين وضعية الأطفال في مختلف الفضاءات المحتضنة لهم (الأسر، المؤسسات التعليمية، الفضاءات العمومية، المجتمعات المحلية، …) ومحاربة مظاهر الهشاشة عبر سياسة متوازنة قائمة على العدالة الترابية والاجتماعية.
طفولة مستلبة
حسب المندوبية السامية للتخطيط، تهم ظاهرة تشغيل الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم ما بين7 وأقل من 15 سنة، 69 ألف طفل وتنتشر بالخصوص بالعالم القروي. ويمثل الذكور 60,1 % من الأطفال المشتغلين على الصعيد الوطني، وتتراوح هذه النسبة ما بين 56,7 % بالوسط القروي و90,1 % بالوسط الحضري…
حدة معضلة الهدر المدرسي في أوساط الطفولة حيث يوجد أزيد من مليون طفل، تتراوح أعمارهم ما بين 9 و14 سنة، خارج أسوار المدرسة، كما أن حوالي 400 ألف طفل يتركون مقاعد الدراسة سنويا.
تفاقم تدهور أوضاع الطفولة حيث يوجد ما يفوق 30.000 طفل وطفلة يعيشون في الشوارع ولا يتوفرون على مأوى يلجأون إليه، ويتواجد حوالي 1.000 طفل منهم بمدينة الدار البيضاء وحدها.
معالجة قطاعية لمجال حيوي
غياب رؤية أفقية لإشكالات الطفولة وتوزع الإجراءات المقترحة بين قطاعات متعددة حيث تسود الرؤية القطاعية على حساب التوجه الاستراتيجي وتضعف تماسك المعالجة وانسجام السياسة العمومية.
انعدام البعد الجهوي الواضح في بلورة المخططات الوطنية لتحسين وضعية الطفولة نتيجة تمركز العمل العمومي، سواء على مستوى إعداد البرامج والمشاريع أو على مستوى عمليات التنفيذ والتتبع والتقييم.
غياب العدالة المجالية في التعامل مع قضايا الطفولة وتمويل مخططات حمايتها، مما يفرز تباينات صارخة بين أطفال المناطق الحضرية المؤهلة وبين أطفال المناطق المهمشة والقروية.
ضعف التدابير المتعلقة بتيسير ولوج الأطفال للخدمات الأساسية، وخاصة الخدمات التربوية والصحية والترفيهية مما يزيد من تعميق وضعية الهشاشة وتوسيع حالات الإقصاء.
عدم التمكن من مسايرة المعايير الدولية المرتبطة بمعالجة إشكالات الطفولة، وخاصة عدم تلاؤم مراكز حماية الطفولة مع مقتضيات الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل والمبادئ التوجيهية لعدالة الأحداث (المرافق، التجهيزات، التأطير، …).
العجز عن خلق منظومة متجانسة ومتكاملة لرعاية الأطفال وحمايتهم بدء من مؤسسات الدولة وفضاءات الأسرة والمجتمعات المحلية، وخاصة الأطفال المهملين وأطفال الشوارع.
عدم نجاعة التدابير المتخذة لفائدة مختلف الأطفال في وضعية إعاقة وعدم الأخذ بعين الاعتبار اختلاف فئاتهم وحالاتهم ومتطلباتهم، وبالتالي مراعاة الخصوصية الصحية على مستوى التشريع والتربية والتكوين والرعاية الصحية (الخدمات الصحية المختلفة والمتخصصة، التأمين الصحي، …).
قصور السياسة المرتبطة بمحاربة استغلال وسوء معاملة الأطفال نظرا لغياب الإجراءات المواكبة لما بعد وقوع الأفعال المخالفة والتكفل بضحايا التشغيل المتعسف والعنف والاستغلال الجنسي وتتبعهم النفسي والمعنوي.
هيمنة المقاربة الجزئية حيث تركز الرؤية الحكومية على الفئات المستهدفة (في الحدود الضيقة لمنظومة الأطفال وليس لمنظومة الطفولة) نتيجة انعدام إجراءات مصاحبة حقيقية تنهض بوضعية الطفل من خلال معالجة مشاكل المنظومات الموازية (الأسرة، فضاءات المجتمع، …).
معاناة مكونات المجتمع المدني من اختلالات هيكلية وتنظيمية وتمويلية تعرقل مبادراتها وتدخلاتها في غياب إشراك فعلي للفاعل المدني، خاصة على الصعيد الجهوي والمحلي في صياغة وتنفيذ البرامج المحلية.
من أجل سياسة عمومية منسقة
ذات بعد جهوي قوي
تقييم السياسات العمومية الموجهة للنهوض بأوضاع الطفولة وبلورة استراتيجية وطنية جديدة تستلهم توجهاتها من المقتضيات الدستورية والمستجدات الدولية لحقوق الطفل وتجعل من الجهات والمجتمع المدني الفاعلين المحوريين في البرنامج الاستراتيجي.
تقوية دور المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة في اقتراح الضمانات الكافية لحقوق الطفل.
إرساء وتفعيل آليات ومساطر موحدة لتصور وتنفيذ خطط عمل محلية منبثقة من البرنامج الاستراتيجي الوطني لتمكين الفاعلين المحليين من المشاركة في كل مراحل الاشتغال (الإعداد والتنفيذ والتقييم) وتقوية عمليات القرب ذات الأثر الإيجابي.
إعادة النظر في الإطار المؤسساتي المتعلق بحماية الأطفال على الصعيدين الوطني والجهوي من أجل تسريع عمليات التدخل وتحسين جودة التدخلات الهادفة إلى حماية حقوق الطفل من كل أشكال العنف وسوء المعاملة والاستغلال.
بلورة مخطط وطني لتأهيل الموارد البشرية المعنية بوضعية الطفولة من خلال برمجة لقاءات تواصلية محورية ودورات للتكوين والتكوين المستمر لفائدة مختلف الفاعلين لتقوية الكفاءات وتطوير منهجيات العمل ومسايرة المستجدات الدولية.
وضع برنامج متكامل موجه للفاعلين المكلفين بالتتبع والمصاحبة قصد تحسين مؤهلاتهم وتعزيز قدراتهم والرفع من مستوى أدائهم أثناء التعامل مع الأطفال في وضعية صعبة (الأمن الوطني، الدرك الملكي، الصحة، العدل، الشغل، …).
إعداد وتنفيذ خطة تواصلية وطنية تتمحور حول حقوق الطفل من أجل تعميم المعلومات والمقتضيات الخاصة بمنع الأفعال المخالفة للقانون (الاستغلال، العنف، …) وتقوية برامج التوعية والتحسيس لفائدة مختلف الفئات المستهدفة لإشاعة ثقافة حماية الطفولة.
اتخاذ تدابير وقائية وتحفيزية لمحاربة ظاهرة تشغيل الأطفال واستغلالهم في الفضاء الوظيفي والمهني، مع تقوية وتنسيق العمليات الميدانية الرامية إلى زجر المخالفين.
اتخاذ إجراءات ملموسة في مجال صحة الولادات من أجل تحسين الخدمات الصحية المخصصة للأم والمولود بغية التقليص من نسبة الوفيات في شريحة الأطفال الأقل من 5 سنوات.
وضع التدابير الكفيلة بضمان تعميم وتوسيع التلقيح المجاني ضد الأمراض الفتاكة بالنسبة لكل الأطفال تحقيقا لمبدأ الحق في الصحة وحرصا على العدالة المجالية والمساواة بين الجميع.
وضع خطة وطنية بإجراءات ذات نفس جديد لتعزيز الجهود الوطنية الرامية إلى محاربة الهدر المدرسي، وذلك قصد التعميم الكلي والنهائي لإجبارية التعليم في أوساط الطفولة في أفق سنة 2021.
اتخاذ التدابير الملائمة لإعادة إدماج كل الأطفال، المتراوحة أعمارهم ما بن 8 و18 سنة، غير المتمدرسين أو المنقطعين عن الدراسة، في أسلاك التكوين لحمايتهم من مخاطر الانحراف والتطرف والعنف.
دعم وتقوية العمل التربوي والترفيهي الموجه للأطفال بشراكة مع الجماعات المحلية ومكونات المجتمع المدني من خلال صياغة تطبيق برامج تنشيطية سنوية في المركبات الثقافية والمؤسسات المدرسية ودور الشباب والأندية الرياضية.
استعادة المبادرات الطموحة المتعلقة بتحسين مؤهلات الأطفال من خلال تسطير خطة شاملة لتنظيم وتعميم أنشطة التخييم (الربيعي والصيفي) وتأطير وتنشيط تظاهرات القرءاة (الورقية والرقمية)، خاصة بالوسط القروي.
اعتماد سياسة القرب عبر تنظيم عمليات مندمجة مباشرة على الصعيدين الجهوي والمحلي بشراكة مع المجتمع المدني من أجل محاربة ظاهرة الأطفال المهملين وأطفال الشوارع وإعادة إدماجهم في الوسط الأسري.
تعزيز آليات حماية الأطفال الأيتام والأطفال المتخلى عنهم، مع تشجيع وتسريع إجراءات التكفل، ووضع بدائل للمقاربة المؤسساتية لخفض عدد الأطفال داخل مؤسسات الرعاية.
وضع برنامج نموذجي للشراكة مع الجماعات المحلية، بتنسيق مع مكونات المجتمع المدني، من أجل إحداث وتمويل فضاءات عمومية مندمجة للتنشيط التربوي لفائدة الأطفال.
تطوير أشكال الشراكة بين الدولة ومكونات المجتمع المدني العاملة في مجال حماية الطفولة عبر صياغة إطار مرجعي يحدد البرامج التعاقدية وفقا أهداف واضحة وآليات مضبوطة.
