كلمة الكاتب الأول للحزب، إدريس لشكر، في حفل تكريم المناضل محمد الصديقي
الأخ المحتفى به الأستاذ والمناضل سي محمد الصديقي،
الأخوات والإخوة،
يسرني أن أتواجد معكم اليوم بمدينة فاس لأشارككم هذه اللحظة المتميزة التي تجمعنا مع رفيق دربنا الأخ المناضل والأستاذ محمد الصديقي لنسترجع معا مسيرة حافلة بالعطاء الاتحادي من أجل البناء الديمقراطي والمؤسساتي والعدالة الاجتماعية. وهي لحظة بادرت إليها مناضلات ومناضلو الكتابة الإقليمية بفاس، تعبيرا منهن ومنهم عن العرفان لما قدمه أحد إخوانهم طيلة المسار التاريخي والسياسي الذي جمعنا من أجل مصلحة هذا الوطن.
ولذلك، لا بد أن أنوه بمثل هذه المبادرات التي تفتح المجال أمامنا للاحتفاء بشخصيات اتحادية تداخلت مساراتها الفردية مع المسار التاريخي والسياسي لحزبنا وبلادنا. وهي فرصة للتأكيد على وفائنا لعطاءات مناضلاتنا ومناضلينا، والوفاء للقيم الاتحادية المشتركة المقتنعة بأن الوطن أولا وأخيرا. وبالطبع، نحتفي بأخينا سي محمد لنحتفي من خلاله بكل الاتحاديات والاتحاديين الذين قدموا خدمات جليلة في فترات صعبة من أجل الديمقراطية والتنمية.
الأخوات والإخوة،
إن شخصية أخينا سي محمد الصديقي شخصية متعددة تفاعلت ضمنها الأبعاد السياسية والحقوقية والمهنية والإعلامية، مما جعلها في قلب العديد من الأحداث التي عاشتها بلادنا، سواء في بدايات الاستقلال، أو أثناء سنوات الرصاص، أو في العقود التي تلت ذلك مع الانفراج السياسي والحقوقي خلال العهد الجديد.
ولا ننسى أن سي محمد كان مناضلا دائم الحضور داخل حزبه وفي الهيئات والمنظمات السياسية والحقوقية للترافع عن حرية التعبير والديمقراطية وحقوق الإنسان (الجامعات المتحدة لحزب الاستقلال، الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، …). لكنه أيضا كان فاعلا من داخل المؤسسات بحكم المهام التي تقلدها سواء في مؤسسات الدولة (المجلس الدستوري، المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، …) أو في هيئات المحامين، خاصة العمل الذي قدمه كنقيب للمحامين من أجل تعزيز موقع المهنة في منظومة العدالة والدفاع عن سيادة القانون.
لا يمكن لنا، في هذا الصدد، إلا أن نتذكر مساهمة الأستاذ الصديقي، إلى جانب العديد من زملائه وقياداتنا، في المحاكمات السياسية التي شهدتها بلادنا طيلة سنوات الستينيات والسبعينيات والثمانينيات. رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ومنهم سي محمد الذي ظل وفيا للمبادئ والقيم النبيلة في الدفاع عن الممارسة السياسية الحرة والمسؤولة، والترافع عن المعتقلين السياسيين رغم الظروف الصعبة والملابسات المختلفة التي نعرفها في التاريخ السياسي لبلادنا.
لا بد أن نتذكر أيضا التجربة الإعلامية لأخينا سي محمد حينما تقلد مهمة سكرتير التحرير بالمؤسسة الإعلامية للاتحاد الوطني للقوات الشعبية، جريدة ‘التحرير»، وهي مهمة صعبة حينها تطلبت، بدون شك، مجهودا إعلاميا قويا نظرا لصعوبة المرحلة السياسية. وبكل تأكيد، تركت هذه التجربة الإعلامية بصمات واضحة في شخصية أخينا سي محمد الصديقي الذي ظل منجذبا للعمل الإعلامي ومدافعا عن مبادئه المهنية والأخلاقية.
هذه بعض من ملامح شخصية أخينا الذي نحتفي به اليوم، وكما عرفته شخصيا في المجال السياسي والحقوقي وفي مجال مهنة المحاماة..
