قطع رئيس الحكومة الشك باليقين وهو يعود إلى المساءلة الشهرية بمجلس النواب أول أمس الثلاثاء، بعدما قاطع هذه الجلسة الدستورية في سابقة من نوعها أياما قليلة قبل احتفاء الحركة بعيدها الأممي.
وأكد عبد الاله بنكيران وهو يجيب عن أسئلة المعارضة بالحرف ” لا زيادة حاليا في الأجور” ، معللا هذا الموقف الحكومي بكون الوضعية الراهنة للمالية العمومية لا تسمح باعتماد اجراءات ذات انعكاس مالي غير محتمل بالنسبة لميزانية الدولة .
كلام رئيس الحكومة رد مباشر على المركزيات النقابية التي طالبت بالزيادة في الأجور بنسبة 25% للموظفين والمستخدمين وهو ما ينبئ بمواجهات ساخنة بين الحكومة والحركة النقابية التي اتخذت العديد من الخطوات النضالية، منها إضراب عام وغيره بسبب تهميش الجهاز التنفيذي لها وعدم اعتماد حوار جديد ومسؤول مفض إلى نتائج ملموسة.
بنكيران الذي حضر إلى الجولة الثانية من المساءلة الشهرية بدا على غير عادته، حيث حرص على عدم التصادم مع المعارضة بسبب الخروج عن النص الذي دأب عليه دائما في الجلسات السابقة، ومع ذلك بقي وفيا لخطابه المبني على توجيه التهم المجانية والمغالطات الكبيرة كما فعل مع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حينما وجه اتهامات باطلة بخصوص السياسة المتبعة في السكن حينما كان يسير الحكومة، وبذلك يكون رئيس الحكومة قد سقط في تناقض كبير، على اعتبار أنه ما فتئ يستشهد بالتجربة الاتحادية وبدور حزب القوات الشعبية في قيادة النضال والتغيير الذي ينشده المجتمع المغربي بل اعتبر غير ما مرة أنه يسعى سعيا إلى طلب مشاركة الاتحاد الاشتركي في حكومته والكل مازال يتذكر مقولته الشهيرة “»بغيتهم يسخنوا لي كتافي”«.
وعاد بنكيران للتحرش بمعارضيه أيضا خاصة حزب الاستقلال، من خلال الرد على سؤال للفريق الاشتراكي، هذا الأخير الذي وصف الحكومة أنها عاجزة عن تطبيق شعاراتها التي رفعتها، واصفا إياه »بأن حمار الشيخ وقف عند العقبة،« وقد تلقفها بنكيران للرد على غريمه حميد شباط وبدون أي سياق وأقحم الحمير في رده بالقول أن يقف الحمار مفهوم وأن يأتي به إلى المظاهرات، فهذا مستغرب.
و باسم الفريق الاشتراكي ساءل سعيد بعزيز رئيس الحكومة حول تعثر الحوار الاجتماعي وحول مأسسة الحوار الاجتماعي، مسجلا في هذا السياق تراجع الحكومة في هذا المجال والذي اعتبره خطا أحمر.
ووصف عضو الفريق الاشتراكي الحوار الاجتماعي التي تخوضه الحكومة بالمسرحية الملغومة، مؤكدا أن هناك احتقانا اجتماعيا نتيجة ضرب القدرة الشرائية للشغيلة المغربية، كما ذكر بمقاطعة المركزيات النقابية لاحتفالات فاتح ماي في الوقت الذي غادر فيه رئيس الحكومة الجلسة الشهرية التي تزامنت واحتفاء الطبقة الشغيلة بعيدها الأممي حتى لايجيب عن سؤال تعثر الحوار الاجتماعي.
وأشار سعيد بعزيز الى تصريحات أحد الوزراء الذي يهين المغاربة ويعتبر نفسه راعيا للقطيع، بالإضافة إلى تدخل وزراء وإداريين في انتخابات ممثلي الموظفين والمأجورين، واتصالهم بالباطرونا لاختيار مناديب معنيين.
البرلماني الاتحادي المختار الراشيدي أثار موضوع السكن، حيث خاطب رئيس الحكومة بكونه حكومته التزمت بالرفع من وتيرة السكن، متسائلا عن حصيلة الجهاز التنفيذي في هذا المجال. وأوضح الراشدي أن الحكومة ليست لها حصيلة في معالجة السكن المهدد بالانهيار وهذا ما اعترف به رئيس الحكومة في خطابه، كما ليست للحكومة حصيلة في السكن المعد للفئات الشابة والأسر الحديثة للتكوين والفئات المتوسطة، والدليل على ذلك يوضح المختار الراشدي أن مبيعات الإسمنت انخفضت والقروض الموجهة للسكن كذلك. كما أن نسبة البطالة في قطاع البناء عرفت ارتفاعا، وأن الشركات الكبرى العاملة في هذا المجال على حافة الانهيار، مما يدل على أن حمار الشيخ وقف عند العقبة، كاشفا أن الحكومة عاجزة عن تدبير هذا القطاع.
رشيدة بنمسعود تساءلت حول مشروع النهوض بحقوق النساء، موضحة أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ترك وراءه إرثا ومكتسبا حقيقيا، يستحق التمجيد في مجال حقوق الإنسان. وأكدت عضو الفريق الاشتراكي أنه منذ حكومة التناوب تحققت العديد من المكتسبات للمرأة. بسبب توفر إرادة سياسية عليا في البلاد، على مستوى التشريع والتمكين السياسي والتأهيل العلمي أيضا. ولاحظت النائبة الاتحادية رشيدة بنمسعود أن الحكومة تعمل علي النيل والمساس بالحقوق المكتسبة، وهذا ما يلاحظه أيضا المجتمع الدولي، علما بأن قضايا النساء أصبحت دعامة من دعائم المشروع الديمقراطي الحداثي الذي تحقق بفضل توافق مجتمعي منذ التصويت على مدونة الأسرة، ولاحظت غياب إرادة التفعيل والأجرأة لمقتضيات الدستور، خاصة الفصل 19 منه، والممانعة التي واجهت بها الحكومة كل هذه المقتضيات.
تعليقات الزوار ( 0 )