تعزيز الآليات الموجهة لضمان المشاركة الفعلية للطفل في الحياة المحلية وتنشئتهم اجتماعيا وثقافيا من خلال تحفيز المجالس المنتخبة على تشكيل ودعم «المجالس الجماعية للطفل».
الشباب
يشكل الشباب وديناميته عاملا فاعلا في بناء المجتمعات وقاعدة مهمة في تحقيق التنمية المجتمعية نظرا لطاقته الحيوية المؤثرة في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي والفكري. وقد حددت مجموعة من المقتضيات الدستورية الأدوار والوظائف والآليات التي تمكن الشباب من الحقوق الأساسية، وبالتالي دفعه إلى المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية والمدنية. وتبرز المعطيات الواقعية، المتوفرة في اللحظة الحالية، أن تفعيل الدستور في محوره الشبابي تعثر كثيرا جراء غياب إرادة قوية وسياسة واضحة لمعالجة إشكالات الشباب المغربي وتوفير مناخ ملائم يسمح بالإشراك الحقيقي للفئات الشابة في مختلف السياسات العمومية. ولذلك، مازالت هناك انتظارات متعددة لدى الشباب سواء في ما يتعلق بالتعليم والتشغيل والسكن أو في ما يتعلق بتمويل المشاريع والاستثمار الاقتصادي.
واستنادا إلى ذلك، ينطلق حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من قناعته الجوهرية في إقامة مجتمع متوازن يحتل فيه الشباب موقعا خاصا من حيث المشاركة السياسية والتأثير في السياسات العمومية أو من حيث المساهمة في النقاش العمومي حول القضايا الراهنة. ويحدد الحزب تصوره وإجراءاته المقترحة انطلاقا من مقاربة تشاركية تجعل من الشباب شريكا متميزا في المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي وفي إنجاز مسارات التنمية الاقتصادية والبشرية.
عوائق الإدماج والتحفيز
انخفاض نصيب الشباب من الشغل من نسبة 25 % سنة 2000 إلى 15 % سنة 2013، واعتبار فئة الشباب الأكثر عرضة للبطالة (في سنة 2013: 19 % في الفئة المتراوحة أعمارها بين 15 و24 سنة و13 % في الفئة المتراوحة أعمارها بين 25 و34 سنة)
استهداف البطالة بشكل كبير للشباب الحاصل على الشهادات (18,8 % من الحاصلين على الشهادات العليا عاطلون بحكم التقلص القوي للمناصب المحدثة في القطاع العام وعدم ملاءمة شهادات التعليم العام مع حاجات المقولات الخاصة).
هيمنة البطالة ذات الأمد الطويل على بطالة الشباب (3/1 الشباب العاطل يعاني من البطالة لمدة سنة أو أكثر)، واشتغال أغلب الشباب بدون أجور أو بدون عقود (يمارس حوالي 68 % من الشباب النشيط أقل من 25 سنة أنشطة بدون أجر وغير خاضعة لقانون الشغل بالوسط القروي، ويعاني الشباب، خاصة غير الحاصل على شهادات، من عدم استقرار الشغل).
عجز حكومي في الاستجابة لتطلعات الشباب
عجز الحكومة عن تفعيل المقتضيات الدستورية الجديدة المرتبطة بحقوق الشباب وآليات إشراكهم في الحياة السياسية والمجتمعية وتحفيزهم على العمل والفكر والإبداع.
ضعف الأداء الحكومي في تفعيل السياسة العمومية الموجهة للشباب على الرغم من حديثها عن وجود استراتيجية وطنية في المجال،وذلك نتيجة غياب إرادة حقيقية لتغيير وضعية الشباب ورصد الاعتمادات اللازمة لذلك.
عدم التزام الحكومة بوعودها المتجلية في اتخاذ الإجراءات والتدابير المتعلقة بالإطار المؤسساتي، وخاصة بإرساء المجلس الأعلى للشباب والعمل الجمعوي وإنشاء مجالس جهوية للشباب.
اعتماد تدخلات ارتجالية من خلال التركيز على حل المشاكل الآنية للشباب في غياب المقاربة الاستباقية المبنية على التوقعات العلمية والتخطيط الجيد للمسقبل على المدى المتوسط والبعيد.
انعدام المقاربة التشاركية وهيمنة الرؤية الحكومية الأحادية الجانب وما تنتجه من نظرة تقليدية تجعل الشباب مقترنا بمشاريع نمطية (الترفيه، الرياضة، العمل الجمعوي، …)، وبالتالي عدم معالجة قضايا الشباب في شموليتها وامتداداتها.
هيمنة المعالجة القطاعية الخالصة لإشكالية الشباب وضعف الاعتمادات المالية المخصصة للاستثمار في المجال من أجل النهوض بالأوضاع الهشة للفئات الشابة.
تردي أوضاع الشباب، خاصة في المناطق الحضرية الهامشية والأوساط القروية، بفعل انعدام سياسة جهوية ملائمة لحاجياته النوعية، سواء في ما يرتبط بالخدمات الصحية والاجتماعية والثقافية، أو في ما يتصل بالتشغيل وإطلاق مشاريع اقتصادية متوسطة وصغرى.
عجز برامج العمل العمومية في المجالات السياسية والثقافية والإعلامية عن مواكبة التحولات العميقة في بنيات الشباب والاستجابة لتطلعاتهم من حيث إحداث التجهيزات الملائمة وإنجاز المشاريع الهادفة.
غياب برامج ثقافية وتواصلية حقيقية تستجيب لانتظارات الشباب وتعالج قضاياهم وتسهم في تأطيرهم من أجل الرفع من مؤهلاتهم وقدراتهم الفكرية والثقافية لتحصينهم من الانحرافات المتمثلة في العنف والتعصب والتطرف.
انعدام الرؤية التكاملية في تشييد وتدبير الفضاءات المحتضنة للأنشطة الموجهة للشباب مع التركيز على مرافق القرب المخصصة لبعض الأنواع الرياضية، الشيء الذي لا يستجيب لتنوع وتععد رغبات الفئات المستهدفة.
استرتيجية طموحة ومبدعة بقدر طموح
وإبداع الشباب
إعادة النظر في السياسات العمومية المختلفة الموجهة للشباب عبر بلورة استراتيجية وطنية مبدعة ومندمجة تقوم على تعبئة مختلف الموارد والكفاءات بمختلف القطاعات والمجالات المعنية بمنهجية موحدة ومتناسقة.
تفعيل المقتضيات الدستورية المتعلقة بالشباب بطريقة تشاركية تمنحهم فرصة إبداء آرائهم أثناء مرحلة إعداد المخططات والبرامج الشبابية ومرحلة إنجازها وتتبع تنفيذها ومرحلة تقييمها وقياس آثارها في المجتمع وفي الشباب أنفسهم.
بلورة و تفعيل سياسات عمومية إرادية لإنعاش تشغيل الشباب لاسترجاع ثقتهم في المجتمع من خلال مبادرات منسقة وإجراءات هادفة إلى إعطاء دينامية جديدة لسوق الشغل بشكل عام وتوفير مناصب الشغل على المدى القصير والمتوسط وفق مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص.
وضع إطار مرجعي موحد للتعاقدات والشراكات مع جمعيات وأندية الشباب لإنجاز برامج مشتركة تعطي الأسبقية للتنشئة الاجتماعية والتأطير السياسي والثقافي وتنشيط الدورات التدريبية في مجالات معرفية متعددة.
دراسة إمكانية تسهيل استفادة الشباب من بعض الخدمات، عبر إصدار بطاقة الشباب تمكن من الاستفادة من تخفيضات في وسائل النقل العمومية، ومن ولوج دور المسرح والسينما ومراكز الاصطياف وغيرها.
تطوير الإطار التعاقدي بين الدولة والقطاع الخاص لإتاحة الفرصة للشباب حاملي الشهادات ولوج أول شغل في إطار عقدة محددة للشغل والتزامات واضحة للمشغلين وللسلطات العمومية.
صياغة مخطط تدريبي يتضمن برامج للتكوين والاندماج في المقاولة لفائدة الشباب خلال مدة العقد الخاص بالتشغيل يحدد شكل تمويله من المداخيل المتأتية من تحصيل رسم التكوين المهني.
إعداد برنامج وطني لتحفيز الشباب ودعم إنجازاتهم ومبادراتهم في مختلف المجالات التقنية والفنية والفكرية (المعلوميات، الموسيقى، الكتابة، الفنون التشكيلية،المسرح، التصوير، …)، إما بشكل جماعي أو فردي.
إحداث مرصد وطني لقضايا الشباب يتكلف برصد المعطيات وإعداد الدراسات واقتراح الحلول المناسبة لحل الإشكالات المطروحة، وذلك بالتنسيق والتعاون مع المؤسسات الجامعية ومراكز البحث العلمي وطنيا ودوليا.
دراسة إمكانية إحداث خدمة مواطنة تطوعية تهم الشباب خريجي الجامعات للمشاركة في تنشيط اللقاءات التواصلية وحملات محو الأمية ودروس الدعم مقابل استمرارهم في الاستفادة من منح الطلبة لمدة سنتين.
اتخاذ الإجراءات المناسبة لإلزام المنعشين العقاريين بإحداث مرافق خاصة بالشباب من خلال إدراجها في وثائق التعمير المتعلقة بالمشاريع التي يعتزمون إنجازها.
اتخاذ التدابير الكفيلة بمواكبة الفئات الحاصلة على شهادات جامعية في التكوينات العامة بضمان استفادتها من تكوينات متخصصة وتقنية قصد تأهيلهم وتيسير اندماجهم في الحياة المهنية.
وضع الآليات الضرورية لتشجيع الشباب على المبادرة الجماعية وصياغة المشاريع المشتركة سواء في ما يتعلق بإحداث المقاولات الصغرى والمتوسطة أو في إطلاق منتوجات اقتصادية وتجارية معينة.