الأخوات والإخوة،
ونحن نحتفي بالأخ الصديقي، سنكون على موعد مع تقديم مذكراته «أوراق من دفاتر حقوقي»، التي تعتبر مبادرة لا يمكن إلا تثمينها وتشجيع مثل هذا التقليد الذي يشجع الفاعل السياسي على الكتابة والتوثيق وتحرير السير الذاتية. فقليل من السياسيين في ثقافتنا من يقوم بذلك، في حين أن الأمر يعتبر تمرينا مهما ليس فقط على المستوى الشخصي، وإنما على مستوى بناء الذاكرة الجماعية، وقد عشت ذلك شخصيا أثناء تأليف سيرتي السياسية «زمن التناوب الثالث».
مع «أوراق من دفاتر حقوقي» نسترجع مع أخينا سي محمد أجزاء مهمة من ذاكرتنا الجماعية كاتحاديين وكمغاربة، نتصفح صفحات دفتر من الدفاتر الأساسية في المجال السياسي والحقوقي والإعلامي ببلادنا. أحداث ومجريات وتقلبات وتداعيات كثيرة رصدها الكتاب بطريقة تتقاطع فيها الحياة الشخصية مع مراحل ومنعطفات سياسية لبلد بأكمله.
هي أوراق تكشف، خاصة للجيل الحالي وللأجيال المقبلة، جزءا من الذاكرة الجماعية المغربية، وتوثق للدينامية وللتدافع السياسي ولمخاضات الحياة السياسية والحقوقية والإعلامية في فترات مهمة من التاريخ المغربي المعاصر. وفي ثناياها، نسترجع تفاصيل أحداث شغلت الفاعل السياسي والحقوقي وأثارت اهتمام الرأي العام الوطني والدولي في ما يتعلق بقضايا السياسة وحقوق الإنسان والإعلام، كما عشناها وعاشها المغرب المعاصر، ونحتاج دوما لاستحضارها من أجل استخلاص الدروس والعبر.
فتحية لأخينا سي محمد الصديقي الذي أتاح لنا هذه الأوراق التي احتضنت حياة حافلة بالوقائع السياسية والحزبية التي تسعفنا في إعادة رسم تاريخنا
جواد شفيق: مناسبة رائعة لرجل رائع..
أكد جواد شفيق الكاتب الإقليمي لحزب الاتحاد الاشتراكي بفاس، في بداية اللقاء على الأهمية الكبرى لهذه التظاهرة المتميزة، التي إنطلقت كفكرة في البداية، حتى صارت حفلا بديعا ومتميزا لتكريم الاستاذ محمد الصديقي. مُرحِّبا بكل الحضور وجميع من ساهم في تنظيم هذه التظاهرة.
وقال جواد شفيق إن مدينة فاس كانت دائما تستقبل رموز الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذين ناضلوا وضحوا في سبيل الوطن والدفاع عن الديمقراطية والعدالة والحرية.
وأضاف أنه قبل أربع سنوات، كانت مدينة فاس شاهدة على تكريم الفقيد عبد الرحمان اليوسفي و عبد الواحد الراضي والعديد من المناضلين، واليوم تكريم الاستاذ محمد الصديقي.
وأوضح شفيق أن هذه مناسبة رائعة وتظاهرة متميزة يكرم فيها الإعلامي والسياسي والحقوقي والمحامي الاستاذ محمد الصديقي، الذي قدم الشيء الكثير وناضل دفاعا عن الحرية والعدالة والديمقراطية.
إدريس لشكر الكاتب الاول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، عبر، في كلمته الافتتاحية، خلال هذا اللقاء التكريمي للأستاذ والمناضل محمد الصديقي، عن سروره بالتواجد بمدينة فاس للمشاركة في هذه اللحظة المتميزة التي «تجمعنا مع رفيق دربنا الأخ المناضل والأستاذ محمد الصديقي، لنسترجع معا مسيرة حافلة بالعطاء الاتحادي من أجل البناء الديمقراطي والمؤسساتي والعدالة الاجتماعية. وهي لحظة بادرت إليها مناضلات ومناضلي الكتابة الإقليمية بفاس، تعبيرا منهن ومنهم عن العرفان لما قدمه أحد إخوانهم طيلة المسار التاريخي والسياسي الذي جمعنا من أجل مصلحة هذا الوطن. «
وأضاف الاستاذ لشكر «لا بد أن أنوه بمثل هذه المبادرات التي تفتح المجال أمامنا للاحتفاء بشخصيات اتحادية تداخلت مساراتها الفردية مع المسار التاريخي والسياسي لحزبنا وبلادنا.
وهي فرصة للتأكيد على وفائنا لعطاءات مناضلاتنا ومناضلينا، والوفاء للقيم الاتحادية المشتركة، وبالطبع، نحتفي بأخينا سي محمد لنحتفي من خلاله بكل الاتحاديات والاتحاديين الذين قدموا خدمات جليلية في فترات صعبة من أجل الديمقراطية والتنمية.»
