رسالة الاتحاد
نؤمن، نحن أبناء المهدي بنبركة وورثته الفكريين والتنظيميين، ونحن التمثيل الحي لإرث وطني لكل الشهداء، نؤمن نحن أبناء شهداء الحركة الاتحادية الوطنية الديموقراطية، أن أسمى درجات الوفاء للشهداء الذين سقطوا في ساحة الشرف، هو أن تظل أخلاقهم وقيمهم حية، ولا سيما منها قيمة القيم: الوطنية، وركيزتها من أخلاق المسؤولية وأخلاق الوفاء للمشروع الوطني الديموقراطي الحديث، ولعل التمثل الأفضل في مغرب اليوم لروح عريس الشهداء الذي نخلد الذكرى 58 لاستشهاده ومعها كل مواكب الشهداء الذي لحقوا به ، بقلوب طاهرة ونقية، في عز الدفاع عن مغرب حر مستقل ديموقراطي وعادل وبترابه الموحد، وسيادته المحصنة.
هذه القيم التي عبر عنها المغاربة باستمرار، باعتبارها جزءا من كينونتهم، ومكونا من هويتهم، تجسدت في السنين الأخيرة، في التضامن ووحدة المشاعر، في القمة والقاعدة، في امتحانات قاسية وعراك شديد تمثل في الجائحة، وفي الزلزال الذي ضرب أقاليم الحوز!
وهذه الدولة ـ الأمة التي عركتها السنون، وشحذت عزمها القرون، وصقلت روحها في أتون المحن ومواجهة المؤامرات، كوَّنت لنفسها سلم قيم صلبا وحيا، يجمع مكونات الأمة المتعددة الروافد على عزيمة واحدة وموحدة.. ولذلك لم تستطع كل المحن أن تشل مسيرتها الوطنية الطويلة، نحو المزيد من الإصلاح ومن التقدم على طريق السمو الإنساني، ونحو إقامة صروح التميز والإرادة!
لن نبالغ إذا قلنا وكررنا، إن الشهداء، وعلى رأسهم الشهيد المهدي، سيكونون راضين في عليائهم عن بلادهم، بلاد القيم، التي استشهدوا من أجل رُقيِّها وتطورها، وهم يرون كل المبادئ التي دفعوا أرواحهم ثمنا لها، تتجسد على أرض الواقع، حيث أنها صارت من صميم بناء الدولة الوطنية اليوم، وأصبحت إرثا مشاعا بين كل أجيال الأمة.
ولا شك أن ورثة الشهداء يعتزون بأن مشروعهم المجتمعي، وركائزه متمثلة في الإصلاحات، وفي قيام الدولة الاجتماعية وفي تعميم ثقافة حقوق الإنسان والديموقراطية والعدالة الاجتماعية، وحقوق المرأة المغربية والطفل المغربي، قد أصبح مشروع الأمة كلها، وأن دفاعهم عنه الذي قادهم على جبهة العدالة الترابية وإنجاح الانتقالات كلها، سياسيا ولغويا واجتماعيا ودستوريا ومؤسساتيا من أجل خلق شروط المجتمع المتضامن والدولة العادلة، قد أتى أُكلَه وما زال يحفز على المزيد من القوة والعزة.
نشهد نحن أبناء الشهيد ورفاقه في العلياء أن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس، وأن ما قاله الشهيد المهدي من أن «السياسة الحقيقية هي سياسة الحقيقة»، صرنا نتأكد منها في خطاب الدولة قبل المعارضة، وفي سلوك عاهل البلاد كما كانت في سلوك القادة المؤسسين.
ولعلها مناسبة أيضا أن نستعيد هاهنا قوة القيم في صناعة المغرب الجديد والمغاربة الأقوياء، ونستعيد بالفعل كيف أن الجدية والتضامن ونكران الذات، والانحياز للمصلحة الوطنية العامة، هي القيم التي بنى عليها الشهداء سير الحياة المناضلة والمكافحة، وهي قيم المغاربة الأحرار والغيورين على ارتقاء بلادهم.
فالمجد للشهداء في الأعالي، وعلى وطننا السلام!
تعليقات الزوار ( 0 )