محمد إنفي
عرف المؤتمر الوطني الحادي عشر للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية نجاحا باهرا بفضل التحضير الجيد والتنظيم المحكم والبديع. لقد أعدت اللجنة التحضيرية بواسطة لجانها الفرعية الثلاث (اللجنة السياسية، اللجنة التنظيمية ولجنة اللوجستيك والإعداد المادي) كل ما يتطلبه المؤتمر من الناحية الأدبية والمادية لينعقد في شروط عادية مع مراعاة الظروف الاستثنائية التي يلتئم فيها.
لقد انكبت اللجنة الأولى (اللجنة السياسية) على إعداد مشروع الورقة السياسية بنظرة استشرافية تعتمد، فكريا وسياسيا، على الأدبيات الحزبية الغزيرة، وتقوم، منهجيا، على التحليل الملموس للواقع الملموس في مقاربتها للوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والحقوقي… في سياقه الوطني الحالي من خلال عدة محاور تتكامل فيما بينها لتعطي للرؤية المستقبلية للاتحاد الاشتراكي مضمونها القوي والعميق. إلى جانب ذلك، استحضرت الورقة السياسية السياق الإقليمي والدولي من خلال مستجدات القضية الوطنية، والوضع في القارة الأفريقية والعالم العربي وقضايا الشرق الأوسط، مع التركيز على السمات العامة للمجتمع الدولي، المتمثلة في تداعيات جائحة كورونا وتنامي الحركات المحافظة والمتطرفة.
أما اللجنة الفرعية الثانية التي انكبت على القضايا التنظيمية، فقد أعدت مشروع أرضية تأطيرية تستلهم التراث التنظيمي الاتحادي الغني بتراكماته النظرية وتطوراته التطبيقية من أجل بناء نموذج تنظيمي جديد ذي بنية منفتحة تراعي ما عرفه المجتمع المغربي من تحولات، وما حصل في عالم التكنولوجيا من تقدم، وبالأخص في المجال الرقمي، حيث فرضت الثورة الرقمية نفسها كعنصر ضروري في مجال التواصل والتنظيم والتعبئة؛ الشيء الذي يحتم إدماج الثقافة الرقمية وتقنياتها في أساليب عمل الأجهزة الحزبية اعتمادا على بنية تنظيمية متصلة (connectée).
اللجنة الفرعية الثالثة (لجنة اللوجستيك والإعداد المادي) تميزت باجتهادها في ابتداع طريقة جديدة في تنظيم المؤتمر الحادي عشر؛ وذلك مراعاة لظروف الجائحة وما تستدعيه من احتياطات واحترازات. وهكذا، جعلت من المؤتمر الوطني للاتحاد الاشتراكي نموذجا فريدا في تنظيم المؤتمرات في ظل الجائحة، حيث استطاعت أن تجعل من التكنولوجية الرقمية الوسيلة المثلى لإنجاز المؤتمر عن بعد وحضوريا. وهكذا، تم إحداث اثني عشر منصة جهوية – منها المنصة الرئيسية ببوزنيقة (منصة رئاسة المؤتمر) – وثلاث منصات بأوروبا (واحدة بإسبانيا وأخرى بفرنسا وثالثة بإيطاليا) في فضاءات تضمن للمؤتمرين والمؤتمرات، من جهة، الإقامة في أحسن الظروف؛ ومن جهة أخرى، تمكينهم من تتبع أطوار المؤتمر دون الإخلال بالاحترازات التي تفرضها الطوارئ الصحية.
باختصار شديد، لقد كان الإبداع عنوانا للتحضير، والتحدي عنوانا للمرحلة، خصوصا في ظل تفشي فيروس كورونا. وقد تميز المنتوج الذي قدمته اللجان الفرعية الثلاث بالتجديد والتحديث والابتكار، سواء على مستوى التحضير الأدبي أو على مستوى الإعداد المادي؛ مما جعل المؤتمرات والمؤتمرين يثنون على مجهودات اللجنة التحضيرية. وقد كان للجنة اللوجستيك النصيب الأوفر من هذا الثناء لكونها مكنت المؤتمرات والمؤتمرين من تتبع خلاصات نقاشات كل اللجان، وفي كل المنصات، بسلاسة ووضوح تام.
وهكذا، سجل مقررو لجان المناقشة (المناقشة العامة للتقريرين الأدبي والمالي وتقرير اللجنة الوطنية لمراقبة المالية والإدارة والممتلكات؛ لجنة مناقشة مشروع الورقة السياسية؛ لجنة مناقشة مشروع الورقة التنظيمية) على مستوى المنصات، باعتزاز كبير ما تحقق في مؤتمرهم الحادي عشر من إبداع تنظيمي وتحدٍ للظرفية الصعبة؛ وذلك، عند تقديمهم لخلاصات النقاش في كل منصة، إلى رئاسة المؤتمر الموجودة بالمنصة الرئيسة.
خلاصة القول، لقد كان المؤتمر الوطني الحادي عشر للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مؤتمرَ الإبداع والتحدي؛ وهو ما يكرس فكرة كون الاتحاد الاشتراكي يشكل مدرسة في الإبداع الفكري والسياسي والتنظيمي؛ ويضاف إلى كل هذا، الإبداع في الجانب اللوجستيكي الذي رفع به حزب القوات الشعبية التحدي بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.
الدار البيضاء في 6 فبراير 2022
تعليقات الزوار ( 0 )