وأوضح الاستاذ لشكر، أن شخصية محمد الصديقي شخصية متعددة تفاعلت ضمنها الأبعاد السياسية والحقوقية والمهنية والإعلامية، مما جعلها في قلب العديد من الأحداث التي عاشتها بلادنا، سواء في بدايات الاستقلال، أو أثناء سنوات الرصاص، أو في العقود التي تلت ذلك مع الانفراج السياسي والحقوقي خلال العهد الجديد.
وقال الاستاذ لشكر في كلمته، «لا ننسى أن سي محمد كان مناضلا دائم الحضور داخل حزبه، وفي الهيئات والمنظمات السياسية والحقوقية، للترافع عن حرية التعبير والديمقراطية وحقوق الإنسان (الجامعات المتحدة لحزب الاستقلال، الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، …). لكنه أيضا كان فاعلا من داخل المؤسسات بحكم المهام التي تقلدها سواء في مؤسسات الدولة (المجلس الدستوري، المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، …) أو في هيئات المحامين، خاصة العمل الذي قدمه كنقيب للمحامين من أجل تعزيز موقع المهنة في منظومة العدالة والدفاع عن سيادة القانون».
وذكر الاستاذ ادريس لشكر بلحظة ولوجه إلى مهنة المحاماة والمشاكل التي واجهها وعاشها، وكان وقتها محمد الصديقي نقيبا ممارسا، الذي قدم الشيء الكثير. (انظر نص الكلمة رفقته).
في هذه الأجواء الإحتفالية الرائعة والمتميزة، قدم الأساتذة مولاي مبارك بودرقة، محمد الدباغ، وإدريس شاطر وغسان باحو أمرسال، شهادات في حق المحتفى به الأستاذ النقيب محمد الصديقي.
وأجمعت الشهادات التي قدمت في حق الأستاذ النقيب محمد الصديقي، على أن الرجل بصم على مسارات متعددة بكل نزاهة واستقامة ومسؤولية، بصفاته السياسية والحقوقية والإعلامية والمهنية.
غسان باحو أمرسال: مدينة فاس تحرك الضمائر والعزائم
بدوره اعتبر غسان باحو أمرسال، منسق اللجنة الاقليمية للمحامين الاتحاديين، أن فاس مدينة النضال والحركة الوطنية كانت على موعد مع حفل تكريم كبير للاستاذ محمد الصديقي، مضيفا أن «مدينة فاس تحرك الضمائر والعزائم وتسلط الضوء اليوم على الإشراقات الحقوقية».
وأضاف في كلمته خلال هذا اللقاء، أن مهنة المحاماة تنتصر دائمًا بقيمتها ورجالاتها وسي محمد الصديقي واحد من رجالها، على كل الضغوطات والصعوبات والتحديات التي تواجهها في دفاعها عن الحقوق والعدالة و الحرية.
وتابع الأستاذ غسان، «القائمة طويلة للمحامين… الفقيد عبد الرحمان اليوسفي وغيرهم… بصموا تاريخ المهنة و السياسة والاعلام، ناضلوا دفاعا عن الوحدة الوطنية وقدموا تضحيات في سبيل الديمقراطية وحقوق الانسان والحرية.»
وخلص إلى أن قطاع المحامين بفاس يقف إجلالا للمكرم الاستاذ محمد الصديقي، داعيا كافة النقباء إلى العمل على الكتابة والتوثيق لسرد وقائع الأمس واليوم بناء للذاكرة الجماعية.
ذ. دريس شاطر: الصديقي لعب دورا أساسيا ومسؤولا طيلة مساره
وبدوره اعتبر المحامي ادريس شاطر في شهادته في المحتفى به الأستاذ محمد الصديقي، أن الرجل بصم على مسارات متعددة بكل نزاهة واستقامة، بصفاته السياسية والحقوقية والإعلامية والمهنية.
وأكد ادريس شاطر، بأن الأستاذ محمد الصديقي ساهم بشكل كبير ولعب دورا أساسيا ومسؤولا طيلة مساره داخل الهيئات والمنضمات السياسية والحقوقية للترافع عن حرية التعبير والديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة.
ولم يفت إدريس شاطر أن يتحدث عن بعض التجارب التي خاضها محمد الصديقي وعاشها، والتي حكاها الصديقي في مؤلفه في جوانب متعددة سياسية وإعلامية ومهنية وحقوقية ومؤسساتية.
