عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
لم تتوقف الأسئلة بشأن ترتيب المغرب في التقرير الصادر الأسبوع الماضي حول التنمية البشرية . فالرتبة 123 التي حازت عليها بلادنا تساؤل يشكل عميق السياسات العمومية المتعلقة بالتنمية ومدى نجاعتها من جهة، ومن جهة ثانية ما مدى مصداقية هذا الترتيب والمعايير التي يتولد عنها ؟؟
لقد جاء المغرب حسب هذا التقرير الذي تصدره سنويا الأمم المتحدة، في مركز مثير لأنه يأتي بعد الجزائر(الرتبة83) وتونس (97) وليبيا (102) ومصر المرتبة 111) وهي كلها بلدان تعاني منذ سنوات حالة من اللااستقرار أثرت بشكل مباشر على دوراتها الانتاجية والاقتصادية وأوضاعها الأمني .وبالتالي، فبلادنا هي الأخيرة ضمن دول حوض البحر الأبيض المتوسط بضفتيه الشمالية والجنوبية.
في تعريف الأمم المتحدة للتنمية البشرية أنها مبنية في المقام الأول، وقبل كل شيء، على» السماح للناس بأن يعيشوا نوع الحياة الذي يختارونه – وعلى تزويدهم بالأدوات المناسبة والفرص المؤاتية لتقرير تلك الخيارات»،. وأن هذا التقرير شأنه شأن سابقيه « يسعى بقوة إلى إثبات أن هذه المسألة هي مسألة سياسة بقدر ما هي مسألة اقتصاد – من حماية حقوق الإنسان إلى تعميق الديمقراطية. ومالم يتمكن الفقراء والمهمّشون من التأثير في العمل السياسي على المستويين المحلي والقطري، فمن المستبعد أن يجدوا الإمكانية المنصفة للحصول على الوظائف والمدارس والمستشفيات والعدالة والأمن وخدمات أساسية أخرى». لذلك يتم اعتماد عدد من المعاييرأبرزها التعليم ومعدل الحياة للمواطنين والصحة ومستوى الفقر ثم الدخل الفردي والمساواة بين الجنسين والعدالة والاجتماعية وحرية التعبير…
إذن هذه المنظومة من المعايير هي التي رتبت المغرب في رتبة غير مشرفة ضمن قائمة تتكون من 188 دولة . لكن هل بالفعل «اشتغلت» الجهات التي أنيط بها النظر في ملف المغرب بكل موضوعية، واستندت إلى احصائيات رسمية ؟ أم أن هناك خللا ما يظلم بلادنا ويبخس جهودها ولا يعترف بنتائج سياساتها العمومية ومبادراتها ؟ لذلك تتواصل الأسئلة حول مرتبة المغرب من أجل إيجاد تفسير لهذا الوضع.
فالمغرب بشبكة طرقه الممتدة في ربوعه، والتي استهدفت فك العزلة عن جماعاته الترابية ومناطقه الجغرافية،وباستراتيجياته التي شملت قطاعات ومجالات ،وبمخططاته التي رمت إلى رفع الانتاجية والمردودية.المغرب بمبادرته الوطنية للتنمية البشرية التي توجت هذه السنة عقدا من الإعلان عنها …كل هذه البنية، لم تجعل يد الترتيب تمتد كي ترفع بلدنا درجات وتعترف بهذه المجهودات؟؟
كيف لترتيب يعاكس ما أوردته قبل أيام المندوبية السامية للتخطيط والتي أعلنت إحصائياتها بأن نسبة الفقر بلغت سنة 2014 نسبة 4,8 بالمئة مقارنة مع سنة 2007 التي تجاوزت فيها النسبة 8,8 بالمئة ومع 2001 التي كانت فيها نسبته تفوق 15 بالمئة؟
هناك إذن خلل في مستوى ما. وهناك مصداقية موضع تساؤل. لذلك على الحكومة والمؤسسات المختصة في الأرقام والاحصائيات والأبحاث و….عليها أن تقدم عناصر جواب كما عليها وضع الأصبع في مكامن هذا الخلل واختلالات السياسات العمومية والاستراتيجيات، من أجل أن تحقق تنمية بشرية حقيقية لا تخفيها الأرقام أو تطمسها الرتب.
تعليقات الزوار ( 0 )