ملاءمة اهتمامات الشباب وتنويعها حسب طبيعة الفئة المستهدفة المنتمين إليها (تلاميذ، طلبة، موظفون، أجراء، عاطلون، شباب في وضعية إعاقة، …).
المجتمع المدني
إن المجتمع المدني يمثل شريكا أساسيا في بلورة وتنفيذ السياسات العمومية والمخططات الاقتصادية والاجتماعية ومواكبتها عبر التعبئة الجماعية، كما يعتبر عنصرا فاعلا في اتخاذ المبادرات المؤثرة في تأطير المواطنين والمجتمع من أجل ترسيخ قيم المواطنة والتضامن. وتساهم مكونات المجتمع المدني في تطوير الحياة السياسية والمجتمعية والفكرية من خلال إثراء النقاش العمومي حول القضايا الراهنة والمساعدة على اتخاذ القرارات ذات المصداقية عبر آليات التشاور والحوار المؤسس على مبادئ الديمقراطية التشاركية. وعلاوة على ذلك، يؤدي المجتمع المدني أدوارا طلائعية من حيث الالتزام بالمشاركة الناجعة في التنشئة الاجتماعية والتربوية والانخراط في الفعل الجماعي الرامي إلى تحقيق شروط التنمية الجماعية وتحسين مختلف مجالات الحياة. ولذلك، ينهض الفاعل المدني وظيفيا بمهام حيوية سواء على مستوى الأنشطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أو على مستوى دعم القضايا المجتمعية الأكثر حضورا في الساحة الحقوقية والنسائية والبيئية وغيرها.
من هذا المنطلق، يعتبر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن المجتمع المدني فاعل مستقل وشريك استراتيجي في تدبير الشأن العام وفي خلق جبهة متراصة لمواجهة المعضلات الاجتماعية الكبرى بغية التأسيس لثقافة مجتمعية جديدة قوامها المواطنة والتضامن والفعل الجماعي. ولتوفير شروط الشراكة الحقيقية، يتعين تفعيل المقتضيات الدستورية المتعلقة بالمجتمع المدني وتحيين الإطار التشريعي ومواكبة مكونات المجتمع المدني عبر عمليات دقيقة لتأهيل الموارد البشرية وتنشيط الدورات التكوينية الخاصة بتدبير المشاريع وتقييمها.
واقع متناقض دون مستوى التحديات المطروحة
يتجاوز عدد الجمعيات بالمغرب في الوقت الراهن 130 ألف جمعية، تستح
وذ جهة الدار البيضاء سطات لوحدها على الحصة الأكبر إذ توجد بها حوالي 20 ألف جمعية.
لا يكاد يتجاوز عدد جمعيات أشخاص المعاقين وأسرهم 1.100 جمعية من أصل العدد الإجمالي للجمعيات بالمغرب، في حين يبلغ عدد الأشخاص المعاقين 2,3 مليون، أي بنسبة 6,8 % من عدد المواطنين، وكل أسرة من بين أربعة أسر معنية بالإعاقة، أي بنسبة 24,5 % من مجموع عدد الأسر.
كشفت الأمانة العامة للحكومة عن معطيات مالية تؤكد التصريح الفعلي للجمعيات بتلقي اعتمادات مالية خارجية تفوق 26 مليار سنتيم فقط خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2015.
منظور مجحف لتكريس وصاية الدولة
انعدام أي تصور حكومي استراتيجي في التعاطي مع المجتمع المدني وقضاياه المختلفة وغياب التشخيص الموضوعي القائم على المعطيات الدقيقة وذات المصداقية من أجل التأطير الجيد للقرارات المتخذة.
تسجيل بطء شديد في تفعيل المقتضيات الدستورية ذات الصلة بالمجتمع المدني والديمقراطية التشاركية واللجوء إلى تأويلات مجحفة تفرغ النص الدستوري من قوته الديمقراطية.
الفشل في خلق توافق وطني حول الحوار الوطني الذي أدارته الحكومة حول المجتمع المدني، على الرغم من الميزانية الهامة المرصودة له والمحددة في 17 مليون درهم.
عدم قدرة الحكومة على أجرأة فهمها القاصر للمقتضيات الدستورية الجديدة ومنظورها المحدود للفعل المدني بوصفه رافدا من روافد تدبير الشأن العام وتأطير المواطنين، حيث ظلت نتائج حوارها الوطني الشكلي معلقة.
غياب إرادة حقيقية في الإنصات للمجتمع المدني باعتباره قوة اقتراحية ورقابية إذ لم تتمكن الحكومة من القيام بأية متابعة جوهرية لبلورة وتنفيذ وجهات نظر مكونات المجتمع المدني بخصوص العديد من القضايا الملحة (التنمية الاجتماعية، الديمقراطية التشاركية، حقوق النساء، …).
التوقيع على ممارسات مشينة أدت إلى تكريس نوع من الريع المدني سواء في التعامل الانتقائي مع الهيئات والمنظمات والجمعيات أو في الدعم المادي المشبوه لبعض المبادرات المدنية دون غيرها.
اعتماد أسلوب مبهم من خلال إضمار أهداف سياسية وذاتية في التعامل مع المجتمع المدني بعيدا كل البعد عن الشراكة الحقيقية التي لا يمكن أن تتحقق إلا مع الهيئات الجمعوية الفاعلة والمستحقة للدعم والتشجيع.
الفشل في تخليد الدورتين الأولى والثانية من اليوم الوطني للمجتمع المدني الذي أقره جلالة الملك والذي كان من الممكن جعله محطة لكل الفاعلين للتأمل ودعم المقاربة التشاركية الحقيقية.
غياب منهجية واضحة في ترسيخ المقاربة التشاركية مما أدى إلى بروز اختلالات جوهرية في طريقة تدبير ملف المجتمع المدني على الرغم من مساهمة الفاعلين المدنيين في تطوير الحياة السياسية وتنمية المجالات الاجتماعية وتفعيل المبادرات الثقافية.
عدم تمكن الحكومة من الوفاء بالتزامها الوارد في التصريح الحكومي والمتعلق بوضع الإجراءات الخاصة بإقرار آليات لمنع الجمع بين التمويلات بالنسبة للمجتمع المدني.
عدم التزام الحكومة بالسياسة التشاركية اتجاه مختلف المكونات المجتمعية، وخاصة الإمساك عن تعزيز دور المجتمع المدني في وضع السياسات العمومية وتتبعها وتقييمها.
سياسة منفتحة لترسيخ
الديمقراطية التشاركة
تبني منهجية شاملة ومنفتحة على جميع مكونات المجتمع المدني (التنموي، التربوي، الثقافي، الرياضي، الحقوقي، النسائي، …) من أجل فتح حوار حقيقي لترسيخ الديمقراطية التشاركية وتحديد الآليات والتدابير الكفيلة بتعزيز الدور الحيوي والمؤثر للمجتمع المدني في التعبئة الوطنية للموارد والمواطنين والمشاركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والثقافية.
تفعيل المبادئ والمقتضيات الدستورية المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية لسنة 2011، وفق التوجه المنسجم مع تطوير البناء الديمقراطي ودعم الحريات والحقوق وبلوغ التنمية المجتمعية الشاملة.
المراجعة الشاملة لظهير 15 نونبر 1958 المؤطر للجمعيات، وذلك من أجل الأخذ بعين الاعتبار التحولات المجتمعية العميقة ومواكبة المستجدات المتعلقة بالعمل المدني ومتطلبات الممارسة الجمعوية.
وضع آليات مواكبة للسياسة العمومية المعتمدة في تطوير الحياة المدنية، وذلك بمصاحبة مكونات المجتمع المدني سواء عبر مساعدته في تأطير وإنجاز مشاريعه وبرامجه التنموية والمجتمعية أو عبر تمكينه من الوسائل والتقنيات اللازمة للاشتغال الاحترافي.
مواكبة الأدوار الحيوية المنوطة بمكونات المجتمع المدني على مختلف الواجهات سواء على صعيد المساهمة في توفير البنيات التحتية ومختلف التجهيزات والوسائل أو على صعيد دعم العمل الجمعوي.
رصد الموارد الضرورية لتخصيص تكوين شامل موجه للفاعلين في المجتمع المدني والشركاء المعنيين من أجل الرفع من مستوى القدرات والكفاءات وتحديث وعقلنة أساليب التدخل والتأطير والاشتغال.
صياغة سياسة للتكوين والتكوين المستمر، بالشراكة مع فعاليات المجتمع المدني والقطاعات العمومية والقطاع الخاص، لوضع برامج متنوعة تستجيب لتنوع طبيعة ومجال تدخل الهيئات المدنية وحاجياتها المرتبطة بتصور المشاريع والتدبير الإداري والمالي وتقنيات التنشيط والتواصل.
عقلنة تمويل المجتمع المدني وضبط مساطر رصد الاعتمادات المالية وصرفها، وبلورة الآليات المناسبة للرقابة المالية الموجهة للجمعيات، مع الحرص على توفير الضمانات الكافية لاستقلالية هيئات المجتمع المدني وتحصينه ضد أية وصاية للدولة أو للفاعلين السياسيين أو للخواص.
العمل على توحيد مساطر وآليات التمويل العمومي أو الخاص لضمان تكافؤ الفرص والمساواة في الاستفادة من التمويلات أمام جميع مكونات المجتمع المدني، مع توضيح أشكال التتبع والتقييم لترشيد النفقات.
التفكير في خلق صندوق وطني أو صناديق جهوية لدعم مشاريع المجتمع المدني تمكن من تعبئة الموارد المالية وتدبيرها تدبيرا عقلانيا وشفافا يحول دون الجمع بين تمويلات متعددة ولمرات عديدة في السنة المالية الواحدة.
