التأمت اللجنة الإدارية الوطنية للحزب يوم السبت الماضي برئاسة الحبيب المالكي رئيس اللجنة وحضور الكاتب الأول للحزب إدريس لشكر الذي قدم تقريرا سياسيا ، ويأتي هذا الاجتماع قبل شهرين من موعد الانتخابات التشريعية في السابع من أكتوبر .

وفي افتتاح هذه الدورة قرأت الفاتحة ترحما على أعضاء اللجنة الإدارية الذين وافتهم المنية، مصطفى القرقري، الحسين الديافلي من فرع الاتحاد بأوروبا، وعلي جرمودي الكاتب الإقليمي للحزب بشيشاوة. كما التأم المجلس الوطني للحزب في نفس اليوم بالمقر الوطني للحزب بحي الرياض مباشرة بعد انتهاء أشغال اللجنة الإدارية الوطنية.

انتقد الكاتب الأول للحزب التجربة الحكومية التي قادها حزب العدالة والتنمية، ووصفها بأنها تجربة فاشلة لعدة أسباب.

وحدد لشكر، الذي كان يلقي تقريرا سياسيا أمام أعضاء اللجنة الإدارية الوطنية للحزب ،يوم السبت الماضي بالمقر المركزي للحزب، أسباب فشل هذه الحكومة في التنافر الواضح الحاصل بين مكوناتها، ثم دخول وخروج حزب الاستقلال، ودخول التجمع الوطني للأحرار، بالإضافة إلى العدد الكبير من الحقائب، والعدد الضخم من التقنوقراط… إضافة إلى التصريحات المتناقضة بين أعضاء الحكومة، معتبرا أنها حكومة غير منسجمة.

وهاجم لشكر رئيس الحكومة مبرزا أن هذا الأخير لم يتمكن من فهم دوره، طبقا للدستور، ولم يتمكن من الخروج من جلباب أمين عام حزب أصولي لممارسة مهامه كرئيس للحكومة طيلة هذه الولاية الحكومية.
كما شدد الكاتب الأول للحزب على أن من بين الأسباب الرئيسية في فشل هذه الحكومة عجز الحزب الذي يقودها عن تطبيع العلاقات مع الأحزاب الأخرى، سواء تلك التي تسانده في الأغلبية، أو في المعارضة، وتميز بهيمنة مطلقة في المواقف السياسية والإيديولوجية، حيث يذوب منطق الائتلاف الحكومي.
وسجل لشكر ،بنفس المناسبة، تهميش هذه الحكومة للمؤسسة البرلمانية، رغم دورها المحوري في الدستور. ثم تعامل الحكومة الاقصائي مع النقابات ومنظمات المجتمع المدني. فضلا عن الضعف في التشريع كميا ونوعيا والمواقف المعادية لحرية التعبير وحقوق الإنسان والمناصفة، مؤكدا في نفس الوقت أن هذه الحصيلة السياسية السلبية يمكن تعزيزها بأرقام حول النتائج الاجتماعية والاقتصادية المخيبة للآمال.
وكان رئيس اللجنة الإدارية الوطنية الحبيب المالكي قد افتتح هذه الدورة بكلمة أكد فيها على طابعها الاستثنائي باعتبارها تكتسي أهمية خاصة بارتباط مع رهانات المرحلة الحالية وفي مقدمتها انتخابات 7 أكتوبر المقبلة.

وأوضح المالكي أن المغرب يعيش أوضاعا تذكرنا بما عاشته البلاد في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، من اختناق سياسي واقتصادي واجتماعي قوي نتيجة الارتجال و النزعة الهيمنية والتدبير العشوائي من طرف الحكومة ورئيسها، لقضايا تكتسي طابعا مجتمعيا.

واعتبر رئيس اللجنة الإدارية الوطنية ،في ذات السياق، أن الانتخابات المقبلة مناسبة لإعطاء الدروس لخصومنا، خاصة، خصوم الديمقراطية وخصوم البناء الديمقراطي السليم.

وشدد المالكي على أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حزب تاريخي متجه نحول المستقبل ومسؤوليته في الدفاع عن مكتسبات الشعب المغربي وعن المشروع المجتمعي مسؤولية جسيمة، لذلك يقول المالكي «لابد أن نجعل من 7 أكتوبر مناسبة للتأسيس لتناوب جديد، لأن المغرب في حاجة إلى متنفس من شأنه أن يفتح أفاقا جديدة». مبرزا في نفس الوقت أن «وحدة التنظيم والتضامن شرطان أساسيان لإنجاح معاركنا المقبلة.»

وشكلت دورة اللجنة الإدارية التي تأتي قبل شهرين من موعد الانتخابات التشريعية فرصة سانحة لاطلاع أعضاء اللجنة على أشغال اللجنة الوطنية المكلفة بإعداد البرنامج الانتخابي، إذ قدم محمد درويش عضو المكتب  السياسي ورقة تقديمية حول مشروع البرنامج الانتخابي أشار فيها على أن اللجنة قد شارفت على إنهاء المشروع النهائي للبرنامج .