وقد شد المتحدث انتباه القاعة وهو يروي ما جري للاستاذ الصديقي مع الراحل معمر القذافي وقذافياته. وقد كانت المناسبة اجتماع لاتحاد المحامين العرب، وكان الكولونيل القذافي ينتقد المغرب وملك المغرب الحسن الثاني، فرد عليه الأستاذ الصديقي بردود صارمة، ووضعه في مكانه الذي يستحقه، كما قال الأستاذ شارط.، وهو ما جعل القذافي من بعد يؤخر طائرة الوفد المغربي، ويستقبله لمدة ساعتين لكي يستميله ويبرر فعلته.
واستمر هذا الحفل المتميز بفاس، احتفاء بالمكرم الأستاذ محمد الصديقي، حيث قدم كذلك الاستاذ محمد الدباغ شهادته بكلمات وعبارات المودة والحب والعرفان في حق النقيب محمد الصديقي.
محمد الدباغ: نموذج الخصال الإنسانية والنضالية والأخلاقية الراقية
عبر الأستاذ محمد الدباغ، عن سعادته وفرحه قائلًا: تغمرني سعادة وأنا أتناول الكلمة في هذا اليوم الأغر يوم تكريم هذا العلم الوطني الكبير، كبير في الأخلاق والسياسة والإعلام والمهنة والحياة… إنني سعيد بأن أقدم شهادة متواضعة جدا في حق أخي وزميلي الاستاذ محمد الصديقي الذي تتشرف فاس العالمة ومناضليها ومحاموها ومثقفوها وحقوقيوها وساساتها وشبابها ونسائها ورجالها باستقباله بين احضانهم بكل الحب والتقدير والمودة والاحترام لشخصه الكبير ونضاله الكبير.
وأضاف الأستاذ الدباغ «إنه لمن دواعي الفخر أن تحتضن فاس العالمة هذه التظاهرة التكريمية الفاخرة في غمرة احتفائها الجماعي بالسنة الميلادية الجديدة والسنة الأمازيغية الجديدة وذكريات شهدائنا الأبرار، الشهيد عمر بنجلون وعبد الرحيم بوعبيد رحمهما الله، وفي غمرة احتفال بلادنا بالذكرى 79 لتقديم عريضة المطالبة بالاستقلال التي كان لفاس شرف احتضان توقيعها واحتضان الموقعين عليها من زعماء وشباب الحركة الوطنية المغربية.»
وتابع الدباغ، تعود معرفتي بالسي محمد الصديقي السياسي المسؤول الإعلامي الزميل المحامي والمناضل الحقوقي إلى عقود خلت توطدت فيها أخوتنا النضالية وزمالتنا المهنية بصدق ومحبة. مضيفا « كيف لا وقد تفتح وعينا السياسي بداية من الستينيات القرن الماضي على اسم رجل مناضل محام وإعلامي حقوقي ظل ينحت اسمه وسمعته في التاريخ الوطني المغربي لما بعد الاستقلال بحروف من ذهب. حروف عنوانها الكبير الصمت والإنصات والتجميع والتوحيد، القوة الهادئة، العفة، المصداقية النزاهة النباهة، الاخوة الصداقة، الامانة والصدق في القول والفعل، رباطة الجأش، المسؤولية اليقظة الذهنية والمهنية والدفاع عن القيم الانسانية الاتحادية الكبرى، قيم التحرر، الحرية الديمقراطية، العدالة الاجتماعية، حقوق الانسان، المساواة، والكرامة الإنسانية وكل ذلك في نكران الذات والثبات.»
وأبرز الأستاذ الذباغ، أن هذه الخصال الإنسانية والنضالية والأخلاقية الراقية لعلها هي ما أهلت النقيب محمد الصديقي، إلى أن يحظى عبر مساره النضالي الطويل والحافل بثقة اخوانه وكبار قادة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الذي كان من مؤسسيه ثم رفاقه في الاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية الذي كان ومازال من كبار قاداته وفي طليعة هؤلاء الشهيد الكبير عمر بنجلون والقائد الفذ عبد الرحيم بوعبيد.
