20 و 21 دجنبر 2013
في ظل تحولات دولية وإقليمية ووطنية، تفاقمت فيها مظاهر الاحتقان السياسي والاجتماعي والثقافي، وانتكس فيها نسق بناء مجتمع الحداثة والمساواة، وانكمشت بفعلها آفاق تحصين مكتسبات الحريات والحقوق وتعزيز شروط المواطنة الكاملة، بعد أن حملت صناديق الاقتراع إلى مجتمعات ما بعد الحراك، تيارات سياسية وفكرية لم تقدر حجم نضال القوى السياسية الديمقراطية والمدنية من أجل إطلاق مسار ترسيخ الحقوق والحريات وإقرار قيم العدالة والمساواة.
كما ينعقد المؤتمر وحزبنا يخلد ذكرى طعنة اغتيال شهيدنا عمر بنجلون، الذي استباحت يد الظلام دمه الحر وأراقته في ظل الاستبداد السياسي والفكري لموجهة النضال من اجل التحرير والديمقراطية والاشتراكية، وتتبيث عدالة اجتماعية حقيقية قوامها المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين، في إطار مشروع مجتمع الديمقراطية والحداثة وإقرار الحقوق والحريات.
لذا يظل مطلب الكشف عن الحقيقة الكاملة في قضية اغتيال شهيدنا عمر بنجلون بعد انصرام ما يقارب أربعة عقود ثابتا ومتجددا في قلب مطالب النساء الاتحاديات والاتحاديين وباقي قوى التقدمية الديمقراطية بكل وروافدها المجتمعية.
ويأتي المؤتمر السابع للنساء الاتحاديات في إطار الدينامية التنظيمية والسياسية التي يعرفها حزب الاتحاد الاشتراكي بعد مؤتمره الوطني التاسع، والتي تشدد على أن المرأة المغربية في قلب صراع المشاريع المجتمعية المتباينة، إذ لا يمكن لمشروع الاشتراكي الديمقراطي أن يتقدم ويكتسح مجالات جديدة دون أن تنخرط فيه النساء بكثافة اقتناعا منهن بهذا المشروع، وكذا دون أن تتبوأ النساء، داخل الحزب و الحركة الجماهيرية، مكانة ريادية.
وعلى المستوى الوطني إذا كان إقرار دستور 2011 شكل نقلة هامة في مسار الإصلاحات المؤسساتية والسياسية والقانونية لبلادناّ، فان انتظارات الشعب المغربي وقواه التقدمية الديمقراطية تسجل عدم تفعيل مقتضياته التي أصبحت حبيسة التوجه المحافظ والمتردد للحزب الاغلبي ومسانديه في الحكومة الحالية، مما ساهم في إضعاف المضمون الديمقراطي للوثيقة الدستورية وتعطيل الانتقال الديمقراطي الحقيقي بكل مقوماته القانونية والحقوقية والمدنية، وتكريس واقع نكوص وارتداد سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي وحقوقي،عنوانه مشاريع مجتمعية محافظة ترسخ هيمنة الفكر الواحد لكل فعل تشاركي باسم مواقف وقراءات رجعية لمفهوم العمل المؤسساتي الذي تضمنته الوثيقة الدستورية، والتوظيف السياسي للدين الإسلامي الذي يحول المشترك الديني إلى موضوع للتجاذب والصراع السياسي.
إن المؤتمر الوطني السابع للنساء الاتحاديات وقد اعتمد في أشغاله، على تقييم مسار تجربته منذ المؤتمر الاستثنائي منذ 1975، ومن خلاله على وضع حقوق النساء في المغرب، يرى أن هذا المسار قد قطع أشواطا كبيرة قادتها النساء الاتحاديات إلى جانب الحركة النسائية بشقيها السياسي والجمعوي، وتوالت مكتسبات النضال النسائي في ظل حكومة التناوب التوافقي بقيادة كاتبنا الأول السابق المناضل عبد الرحمن اليوسفي، توجت بدسترة المساواة والمناصفة وحظر ومناهضة كل أشكال التمييز في دستور 2011 .
