محمد إنفي
كم يكثر “الحيَّاحَة”، وكم تطول الألسن حول الوضع الداخلي للاتحاد الاشتراكي سواء عند بعض أبنائه الذين لهم حسابات شخصية مع القيادة الحزبية الحالية – قد تغيب أسباب هذه الحسابات الشخصية عن الرأي العام الوطني وحتى عن جزء من الرأي العام الحزبي؛ وقد سبق لي أن كتبت مقالات عن هذه الأسباب – أو عند بعض المحسوبين على الصحافة الذين يبحثون عن “البوز” وعن الإثارة!!!
ومن بين هؤلاء، الصحافي حميد المهداوي، مدير موقع بديل، الذي يتمطط لسانه طولا وعرضا كلما تعلق الأمر بالاتحاد الاشتراكي وقيادته. ففي هذيانه المرضي الذي يفتتحه بلازِمة “خوتي المغاربة” (وتستحق هذه اللازمة وحدها أن تكون موضوعا ليس لمقال رأي أو مقال في تحليل الخطاب؛ بل موضوعا للتحليل النفسي لمعرفة حقيقة شخصية المهداوي، التي يبدو أنها تشكل ظاهرة مرضية تستحق الدرس) التي يستهل بها كل فيديوهات موقعه، خرج مؤخرا ليتجشأ ما في قلبه من غل وحقد وضغينة على إدريس لشكر (ويسهل قراءة آثار ذلك على ملامح وجهه البئيس، رغم زعمه أنه لا يحمل أي شعور سلبي ضد هذا الأخير)، معتقدا أن تغليف ذلك بالغيرة على السياسة وعلى الديمقراطية وعلى الوطن وهلم جرا، سينطلي على الرأي العام المتتبع لحقيقة المشهد السياسي الوطني ووضع الاتحاد الاشتراكي كحزب يساري داخل هذا المشهد، وداخل المجموعات الدولية من قبيل الأممية الاشتراكية والتحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين.
وما دام قد قارن هذا الجاهل – وهذا الغافل عن الواقع الذي يعيشه العالم بسبب جائحة كورونا- بين مؤتمرنا الحادي عشر ومؤتمراتنا السابقة، بما فيها تلك التي عُقدت في عهد الفقيد عبد الرحيم بوعبيد (وهذه الإشارة من المهداوي وحدها تكفي لمعرفة طريقة تفكيره التي تخلط بين السياقات وتلغي المسافات التاريخية بين المحطات السياسية؛ مما يجعل صاحبها ينتج خطابا هجينا منافيا للمنطق العقلي والمنطق الواقعي) التي كانت تتميز بحضور شخصيات دولية مرموقة؛ أقول لهذا المهرج، لوكنت صحافيا حقيقيا تحترم المهنية وتبحث بموضوعية عن الخبر اليقين، لعلمت أن تلك الشخصيات الدولية (من أروبا وأفريقيا والعالم العربي وآفاق أخرى) التي منعها فيروس كورونا من الحضور الفعلي، قد حضرت عن بعد من خلال فيديوهات حملت الدعم والتأييد، وقدمت من خلالها تحياتها ومتمنياتها بنجاح المؤتمر في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي يعرفها العالم؛ وبهذا، شاركتنا تلك الشخصيات مؤتمرنا الحادي عشر؛ ناهيك عن البرقيات التي توصلت بها رئاسة المؤتمر من الداخل والخارج، تحمل التهاني والدعم المعنوي.
لكن قصر النظر والغباء السياسي والتقصير في البحث عن المعلومة، جعل خطاب المهداوي خارج السياق وخارج الموضوع بفعل الشخصنة والتحامل المرضي على إدريس لشكر، ومن خلاله على الاتحاد الاشتراكي، رغم ما يدعيه من احترام لتاريخ هذا الحزب.