و أكد المتحدث، أن الأستاذ محمد الصديقي شارك في تأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1959، وكان قائدا طلابيا في اللجنة التنفيذية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب ما بين سنتي 1960و1961، وشارك في تأسيس الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سنة 1975، وتحمل فيه مسؤوليات وطنية وقيادية على مدى عقود من الزمن، فهو عضو اللجنة الإدارية للحزب المنبثقة عن المؤتمر الوطني الثالث سنة 1978، واستمر في اللجنة المركزية للحزب خلال المؤتمر الوطني الرابع سنة 1984 ثم في المؤتمر الوطني السادس سنة 2001 عضوا بالمكتب السياسي، وتجددت فيه الثقة بذات المسؤولية في المؤتمر الوطني السابع سنة 2005 متقلدا بصفته هذه مسؤولية أمين مال الحزب على مدى سبع سنوات من سنة 2001 الى 2008. وبالموازاة مع أمانة الرجل ونزاهته، فقد عرف عنه شغفه بالقراءة والتواصل والإعلام، وهو ما أهله منذ بداية ستينيات القرن الماضي الى تحمل مسؤولية الإعلام الحزبي.
وتابع الأستاذ الدباغ، أن الصديقي تحمل مسؤولية سكرتير تحرير جريدة «التحرير بين سنوات 1961و1963» التي كانت واجهة من أوجه النضال الشعبي في زمن الرصاص، وكان عمله الصحفي مع قامات شامخة والنضال السياسي والفكر والإعلام من قبيل المرحوم عبد الرحمان اليوسفي والفقيه البصري ومحمد عابد الجابري ومحمد باهي وعمر بنجلون، ولعلكم تتصورون جسامة المسؤولية وشراسة الظرفية التي كانت يشتغل فيها الاتحاد وأعلام الاتحاد آنذاك.
وأوضح الدباغ أن هذه المسؤولية الإعلامية سيعود اليها السيد محمد الصديقي كمدير لجريدة الاتحاد الاشتراكي من سنة 2003 إلى سنة 2006 بنفس الروح الجدية الملتزمة والنزيهة.
و أشار الدباغ إلى أن مسؤوليات ومهام ونضالات السيد محمد الصديقي لم تتوقف عند ماهو سياسي وإعلامي فقط، بل إن المجال الحقوقي قد أخذ منه الشئ الكثير منذ بداية ستينيات القرن الماضي الى اللحظة الحالية، حيث التحق النقيب الصديقي بسلك المحاماة سنة 1963 كمتمرن بمكتب الاستاذ عبد الرحيم بوعبيد، ليصبح شريكا له لمدة قاربت الثلاثين سنة.
وأكد الدباغ أن الأستاذ محمد الصديقي وبصفته المهنية هذه أصبح عضوا بهيئة المحامين بالرباط من سنة 1971 إلى سنة 1988، ونقيبا لهيئة المحامين بالمغرب بالرباط من سنة 1980 إلى سنة 1988، ونائبا لرئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب منذ سنة 1986 الى سنة 1988، وأمين عام مساعد لاتحاد المحامين العرب سنة 1987 الى سنة 1990، كما تحمل النقيب محمد الصديقي مسؤولية عضو المجلس الاستشاري لحقوق الانسان من سنة 1990 الى سنة 2002، ثم عضوية هيئة التحكيم المستقلة للتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية اللاحقة بضحايا الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي من سنة 1999 الى سنة 2002، ليعينه جلالة الملك محمد السادس عضوا بالمجلس الدستوري في الفترة الممتدة بين 2008 و2017، ويوشح صدره بوسام المكافئة الوطنية من درجة ضابط.
وجاء في شهادة الدباغ، «خلال هذا المسار المهني والحقوقي المتميز ولأن ثقافة حقوق الانسان قد سكنت النقيب محمد الصديقي، فقد كان فاعلا أساسيا في نشر هذه الثقافة وتأسيس إطاراتها المدنية والجمعوية، وهكذا ساهم السي محمد الصديقي في تأسيس الجمعية الحقوقية المغاربية سنة 1975، وأسس «مجلة المحاماة» التي مازالت تصدر لحد اليوم. كما كان من المؤسسين للجمعية المغربية لحقوق الإنسان سنة 1978، وتحمل مسؤولية مكتبها المركزي، وساهم في تأسيس المنظمة المغربية لحقوق الانسان سنة 1988 وتحمل المسؤولية بمكتبها الوطني ثم بمجلسها الوطني الى حدود سنة 2008.»