إنشاء مرصد وطني للبحث والدراسة حول المجتمع المدني لدعم السياسات العمومية عبر توفير المعطيات الضرورية وتحليل المؤشرات وتقييم المكتسبات ورصد أفضل الممارسات في المجال لتشجيعها وتعميم نموذجها.
دعم الجوانب المتعلقة بالدراسات المرتبطة بتجارب المجتمع المدني في مختلف الميادين من خلال إقامة التعاقدات والشراكات مع مراكز البحث والمؤسسات الجامعية، ورصد الإمكانات التمويلية والتحفيزية لتوجيه اهتمامها نحو قضايا الديمقراطية التشاركية والعمل الجمعوي.
دعم انخراط مكونات المجتمع المدني في جهود الدبلوماسية الموازية، وتقديم كل أشكال الدعم اللازمة لها حتى تقوم بدورها في تكامل مع الدبلوماسية الرسمية دفاعا عن المصالح الوطنية.
الأشخاص في وضعية إعاقة
عرفت قضية الإعاقة، في السياق الحاضر، تطورا لافتا على سواء على مستوى المقاربات الهادفة إلى تحسين شروط الأشخاص في وضعية إعاقة، أو على مستوى السياسات العمومية التي تسعى إلى الاستجابة إلى معايير المجتمع الدولي وتوجهاته المنصفة. وهكذا، بدأ التوجه ينصب على اعتماد منهجية تمكن من الانتقال من المنظور التكافلي المحض إلى المعالجة التشاركية ذات البعد الحقوقي التي تسمح للشخص في وضعية إعاقة الاندماج بشكل كلي في المجتمع. غير أن الوضعية التي يشهدها المغرب، في الفترة الحالية، تبين بوضوح عدم قدرة الحكومة على التعامل قضايا الأشخاص في وضعية إعاقة بمنطق حقوقي يوفر الآليات الضرورية للاستجابة لمتطلباتهم المشروعة. فالاختلالات الكثيرة التي تعتري البرامج العمومية لا تتيح تحقيق أي تقدم ملموس في النهوض بأوضاع الفئات المعنية ورفع كل أشكال التهميش والإقصاء عنها.
وبناء على ذلك، يطرح الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية رؤية مندمجة تستحضر مختلف الأبعاد التشريعية والاستثمارية والاجتماعية والحقوقية من أجل إقرار إجراءات ناجعة تتناغم مع التوجهات الدولية من جهة، والمقتضيات الدستورية من جهة ثانية. ومن ثمة، يبسط البرنامج الانتخابي للحزب أهم التدابير الكفيلة بتحسين وضعية الأشخاص في وضعية إعاقة من خلال تعبئة الموارد البشرية المالية اللازمة ومراجعة الإطار المؤسساتي والتنظيمي ووضع آليات ملائمة للإعاقات المختلفة.
معطيات حول الإعاقة
حسب نتائج البحث الوطني الثاني حول الإعاقة بالمغرب، وصلت نسبة انتشار الإعاقة على المستوى الوطني 6,8 % سنة 2014، حيث هناك أكثر من مليونين و260 ألف شخص يصرحون بأن لديهم إعاقات تختلف أنواعها ودرجاتها.
يقر نفس البحث الذي أنجزته وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية سنة 2014 أن كل أسرة من بين أربعة أسر لديها على الأقل شخص في وضعية إعاقة، مما يمثل 24,5 % من مجموع الأسر المغربية.
بينت نتائج البحث الوطني الثاني حول الإعاقة بالمغرب أن نسبة انتشار الإعاقة على الصعيد الوطني حسب مكان الإقامة لا تختلف كثيرا بين الوسطين الحضري والقروي إذ تبلغ هذه النسبة 6,66 % في المجال الحضري و6,99 % في المجال القروي.
سوء فهم كبير .. حلول ترقيعية
انعدام المعالجة الحكومية النسقية التي تنظر إلى إشكالية الإعاقة على صعيدين: صعيد شمولي يطرح البدائل في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والثقافية، وصعيد نوعي يركز على ملاءمة البرامج والحلول مع طبيعة الإعاقة.
انعدام المقاربة التشاركية الحقيقية التي تجعل السياسة العمومية منبثقة من الهواجس والأولويات الفعلية التي يعبر عنها المجتمع المدني المعني بقضايا الأشخاص في وضعية إعاقة.
غياب مخططات جهوي حقيقية تمكن من تحقيق العدالة المجالية في معالجة مشاكل الأشخاص في وضعية إعاقة وتوفير الخدمات التربوية والاجتماعية والثقافية لهم، خاصة بالوسط القروي.
ضعف الإجراءات المتخذة في القضاء الفعلي على مظاهر التمييز والتهميش والإقصاء التي يعاني منها الأشخاص في وضعية إعاقة، وبالتالي تمكينهم من حقهم في الاندماج الصحيح داخل المجتمع.
عدم التمكن من تعزيز حماية الفئات المستهدفة بشكل يضمن لها حقوقها الكاملة في المشاركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لمبادئ المساواة والعدالة والكرامة الإنسانية.
قصور التدابير الرامية إلى إنصاف الأشخاص في وضعية إعاقة سواء على مستوى تيسير ولوجهم للخدمات الملائمة، أو على مستوى تلبية حاجياتهم الخاصة تحقيقا لمبدأ تكافؤ الفرص.
غياب البرامج الناجعة الموجهة للأشخاص في وضعية إعاقة لدعم التنمية الاجتماعية، مع استحضار مختلف الأبعاد الصحية والنفسية والمهنية والحقوقية.
انعدام مخطط تربوي متكامل يضمن الحق الأساسي للفئات المعنية في التمدرس والتكوين من خلال إحداث أقسام مندمجة حسب المستويات وخلق مؤسسات أو مراكز متخصصة مؤهلة بشريا وتقنيا.
ضعف الآليات المؤسساتية والعلمية المعتمدة في تتبع وتقييم البرامج المخصصة للأشخاص في وضعية إعاقة قصد رصد الاختلالات وإعادة صياغة مخططات العمل بشكل جيد.
غياب تام للاهتمام بالأشخاص في وضعية إعاقة في مجال التواصل والإعلام بكافة أنماطه: المكتوب والسمعي البصري والرقمي، مع عدم الاستثمار في التقنيات المخصصة لهم لتمكينهم من الحق في المعلومات والمعرفة.
استراتيجية مندمجة بمخطط استعجالي
بلورة سياسة استراتيجية مندمجة تمتد لمدة عشر سنوات، مع وضع مخطط استعجالي منبثق عنها ترصد له الإمكانات البشرية والمالية الضرورية من أجل معالجة الإشكالات ذات الأولوية.
تحيين الإطار التشريعي الوطني الخاص بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، يتماشى مع ما نصت عليه المقتضيات الدستورية والتوجهات العامة للاتفاقيات الدولية.
وضع برنامج وطني خاص بالولوجيات تعبأ حوله كل القطاعات والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية والقطاع الخاص ومقاولات البناء والتجهيز ومؤسسات الإعلام والتواصل.
تخصيص نسبة من مناصب الشغل في المقاولات الخاصة التي يزيد أو يساوي عدد أجرائها 50 أجيرا لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة، مع منح المقاولات تحفيزات ضريبية خاصة لتأهيل مقاولاتها وفق ظروف عمل الشخص في وضعية إعاقة، وإحداث جائزة وطنية تمنح سنويا للمقاولة التي تميزت في الإدماج الاجتماعي للأشخاص في وضعية إعاقة.
وضع برنامج وطني متكامل للتحفيز والتشجيع على إحداث الورشات الإنتاجية المحمية والتعاونيات الإنتاجية، بشراكة مع الجمعيات العاملة في المجال والمؤسسات العمومية المعنية والجماعات المحلية، ومدها بإمكانيات الانطلاق من دعم مادي وتقني مع مساعدتها على تسويق منتجاتها.
إعطاء نفس جديد للرفع من وثيرة فتح الأقسام المدمجة بالتعليم العمومي لضمان حق كل الأطفال المعاقين في التربية والتعليم، ومن جودة البرامج التربوية والـتأهيلية والخدمات الشبه الطبية التي تتولى تقديمها، مع فتح مسالك بالتعليم الإعدادي وبمؤسسات التكوين المهني.
وضع مخطط وطني لإحداث المراكز الاجتماعية والتربوية المتخصصة في مجال الإعاقة الذهنية، في إطار من الشراكة بين الدولة والجماعات المحلية والجمعيات، يعطي الأولوية للمناطق التي تفتقر لهذا النوع من المراكز، مع تكفل الدولة بنفقات تربية والترويض الطبي للأطفال المعاقين شديدي الإعاقة المنحدرين من أسر معوزة.
تفعيل الرعاية الاجتماعية للمكفوفين وضعاف البصر، مع دعم شبكة الخزانات الناطقة، وإعادة تأهيل وتحديث برامج تعليم و تكوين الأشخاص المكفوفين وضعاف البصر.
إقرار إعفاءات ضريبية متعلقة بالتجهيزات الخاصة، ومنها إعفاء السيارات المستوردة المعدة للأشخاص في وضعية إعاقة من الرسوم الجمركية، وتشجيع الصناعة الوطنية لإنتاج سيارات ووسائل للنقل تأخذ بعين الاعتبار حاجيات الشخص في وضعية إعاقة.
إعفاء الجمعيات والمؤسسات التي تتولى تربية وتأهيل الأطفال في وضعية إعاقة، من واجبات أداء رسوم الضريبة السنوية على الحافلات المستخدمة في النقل المدرسي.