وذكر درويش على أن بلورة وصياغة هذا البرنامج الانتخابي للاتحاد الاشتراكي استند إلى رؤية الحزب السياسية وتوجهاته الاشتراكية ومبادئ الديمقراطية في طرح مجمل الإجراءات والتدابير التي على أساسها سيخوض الحزب استحقاقات السابع من أكتوبر من هذه السنة، مبرزا في نفس الوقت، أن الخيط الناظم لعمل اللجنة تمثل في التركيز على المقترحات الرامية إلى تحقيق الكرامة والحرية والمساواة والمناصفة بين الجنسين والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.

وسجل درويش أن مشروع البرنامج الانتخابي يتميز براهنيته وجديته إذ حرص على ترجمة التفاعل الايجابي و القوي مع التطورات العامة التي يعرفها السياق الدولي والمشهد  السياسي الوطني حيث أخذ بعين الاعتبار مختلف التحولات المجتمعية الوطنية ومجمل المستجدات الإقليمية والدولية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.

وبخصوص المجال الاجتماعي الذي يضم عددا من القطاعات الاجتماعية، أوضح أحمد العاقد عضو اللجنة المكلفة بإعداد البرنامج الانتخابي أن المحددات الكبرى التي تحكمت في صياغة هذه الرؤية الاستراتيجية للمجال الاجتماعي ضمن مشروع البرنامج الانتخابي، أولها تمثل في تشخيص الوضعية الراهنة للقطاعات الاجتماعية استنادا إلى القراءة الموضوعية للأرقام والمؤشرات، والمحدد الثاني تجسد في رصد الاختلالات التي اعترت المخططات الوطنية المعتمدة من حيث طبيعة المقاربة وأساليب التدبير ومبادئ الحكامة، وثالث المحددات تجلى في تقديم نماذج استراتيجية بديلة برؤى واقعية طموحة وإجراءات مندمجة متماسكة وتدابير عملية ناجعة.

من هذا المنطلق، يقول العاقد « يقترح مشروع البرنامج الانتخابي سياسة اجتماعية متفاعلة مع نبض المجتمع، منبثقة من القيم الاشتراكية، وهادفة إلى إقرار العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والمساواة والكرامة. فما الدافع إلى تبني هذه السياسة الاجتماعية الموسعة والعادلة؟ إنها رغبة الحزب في مباشرة الإصلاح الاجتماعي الحقيقي القادرعلى إسناد مختلف الإصلاحات الدستورية والسياسية والاقتصادية والثقافية».
وأشار العاقد إلى أنه خلال السنوات الأخيرة، طفت على السطح، ملامح شاحبة لمجتمع مثقل بالمشاكل المتفاقمة والتراجعات الخطيرة، ملامح تجسدت في تعميق الفوارق الاجتماعية وتوسيع دائرة الهشاشة وغطرسة ممارسات الاحتكار والريع. والنتيجة النهائية لهذا الواقع المعطوب حصيلة حكومية سلبية وفشل ذريع في تحقيق نسبة النمو التي التزمت بها الحكومة أثناء تقديم التصريح الحكومي. وبناء عليه، جاء مشروع البرنامج الانتخابي، في شقه الاجتماعي، بجملة من التدابير المتكاملة في عدد من القطاعات الاجتماعية الصحة، السكن ،التشغيل، التربية والتكوين، الوظيفة العمومية….

واستعرض طارق المالكي عضو اللجنة المكلفة بإعداد البرنامج الانتخابي التدابير والإجراءات التي تخص المجال الاقتصادي والمالي ، الذي يضم عددا من القطاعات الاقتصادية والمالية، بحيث تضمن عرض المالكي ثلاثة محاور أساسية، المحور الأول يتمثل في قراءة سريعة لحصيلة حكومة عبد الإله بنكيران التي تعتبر ولاية ضائعة، والمحور الثاني هو تقديم الإطار العام لاستراتيجية تنموية بديلة ومندمجة، والمحور الثالث يتعلق بالإجراءات الأساسية.

وسجل المالكي تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي، حيث تراجع النمو من 1.5 نقطة بين الفترة 2011 و 2016 مقارنة بالسنوات الماضية ولوحظ كذلك تدهور مقلق للحسابات العمومية حيث وصل عجز الخزينة إلى 5.5 % وارتفعت نسبة  المديونية العامة، كما انخفضت القدرة الشرائية للأسر وتدهورت وضعية الشغل وارتفعت نسبة بطالة الشباب،مبرزا في هذا الصدد أن الحكومة فشلت في محاربة الفساد والزبونية وسنت سياسات لا اجتماعية عمقت الفوارق الاجتماعية.

وفي الأخير استعرض المالكي الإجراءات والتدابير التي يقترحها حزب الاتحاد الاشتراكي على المستوى الاقتصادي والاجتماعي من أجل النهوض بالوضعية الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد.

أما في ما يتعلق بالمجال الديني والثقافي والتواصلي، قدمت رشيدة بنمسعود عضو اللجنة المكلفة بإعداد البرنامج الانتخابي، ورقة في هذا الشق، أوضحت من خلالها على أن هذا المجال يهم أربعة محاور كبرى ترتبط بالجوانب التالية: الشأن الديني، الثقافة والإبداع والإعلام ثم اللغات.

