تعهد وزير العدل محمد بنعبد القادر، بتوسيع مجال المعلومات القابلة للنشر الاستباقي في وزارته، بنشر أجندته الأسبوعية على الموقع الإلكتروني الرسمي للوزارة، وكذا قائمة الأسئلة الكتابية والشفوية التي يتوصل بها من البرلمان.
جاء ذلك، في افتتاح أشغال اللقاء العلمي المنظم من طرف وزارة العدل حول موضوع «الحق في الحصول على المعلومة في مجال الإدارة القضائية»، بمناسبة الاحتفاء باليوم الدولي لتعميم الانتفاع بالمعلومات، الذي يصادف تاريخ 28 شتنبر من كل سنة.
وأوضح الوزير في كلمته،أنه لا يمكن أن يتجادل اثنان في مدى أهميته وخصوصية وراهنية الموضوع ، خاصة في ظل التحولات الجوهرية والمفصلية التي شهدتها منظومة العدالة في بلادنا خلال السنوات الأخيرة، تحت الهندسة الرشيدة لجلالة الملك، ومن جهة ثانية لتزامنه مع هذه الظرفية الصحية الوبائية العصيبة، التي تمر بها بلادنا وكافة بلدان العالم، والتي أضحت فيها المعلومة بشتى أنواعها مطلبا مجتمعيا، وضرورة إنسانية في ظل انتشار المعلومة الزائفة والمغلوطة وندرة المعلومة الرصينة الموثوق بها. فأصبحت ضرورة توفير المعلومة الصائبة، التي تروي عطش البحث، وتغني عن مغبة السؤال، لزاما لا ترفا، بهدف بناء الثقة والمساعدة في صناعة السياسات الناجحة والفعالة خاصة في فترة إدارة الأزمات.
وشدد بنعبد القادر على أهمية أن يكون اللقاء مناسبة بهدف الإنقاذ الأمثل والكامل للحق في الحصول على المعلومة في مجال الإدارة القضائية، بما يراعي خصوصيات المعلومات المرتبطة بقطاع العدالة، والوقوف على ما قد يعترضها من صعوبات، وإيجاد الحلول المناسبة لها.
وأوضح الوزير» لقد كفلت في نطاق واسع المواثيق الدولية والدساتير والتشريعات الوطنية، الحق في الحصول على المعلومة، باعتباره من الحقوق الأساسية والكونية للأشخاص، إيمانا بأهمية هذا الحق في إقرار حرية التعبير، وحماية الحريات، وتكريس ثقافة الشفافية، والمحاسبة في الحياة العامة، وإشراك المجتمع في إدارة الشأن العام، وتحقيق التنمية، وتجاوز سلبيات وأثار تسيير الشأن العام تحت غطاء التعتيم والسرية. «
وسيرا على التوجهات الدولية،عملت المملكة المغربية على رفع الحق في الحصول على المعلومة إلى مصاف الحقوق الدستورية، التي يتولى أسمى قانون للأمة ترسيخها وصيانتها، إذ نص الفصل 27 من دستور 2011 في فقرته الأولى على أنه:
« للمواطنين والمواطنات الحق في الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارات العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام».
وشدد وزير العدل على أن مرفق العدالة،يعتبر من بين المؤسسات والهيئات المعنية بأحكامه بصريح المادة الثانية من أحكام القانون المذكور، فيما يخص المعلومات التي ينتجها أو يتوصل بها المرفق كيفما كانت الدعامة الموجودة بها، وإن كان المشرع في القانون المتعلق بالحصول على المعلومة قد أفرد لها على غرار ما ذهبت إليه جل الدول أحكام خاصة أملتها طبيعة المعلومة، وما تكتسيه من خصوصية ومبادئ قانونية كونية متعارف عليها، تقيد ممارسة الحق في الحصول على المعلومة في حدود مضبوطة.
وليست الرغبة من هذا التقييد أوالضبط كبح جماح هذا الحق، فهذا نابع من أهداف أعم وأسمى، ترتبط بحماية المعطيات الشخصية للأفراد وحميميتهم، واحترام مبدأ افتراض قرينة البراءة، وسرية الأبحاث والتحريات الجنائية، وما قد تنفرد به بعض الإجراءات والمساطر القضائية من طبيعة خاصة تقتضي المصلحة الحفاظ على سريتها ضمانا لحسن تصريف العدالة.