دعم برنامج التأهيل المجتمعي وتوسيعه، مع دعم تخفيض تسعيرة الأدوية المستعملة في علاجات بعض الأمراض المزمنة المرتبطة بالإعاقة الذهنية، ودعم تخفيض أثمنة الأجهزة التعويضية والبديلة.
تحديد إطار تعاقدي مرجعي لتطوير ودعم آليات الشراكة مع الجمعيات والمنظمات العاملة في مجال الإعاقة ومأسستها، مع تشجيع الإبداعات الفنية والأنشطة الرياضية للأشخاص في وضعية إعاقة.
وضع خطة وطنية لتأهيل الإعلام الوطني، خاصة السمعي والبصري، مع الاستثمار في التقنيات الحديثة للتواصل من أجل تمكين الأشخاص في وضعية إعاقة من حقهم في المعلومات والمعرفة.
الأشخاص المسنون
عرفت المجتمعات الحديثة، وإن بدرجات متفاوتة، تحولات مهمة في البنية السكانية أدت إلى إفراز إشكالات حقيقية للفئات الاجتماعية المسنة التي ساهمت في بناء الاقتصادات المحلية والتنمية المجتمعية. فنتيجة التغيرات الجوهرية التي عرفها نظام الأسرة، بدأت تحتل مسألة رعاية الأشخاص المسنين مكانا رئيسيا في سياسات الدول وفي بلورة المخططات الضرورية لتحسين وضعية كبار السن من خلال اعتماد مقاربات عادلة ومنصفة. وإذا كانت البلدان المتقدمة قد أنجزت تطورا جليا في ضمان حقوق الأشخاص المسنين وحققت تراكما إيجابيا على مستوى التشريعات والممارسات الناجعة، فإن المغرب لم يستطع، إلى حدود اليوم، تشكيل وعي حقيقي بما يعيشه الأشخاص المسنون وما يعانونه من إقصاء في الحياة السياسية والمجتمعية وتهميش لما راكموه من تجربة وخبرة مهنية. وللأسف، لا تمتلك الحكومة أي تصور واضح في التعامل مع هذه الفئة الاجتماعية ومشاكلها المتعددة، ولم تتوفق في وضع سياسة متكاملة ناجعة راعية للمسنين ومستجيبة لانتظاراتهم وضامنة لكرامتهم.
ولذلك، يقترح حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سياسة حقيقية لمعالجة قضايا الأشخاص المسنين عبر اتخاذ جملة من الإجراءات القوية في المجال التشريعي والمؤسساتي والاجتماعي بغية محاربة كل أشكال الإهمال والتهميش. ويقترح الحزب أيضا تدابير غير مسبوقة تتمثل في توفير وتأهيل الفضاءات والمرافق الضرورية وتعزيز رعايتهم بواسطة مشاريع طموحة ومبادرات جديدة تمكن المجتمع من استشارتهم الدائمة والاستفادة من تجاربهم وخبراتهم.
واقع عنوانه التنكر للمسنين
حسب تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، يمثل الأشخاص المسنون في المغرب حوالي 1/ 10 من مجموع الساكنة، ولا يستفيدون من حقوقهم استفادة كاملة.
يعاني أغلب الأشخاص المسنين من الهشاشة (تدني المستوى التعليمي إذ أن أكثر من 7 أشخاص من ضمن 10 يعانون من الأمية، معظمهم لهم دخل جد محدود، أكثر من نصفهم يعاني على الأقل من مرض مزمن واحد ويتعذر عليهم الولوج إلى العلاج، …).
لا يستفيد من التغطية الاجتماعية والصحية إلا شخص واحد من بين 5 أشخاص مسنين.
انعدام التدابير الناجعة وقلة الاعتمادات
انعدام سياسة وطنية موجهة لرعاية الأشخاص المسنين تستجيب لانتظاراتهم المختلفة وتحفزهم على مواصلة العطاء وإطلاق مبادرات ومشاريع اقتصادية واجتماعية وثقافية.
غياب مخططات وبرامج عمل جهوية ملائمة وناجعة لمصاحبة الأشخاص المسنين في مختلف المناطق والجهات، وبالتالي تحقيق العدالة المجالية ووضع وتنفيذ عمليات للقرب.
ضعف الإطار التشريعي والمؤسساتي القادر على النهوض بأوضاع الأشخاص المسنين وضمان حقوقهم وكرامتهم، وخاصة تيسير ولوجهم إلى الخدمات الصحية والاجتماعية والإدارية المناسبة.
ضعف الاعتمادات المالية المرصودة للنهوض بأوضاع الأشخاص المسنين، وانعدام مخطط لعقلنة الموارد المالية المدرجة ضمن الميزانيات القطاعية المتعلقة بذلك.
ضعف الاستثمارات في مجال المؤسسات والمرافق والتجهيزات الخاصة بكبار السن مما ينعكس سلبا على رعايتهم الاجتماعية وجودة الخدمات المقدمة إليهم.
غياب البرامج والأنشطة التأطيرية الوطنية والدولية (الترفيهية، السياحية، الرياضية، …) الموجهة للأشخاص المسنين، والمحددة وفق شروط تفضيلية تحفز هذه الفئة على الاستفادة منها.
غياب برامج للتكفل الصحي بموارد بشرية مؤهلة واعتمادات مالية كافية، خاصة بالنسبة للأمراض الصحية والنفسية المتفشية في أوساط الأشخاص المسنين (أمراض القلب والشرايين، الضغط الدموي، السكري، هشاشة العظام، أمراض الجهاز العصبي والدماغ، العزلة، الإرهاق، …).
انعدام برامج لمواكبة الأشخاص المسنين اجتماعيا وصحيا عبر تنظيم عمليات مباشرة للمساعدة وتقديم الخدمات الطبية والمراقبة المستمرة يؤطرها أطباء ومتخصصون اجتماعيون.
غياب الاهتمام بالتدابير الخاصة بخلق المناخ الملائم لعيش الأشخاص المسنين عبر إعطاء الأولوية لمحاربة الهشاشة والفقر في أوساطهم والتحسين التدريجي لمعاشاتهم.
انعدام المخطط الوطني أو الجهوية المخصصة لدعم وتشجيع إنجاز مشاريع البحث العلمي في المؤسسات الجامعية والمراكز العلمية، وذلك من أجل الفهم الصحيح لقضايا ووضعية الأشخاص المسنين واقتراح الحلول البديلة.
اعترافا بما قدموه: مقاربة تشاركية جهوية ومنصفة
وضع استراتيجية وطنية ذات بعد جهوي باعتماد مقاربة تشاركية موسعة تضمن مساهمة الفاعلين والخبراء المعنيين ومكونات المجتمع المدني في إرساء ثقافة جديدة تعزز حقوق الأشخاص المسنين وآليات رعايتهم وحمايتهم.
تقوية البعد الجهوي في رعاية الأشخاص المسنين عبر وضع إطار تعاقدي محدد الأهداف تشترك فيه الدولة والجهات لبلورة وإنجاز برامج عمل محلية تراعي خصوصيات الفئات المستهدفة.
مراجعة الإطار التشريعي والمؤسساتي المتمحور حول النهوض بأوضاع الأشخاص المسنين من أجل تأهيل السياسة العمومية المتعلقة بهم وتحسين الشروط الاجتماعية لعيشهم.
وضع مخطط وطني لإحداث وتنشيط فضاءات متعددة الاختصاصات بشراكة بين الدولة والقطاع الخاص والجماعات المحلية والمنظمات المهنية والجمعيات المهتمة، وذلك لتقديم خدمات متنوعة للأشخاص المسنين.
اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتوسيع دائرة الاستفادة من الضمان الاجتماعي والتغطية الصحية لتشمل الأشخاص المسنين والعمل على تعميم التقاعد تدريجيا.
إحداث آليات لتمويل صندوق وطني مخصص لفائدة الأشخاص المسنين الذين لا يتوفرون على معاش للتقاعد ولا يتوفرون على دخل قار وغير معتمدين على المساعدة العائلية.
تأهيل المؤسسات المخصصة للأشخاص المسنين المعوزين عبر وضع مخطط وطني لإصلاح فضاءات الإيواء (تجديد المرافق، توفير التجهيزات اللازمة، الرفع من كفاءات ومؤهلات الموارد البشرية، …).
اتخاذ التدابير اللازمة لدعم البرامج التكوينية الكفيلة بتطوير الرعاية الصحية للأشخاص المسنين (إدماج طب الشيخوخة في برامج التكوين بكليات الطب، إحداث أقسام لطب الشيخوخة بالمستشفيات، …).
وضع برامج للتكوين والتكوين المستمر لفائدة الأطر المتخصصة في رعاية وحماية الأشخاص المسنين لتطوير مهاراتهم وتحيين معارفهم ومواكبة المستجدات العلمية والتواصلية في مجال تدخلهم.
وضع صيغ تعاقدية مع الجمعيات المهتمة بوضعية الأشخاص المسنين لدعم وتشجيع المشاريع والمبادرات الهادفة إلى التواصل مع هذه الفئة الاجتماعية وتأطيرها.
وضع برنامج وطني بشراكة مع جمعيات الأشخاص المسنين، للاستفادة من تجربة وخبرة الأشخاص المسنين الراغبين في التطوع لفترات زمنية محددة في برامج وطنية في مجالات الخدمة الاجتماعية والإنسانية (محو الأمية، العمل في المراكز الاجتماعية…) بمقابل تحفيز معنوي، يمكنهم من الاستمرار في المشاركة.
اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنتاج وبث برامج إعلامية (خاصة في المجال التلفزي والإذاعي)، وذلك من أجل نشر وتعميم ثقافة الرعاية الاجتماعية والصحية الموجهة للأشخاص المسنين.
