الحسين بوخرطة
جاء في عمود رئيس تحرير جريدة الاتحاد الاشتراكي عنوانا لافتا للنظر : “قراءة مغرضة في منع “الزين اللي فيك””. لقد عاش مغرب 2003 حدثا دمويا ذهب ضحيته عدد من الأبرياء باسم الدين، وحزنا مع عائلاتهم وذويهم حزنا شديدا، وتزداد شدة حزننا معهم كلما اقترب يوم 16 مايو من كل سنة. لقد استنكر المغاربة بالإجماع ما حدث، وتم استصدار قانون الإرهاب تحت ضغط الاستعجال لمحاربة الفعل الإرهابي والمحرضين عليه، وسجن الدعاة. وقد تم استغلال هذا الحدث لإصدار بعض الخطابات هنا وهناك توحي وكأن الأمر فيه “إن”. وفي استحقاقات 2002، قيل لحزب العدالة والتنمية “أفين غادي آسيدي، أش هادشي….”، وقيل، وقتئذ لقد فهمت الإشارة وتم الانحناء لما سمي آنذاك من طرف “ضيوف” الخطيب بالعاصفة. وشاءت الأقدار أن عرف المغرب في مساره السياسي ما بعد الدستور الجديد (ما بعد 2011) شخص…..، تحرك مغربيا وبلا شك تحت غطاء إيديولوجي، قد يقال أنه داخلي أو خارجي، وفي وقت يصفه بعض المتتبعين بالمدروس، وأخرج اسطوانة “التدريس بالدارجة”. إخواني أخواتي في الله وفي درب النضال، الذي يستحضر حياة المواطن المغربي دما ولحما ومعيشا حاضرا ومستقبلا، لقد شاء العلي القدير أن يكون بيننا المفكر الهرم عبد الله العروي، صاحب “العضلات” الفكرية التي لا تقهر (وحاشا أن يكون ما أقوله تقديسا للرجل” وناب عنا وعن رجال الصف الديمقراطي الفكري، بل فوضناه، بطريقة غير مباشرة، للقيام بما قام به، وقال لعيوش الأب في البرنامج التلفزيون المشهور، الذي “قزم” المشروع الدارجي، “واش غيقطعوا لي راسي”، “واك واك على الشجاعة، واك واك على الرجال”. لقد انتصر الفكر، لكن للأسف الشديد تمكن رواد الماضي من الركوب في الحافلة التي يقودها العروي أطال الله في عمره مرة أخرى رافعين شعار “العربية القرآنية”. لقد التفت الجميع إلى المقاعد في الوراء، وتفاجئ الركاب المتحدثين مع القائد في شأن هذا الانتصار وعلاقته بمستقبل الشعب المغربي، أن هناك “واقيلا” منطق استباقي “مفكر فيه بعقل جهاز” لرواد الماضي الجالسين في المقاعد الأخيرة يوشوشون وكأن في القضية خطة أو حيلة أو دسيسة….. وعندما نزلوا لم يتبادلوا الابتسامة مع “آل العروي”، بل قالوا “السلام عليكم” بنبرة جافة، وكأن في القضية “يتبع”. لقد جاء فيلم “الزين اللي فيك”، بالدارجة دائما، لكن في هذه المرة بلغة الأعضاء التناسلية التي يستحيل قبول التفوه بها بالدارجة داخل كل الأسر المغربية (الحديث بشأنها باللغة الفرنسية أو الإنجليزية لا يثير أي ردة فعل خصوصا إذا كان متبوعا بلا حياء في الدين). لقد جاء في الفيلم ز… وتح….وق… وربط ذلك بآل الخليج العربي وبمكة المكرمة. وتساءلنا في حينه “آش هادشي عاودتاني يا ربي، آش هاد المكتوب علينا؟”، لماذا يتم اصطناع فترات متتالية لإتاحة الفرصة لرواد الفكر التقليدي لاستغلال الدين “بلا حشمة بلا حيا”؟. وقلنا، من أجل الترويح على النفس غير مستسلمين لخطة الإرباك، لا يمكن أن لا يستحضر أبناء هذا الوطن رجال مقاومة الرجوع إلى الوراء الدائمين، رجال ” طاكاو” على المغاربة ولا زالوا “تيطاكيو” بكل ما لديهم من قوة عقلية وبدنية، لكن لطاقة المقاومة والصبر حدودا، وحذار من الانزلاق إلى وضع اختلال التوازن في المجتمع لفائدة القوى التقليدية المحافظة. فإذا كانت رياح الحداثة آتية لا ريب فيها، فإن فرضية تعب المقاومين لرياح التقليد جد محتملة الحدوث خصوصا إذا حالة التواطؤ. المهم بالنسبة لنا اليوم، نحن الآن في حلقة أخرى و”العاطي يعطي”، لكن هذه المرة الضربة أريد لها أن تكون محكمة وقد تكون موجعة. لقد استشعر الآباء والأمهات بغضب شديد وهم يتابعون اللقطات “الدارجية” بلغة الشهوانية التي لا يسمعونها ولو في حالة الممارسة (الصامتة أو الإيمائية). لقد أحسوا بالغضب وعبروا، بالرغم من اعترافهم أن هذه الممارسات جزء من الواقع، أن هدف الفيلم هم ضرب للإسلام والمسلمين ببلادنا (هذا هو الهدف الرائج وتكرار عبارة كون أم عيوش الابن يهودية هو مجرد دعم للفكرة). وظهر تيار “عرشانستان” حسب عبد الحميد جماهري، كبنية استقبال جديدة أريد لها أن تكون قوية في البداية حين حصلت على 32 مقعد برلماني (في الضربة الأولى و”ماشي بسويرتي يا مولانا”)، وظهر الفرس (“العود”) يصهل في الدار البيضاء وفي الغرب “ماشي الغرب ديال لهيه أو ديال هادوك في الشمال” بل هو الفرس ديال أغنية “هدا يا لعود هدا علفتو ما بغا يهدا”، وبلا شك سيتحول الدعاة السلفيون إلى قيادات سياسية سبق أن تعرضت للسجن السياسي (“حباسا” في السياسية…..). لقد ضعف حزب الحركة الاجتماعية الديمقراطية بقدرة قادر…، بعد انطلاقة جيدة، واكتسح حزب العدالة والتنمية المشهد الانتخابي (وليس السياسي) في انتخابات 2011، وتحولت “العرشانية” اليوم إلى ضمانة شبيهة ب”الخطيبية”…. ويتبع.
وفي الأخير، نتساءل “واش حنا هما حنا، أش مخبي لينا الزمان فيما تبقى من العمر؟”، وأي بنية افتراضية تشيد أو تم الانتهاء من تشييدها لاستيعاب الموجود الإسلامي “العدل والإحسان”، وما مستقبل المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي الذي يقوده جلالة الملك محمد السادس (المرور إلى تنافس والصراع السلمي ما بين الأفكار والبرامج السياسية في المجتمع)؟. الصف الديمقراطي الحداثي، لكي يستمر في مقاومة “النفاق” والاستغلال “الثقافوي” والفساد المالي، يحتاج اليوم إلى دعم قوي للمغاربة للخروج من مسار الأفعال ورود الأفعال في المجالات الجانبية لحياتهم. فما بين “الزين اللي فيك” ورقصات موازين، لا يمكن للمتتبع إلا أن يتساءل: هل من السهل تربية الأجيال على تعبيرية جسد جونيفير لوبيز أو جسد أطفال الصين في رياضة “الجنباز” ولو باللباس الأفغاني؟؟؟؟
تعليقات الزوار ( 0 )