في المنتديات الاشتراكية… «المنتدى الاقتصادي، التطور الاقتصادي المغرب رؤى متقاطعة»
اعتبر المكي الزواوي أستاذ الاقتصاد في جامعة محمد الخامس، أن هناك علاقة جدلية بين التنمية الاقتصادية وجودة الموارد البشرية، وأوضح كيف أن الثورة الصناعية وقيام الأنظمة والدول الحديثة والاقتصاديات الصاعدة، كلها قامت على قوة الموارد البشرية.
واعتبر الزواوي أن المغرب لا يمكن أن ندخله اليوم في مصاف الدول الصاعدة، وهو ما يبقى حلما لأنه لا يتوفر على المؤشرات اللازمة للدخول إلى نادي الدول الصاعدة.
وأوضح الزواوي أن العولمة سارت اليوم في طريق علوم المعرفة واقتصاد المعرفة، وهو ما جعل الامتيازات التي كان يتوفر عليها المغرب في بعض الصناعات، رغم أهميتها لم تعد كافية ما لم تتجه البلاد نحو تطويرمجال الذكاء والعلوم المستقبلية لتأقلم موارده البشرية مع التغيرات المتسارعة والقادمة مستقبلا.
ويرى المكي الزواوي أن النتائج الأخيرة التي كشف عنها تقرير «بيزا» الذي وضعته «ocde» تضع المغرب في مراتب متأخرة، لأن هناك خسارة وتبذيرا كبيرا يتسبب في هدر الموارد البشرية في المغرب.
وبين الباحث الاكاديمي أنه من أصل كل 100 طفل يبلغ سن التمدرس ويدخل في الصفوف الابتدائية لا يصل منهم إلى الباكالوريا سوى الثلث،وأضاف أن مستوى التعليم الجامعي بدوره لا يقل سوءا، حيث أظهرت الدراسات والتجارب أن عشرات الآلاف من الطلبة في الماستر لديهم ثقافة عامة ضعيفة للغاية وعدد كبير منهم يفتقد إلى معلومات أساسية في التاريخ والسياسة والاقتصاد والجغرافيا، ما يجعل هذه النخبة المفترضة عاجزة في النهاية عن التفاعل الجيد مع التحولات التي يعرفها المجتمع.
وفي تحليله للوضع الذي آل اليه مستوى التعليم في المغرب، اعتبر الأستاذ الجامعي أن جودة التعليم تدهورت منذ عهد الحماية، حيث ظهرت أولى مؤشرات الضعف في أواخر الحرب العالمية الثانية، حين وصلت نسبة التمدرس بين الأطفال البالغين سن التمدرس %1 مقابل %7 في الجزائر وبعد الحرب العالمية الثانية وتحت الضغط الذي مارسته الحركة الوطنية، بذلت بعض الجهود لتحسين هذا الوضع، ومباشرة بعد الحصول على الاستقلال في 1956 وصلت هذه النسبة إلى %10 وكان التحدي في حكومات المغرب الأولى بعد الاستقلال هو البحث عن أساتذة وبيداغوجيين ليملأوا الفراغ الذي خلفه الاستعمار، وكانت نسبة التكرار في الصفوف الابتدائية جد مرتفعة سنة 1958.
وبعد هذه اللمحة التاريخية، خلص الزواوي إلى أن المغرب ظل دوما يفتقد إلى سياسة إرادوية واضحة في مجال التعليم، ومازال هذا الوضع مستمرا إلى يومنا هذا، حيث لا تتعدى نسبة الميزانية المخصصة للتكوين المستمر من ميزانية قطاع التعليم %0,1 مقابل %2,5 في عدد من الدول المشابهة لوضعية المغرب، هذا دون الحديث عن نسبة %5 وما فوق بعض الدول الاسكندنافية.
واستغرب الزواوي غياب «إلزامية التكوين المستمر» من القانون الإطار المنظم لمهن التعليم.
وكان الزواوي صريحا وصارما حين أنحى بجزء من اللائمة على النقابات لما وصلت إليه وضعية التعليم ببلادنا، حيث قال إن النقابات حاربت دوما هذه الإلزامية للتكوين المستمر مغلبة الدفاع عن مصالحها الفئوية على حساب المصلحة العامة للبلاد.
واعتبر الزواوي أن هم النقابات لم يكن يوما هو جودة التعليم، وجودة الأطر التدريسية، وهنا لابد من تسمية الأشياء بمسمياتها، حيث ينبغي أن تتوفر هذه النقابات على مايكفي من الجرأة السياسية للقيام بنقد ذاتي في هذه المسألة حتى تعم ثقافة الحقوق والواجبات لتسود المجتمع ككل.
ولحل إشكالية التعليم يرى المكي الزواوي أنه لابد من معالجة إشكالية تكوين المكونين أنفسهم، وهذا يقتضي ضرورة تعبئة جميع الطاقات والخبرات في المجتمع للقيام بهذا الدور ولو تطلب الأمر جلب خبراء من الخارج وكل هذا يتطلب جرأة سياسية.
على المستوى الثاني، تتجلى إشكالية ضعف جودة الموارد البشرية في سوء تنزيل الإصلاحات المقررة في قطاع التعليم على أرض الواقع، حيث إنه على الرغم من كون هذه الإصلاحات تبدو نظريا جيدة على الورق إلا أنه لا يتم تنزيلها بالشكل الأمثل. وعزا الزواوي ذلك إلى كون النخبة المكلفة بهندسة الإصلاحات والمكونة أساسا من رؤساء الأكاديميات والموظفين الكبار، تظل محكومة بإكراهات التسيير الاداري والتدبير اليومي لمشاكل هامشية لا علاقة لها بالمهمة الأصلية المنوطة بها كبناء المدارس الذي هو من اختصاص الجماعات الترابية في دول أخرى.
تعليقات الزوار ( 0 )