الطيب الشكري
في الوقت الذي كان فيه رئيس الحكومة يرغد و يزبد في جلسة المساءلة الشهرية, واصفا المعارضة الدستورية بمجلس النواب بالسفاهة,في مشهد لم نألفه من قبل, يوضح الى أي مستوى من الخطاب السياسي وصلنا اليه و كيف حولنا مؤسسة دستورية منتخبة بشكل ديموقراطي الى حلبة لصراع سياسي عقيم أفرغ جلسة المساءلة الشهرية من محتواها, بعد أن انبرى السيد رئيس الحكومية في نقاش ما أنزل الله به من سلطان ، في هذا الوقت كانت لا تزال قلوب أسر فاجعة طانطان تدمي و أعينهم تدمع بعد أن فقدوا أبناءهم و فلذات أكبادهم في حادثة تعددت اسبابها و قراءاتها, وغابت لدى العديد من أبناء المغرب حقيقتها ، يستمر الصفير و التصفيق على كلام سوقي لا يمكن أن يصدر بأي حال من الأحوال عن رجل دولة مسؤول له مكانته الاعتبارية في تراتبية الهرم السلطوي الوطني و كأننا في مباراة لكرة القدم انتفت فيها الروح الرياضية و حلت محلها كل عبر البداءة و السفاهة و هلم جرا من المصطلحات التي لا تشرف مؤسسة دستورية ، ترتفع الأصوات و يعلو معها الضجيج في كل مكان تحت القبة الموقرة, التي لم يوقرها و للأسف الشديد رئيس حكومتنا و تستمر معها في الاتجاه الآخر من المغرب العميق معاناة ساكنة جرادة و سيدي بوبكر التي شيعت ثلاثة من ابنائها في موكب جنائزي مهيب, ارتفعت فيه أصوات الإدانة للصمت المطبق على واقع هذه الربوع من مغرب تصر حكومتنا ” الموقرة ” على استمراره غير نافع لا تنمية و لا هم يحزنون ، مغاربة هم اليوم ضحايا سياسات أفرغت أرض هذه الربوع من جوفها و حولتها إلى مجرد أطلال منسية تندب حظها و ماضيها ، كنت و أنا أتابع فانطازيا رئيس الحكومة استرجع مآسي أبناء و شباب جرادة ، تويسيت سيدي بوبكر ممن يقتاتون من بقايا المعدن في حفر الموت المعروفة بالساندريات و غيرهم من ابناء المغرب ممن لم يجدوا ما يسدوا به رمقهم ، ما لم أفهمه و استفزني بشكل كبير لماذا يصفق بعض نوابنا المحترمين على مآسينا أم على واقعنا المر ، الأكيد أنهم لم يفكروا في كل هذا الواقع الذي نحياه و نعايشه يوميا بل لا يخطر على بالهم أن شبابا ماتوا اختناقا في الغار ، هم وقفوا و صفقوا من اجل ضرب المكتسبات الوطنية التي تحققت بفضل نضالات القوى الحية و الفئات الشعبية من ابناء الوطن الذي نحتضنه بكل الحب و لن نسمح لأي كان بأن يحول مكتسبا ديموقراطيا الى حلبة للهرج و المرج و على الجميع اليوم تقع مسؤولية حماية هذه المكتسبات و في مقدمتهم رئيس الحكومة الذي عليه تقديم اعتذار علني للشعب المغربي بدلا من التخفي وراء صراع سياسي لا علاقة لنا به لا من قريب و لا من بعيد و هو المدخل الذي سيؤسس لعلاقة جديدة بين السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية تنتصر أولا و أخيرا للوطن.
تعليقات الزوار ( 0 )