الرياضة
تشكل الرياضة مجالا حيويا لتكريس الصحة العمومية ودعم الاستثمار الاقتصادي والتجاري وتحقيق الاستقرار والتماسك الاجتماعي ونشر ثقافة منفتحة أساسها القيم الإنسانية للعمل الجماعي والتسامح والتعايش. وقد أصبحت محور السياسات العمومية التي تستهدف ترسيخ التنمية الاقتصادية والبشرية والتعبئة الشاملة للطاقات المجتمعية، وخاصة تعبئة الشباب لمواجهة ظواهر الإرهاب والعنف والتطرف. وإذا كان المجال الرياضي يقتضي، في الوقت الحاضر، اعتماد مناهج معاصرة للتدبير العقلاني ونماذج للحكامة الرياضية، فإن الرياضات في المغرب تعاني من خلل عميق في منظوماتها وسوء تسيير مؤسساتها ومرافقها وتعثر العديد من برامجها ومشاريعها. ويعاني المشهد الرياضي من انعدام سياسة عمومية متكاملة حيث يسود التدبير الارتجالي وتهيمن المعالجة المتسرعة للمشاكل اليومية واللجوء إلى الحلول الظرفية ذات الآثار المحدودة.
واعتبارا لذلك، يعتمد الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية منظورا منسجما ومتكاملا يجعل من مخطط الرياضة الاستراتيجي امتدادا حقيقيا للسياسات العمومية المتمحورة حول تعزيز الاستثمارات الاقتصادية وتقوية التنمية البشرية والتعبئة الجماعية للمختلف الطاقات المجتمعية. ومن ثمة، يقترح الحزب سياسة رياضية وطنية ذات بعد جهوي قوي تمكن من تفعيل مقتضيات الدستور وترسيخ منظومة رياضية موحدة وعادلة وتكريس مبادئ الحكامة والتدبير العصري المتقدم.
مؤشرات دون الطموح
ما زالت نسبة الممارسين للرياضات في المغرب داخل الأندية الرياضية المعترف بها من طرف الجامعات، والحاصلين على رخص الممارسة الرياضية في مختلف الأصناف، ضعيفة جدا مقارنة مع الدول المتقدمة إذ لا يتجاوز عددهم 300 ألف ممارس.
ضعف الميزانيات المرصودة في إطار الميزانية العامة للقطاع الرياضي مما ينعكس سلبا على وتيرة تشييد المراكز الرياضية للقرب (تمت برمجة 100 مركز برسم سنة 2015) وإعادة تأهيل القاعات ومراكز التكوين.
لم يصل بعد عدد القاعات الرياضية في المغرب إلى عتبة 200 قاعة على الصعيد الوطني، ولم يصل عدد حلبات ألعاب القوى عتبة 50 حلبة على الصعيد الوطني، أضف إلى ذلك الخصاص المهول في أعداد ملاعب القرب والمسابح الرياضية والمرافق المختلفة.
الأفق الاستراتيجي الغائب
غياب الأفق الاستراتيجي في التخطيط الرياضي وهيمنة السياسة الارتجالية التي تستنزف موارد مالية مهمة دون تحقيق نتائج في مستوى انتظارات المواطنات والمواطنين.
انعدام سياسة عمومية ناجعة في المجال الرياضي تتمكن من الاستجابة للمقتضيات الدستورية وتكريس الشروط الاحترافية الكفيلة برفع التحديات المطروحة سواء على الصعيد الوطني أو الدولي.
ضعف الأداء الحكومي في تفعيل المقتضيات الدستورية المرتبطة بالشأن الرياضي، خاصة البطء والتعثر في إحداث المجلس الأعلى للشباب والعمل الجمعوي الذي أوكلت إليه اختصاصات متعددة من بينها الاختصاص الرياضي.
انعدام العدالة المجالية نظرا للتفاوتات المسجلة بين الجهات والمناطق في ما يتعلق بالمرافق والتجهيزات الرياضية أو في ما يرتبط بالمشاريع والاستثمارات الرياضية.
سوء التدبير في العديد من القطاعات الرياضية، وغياب شروط الديمقراطية والشفافية على مستوى الهياكل المكلفة بالتسيير الإداري والمالي.
فشل الحكومة في وضع وتفعيل التدابير الناجعة لمحاربة تفشي ظاهرة العنف في الملاعب والتحسيس بخطورة الشغب الرياضي الذي يتسبب في خسارات بشرية ومادية هامة.
تزايد حالات التعاطي مع المنشطات في أوساط بعض الرياضيين مما يضر بسمعة الرياضة الوطنية ويؤثر على مردودية الأبطال المغاربة في التظاهرات الرياضية الوطنية والدولية.
انعدام المخططات الاستراتيجية في مجال التكوين الرياضي لتعبئة الموارد البشرية اللازمة وتحسين الكفاءات الوطنية في مختلف الأنواع الرياضية وبمختلف الجهات.
غياب البعد الحقوقي في التعامل مع الشأن الرياضي إذ تنعدم المبادرات الحقيقية لترسيخ الحق في التربية البدنية للجميع وتحقيق العدالة الرياضية وتكافؤ الفرص أمام جميع المواطنات والمواطنين.
انعدام الآليات الضرورية لتحقيق تنمية رياضية فعلية تشكل جزء لا يتجزأ من التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتكون رافدا من روافد التنمية البشرية المستدامة.
من أجل سياسة مندمجة متعددة الأبعاد
بلورة استراتيجية وطنية مندمجة تأخذ بعين الاعتبار مختلف الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمنظومة الرياضية، مع اعتماد مقاربة تشاركية موسعة تضمن مساهمة مختلف الفاعلين الحكوميين والشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين ومكونات المجتمع المدني والخبراء الرياضيين.
إقرار مبادئ الحكامة في التدبير الرياضي، وخاصة على مستوى عقلنة التسيير المالي من خلال اعتماد آليات مضبوطة تحدد التوزيع العادل للموارد المالية على مختلف الأنواع الرياضية حسب الأهداف المقررة.
مراجعة الإطار التشريعي والتنظيمي للمنظومة الرياضية من أجل تحيين وتوحيد الأنظمة القانونية وتقوية وظائف المؤسسات الرياضية (الإدارات الحكومية، الجامعات، الأندية، معاهد التكوين، …).
المراجعة الشاملة لمكونات المنظومة الرياضية من خلال إنجاز تقييم موضوعي للواقع الرياضي: مؤسساتيا وتنظيميا وتقنيا، وذلك من أجل العمل على ملاءمة التأطير الرياضي والرفع من مستوى الكفاءات وتأهيل الموارد البشرية والمالية.
اتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع خريطة رياضية متوازنة وترسيخ العدالة المجالية في إنشاء المرافق والتجهيزات الرياضية وإنجاز المشاريع والبرامج الرياضية عملا بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص.
تقوية البعد الجهوي من خلال بلورة مخططات جهوية خاصة منبثقة من التصور الاستراتيجي الوطني واستنادا إلى وضع تعاقدات مع الجهات تستهدف تحقيق تنمية رياضية محلية قوية.
بلورة تصور جديد وشامل من أجل تحديث التدبير الرياضي وتكريس الحكامة والممارسة الديمقراطية، وإعادة النظر في أدوار ومسؤوليات الهيئات المعنية بالرياضة الوطنية .
وضع مخطط وطني لتعبئة جميع الفاعلين الرياضيين من أجل ضمان انخراطهم الجماعي والتلقائي في دعم النهوض بالأوضاع الرياضية الوطنية في مختلف المناطق والجهات.
اتخاذ إجراءات تحفيزية من أجل مضاعفة أعداد المهتمين بالشأن الرياضي والممارسة الرياضية (الممارسين الرياضيين، الرياضيين المرخصين لدى الجامعات، وحدات التجهيزات الرياضية، عدد المؤطرين المؤهلين، …).
إحداث مرصد وطني لتتبع وتقييم المخططات الرياضية في مختلف الأصناف (وطنيا ودوليا) وعلى صعيد متخلف المناطق والجهات لتمكين الفاعلين الرياضيين من دراسات علمية وتقنية تساعد على اتخاذ الحلول الملائمة.
الاستثمار في التقنيات الجديدة للمعلومات والتواصل من أجل عصرنة طرق التسيير الإداري وتعزيز التواصل الرقمي بين الأجهزة الحكومية والجامعات والعصب والأندية ومكونات المجتمع المدني.
وضع مخطط وطني وجهوي حول التكوينات الرياضية يعيد النظر في برامج ومناهج التكوين الرياضي ويستند إلى المعايير الدولية والطرق البيداغوجية العصرية والتقنيات الحديثة.
اعتماد آليات ناجعة لتعبئة الموارد المالية وعقلنة استثمارها، وذلك من أجل تنويع مصادر التمويل العمومي واستقطاب تمويلات خاصة وتقوية دعم الرياضات الاحترافية وإنجاز المشاريع الجهوية والمحلية.
إقرار آليات تنسيقية من أجل ضمان الالتقائية بين مشاريع التنمية الرياضية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مع إعطاء الأولوية لتيسير الولوج للخدمات الرياضية ودعم الرياضات المدرسية ومشاريع القرب ومبادرات الشباب.
اتخاذ التدابير اللازمة لتخليق الحياة الرياضية وتأهيل التدبير الرياضي عبر بلورة ميثاق رياضي وطني لمحاربة الفساد وترسيخ مبادئ الديمقراطية والشفافية والمسؤولية.
صياغة وتفعيل تعاقدات جديدة مع فعاليات المجتمع المدني وفق دفاتر تحملات واضحة جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني بالتحرر والاستقلالية…
الاستثمار في التجهيزات والآليات التقنية المخصصة للمراقبة في احترام تام للقواعد والمعايير الرياضية الدولية، وذلك من أجل تعزيز الأمن في الفضاءات الرياضية.
