عقد المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اجتماعا عاديا يوم الأربعاء 27 مارس 2024 ترأسه الكاتب الأول الأستاذ إدريس لشكر.
وقد استعرض أعضاء وعضوات القيادة في حزب القوات الشعبية مجمل عناصر المشهد السياسي الوطني وبنود أجندته الراهنة، كما قدمها الكاتب الأول في العرض التوجيهي للاجتماع، ووقفوا بالتحليل والدرس والمناقشات، على أبرز ما يقتضيه التعامل السياسي المسؤول معها، وترتيب المواقف التي تفرضها روح الجدية والمسؤولية والعمق الوطني التي تراكمت وتعززت عند الاتحاديات والاتحاديين طوال مسارهم النضالي الطويل.
وبعد استحضار الظروف الوطنية الحالية، وتزامنها مع نصف الولاية الحكومية، وما تسترعيه من تقاليد تأسست في المغرب منذ حكومة التناوب التوافقي بقيادة أخينا الراحل عبد الرحمان اليوسفي، ومنها أساسا تقليد التعديل الحكومي وتقديم الحصيلة الحكومية وما تعرفه المؤسسة البرلمانية في الفترة ذاتها من حركية تمس هيكلتها وآليات عملها.
يذكر المكتب السياسي بأن الاتحاد يتفاعل مع هذه المعطيات من موقعه كقوة سياسية مركزية اختارت المعارضة في تقديم مساهمتها في الإصلاح لأجل الوطن والديموقراطية والحياة الكريمة.
كما يعتبر بأن الظرف الحالي، وأكثر من أي وقت مضى في حاجة إلى رجة حاسمة تعيد الثقة في العمل المؤسساتي وترفع من منسوبها في انتظارات المواطنين والمواطنات المتطلعين والمتطلعات إلى معيش أفضل في الصحة والتعليم والتشغيل، وفي الحريات والحقوق الفردية والجماعية.
وعليه، وعلى المستوى السياسي:
يسجل المكتب السياسي باعتزاز كبير، استمرار حزبنا محورا بارزا في الساحة السياسية والتنظيمية الوطنية، وفاعلا مؤثرا في تنشيط النقاش السياسي في راهن أصبحت ميزاته الرئيسية هي الفتور أو الهروب من تحمل المسؤولية وتعطيل النقاش المنتِج في الساحة العمومية وتفقير الفضاء المؤسساتي، من قبيل البرلمان وتحجيم مساهماته في هذا الجانب.
يعتبر المكتب السياسي أن الحرص على استمرار التنسيق السياسي لأحزاب المعارضة، والذي ورد في سياق المبادرة الاتحادية لخلق جبهة وطنية رافضة للأمر الواقع و لمواجهة التغول الثلاثي في الجهاز التنفيذي وكافة مؤسسات التمثيلية الوطنية، هو حرص نابع من اقتناع الاتحاد بقدرة المكونات الوطنية في المعارضة، بمساندة ودعم كل الفاعلين الذين يهمهم السير السليم للمؤسسات على خلق الفارق، وتحسين مناخ النقاش الديموقراطي والدفع نحو توازن مؤسساتي، أصبح شرط وجوب من شروط حياة سياسية وطنية سليمة.
وفي هذا الباب يحيي عاليا استمرار اللقاءات مع مكونات المعارضة البرلمانية من جهة، ومن جهة ثانية، تطوير العمل المشترك مع حزب التقدم والاشتراكية، والذي استطاع في ظرف زمني قياسي أن يُموقع المعارضة في قلب المشهد السياسي وما يعرفه من مبادرات مصيرية تهم المجتمع والأسرة والدولة الاجتماعية…
وإذ يذكر بعمل المعارضة البرلمانية من أجل توفير شروط ملتمس الرقابة على الحكومة الحالية، يخبر الرأي العام الوطني والحزبي بأن هذه المبادرة، التي لقيت تجاوبا عمليا، تشق طريقها بعقلانية ومسؤولية وهدوء، لتستكمل كل الحظوظ لتحقيق المبتغى من ورائها.