وبطبيعة الحال وحيث أن المناسبة شرط، كما يقال، وحيث أننا بصدد تقديم وتوقيع كتاب الأستاذ النقيب السي محمد الصديقي» أوراق من دفاتر حقوقي»، فانه لا يفوتنا القول إن النقيب محمد الصديقي قد حضر بصفته المهنية والحقوقية مجمل المحكمات السياسية الكبرى التي عرفتها بلادنا، منذ أن أصبح محاميا، بل وأنه نظرا لمكانته ومصداقيته وتجربته قد اسندت إليه مهمة تنسيق الدفاع في عدة محاكمات، وعلى الخصوص محاكمتين كبيرتين، هما محاكمة رفيق دربه النضالي والمهني الأستاذ القائد عبد الرحيم بوعبيد، ثم محاكمة القائد السياسي والنقابي محمد نوبير الأموي، يضيف الدباغ في شهادته.
وذكر الدباغ أنه في كل هذا، وخلال هذا المسار النضالي سياسيا وإعلاميا ومهنيا وحقوقيا، فقد ظل محمد الصديقي وفيا للصورة والسمعة التي عرفت عنه وتميز بها وحافظ عليها. النزاهة، الحكمة، العفة، المعقول، الذكاء، التبصر، الهدوء، الثبات ومابدل تبديلا.
وخلص المتحدث، الى أن بلادنا وحزبنا ومهنتنا (المحاماة) سيظلون مدينين لمحمد الصديقي بالنظر لما أسداه لهم.
وخلال هذا الحفل المتميز بالعاصمة العلمية فاس، تم تكريم الأستاذ محمد الصديقي حيث قدم له تذكار رمزي عربون محبة وتقدير وإحترام على مساره النضال والحقوقي والسياسي الطويل، وما قدمه من تضحيات في سبيل دفاعه عن العدالة والحرية والديمقراطية وحقوق الانسان. كما تم كذلك تقديم تذكار للكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الأستاذ إدريس لشكر الذي ترأس وافتتح هذه التظاهرة الفاخرة المتميزة، تكريما للأستاذ محمد الصديقي.
جماهري والحنوشي يقدمان قراءة في كتاب محمد الصديقي «أوراق من دفاتر حقوقي»
تخلل الحفل قراءات في كتاب «أوراق من دفاتر حقوقي»، قدمها كل من عبد الحميد جماهري وعبد الرزاق الحنوشي.
وقال عبد الحميد جماهري: «بإبرة اللغة وخيط الذاكرة الاستاذ محمد الصديقي يعيد حياكة زمن سياسي حقيقي…»، مضيفا «مرة أخرى، فاس تتحدث كل قاموس العاشق لنحتفل بكل ما هو جميل في ربوع البلاد، حضارة لغتها الرسمية هي القلب، نهاجر إلى فاس لتمنحنا جوهرها اللامع لنعلن عاطفة فريدة لشخص فريد بأبجدية أولى كل حروفها دروس وقيم ومودات للنقيب محمد الصديقي».
و حدث جماهري، «كنا نعرف أنه شاهد على أحداث كثيرة، وأنه يملك من خزائن البلاد التي في القلب والذاكرة أسرارا كثيرة، كلنا نعرف أنه شاهد لابد منه، وكنا ننتظر أن يخرج عن صمته الذي صار شبه طبيعة ثانية في حياته. كلنا نعرف أن وراء الصمت ذاته كلاما عميقا وبليغا وليس بالضرورة كثيرا.»
وأضاف جماهري أنه ضروري لبناء بيت رمزي للعديد من الناس والمناضلين والقادة والشهود على المرحلة. وقد اختار كل واحد منا قسطه من انسانية الأستاذ محمد الصديقي الشاسعة ليتحدث عنه، ولأسباب لا تخفى على أحدٍ زعمت لنفسي قرابة إعلامية معه تمنحني الحق في الحديث عن مذكراته.
وذكر مدير نشر جريدة الاتحاد الاشتراكي، عبد الحميد جماهري، بأن محمد الصديقي يدخل دوما إلى الاعلام الحزبي بطبيعة الحال كما يدخل رجل المطافئ مهمة ما. في السنوات الصعبة الستينيات، أو في ألفيات الأمر، يتم استدعاؤه لكي يحرص على استمرار الرسالة. حدث ذلك في يومية التحرير أيام إدارة الفقيه البصري، ورئاسة التحرير مع عبد الرحمان اليوسفي رحمه لله، ثم مديرا للاتحاد الاشتراكي مرة أخرى. وتابع جماهري «في ستينيات الجمر، كان الطالب محمد الصديقي يتهيأ لمسار طلابي وأكاديمي في الحقوق، ويتهيأ تجسيدا لذلك عبر الاستعداد للذهاب الى عاصمة الانوار بفرنسا لإتمام الدراسات العليا، لكن المسيرة السياسية للطالب المناضل دفعت به إلى الإعلام.»