لقد أبان الاتحاديات والاتحاديون، خلال تحضيرهم لمؤتمرهم وخلال انعقاده، عن علو كعبهم في الإبداع على كل المستويات (سياسيا وتنظيميا ولوجستيكيا)، وقدموا نموذجا من “التحدي في الشكل وفي الجوهر” (عنوان “رسالة الاتحاد” في حلقتين بتاريخ 27 و28 يناير 2022)؛ مما جعله يعرف نجاحا منقطع النظير. وقد عاين ذلك إعلاميون من مختلف المنابر والمشارب. فمن ليس في قلبه مرض سيصف ما عاينه بمهنية وموضوعية ونزاهة فكرية؛ ومن في قلبه مرض سيبحث عن جزئية بسيطة من أجل تضخيمها وجعلها موضوعا رئيسيا بهدف التغطية على نجاح المؤتمر، كما فعل البعض مع المؤتمر الوطني التاسع الذي شكل تمرينا ديمقراطيا غير مسبوق؛ ومع ذلك، كان هناك من كتب أربع صفحات كـ”تحقيق” ملفق عن المؤتمر (أنظر مقالنا بعنوان “شتان بين التحقيق والتلفيق: على هامش الملف الأسبوعي لجريدة ‘المساء'”، نشر بجريدة “الاتحاد الاشتراكي” بتاريخ 1 مارس 2013).
لا شك أن نجاح مؤتمر الاتحاد الاشتراكي لا يهم حميد المهداوي في شيء؛ ما كان سيهمه، هو الفشل حتى يتسنى له التشفي والشماتة؛ أما وقد نجح على كل المستويات، فلم يعد يهمه سوى النيل من الأخ الكاتب الأول (وهذا ليس جديدا)؛ ويمكن أن نصدقه حين يقول بأن الألم يعتصر قلبه؛ ذلك أنه يعاني من عقدة حقيقية اسمها “إدريس لشكر”؛ وهي عقدة مستحكمة عند المهداوي وعند أمثاله، بمن في ذلك بعض الاتحاديات والاتحاديين الذين تحولوا إلى معاول للهدم لدك الخيمة على من فيها، في اعتقاد منهم أنهم ينتقمون من لشكر، بينما هم ينتقمون من حزبهم.
ويجب على المهداوي أن يفهم أن اختباءه وراء بعض رموز الاتحاد الاشتراكي ووراء تاريخه النضالي الحافل من أجل دغدغة عواطف الاتحاديات والاتحاديين، بواسطة بعض الإشارات الإيجابية (لقد أبلوا البلاء الحسن؛ الاتحاد الاشتراكي ملك للمغاربة؛ الغيرة على الاتحاد، الخ)، لن ينطلي على الاتحاديات والاتحاديين الذين يعلمون حقيقة طول لسان هذا الصحافي الذي يقحم نفسه بكل وقاحة في الشأن الداخلي للاتحاد الاشتراكي.
لقد حِرت في إيجاد وصف يناسب فيديو حميد المهداوي؛ فهو ليس فيديو نقدي (تعمدت الخطأ النحوي، هنا)؛ فالنقد له قواعد وأعراف؛ وليس فيديو تحليلي (نفس الملاحظة)؛ فالتحليل (سواء كان إعلاميا أو سياسيا أو تاريخيا أو أدبيا…) له أيضا قواعد وأسس؛ وحتى الخاطرة لا تناسب هذا الفيديو؛ وربما يكون وصفه بالهذيان، هو الأليق. فقد أخرجه انتخاب الأستاذ إدريس لشكر كاتبا أول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لولاية ثالثة، عن طوره وجعله يهذي كالمحموم، فاحتمى بخطاب الشعبوية، ولجأ إلى أسلوب الخلط والتضليل مع جرعة عالية من الانفعال والشخصنة؛ مما جعل من إدريس لشكر الخيط الناظم لهذيان المهداوي. وقد ذهب بعيدا حين وصفه بزين العابدين لشكر وبوتفليقة المغرب…وهي أوصاف لا معنى لها في سياقنا المغربي.
وقد أوصله الانفعال إلى أن ينكر على الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي كل شيء؛ حيث خاطبه بالقول: “ما ذا أعطيت؟” ويجيب بيقينية البلداء: “لا شيء؛ إنك تجر خلفك تاريخ مؤلم…”؛ ثم يسأله مرة أخرى: “ما هي حصيلتك السيد إدريس لشكر… حتى نعطيك (كذا) ولاية ثالثة؟”، وغير ذلك من السخافات التي لا يتسع المجال، هنا، لسردها.
لقد شبه السفيه المهداوي، بكل وقاحة وصفاقة، مؤتمر الاتحاد الاشتراكي بالجنازة، في حين عاش الاتحاديات والاتحاديين عرسا نضاليا حقيقيا؛ ثم قام بدور النائحة المستأجرة، قبل أن يمارس حرفته كحفار القبور، ليعلن، بعد ذلك، عن نهاية الاتحاد الاشتراكي بدفن جثته ببوزنيقة؛ وتلا ذلك إعلان موت الديمقراطية لكون المؤتمر الوطني الحادي عشر للاتحاد الاشتراكي أعاد انتخاب الأخ إدريس لشكر كاتبا أول للحزب، ولم يكن هناك مكان للوجه الجديد الذي كان في مخيلة المهداوي وفي مخيلة كل المهووسين بٍإدريس لشكر والمتحاملين عليه. وفيديو المهداوي ليس إلا رد فعل عن فشله في إقناع الاتحاديات والاتحاديين بالوجه الجديد الذي كان يراه بديلا للأخ إدريس لشكر.
خلاصة القول، لقد أساء المهداوي إلى كل الاتحاديات والاتحاديين بهلوساته وهذيانه. ويعتبر ما قاله عن مؤتمرهم ومخرجاته إهانة لكل المؤتمرات والمؤتمرين بالمؤتمر الوطني الحادي عشر الذي شكل محطة متميزة بكل المقاييس، سواء من حيث التحضير أو التنظيم، لدرجة أنه استحق عن جدارة أن يوصف بمؤتمر الابداع والتحدي. أما حميد المهداوي فلن نصفه لا بالمأجور ولا بالمرتزق، ونترك للقارئ أن يختار له الصفة أو الصفات التي تناسب حمولة ما جاء في الفيديو الذي اعتمدنا عليه في تفاعلنا هذا، خاصة، إذا لم يكن كافيا ما جاء في هذا المقال.
مكناس في 2 فبراير 2022

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

بيان منظمة النساء الاتحاديات

من مقترحات تعديلات المعارضة الاتحادية إعفاء جمعيات المجتمع المدني 

يوسف إيدي لرئيس الحكومة: «أين نحن من الاكتفاء الصناعي؟»

حفل تسليم شهادات نهاية الدورة التدريبية بتعاون مع مؤسسة فريدريك إيبرت التابعة للحزب الاجتماعي الديمقراطي الألماني