وهي مبادرة، كما عبَّر عن ذلك الكاتب الأول، تسعى إلى خدمة سياسية وطنية تستوجبها المرحلة، تتجاوز الجوانب التقنية أو الحسابية بخصوص الحكومة إلى ما هو أبعد من حيث الثقافة السياسية المراد إعادة الاعتبار إليها، ومن حيث الضرورة الترافعية من أجل حرمة المؤسسات الدستورية الواجب احترامها وذلك من خلال:
مأسسة الحوار حول ما تعرفه حياتنا السياسية، من قضايا حارقة ومن تحولات تمس القدرة المعيشية للمواطنات والمواطنين، وتهدد بالسكتة المؤسساتية، مما قد يضع المجهود الوطني الشامل في لحظة مفصلية من تاريخ بلادنا ومنطقتنا، كما تم ذلك في لحظات فارقة من تاريخ بلادنا المعاصر.
إسماع صوت المعارضة، ومن خلاله صوت شرائح واسعة من المغاربة من داخل المؤسسات التي يراد لها أن تخضع للحجر من طرف التغول، لتكسير حلقة الشروط المجحفة التي تمنع الصوت المعارض من التعبير عن نفسه، كما تقلل من شأنه في تمْنيع الديموقراطية وتجويد آلياتها المنصوص عليها في الدستور، وتفعيل روح المرجعية الدستورية المتوافق عليها من طرف الأمة لأجل حياة سياسية أكثر تقدما وتفاعلا مع المتطلبات الآنية والمستقبلية للمغاربة.
تسليط الضوء على مكامن الخلل التي تعتري التدبير الحكومي، في ما يتعلق بالتوافقات الوطنية الكبرى التي أطلقها جلالة الملك، سواء الاستراتيجيات الوطنية للماء والطاقات الخضراء أو الدولة الاجتماعية. أو ذات الصلة بالسِّيادات الطاقية والدوائية وغيرها، ومن أجل التنبيه الى خلق كل شروط تنفيذها، والتي ما زال التدبير الحكومي الضارب عرض الحائط بالتعددية الحية والفاعلة، يتعثر في تجويدها وتفعيلها الميداني حتى يضمن تعميم ثمراتها على المستهدفين بها من المواطنات والمواطنين كما تقتضي ذلك إرادة ملك البلاد..
البرهنة على الحاجة الملحة اليوم، لاستثمار كل الاحتياطي الاصلاحي الذي نص عليه الدستور، في أفق خلق مؤسسات قوية وممارسات فضلى، وإقامة الدليل أمام الرأي العام على ملحاحية مواصلة النهج الذي قامت عليه الإصلاحات الدستورية التاريخية، بما يفتح الأفق واسعا للإصلاحات السياسية والمؤسساتية لضمان توازن السلط واحترام الصلاحيات الدستورية، وتوطيد أسس الدولة الاجتماعية، والمراجعة الشاملة للمنظومة الانتخابية وتحصين الممارسة الانتخابية واستكمال ورش تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وتحقيق المساواة بين الجنسين، وإدماج مغاربة العالم في مجال المشاركة السياسية، وتحصين المجتمع من كافة تيارات التطرف ومختلف جماعات الضغط، ومحاربة كافة أشكال الفساد.
تقديم ملامح بديلة عما تقترحه الأغلبية الحكومة، التي تعودت على جعل كل مناسبة مؤسساتية دستورية أو تقليد ديموقراطي فرصة للاستعراض السياسي والاستعلاء العددي، بديل واقعي وطموح يسير في اتجاه الاصلاح وتحسين مؤشرات التنمية وتوفير أحسن الشروط لتفعيل الدولة الاجتماعية.
وإذ يسجل المكتب السياسي باستغراب شديد التردد الحكومي وانتظارية الأغلبية في مواجهة كل الحملات التي تستهدف قضايا تعديل المدونة، وما يتعلق بالقانون الجنائي وبالمبادرات الكبرى في تطوير المجتمع، يدعو نوابه ومستشاريه،
إلى التنسيق مع الشركاء الدستوريين من أجل
إنتاج نصوص في مستوى التطورات التي تعرفها بلادنا، وتساير التزاماتها الدولية الحقوقية منها والاجتماعية.
