عبد السلام المساوي
في التقرير السياسي أمام المجلس الوطني -السبت 20 نوفمبر – يقول الكاتب الأول إدريس لشكر ” لا يخفى عليكم أن مسيرتنا النضالية أفرزت تجربة تنظيمية متميزة مكنت القوات الشعبية تاريخيا من التوفر على حزب سياسي يساري منظم يسهر على تأطير المواطنين ويفرز النخب والكفاءات، ويبلور البرامج والمشاريع (….) نعم إننا نعتز بأداتنا التنظيمية غاية الاعتزاز وفي نفس الوقت نتطلع الى تطويرها وإعطائها نفسا جديدا في المراحل المقبلة لمواصلة إنجاز مهامنا النضالية بمزيد من الفعالية(…) .
لذلك فإننا اليوم جميعا نستشعر ضرورة استيعاب مختلف التحولات المجتمعية والتكنولوجية الجديدة التي مافتئت تؤثر الأثر البليغ على الكثير من الأنماط التنظيمية المجسدة للفعل السياسي المؤسساتي، ونستشعر أكثر من ذلك أن الكثير من أساليب تنظيمنا، واشتغال أجهزتنا، واتخاذ قراراتنا، أصبحت اليوم متجاوزة، وغير منتجة بفعل التحولات التي طرأت على مفاهيم الالتزام السياسي والتواصل المؤسساتي والتعبئة النضالية (…) .
استقر رأينا كقيادة وطنية على الأهمية القصوى التي تكتسيها ضرورة استشراف مؤتمرنا المقبل لصيغ تنظيمية جديدة أكثر ملاءمة لمنطق العصر ولمتطلبات الفعل السياسي المنتج (….) لا بد أن أدعو لجنة الأرضية التنظيمية المنبثقة عن اللجنة التحضيرية إلى الانكباب على تقييم تجربتنا التنظيمية، سواء من خلال أدبيات مؤتمراتنا السابقة أو من خلال الحصيلة الميدانية، وذلك من أجل بلورة اقتراحات كفيلة بتجاوز أعطابنا التنظيمية وإرساء دعائم نموذج تنظيمي جديد أكثر فعالية وملاءمة لإنجاز مهامنا المستقبلية”.
الاتحاد الاشتراكي قوة دفع تقدمية، يسارية اجتماعية – ديموقراطية تروم إصلاح وتطوير الأوضاع، والمساهمة في رسم خطوط المستقبل، ومناط تحول في المجالات كافة، السياسية والمؤسساتية والاجتماعية والثقافية…
وإذا كان الاتحاد الاشتراكي أداة إصلاح وتغيير في الحاضر ومناط تطوير وتحديث في المستقبل، فإن قدراته السياسية والفكرية على التكيف والرؤية البعيدة، ومؤهلاته النضالية والميدانية، تجعل منه قوة فاعلة في حاضر البلاد ومستقبلها، كما كان وقود نضال وتغيير في الماضي البعيد والقريب .
إن الاتحاد الاشتراكي هو القوة المجتمعية الأكثر انفتاحا وتأهلا للمساهمة بفعالية، في إنجاز الأوراش الإصلاحية، على قاعدة الجدلية الحية القائمة بين الاصلاح والاستقرار، في إطار مجتمع متماسك، متضامن ومتطور…
وفي هذا السياق الذي تحكمه إرادة المبادرة، لا انهزامية الانكفاء، تندرج جملة من الاقتراحات التي يطرحها الاتحاد الاشتراكي، في مجالات حيوية لصيقة بمعيش أفراد الشعب، سواء في المجال الاجتماعي أو في المجال السياسي والمؤسساتي …
ولسنا في حاجة إلى تذكير دعاة التشكيك في القدرة اللامحدودة للاتحاد الاشتراكي على احتواء وتجاوز كل الكبوات النضالية، عبر مساره النضالي الطويل، وعلى كفاءاته العالية في التكيف الإيجابي والمنتج، مع حقائق البلاد، ومع مستجدات محيطها القريب والبعيد…
إن الاتحاد الاشتراكي الوفي لتاريخه الوطني، المتشبع بهويته التقدمية، المستند إلى جذوره الاجتماعية – الشعبية، ليشكل في عالم اليوم قوة سياسية، حداثية، تنخرط بوعي ومسؤولية في المساهمة في صنع مستقبل البلاد، عبر مراهنتها المتبصرة، السياسية والتنظيمية، على دور الشباب، ودور المرأة ، ودور الأطر الوطنية، ودور القوى المنتجة في البلاد في استيعاب التحولات الإنتاجية الجارية، واستدماج الثورات التكنولوجية المتواصلة…
واجب علينا النظر إلى أنفسنا وتنظيمنا الحزبي، المحلي، الإقليمي والجهوي . واجب على جميع أعضاء المجلس الوطني، ومسؤولي التنظيمات الحزبية بالأقاليم والجهات، تقوية الحزب تنظيميا – الرصيد الأساسي لحزب القوات الشعبية- إن على مستوى الكم أو على مستوى الكيف، وذلك بالانفتاح على المؤهلات والفعاليات المجتمعية المؤمنة بالمشروع المجتمعي الديموقراطي الحداثي، بعيدا عن كل طموح ذاتي أومصلحة مادية آنية .
على الاتحاديين والاتحاديات أن ينتفضوا تنظيميا ويحطموا الأوهام والأصنام، ويكسروا الانغلاق، ليتصالحوا مع الذات، مع المجتمع، مع الكفاءات والخبرات، مع الأطر الجدية والفاعلية، المسؤولة والمواطنة .