إن المؤتمر الوطني السابع للنساء الاتحاديات الذي رفع شعار ‹›الدولة المدنية أساس المواطنة الكاملة››، بعد مناقشته للأوراق المقدمة من طرف اللجنة التوجيهية والسياسية ولجنة الحقوق والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنظيمية في أجواء عكست الروح الديمقراطية لدى المِؤتمرات والجرأة في تداول قضايا النساء المغربيات، يؤكد على:
- أن المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي يواجه تحديا كبيرا، في ظل المد المحافظ الراهن هو تحدي ثقافي وإيديولوجي، يفرض على النخب الثقافية الحزبية والوطنية عموما تحرير الخطاب الديني من التوظيف السياسي من جهة، ومن التأويلات المحافظة واللاعقلانية المناهضة للقيم الكونية والإنسانية .
- ضرورة تحصين مكتسب دسترة جملة من الحقوق الإنسانية الكونية اعترافا بمطالب مجتمعية تمثلها الحركة النسائية بشقيها السياسي والجمعوي، إلا أن المصالحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لصالح النساء لن تتحقق إلا بإقرار الدولة المدنية كنمط للدولة قوامه الفصل الصريح بين الدين والسياسة وبناء دولة الحق والقانون، من أجل إشاعة ثقافة مدنية مهيكلة للعلاقات داخل المجتمع، ولعلاقة المجتمع بالدولة.
- مطالبة النساء الاتحاديات باقرار دستور ديمقراطي ينص على المساواة بين الجنسين في كافة المجالات و بدون تحفظات، وعلى سمو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان على التشريع الوطني، كمدخل للملاءمة، وينص على وجه الخصوص، على الفصل الواضح بين الدين والسياسة والإقرار بكونية حقوق الإنسان بحيث لا يجوز التدرع بالخصوصيات الدينية الثقافية للتضييق على حقوق الإنسان المغربي امرأة أو رجل.
- التصدي لتوظيف الدين في السياسة هي مهمة تقع اليوم على عاتق كافة النخب الثقافية وكل الأحزاب والقوى السياسية والمدنية، الديمقراطية والتقدمية، كما أنها مسؤولية الدولة من خلال ما تستدعيه من تدبير عقلاني مؤسساتي للحقل الديني يكون من شأنه إنتاج خطاب ديني تنويري، يعتبر خلافات لدعاوى التزمت والانغلاق، إن قراءات مستنيرة لتراثنا الديني والحضاري هي قراءات مطلوبة بإلحاح، بما تجعل من عقيدتنا مشتركا لتقدم مجتمعي.
- ترسيخ قيم الحداثة الفكرية والسياسية وفي مقدمتها قيمة المواطنة، وقيم احترام التعدد والتنوع والاختلاف دون إقصاء ولا ميز على أساس الانتماء الجنسي أو العرقي أو المذهبي.
كما إن المؤتمر الوطني للنساء الاتحاديات، إذ يؤكد تشبثه بالوحدة الترابية التي يعبر عنها الشعب المغربي بكل تلقائية ووطنية، ومن أجل استكمال هذه الوحدة بتحرير سبتة ومليلية والجزر ‹›الجعفرية›› الخالدات يعلن تضامنه الكامل مع النساء المغربيات المحتجزات في تندوف خارج الإطار التقليدي للنزاع السياسي ومن الباب الحقوقي والإنساني. ويطالب المجتمع الدولي بالتدخل الفوري من أجل رفع الحصار عليهن ورد الاعتبار لهن.
ويشدد المؤتمر الوطني السابع للنساء الاتحاديات على أن بناء عدالة اقتصادية واجتماعية وسياسية لصالح النساء، مدخل حقيقي ونافذة لتفعيل دستور المساواة وحظر كافة أشكال التمييز، إلا أن ذلك يستحيل دون اعتماد إصلاحات عميقة، تمر بالأساس عبر ما يلي:
- التفعيل الديمقراطي للمقتضيات الدستورية، وإخراج القوانين التنظيمية والقوانين العادية التي نص عليها هو الكفيل بتأثيث أفق الملكية البرلمانية، وإصلاح الدولة في إطار إعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وأن طريقة التفعيل لا تقل أهمية عن مضمون التفعيل ذاته.ومعركتنا الأساسية هي تطبيق هذا الدستور بروح ديمقراطية منفتحة وحداثية.
- ملاءمة الإطار المرجعي القانوني الوطني مع مضمون الاتفاقيات والمواثيق الدولية.