وبخصوص التقارير الصادرة عن مجالس الحكامة ومنها تقرير المجلس الأعلى للحسابات، وبعد الاستماع إلى عرض الكاتب الأول بخصوصها، يسجل المكتب السياسي ما يلي:
إن حزب الاتحاد الاشتراكي تعاقد مع مكتب دراسات لإنجاز مجموعة من الدراسات والأبحاث، ولا شيء في القانون يمنع الحزب من اختيار والتعاقد مع مكتب دراسات يراه أهلا للقيام بإنجاز أبحاث ودراسات سياسية لفائدة الحزب،
إن الكثير من الأحزاب السياسية في العديد من التجارب المقارنة تمتلك مكاتب دراسات وتوظف خبراء وباحثين يشتغلون لفائدتها، مما يقوي حكامتها دون أن يطرح أي إشكال قانوني أو أخلاقي،
إن إنجاز دراسات لفائدة حزب سياسي يجب أن يكون من قبل من يتملكون مرجعية الحزب وثقافته السياسية، وعلى علم بتاريخه وبتطلعاته السياسية، ومن هم على دراية بأوراقه السياسية وببرامجه الانتخابية،
إن مكتب الدراسات الذي تم التعاقد معه، له مطلق الحرية في التعاقد مع خبراء وباحثين لإنجاز الدراسات التي عهد إليه بإنجازها شريطة أن تكون مخرجاتها متوافقة مع أدبيات ومرجعيات الحزب، وأن تجيب عن الأسئلة والإشكاليات المجتمعية والسياسية التي يطرحها الحزب، وأن تقدم تصورات وأفكار عملية غير متناقضة مع مرجعيات الحزب،
إن جودة الدراسات والأبحاث لا تقاس بالكم وبعدد الصفحات، بل بقيمة ما تتضمنه من تحليل وما تقدمه من خلاصات ومقترحات، وأجهزة الحزب هي وحدها من يملك حق الخوض في مضمونها وتقييمه،
لا يوجد في القانون ما يتيح للمجلس الأعلى للحسابات مناقشة مضامين ومخرجات هذه الدراسات، لأن الأمر يتعلق بدراسات لأهدف سياسية، والمجلس الأعلى للحسابات يمارس رقابته على مدى احترام المساطر ولاحق له في تقييم المضامين تفاديا للخروج عن واجب الحياد المفروض في قضاة المجلس الأعلى للحسابات،
إن الدراسات المنجزة لفائدة الحزب موجهة للاستعمال الداخلي بهدف تجويد الفعل السياسي للحزب، وليست موجهة للنشر للعموم، كما أنها موجهة في مجملها للمساهمة في الرفع من مستوى السياسات العمومية لبلادنا كما دعا إلى ذلك جلالة الملك في خطابه السامي بمناسبة افتتاح البرلمان يوم الجمعة 12 أكتوبر 2018،
يتضح من المقتضيات القانونية بشكل جلي بأن تقديم المحتوى الكامل للدراسة هو مجرد ممارسة فضلى وليس التزاما يقع على عاتق الحزب العمل به. فما ينبغي تقديمه هو بيانات ومعطيات ذات طبيعة عامة تعرف بالدراسة وبالجهة التي قامت بإعدادها وبالتواريخ المتعلقة بإنجازها والمبالغ المالية التي رصدت لها.
إن المكتب السياسي يعتبر أن مبدأ وثقافة وأخلاق ربط المسؤولية بالمحاسبة من صميم الهوية السياسية والتنظيمية لحزب القوات الشعبية، كما أنه ظل وسيظل حزبا تقدميا ديموقراطيا وطنيا ملتزما ببند الضمير الحي في ما يتعلق بتعامله مع الربط الجدلي بينهما. كما يذكر بأن دسترة المجلس الأعلى للحسابات المحكومة مبدئيا بالتوازن المؤسساتي وتفعيل مراقبة الأمة لماليتها العمومية شكَّل مطلبا دستوريا ممتدا في الزمان والمكان في أدبيات الاتحاد ومسْلكياته، وأن الحكامة المؤسساتية والعمومية تظل في صلب التفكير والممارسة السياسيين للحزب.