وضع خطة وطنية شاملة للتنقيب عن المواهب الرياضية في مختلف الأصناف وبالنسبة لمختلف الفئات العمرية، وذلك عبر تقوية عمليات تتبع الكفاءات وتعبئة الموارد البشرية والمالية اللازمة
الأمن المجتمعي
يشكل الأمن، في السياق الحاضر، هاجسا أساسيا لدى حكومات مختلف الدول وانشغالا حقيقيا للمواطنات والمواطنين نتيجة تزايد ظواهر العنف والإرهاب وارتفاع أشكال الانحراف والجريمة. ولذلك، يعتبر الأمن شرطا جوهريا لضمان استقرار المجتمع وتوفير شروط سلامته وسلامة مواطنيه ضمن أجواء من الطمأنينة والارتياح وبعيدا عن أي تهديد أو خطر. وعلى غرار بلدان المعمور، يبدل المغرب جهودا مهمة في المجال الأمني وفي تقوية المؤسسات والأجهزة الأمنية، بل إنه أصبح نموذجا يحتذى به، خاصة في المنطقة المتوسطية، في ما يتعلق بمحاربة الخطر الإرهابي وإحباط عمليات التطرف الديني، أو في ما يرتبط بمحاربة الهجرة غير النظامية أو تهريب المخدرات. وعلى الرغم من الاستراتيجية الوطنية التي يتبناها في مواجهة كافة الظواهر الإجرامية والحد من انتشارها، ما زال المغرب في حاجة ماسة إلى تطوير منظومته الأمنية لتساير التقنيات الحديثة للتخطيط الأمني والآليات المعاصرة للتدخل الناجع، وذلك عبر الاطلاع على التجارب الدولية الناجحة والاستفادة من المستجدات العالمية.
وبناء عليه، يعتبر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن المنظومة الأمنية يجب أن تظل محط تجديد وتطوير من أجل التمكن من تطويق الأشكال المتغيرة للجريمة والأفعال المنحرفة. ويقترح سن سياسة شمولية مندمجة في محاربة الانحراف والجريمة لا تركز على التدخل الأمني المباشر فقط، لكنها تأخذ بعدا استباقيا يتمثل في الاستثمار في المجالات التربوية والاقتصادية والمجتمعية المختلفة. وتهدف هذه السياسة إلى تعزيز الحكامة الأمنية وتقوية الموارد البشرية والمالية والاستثمار في التكنولوجيات الحديثة بغية الردع الصارم والزجري للأفعال الإجرامية طبقا للقانون وفي احترام تام للحقوق والحريات.
أرقام وتحديات
تراجع المغرب في مؤشر السلام العالمي لسنة 2015، الذي تصدره مؤسسة الاقتصاد والسلام، إذ حل في الرتبة 86 من بين 162 دولة شملها التقرير، ليفقد بذلك 24 مركزا، مقارنة بتصنيف سنة 2014، الذي حل فيه في المركز 62 عالميا، علما أنه حل في سنة 2013 في المرتبة 57.
يقدر مؤشر السلام العالمي التكلفة الاقتصادية والاجتماعية لاحتواء العنف والحد من انعدام الأمن في المغرب بما يفوق 12 مليار دولار، أي حوالي 100 مليار درهم سنويا، وهو ما يعادل تقريبا 5 % من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة.
سجلت سنة 2014، حسب التقرير الصادر عن البنك الإفريقي للتنمية، أن نسبة الفقراء بالعالم القروي بالمغرب تفوق 14 % في حين تبلغ 4,8 % في الوسط الحضري، وأن نسبة الشباب الفقراء الذين تقل أعمارهم عن 24 تفوق 20 %.
إكراهات متعددة وتدابير غير منسقة
غياب سياسة حكومية متكاملة مما أدى إلى تحقيق عمل أمني لا تواكبه الإجراءات الناجعة والحقيقية على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والثقافية.
معاناة الوسطين القروي والحضري من مظاهر الفقر والهشاشة والإقصاء خاصة بين أوساط الشباب مما يدفعهم إلى الانحراف وارتكاب الأعمال الإجرامية.
انتشار ظواهر التهريب والمخدرات المؤدية إلى إفراز سلوكات منحرفة وعنيفة، مع ما تشكله من تأثير سلبي في التماسك الاجتماعي والاقتصاد الوطني وتهديد لاستقرار المجتمع.
ضعف الاستثمار في التقنيات الحديثة والوسائل التكنولوجية الجديدة التي تساهم في الرصد الدقيق للأفعال الانحرافية وتغطية مختلف البؤر والنقط السوداء.
تنامي خطر الإرهاب، على الصعيدين العالمي والإقليمي، نتيجة التطرف الديني وتشكيل جماعات متعصبة وخلايا إجرامية تحت تنظيمات تتجاوز الحدود الجغرافية للبلد الواحد.
انتشار ظواهر الاتجار في الأسلحة وتبييض الأموال، خاصة في الجوار الإفريقي، مع ما يمثله ذلك من دعم لشبكات التهريب وترويج المخدرات ودعم العصابات بالمال والعتاد.
ضعف الإجراءات الحكومية المتخذة للحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين وتأمين الحدود البرية والبحرية نظرا لما تخلقه من مشاكل اجتماعية بتداعيات خطيرة.
غياب التدابير الحازمة للحد من ارتفاع وتيرة الجرائم العابرة للدول والقارات إذ أصبحت الأنشطة غير القانونية للجماعات الإرهابية وعصابات الجريمة العابرة للحدود تهدد بشكل كبير الاقتصاديات الوطنية والأمن المحلي.
ضعف الإجراءات المتخذة من أجل التعبئة القوية للموارد المالية من أجل توفير الإمكانات المادية والوسائل اللوجستيكية والتجهيزات الضرورية الكفيلة بمحاربة الجريمة.
نحو استراتيجة أمنية شاملة ومندمجة
اعتماد استراتيجية أمنية مندمجة تأخذ بعين الاعتبار مختلف الأبعاد التربوية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في توفير شروط السلامة ومحاربة كل أشكال العنف والانحراف.
اعتماد مخططات جهوية بالتنسيق بين الأجهزة الأمنية والجهات والسلطات المحلية ومكونات المجتمع المدني من أجل محاربة العنف والجريمة وتأطير المواطنات والمواطنين.
التعبئة القوية للموارد المادية والرفع من الاعتمادات المالية المخصصة للمنظومة والأجهزة الأمنية من أجل تمكينها من الإمكانات والوسائل اللازمة لمحاربة العنف والجرائم.
اتخاذ التدابير إحداث الشرطة المحلية لمساعدة الأجهزة الأمنية في رصد وتوقيف المنحرفين
تقوية الخدمات الأمنية بالأماكن الحضرية الحيوية (الأماكن العمومية، الساحات، الشوارع، الحدائق) باعتماد التهيئات والتجهيزات الملائمة وخاصة توفير أو تحسين الإنارة العمومية.
المعالجة المنتظمة «للنقط السوداء» في مجال الأمن من أجل حماية المواطنين وخاصة الأكثر عرضة للخطر، أي الأطفال والشيوخ والنساء، وذلك بالتنسيق مع مصالح الأمن والتجار وممثلي الجمعيات المحلية.
تنظيم حملات تحسيسية وعمليات وقائية لمحاربة المخدرات والعنف والنزوع نحو الإجرام، خاصة في صفوف الشباب والمراهقين عبر التأطير وتوزيع المنشورات التوعوية بمحيط المؤسسات التعليمية وداخل دور الشباب ومراكز التنشيط والتكوين.
دعم مشاريع الوقاية وتنمية حس المواطنة المتعلق بحماية المواطنين من أجل توفير الأمن وتقوية التماسك الاجتماعي، وذلك عبر مواكبة مكونات المجتمع المدني في إنجاز المشاريع التوعوية الموجهة لذلك.
مضاعفة الاستثمار في التكنولوجيات الحديثة من خلال تغطية المدن الكبرى بكاميرات وأجهزة المراقبة، مع تعميم استعمالها على المؤسسات العامة والخاصة.
تعزيز قدرات الفاعلين في المجال الأمني مع الرفع من الإمكانات البشرية والتقنية الضرورية لتوفير السلامة بالوسطين الحضري والقروي.
تكثيف علاقات التعاون والشراكة بين القطاع العمومي والخواص، وتحفيز المؤسسات والمقاولات على اعتماد وتطوير منظومات أمنية متجانسة ومتلائمة مع النظم الأمنية المعمول بها رسميا.
تقوية الاستثمار في المجال المعلومياتي والحرص على اليقظة التكنولوجية من أجل تعزيز الأمن ورفع كافة التحديات الأمنية من أجل وقف الجريمة المنظمة ومختلف أشكال العنف.
اعتماد مخططات منسقة ومتكاملة لتوفير شروط الأمن على مستوى نقط العبور المختلفة: الموانئ، المطارات، المعابر حدودية، مع عصرنة الآليات لمعتمدة لتنفيذها.
البيئة
أصبحت حماية البيئة مطلبا مجتمعيا ملحا إذ يواجه النظام الطبيعي مجموعة من التهديدات الخطيرة نتيجة التغيرات المناخية وتنامي الاختلال في التوازنات الطبيعية وارتفاع مظاهر التلوث والأضرار البيئية. وقد تعززت مجهودات الدول من أجل حماية الموارد الطبيعية ورعاية الأنظمة البيئية في إطار توجهات التنمية المستدامة التي تهدف إلى إقامة نوع من التوازن بين تداعيات التطورات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة من جهة، ومستلزمات المنظومات البيئية والعيش السليم للمواطنات والمواطنين من جهة أخرى. ولم يستطع المغرب، رغم إعلان مسايرته لمقررات المنتظم الدولي، الانخراط الفعلي في هذه المجهودات الدولية عبر القيام بالإصلاحات الحقيقية الهادفة إلى التأهيل البيئي وتقوية آليات الحماية البيئية والرفع من مستوى التدبير المستدام للموارد الطبيعية.