وأشارت بنمسعود بخصوص الشأن الديني، أن مشروع البرنامج الانتخابي يؤكد على ضرورة خلق التعبئة الجماعية والتلقائية ضد التعصب والتطرف والعنف وضد الاستغلال المتعسف للديني في المجال السياسي، ويستعرض تصور الحزب وإجراءاته الرامية إلى مواصلة إصلاح الشأن الديني بمقاربة ثقافية شاملة وموحدة، متناغمة مع الدستور والقيم الإسلامية السمحة.

وأوضحت بنمسعود أن البرنامج الانتخابي يؤكد على أهمية أدوار الثقافة وبناء الذكاء الإنساني والتنمية البشرية واستنهاض كافة مكونات المجتمع المغربي ونخبه السياسية والثقافية، ويطرح رهانات الفاعلين الديمقراطيين في مواجهة السياسة المحافظة الحكومية الحالية المتجلية في التنصل من مسؤولية تفعيل الدستور ومناهضة الفعل الثقافي والتعددية وحرية الإبداع.

وأبرزت بنمسعود كذلك أن البرنامج الانتخابي للحزب استحضر الدور الحيوي لوسائط الإعلام والتواصل في البناء السياسي والثقافي والتعبئة المجتمعية وتوجيه الرأي العام، ويحدد رؤية الحزب في مواجهة التوجه المحافظ في المجال الإعلامي المخالف للتوجهات الديمقراطية وتحديث المجتمع.

وبخصوص المجالات المجتمعية، أوضحت عائشة زيكري عضو اللجنة المكلفة بالبرنامج الانتخابي في ورقة لها، أن هذا الشق يتضمن القضايا الكبرى التي تهم بصفة أساسية قضايا النساء والشباب والطفولة والأشخاص في وضعية إعاقة ، كما تعالج الإشكالات المرتبطة بالرياضة والبيئة.

وأكدت زيكري أن البرنامج الانتخابي وبالرغم من أن دستور 2011 حقق مجموعة من المكتسبات التي بوأت المرأة مكانة في الحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إلا أن مرحلة التفعيل لهذه المقتضيات الدستورية سجلت العديد من التراجعات الخطيرة على هذا المستوى الذي يخص النساء ، لذلك فالاتحاد الاشتراكي يؤكد على مواجهة كل تأويل محافظ ورجعي للمقتضيات والقوانين المؤطرة لمجتمع المساواة والمناصفة وتكافؤ الفرص…

وأبرزت زيكري أن البرنامج الانتخابي للاتحاد يبلور آليات عديدة لبناء عدالة سياسية واقتصادية واجتماعية لصالح النساء والشباب وكل الفئات المجتمعية الأخرى من خلال تفعيل المقتضيات الدستورية وحظر كافة أشكال التمييز وملاءمة الإطار المرجعي القانوني الوطني مع مضامين ومقتضيات الاتفاقيات والمواثيق…

كما قدم بنيونس المرزوقي عضو اللجنة المكلفة بإعداد البرنامج الانتخابي ورقة حول المجال المؤسساتي الذي يضم عدة جوانب سياسية وقانونية وحقوقية، واستعرض تصور حزب الاتحاد الاشتراكي في إصلاح هذه المجالات ، موضحا في نفس الوقت ، أن البرنامج الانتخابي قد جاء بعدة اقتراحات وإجراءات وتدابير للنهوض بالمجال المؤسساتي ثم الإصلاح السياسي الحقوقي والقانوني بالبلاد.
وعرفت أشغال اللجنة الإدارية الوطنية نقاشا غنيا للتقرير السياسي الذي قدمه الكاتب الأول للحزب ثم تقارير للجن المتفرعة عن اللجنة الوطنية المكلفة بإعداد البرنامج الانتخابي.

وصادقت اللجنة الإدارية على التقرير السياسي للكاتب الأول للحزب ثم تقارير اللجنة الوطنية المكلفة بإعداد البرنامج الانتحابي، والمسطرة التي تهم اللائحة الوطنية للنساء ولائحة الشباب التي عرضها على أنظار اللجنة الإدارية الوطنية مصطفى عجاب عضو المكتب السياسي للحزب، كما تمت المصادقة على اللائحة التي تضم أسماء وكلاء اللوائح لبعض الدوائر التي تم حسمها بتنسيق وتوافق مع الأجهزة الإقليمية والجهوية.

كما شهد نفس اليوم السبت 23 يوليوز اجتماع المجلس الوطني للحزب والذي صادق هو الآخر على نفس النقط التي صادقت عليها اللجنة الإدارية الوطنية للحزب.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

من مقترحات تعديلات المعارضة الاتحادية إعفاء جمعيات المجتمع المدني 

يوسف إيدي لرئيس الحكومة: «أين نحن من الاكتفاء الصناعي؟»

حفل تسليم شهادات نهاية الدورة التدريبية بتعاون مع مؤسسة فريدريك إيبرت التابعة للحزب الاجتماعي الديمقراطي الألماني

في البيان العام للمجلس الوطني للشبيبة الاتحادية