إن الاتحاد الذي ينظر إلى عمق الاشكالات المطروحة في هذا الجانب، يعتبر بأن مناقشة أداء مؤسسة دستورية من باب المسؤولية والجدية اللتين دعا إليهما جلالة الملك في العديد من خطبه الأخيرة، الهدف منه تعزيز أداء المؤسسات في نطاق الصلاحيات الموكولة لها حصرا وصيانة التوازن بين مختلف المؤسسات من جهة ، ومن جهة أخرى، تطوير أداء الأحزاب السياسية بما يسهم في تخليق الحياة العامة ودون أي تبخيس للعمل الحزبي أو زعزعة للثقة في المؤسسات السياسية أو إهانة للهيئات المنظمة.
وفي نفس السياق، علاقة بالدعم الإضافي المقدم للأحزاب والخاص بالدراسات، وما ثار حوله من سجال افتقد في أحيان كثيرة روح الحكمة والانصاف، وأخذ في أحيان كثيرة شكل حملات مغرضة تروم الاستفراد به إعلاميا، إِنْ لم نقل سياسيا، يشدد المكتب السياسي على ضرورة إصدار القوانين والمراسيم ذات الصلة والتي من شأنها توضيح المساطر، ودرء الاختلالات التي ورد بعضها في تقرير المجلس الأعلى للحسابات نفسه، حتى يضمن لكل الأطراف حقها في الاستفادة طبقا للتوجيهات الملكية السامية حول الخبرات والكفاءات الحزبية.
على المستوى التنظيمي:
يعبر المكتب السياسي عن تثمينه واعتزازه بالديناميات المتكاملة والمتواترة وغير المسبوقة التي يشهدها الحزب قطاعيا ووطنيا ودوليا، منذ المؤتمر الوطني الأخير، إجمالا ومنذ انعقاد المجلس الوطني للحزب، في يناير الماضي تخصيصا، والذي وضع خارطة الطريق المتجددة للعمل التنظيمي.
وعليه، يحيي المكتب السياسي المبادرات المتتالية للأخ الكاتب الاول وحضوره الجسدي والمعنوي في العديد من المحطات التنظيمية والإشعاعية التي لا يتسع المجال لذكرها، كما يحيي عاليا الثبات والمثابرة والانخراط الواعي لعموم المناضلات والمناضلين من أجل إنجاح لقاءات فرق عمل المكتب السياسي، أو الأنشطة التنظيمية المكثفة بأقاليم الدار البيضاء والحسيمة، أو الأنشطة المتواصلة لمنظمة النساء الاتحاديات والشبيبة الاتحادية وطنيا ودوليا.
ويسجل المكتب السياسي باعتزاز كبير ما تحقق للحزب من حضور دولي وازن، جعله يحظى بمواقع مقدمة في الأممية الاشتراكية والأممية الاشتراكية للنساء واللجنة الاشتراكية الإفريقية، وفي منتديات العمل العربي التقدمي الديموقراطي.
ويعلن عن مواصلة الدينامية التنظيمية على المستويين المجالي والقطاعي من خلال تنظيم وتأطير العديد من المؤتمرات واللقاءات التالية:
اجتماع مؤسسة كتاب الجهات والأقاليم يوم الجمعة 5 أبريل 2024،
اجتماع الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية بمجلس النواب يوم الإثنين 8 أبريل 2024،
المؤتمر الوطني لقطاع التعليم الاتحادي أيام 10 و11 و12 ماي 2024 ببوزنيقة،
المؤتمر الوطني لقطاع التجار والمهنيين الاتحاديين يوم الجمعة 10 ماي 2024،
المؤتمر الوطني للجمعية الاشتراكية للمستشارات والمستشارين أيام 17 و18 و19 ماي 2024 ببوزنيقة.
تعليقات الزوار ( 0 )