من هذا المنطلق، يقترح الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بوصفه فاعلا تاريخيا صديقا للبيئة ومصالحها، سياسة جديدة بإصلاحات جوهرية تتأسس على المراجعة الشاملة للأطر التشريعية والمؤسساتية والتنظيمية وفق مقاربة موحدة وتشاركية تمكن المغرب من ربح الرهانات الاقتصادية والاجتماعية، وفي نفس الوقت، رفع التحديات البيئية والتنموية. إنها سياسة بيئية مندمجة بإجراءات متعددة الأبعاد تهم تفعيل مجموعة من التدابير الكفيلة بتحسين إدارة الموارد وتقوية النظام البيئي والمحافظة على المكون الطبيعي في إطار من التنوع والتوازن.
تداعيات بيئية سلبية
خلال سنة 2016، احتل المغرب المركز 64 عالمياً في مؤشر الأداء البيئي الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي على مستوى 180 دولة حول العالم (الرتبة 42 في مؤشر التنوع البيولوجي، الرتبة 46 في مؤشر نظافة الهواء،الرتبة 119 في مؤشر جودة المياه، الرتبة 104 في مؤشر الآثار الصحية).
التراجع المستمر في مؤشر حصة كل فرد من الماء حيث انتقلت هذه الحصة من 1500 متر مكعب سنويا للفرد في بداية الستينيات إلى أقل من 730 مترا مكعبا سنويا للفرد خلال سنة 2012، مع تضرر نصف الإمكانيات المائية الجوفية والموارد المائية الصحية بسبب التلوث حسب التحليلات التي أجريت خلال 2011 – 2012.
الارتفاع السريع للانبعاثات الملوثة للهواء على مدى الخمسة عشر سنة الأخيرة، مما ينكس سلبا على صحة السكان وجودة عيشهم في المناطق الحضرية الكثيفة والمناطق الصناعية، وتقدر كلفة تدهور الهواء بحوالي 3,6 مليار درهم سنويا، أي حوالي 1,03 % من الناتج الداخلي الخام.
مجرد وعود .. !
انعدام سياسة وطنية واضحة المعالم ذات إجراءات عملية ناجعة للتحسين إدارة الموارد والمحافظة على المجال البيئي وتعزيز التوازن بين مكونات المنظومة الطبيعية.
غياب مخطط ناجع لوضع التدابير والآليات الضرورية لمواجهة الإكراهات المتعددة المتعلقة بتدبير الموارد الطبيعية ومتطلبات ترشيد استغلالها والحفاظ على التنوع الطبيعي.
عدم القدرة على مواجهة الأضرار البيئية والمشاكل المرتبطة بها (الإجهاد المائي، التبعية الطاقية، التلوث البيئي، الهشاشة الطبيعية، التغيرات المناخية، التدهور البيئ، …).
التوجيه السيئ للنموذج الاقتصادي المعتمد الذي لم يفلح في ترسيخ اقتصاد أخضر مندمج قادر على تعبئة الفعالين العموميين والخواص ومحفز للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ضعف التدابير الحكومية الموضوعة لفائدة الاستثمارات الخضراء ودعم المبادرات المقاولاتية المستجيبة للمتطلبات البيئية والهادفة إلى إنجاز المشاريع التنموية المستدامة.
الفشل في إقرار إجراءات ناجعة لمعالجة التلوث الصناعي، خاصة المرتبط بالموارد المائية لما يشكله من آثار وخيمة على صحة المواطنات والمواطنين وتهديد جدي لحياة الكائنات الحية في الأوساط الطبيعية المجاورة.
عدم القدرة على وقف التدهور الطبيعي، وخاصة تدهور التربة حيث تمس التعرية المائية أكثر من 10 ملايين هكتار مع تركز خاص في جبال الريف وسفوحه.
العجز عن مواجهة تدهور التنوع البيولوجي لاسيما في الأحواض الهشة (الأنظمة البيئية الغابوية والمناطق الرطبة) بفعل النمو الديمغرافي والاقتصادي وتطور التعمير وتدهور البيئة الساحلية والتغيير المناخي.
غياب الآليات التحفيزية المتعلقة بتشجيع إدماج البعد البيئي وتطويره في السياسات والاستراتيجيات القطاعية، وخاصة في مجالات الموارد المائية ومعالجة النفايات الصلبة والسائلة والطاقات المتجددة وغيرها.
عدم وفاء الحكومة بالتزامها القاضي باتخاذ الإجراءات الفعلية لوضع آلية لليقظة والوقاية ومعالجة آثار الكوارث الطبيعية والتقلبات المناخية، وخاصة الوقاية من الفيضانات بتنسيق مع جميع المتدخلين المعنيين.
استراتيجية بيئية متكاملة لتنمية مستدامة
بلورة استراتيجية وطنية جديدة ومندمجة للبيئة والتنمية المستدامة تستحضر كافة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مع تبني منهجية تشاركية حقيقية وموسعة تعبأ جميع المتدخلين والفاعلين (الأطراف الحكومية، الفاعلون الاقتصاديون والاجتماعيون، مكونات المجتمع المدني، …).
وضع مخطط استعجالي منبثق من الاستراتيجية الوطنية المندمجة يقضي باتخاذ الإجراءات والتدابير ذات الأولوية لحماية النظام البيئي والمحافظة على الأنظمة الطبيعية.
مراجعة وتحيين الإطار القانوني والمؤسساتي المتعلق بحماية البيئة وتعزيز التنمية المستدامة.
وضع مخطط استباقي يستهدف حماية المناطق الرطبة والحساسة والأنواع المهددة والمناطق الهشة المهددة بالفيضانات والكوارث الطبيعية ومخططات المناطق الخضراء.
وضع إطار مرجعي لتحديد التوجيهات الأساسية للحث المتدخلين المعنيين بضرورة الأخذ بعين الاعتبار إجراءات الملاءمة مع التغير المناخي في كل سياسات إعداد التراب.
إقامة شراكات مع المؤسسات الجامعية والمراكز العلمية في مختلف التخصصات ذات الصلة قصد تشجيع مشاريع البحث العلمي قصد المساهمة في حماية الموارد الطبيعية والمحافظة على الأنظمة البيئية.
تشجيع الاستثمارات المساهمة في حماية البيئة عبر إحداث شراكات متقدمة بين القطاعين العمومي والخاص على الصعيدين الوطني والدولي من أجل دعم المشاريع الاقتصادية والتنموية المساهمة في تحقيق اقتصاد أخطر ومندمج.
تعميم شبكات التطهير ومحطات معالجة المياه العادمة من خلال تعزيز البرنامج الوطني للصرف الصحي، مع وضع مخطط وطني لإحداث وتأهيل المجالات الخضراء وتحسين محيط الحياة في ضواحي المدن.
إنشاء مؤسسة وطنية لتدبير المطارح توكل لها مهمة دعم الجهات والجماعات المحلية في ميدان معالجة النفايات الصلبة، مع تقوية مشاريع التطهير الصلب وتدبير النفايات للقضاء على المطارح العشوائية .
معالجة إشكالية تلوث الهواء في المدن عبر الرفع من جودة المحروقات، خاصة من طرف النقل الحضري وإطلاق برنامج لمحاربة تلوث الهواء للتقليص من نسبة التلوث بالنصف في المناطق الحضرية.
تكريس الدور الأساسي للجمعيات في ميدان المحافظة على البيئة عبر تعزيز القدرات والرفع من الاعتمادات المالية المخصصة حاليا من طرف الحكومة لدعم العمل الجمعوي.
تعزيز الآليات التحفيزية المالية عبر تقوية اعتمادات صندوق معالجة التلوث الصناعي وتوسيع تدخلاته لتشمل أنشطة المحافظة على البيئة بانسجام مع اختصاصات الصندوق الوطني للبيئة وباقي الموارد المالية الناتجة عن المعاهدات الدولية.
اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتأهيل الموارد البشرية بغية تقوية كفاءات الموارد البشرية في الجماعات المحلية والمصالح العمومية وفتح إمكانيات التكوين لمواكبة وإنجاح برامج المحافظة على البيئة.
تفعيل وتحسين الإطار القانوني لأشكال توجهات الميثاق الوطني للبيئة ومراعاة لضرورات التنمية المستدامة في اتجاه تفادي المشاكل المترتبة عن التطهير السائل والصلب، التلوث المترتب عن كثافة الأنشطة البشرية وحاجيات النجاعة الطاقية.
سن سياسة تحفيزية لتشجيع الاستثمار في المشاريع المحافظة على البيئة من خلال إقرار إعفاءات ضريبية، مع إرساء جبايات ورسوم ضريبية على الأنشطة المتسمة بارتفاع مستوى التلوث واستهلاك الموارد الطبيعية،
اتخاذ الإجراءات المتعلقة بالتخفيف من الضغط على الموارد الطبيعية والتحفيز على اعتماد صناعة إيكولوجية بواسطة نقل التكنولوجيات النظيفة والاقتصاد في الموارد (الماء، الكهرباء، العابات، البترول …).
وضع خطة وطنية لإرساء إجراءات مواكبة في مجال التربية والتكوين من أجل الارتقاء بالوعي بأهمية البيئة ونشر وتعزيز الثقافة المتعلقة بالتنمية المستدامة.
اعتماد آليات تشجيع تطوير القطاعات الاستراتيجية مثل الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية وتوفير المياه والتدبير المستدام للنفايات الصلبة والسائلة وتربية الأحياء المائية والسياحة الإيكولوجية.
تعليقات الزوار ( 0 )