على المناضلين الاتحاديين التواصل الفعال مع المواطنين، من خلال الإنصات لمشاكلهم وهمومهم، والتعبير عن تطلعاتهم، والقرب من المواطنين وفي الميدان، فالاتحاد الاشتراكي، بتنظيمه المحكم وبرؤيته الواضحة، بمصداقية مناضليه، وبانفتاحه على الفعاليات والكفاءات، قادر على كسب الرهان والمساهمة في البناء والتنمية .
إن الرهان الأساسي المطروح على حزبنا، اليوم، هو رهان مرتبط بقدرته على الانفتاح واستقطاب أطر وكفاءات وطاقات من شأنها أن ترفع من القيمة المضافة لحزبنا، وأن تجعله قادرا على تقديم مشاريع ملموسة، فعلى الاتحاد الاشتراكي أن يكون قادرا على المزج بين الديموقراطية والفعالية، في تصوراته ومقاربته الواقع ورسم آفاق المستقبل…
– إن موضوع الاشتغال والنضال بالنسبة للاتحاد الاشتراكي هو المجتمع، إشاعة الفكرة الاشتراكية والقيم الديموقراطية الحداثية داخل المجتمع؛ وهذا يتطلب حضورا دائما في المجتمع بمختلف قطاعاته ومؤسساته، حضورا دائما مع المواطنين بمختلف فئاتهم، يتطلب طريقة جديدة في التفكير، منهجية جديدة في التنظيم، انخراطا واعيا وعملا هادفا؛ عملا جمعويا، إنسانيا، اقتصاديا واجتماعيا…يتطلب الإنصات للمواطنين والتضامن معهم…يتطلب قبل هذا وذاك، التواجد المستمر مع المواطنين…
إن الاتحاد الاشتراكي وعى هذا الإشكال، من هنا يرسم الطريق لتجاوز العوائق التي تعوق اتصال الحزب بالمجتمع، وللتغلب على المقاومات الداخلية التي ترفض انفتاح الحزب على المواطنين وعلى الجماهير الشعبية، فالحزب الذي يتخذ من ذاته موضوعا للاشتغال محكوم عليه بالانقراض …
– لا خوف من الانفتاح، الخوف الحقيقي من الجمود والانغلاق لأن الحزب الذي لا ينمي نفسه، كما وكيفا، محكوم عليه بالانكماش ثم الانقراض، فالحزب لا يمكن أن يشتغل بالموروث، حتى ولو كان هذا الموروث بشريا، وليبقى هذا الموروث حيا يجب أن يستمر في الأجيال اللاحقة…مناضل الأمس ليس هو مناضل اليوم وقطعا لن يكون مناضل الغد….فلم يعد مسموحا لأي حزب أن يؤطر المجتمع وأن يشارك في تشكيل المؤسسات إذا لم يكن حزبا كبيرا مفتوحا، منفتحا، ومستعدا لاستقبال كل المواطنين الذين يعبرون عن اقتناعهم بمبادئه والتزامهم بخطه وإرادتهم في الفعل المشترك…
– إن الحزب الذي لا يستطيع أن يتجدد بشكل كمي وكيفي واسع، محكوم عليه بالفناء، من هنا وجب زرع دم وروح جديدين في الاتحاد الاشتراكي باستقباله لمناضلين جدد، ونعتبره استقبالا لفعاليات جديدة وأفكار جديدة.
– إن الانفتاح على الكفاءات والفعاليات داخل المجتمع يستدعي قبل كل شيء القطع مع أساليب الانغلاق …إن الاتحاد الاشتراكي ليس بنية منغلقة، ليس أجهزة يتربع عليها زعماء احترفوا السياسة، إن الاتحاد الاشتراكي بيت مفتوح وحق مشاع لكل المغاربة المؤمنين بقيم الديموقراطية والحداثة والعدالة الاجتماعية…
– إن مبادرة تفعيل وتطوير أداتنا التنظيمية لا تتوخى مجرد الزيادة في عدد منخرطي حزبنا، وإنما تسعى إلى استثمار هذا التراكم التنظيمي في تجربتنا الحزبية من أن نجعل الاتحاد الاشتراكي اليوم ، وأكثر من أي وقت مضى، مجالا حيويا للشباب والنساء والكفاءات الجديدة، مجالا أكثر تفتح لتعبئة الطاقات وابتكار الحلول واقتراح البدائل ..إن هذه المبادرة منهجية جديدة في تدبير العضوية، وهي جديدة بالمعنى الديالكتيكي، بمعنى التطور النوعي…
– إن مبادرة تفعيل وتطوير أداتنا التنظيمية، هي في صميمها عملية كبرى، عملية ذات صبغة تنظيمية وسياسية، ولها بعد استراتيجي واضح ، لهذا مطروح على الاتحاديين والاتحاديات اعتبار إنجاح المبادرة مهمة تاريخية؛ حزبيا ووطنيا …وإنجاحها يقتضي الثورة على العقل الدوغمائي والجمود التنظيمي، يقتضي العقل الجدلي والحركة الدينامية، يقتضي تحديثا للبنية الحزبية وتجديدا لأساليب الحوار والتواصل…
– إن مبادرة تفعيل وتطوير أداتنا التنظيمية إغناء للهوية الاتحادية وطريق صحيح لتجسيدها في الواقع، إنها مبادرة شجاعة لمواجهة قوى الارتداد والمحافظة … ، إن هوية الحزب، يمكن قتلها بالجمود والمحافظة، وبالتوقف عن المبادرة ومحاربة الانفتاح، وكل توسع وامتداد هو دفاع عن هذه الهوية وإغناء لها، إن الاتحاد الاشتراكي يبادر، وهذا قدره، والآخرون ينتظرون ويتفرجون …المستقبل يتكلم لغة اتحادية…
تعليقات الزوار ( 0 )