– إعمال المساواة مع مراعاة اختلاف الحاجيات في السياسات العمومية وفي الإنفاق العمومي.
– إلغاء كل القوانين التمييزية ضد النساء.
– تغيير مقاربة تناول مدونة الأسرة واعتبارها شأنا عاما وتعديلها على قاعدة المساواة بين النساء والرجال والمنع الواضح للتعدد وتجريم تزويج القاصرات.
– إقرار عدالة جنائية من أجل النساء وإخراج قانون إطار مناهض لعنف النوع.
– فتح النقاش الجاد بشأن إصلاح منظومة الإرث لصالح المساواة.
– اعتراف الدولة المغربية بالعمل الغير المأجور للنساء في أفق التعويض المالي عنه.
– اعتماد سياسات تشغيل موجهة للنساء لمحاربة تأنيث البطالة.
- إقرار سياسات تقوي الاقتصاد الاجتماعي لصالح التمكين الاقتصادي للنساء.
– تسهيل ولوج وضمان استمرارية التعلم بالنسبة للفتيات وخصوصا في القرى والمدارات الهامشية.
– تطوير الإطار القانوني المرتبط بالصحة الإنجابية بضمان المجانية والولوجية.
– مراجعة معايير الاستفادة من نظام المساعدة الطبية للفقيرات من النساء.
– الحق في الإجهاض.
– إقرار حق ذوي الحقوق في معاشات منخرطات صناديق التقاعد عند الوفاة.
– تجريم المفاضلة في الأجور بين العاملات والعمال في القطاع الخاص، واعتماد آليات متخصصة في تفتيش الشغل.
– إصلاح القانون التنظيمي للمالية عبر مأسسة مقاربة النوع في الميزانية الآن واعتماد الميزانية المستجيبة للنوع في الإنفاق العمومي من أجل ضمان إقرار المساواة في الاستفادة من الدرهم العمومي وإصلاح مدونة الجبايات لصالح عدالة ضريبية لصالح النساء، بالإضافة إلى إجبارية اعتماد ميزانية النوع في الميزانيات المحلية .
– دعم المشاركة السياسية والنقابية للنساء وتوسيع تمثيليتهن في مراكز القرار السياسي والاقتصادي إعمالا لمبدأ المساواة بدءاً بالإنصاف عبر مراجعة القوانين الانتخابية.
- ولأن حقل الإعلام والتواصل يشكل في عصرنا واجهة حيوية ومؤثرة في تشكيل وتوجيه الرؤى والأفكار واتجاهات الرأي العام السياسية والقيمية، فان النساء الاتحاديات يؤكدن على ضرورة حماية هذا الحقل من الشطط والنزوع الاقصائي الهيمني وذلك بدمقرطته وإعادة هيكلته على أسس المساواة الحرية والتعدد والتنوع والحكامة الجيدة حتى نضمن لبلادنا ومواطنينا منظومة إعلامية ديمقراطية تنويرية وتثقيفية داعمة للمساواة وللقيم الحقوقية الإنسانية.
يؤكد المؤتمر على الدعم المستمر لنضال المرأة الفلسطينية في مقاومة الاستعمار الصهيوني، ويعرب عن مساندته لنساء دول ما بعد الحراك الشعبي في مقاومتهم لمشاريع الالتفاف على حقوقهن ومصادرة حرياتهن من طرف التيارات المحافظة، والنساء السوريات تحت ويلات الحرب وفي مخيمات اللجوء.
ولقد سجل المؤتمر لحظات تلاحم وأجواء رقي نضالي، أبانت عنه المناضلات الاتحاديات من مختلف الأجيال وصادقن بالإجماع على أوراق المؤتمر وعبرن عن انخراطهن في رسملة أربعة عقود من العمل في إطار تنظيم نسائي حزبي وتطوير صيغة تنظيمية جديدة كفيلة باستيعاب حجم الإقبال على النضال من أجل القضية النسائية وقادرة على فتح آفاق أوسع للعمل النسائي من خلال إقرار العمل في إطار المنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات، كمنظمة مستقلة نصف جماهيرية.
ويؤكد المؤتمر أن النساء الاتحاديات عازمات على العمل جنبا إلى جنب مع كل القوى التقدم والتحرر من أجل الدفاع عن قضايا الحرية والديمقراطية والسلام والتعاي
تعليقات الزوار ( 0 )