وذكر جماهري، بأن محمد الصديقي أصبح سكرتير التحرير بالجريدة عوضا عن الفيلسوف عابد الجابري، رفقة الإخوة محمد باهي، عبد لله رشد، محمد الطنطاوي، عبد السلام بوسرغيني الذي نشر تدوينة حب وامتنان منذ أيام على صفحته الفايسبوكية، وإبراهيم الكامل وغيرهم.
جماهري أضاف، بأن كثير من الأشياء التي عاشها الصديقي يعرفها جيله، والجيل الذي بعده بفعل تواتر الحكايات حولها، اللهم إلا تفاصيل بعضها من قبيل نوعية القنابل التي تم بها تفجير «مطبعة ابمريجيما» …
وأكد عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي عبد الحميد جماهري، أنه من الاشياء التي كشف عنها الاستاذ محمد الصديقي قصته الشخصية كسكرتير التحرير مع التقرير الثوري للشهيد المهدي بن بركة. وقد تزامن ذلك مع المؤتمر الثاني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية في ماي 1962. ذلك المؤتمر الذي طغى فيه التقرير الذي قام بإعداده عبد الله ابراهيم، وهو القريب من قيادة الاتحاد المغربي للشغل على حساب التقرير الذي أعده المرحوم المهدي بن بركة بعنوان «النقد الذاتي» الذي سيصبح الاختيار الثوري. التقرير الذي لم يتم اعتماده من طرف القيادة أو الكتابة العامة للحزب، ولم يقدم للمؤتمر. وهنا تدخل شهادة الصديقي لتسليط الأضواء على سؤال طرح وقتها كيف وصل إلى المؤتمر؟
ولفت جماهري، وهو يقدم قراءته في المؤلف، أن الصديقي كتب: «وكانت تجربة هامة لأنها أتاحت لي الفرصة لتسيير صحيفة الحزب، وهو يمر بإحدى المراحل الصعبة في مسيرته، مما كان يضع على عاتقي كثيرا من الالتزامات الذي كان علي أن أتقيد بها إلى أبعد الحدود، سياسيا وماليا وإداريا وإنسانيا.
وعلى ذكر المال هنا، وباعتبار الأزمة المالية الخانقة الذي كانت تعاني منها جريدة الاتحاد الاشتراكي، فإن الاستاذ محمد الصديقي حرص أشد ما يكون الحرص طيلة الفترة الذي تحمل فيها المسؤولية على إعمال كل ما يملكه من مواهب في مجال التقشف، خاصة بالنسبة إلى شخصه، حيث لم يسمح لنفسه بأخذ اي أجر أو تعويض عن المهام التي كانت تتطلب منه أن يترك مكتبه في الرباط للانتقال إلى مقر الجريدة في الدار البيضاء، لقضاء ثلاثة أيام في الاسبوع على الاقل، كمعدل متوسط ويتحمل في هذه التنقلات باستمرار كل ما تتطلبه من مصاريف على حساب ما يتأتى من مداخيل مكتب المحاماة.
وأضاف جماهري، أن هنا يتمثل لنا وجه آخر من شخصية المكرم ووجه المناضل السياسي المؤسساتي. وفي هذا السياق يقول جماهري: وهي مناسبة لكي أؤدي الأمانة طوقني بها عموم العاملات والعاملين والصحفيين والصحافيات وكافة الإداريين والإداريات، منذ أن علموا خبر لقاء فاس، لقد كلفوني بتبليغ حبهم واحترامهم ودعواتهم أكثر للأستاذ محمد الصديقي.
و سجل جماهري، بأن هذه هي الطريق الزمنية التي وصلت بمحمد الصديقي إلى الإعلام الحزبي، وفي هذه الفترة الفاصلة لم يغب النقيب عن النشر والتوزيع، إذ أشرف على مجلة حقوقيه بعد أن تولى مهمة في جمعية هيئات المحامين.
وتابع جماهري: هذا الرجل الذي تلتهم الابتسامة نصف وجهه، ويبتلع الصمت ثلاثة أرباع روحه إذا غضب، رجل من الذين اختاروا بيداغوجيا النموذج، شعاره «قدم النموذج ودعه يتكلم الناس بلا حاجة للوعظ والخطابة. رجل تصدق عليه الآية الكريمة «رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليهم فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا «… ولحكمة ربانية مخفية وردت الآية في سورة … الأحزاب!