في هذا الإطار، وتأكيدا لخصوصية المعلومة في مرفق العدالة، تشديدا على ما نصت عليه مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 27 دستور المملكة على أنه: « لا يمكن تقييد الحق في المعلومة إلا بمقتضى القانون، بهدف حماية كل ما يتعلق بالدفاع الوطني، وحماية أمن الدولة الداخلي والخارجي، والحياة الخاصة للأفراد، وكذا الوقاية من المس بالحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور، وحماية مصادر المعلومات والمجالات التي يحددها القانون بدقة».
وأفاد الوزير أنه وبعيدا عن الاستثناءات الضيقة، التي أوردها المشرع على الحق في الحصول على المعلومات في مجال مرفق العدالة والمرتبطة غالبا بسير الأبحاث والمساطر القضائية لطابعها الخاص، فإن العديد من المعلومات ذات الصلة بالمرفق، تبقى في دائرة الإباحة يمكن الحصول عليها وفق الضوابط المنصوص عليها قانونا،نظرا لأهمية المعلومات ذات الصلة بالقطاع في تنوير الرأي العام وتحقيق الأمنين القانوني والقضائي، وتشجيع البحث العلمي، وتقييم السياسة العمومية للمرفق وتطويرها.
وتتعدد صوروأصناف المعلومة داخل مرفق العدالة بين معلومات قضائية محضة وأخرى قانونية أو إدارية أو إدارية موسومة بالعمل القضائي، كما ذهبت إلى ذلك المحكمة الدستورية في قرارها بمناسبة فحصها لدستورية مشروع القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي، وهو ما يجعل مجال تنزيل الحق الدستوري المتعلق بالحصول على المعلومة بشأنها، مرتبطا بمكونات مرفق العدالة كلٌّ حسب الاختصاص المنوط به.
في هذا المضمار، ووعيا من وزارة العدل بأهمية المعلومة في مجال الإدارة القضائية، التي تسهر على الإشراف عليها في شقها المتعلق بالتدبير المالي والإداري للمحاكم، بتنسيق مع السلطة القضائية، بالموجب القانوني التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وكذا المعلومات التي تدخل ضمن مجال اختصاصها الأصيل في تدبير السياسة العمومية لمرفق العدالة، تأتي مبادرة عقد هذا اللقاء العلمي بهدف تسليط الضوء على جانب مهم يهم مبدأ الحق في الحصول على المعلومة، ألا وهو الجانب المرتبط بالمعلومات القابلة للتداول والنشر في مجال الإدارة القضائية في ظل ما تتسم به هذه الإدارة من خصوصية، سواء من حيث طبيعة المعلومة والاستثناءات الواردة عليها، أو من حيث صعوبة وضع تعريف دقيق لها، وتعدد المتدخلين فيها،وذلك بهدف بسط الإشكالات المطروحة،وتقديم الحلول الكفيلة لتفعيل الحق في الحصول على المعلومة على الوجه الأمثل.
وأشارالوزير إلى أنه تم توقيع اتفاقية تعاون بين وزارة العدل مع لجنة الحق في الحصول على المعلومات بتاريخ 13 مارس من هذه السنة، قصد ضمان حسن ممارسة الحق في الحصول على المعلومات في مجال الإدارة القضائية والتفعيل السليم له، تم من خلالها وضع مجموعة من الآليات لتفعيل الالتزامات المفروضة بموجب القانون، كالنشر الاستباقي والتدبير الفعال لطلبات الحق في الحصول على المعلومة، ووضع برامج للتكوين، وتقوية قدرات الأشخاص المكلفين عبر برامج للتكوين، وكذا آليات للتحسيس والتقييم وإصدار توصيات واقتراحات لتحسين جودة مساطر الحصول على المعلومات، وفق برنامج سنوي للتعاون يسهر عليه فريق عمل مشترك من الجانبين.
تعليقات الزوار ( 0 )