الحنوشي: بياضات هي جزء من الذاكرة
الحنوشي عبد الرزاق، قدم قراءة متميزة في كتاب الاستاذ محمد الصديقي، منطلقا من الدروس والعبر التي ترسم في ذهن القارئ و المعايير المعتمدة، و كذا الاسئلة التي يمكن أن تولدها القراءة أكثر منها إجابة عن العديد من القضايا والجوانب.
وأضاف الحنوشي، أن الاستاذ محمد الصديقي، حرص في مؤلفه على أن يسميها بـ»أوراق من دفاتر حقوقي»، وهي عبارة عن شذرات وفتح الشهية لأمور وجوانب أخرى كثيرة.
واعتبر الحنوشي أن في المؤلف بلاغة ومتعة وصفة السلاسة على مستوى التعبير واللغة والكتابة في معالجة القضايا، مشيرا الى أن الكتاب موجة إلى طائفة، وهي أصحاب القانون، وكذا إلى جمهور واسع من القراء من خلال كثير من الجوانب الحقوقية والمهنية التي عالجها.
وتابع الحنوشي، في قراءته للكتاب، أنه غني بالنقاط والشذرات الهامة حول قضايا تتعلق أساسا بمهنة المحاماة، وتشخيص لمجموعة من عناصرها. كما تحدث الصديقي في كتابه عن الوضع الحقوقي بالمغرب في سنوات صعبة.
و أوضح الحنوشي، أن الاستاذ محمد الصديقي اشتغل في الواجهة الجمعوية والمؤسساتية، كما عزز ذلك بالجانب الوثائقي والصور، مؤكدا الوقائع والأحداث، ومشيدا بالنظرة الاستباقية للاستاذ محمد الصديقي في تعاطيه مع بعض القضايا.
وسلط الحنوشي الضوء على بعض المشاهد التي تضمنها المؤلف النضال والحركة الوطنية والمحاماة وحقوق الانسان والحرية والعدالة.
مولاي مبارك بودرقة: تعرفت على الأستاذ النقيب الصديقي
في مباراة ولوج مهنة المحاماة
مولاي مبارك بودرقة قدم شهادته في حق الأستاذ محمد الصديقي قائلًا: «الأستاذ محمد الصديقي المناضل الكبير، كافح وناضل في سبيل الحرية والعدالة والديمقراطية».
وأضاف مولاي مبارك بودرقة، في شهادته، «سي محمد مناضل كبير قدم تضحيات في سبيل دفاعه عن الحرية والعدالة والمساواة وحقوق الانسان والديمقراطية.» كما استعرض بعضا من المسار الذي جمعه بالأستاذ النقيب محمد الصديقي في مهنة المحاماة، وما قدمه النقيب من توجيهات وقواعد المهنة، وكذا الأحداث و الوقائع التي ستظل راسخة الأذهان.
وتابع مولاي مبارك بودرقة: الصديقي حقوقي ومناضل كبير ساهم بشكل كبير ومسؤول في مجلس الاستشاري لحقوق الانسان « (المجلس الوطني لحقوق الانسان حاليا)، و كذا المجلس الدستوري في الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الانسان والعدالة وإقرار القانون.
وأكد مولاي مبارك بودرقة أن الأستاذ النقيب محمد الصديقي ظل دائمًا يدافع ويرافع عن المعتقلين السياسيين في سنوات سابقة صعبة من تاريخ المغرب. كما ساهم في الحياة السياسية، سواء في الحزب أو داخل المؤسسات.
وذكر بودرقة بالمساهمة التي قدمها الأستاذ محمد الصديقي في بناء مقر الحزب، وبالمجهود الكبير الذي قدمه، وكذا بتشكيل تجمع المنفيين المغاربة، مستحضرا مرافعات الأستاذ النقيب محمد الصديقي في دفاع عن المعتقلين السياسيين والعدالة وحقوق الانسان و الديمقراطية و حرية التعبير.
وحكى بودرقة كيف ساهم الأستاذ محمد الصديقي في الجانب الإعلامي والصحافي والسياسي بكل مسؤولية ووفاء ونكران الذات.
ولم يفت مولاي مبارك بودرقة، الحديث عن البدايات التي جمعته بالأستاذ محمد الصديقي، خاصة في ولوج مهنة المحاماة. وأضاف قائلًا: تعرفت على الأستاذ النقيب محمد الصديقي في مباراة ولوج مهنة المحاماة، و كان آنذاك امتحان حقيقيا لولوج المهنة.
ونضالاتنا من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية.
تعليقات الزوار ( 0 )