إن اللجنة الإدارية الوطنية للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، المنعقدة بتاريخ 2 ماي 2015، و بعد نقاشها العميق للعرض الذي قدمه الكاتب الأول، الأخ إدريس لشكر، و بعد تحليلها للحظة السياسية الإستثنائية، التي تمر منها بلادنا، و المتسمة على الخصوص:

بالتعطيل المتعمد للتنزيل الديمقراطي للدستور المغربي، من طرف الحكومة، و اقتصارها في انتقاء و إخراج ما يصلح لها من قوانين تنظيمية، لمحاولة فرض هيمنتها على جل المواقع و المؤسسات.

بالإعتداء الممنهج لرئيس الحكومة على الدستور والمؤسسات، و التسفيه الدائم للفرقاء، و إساءته الواضحة للرأسمال اللامادي للمغرب، و الذي عمل الشعب المغربي، على بنائه لسنوات طويلة، و تطلب تضحيات جسيمة، سواء على مستوى حقوق الإنسان، أو على مستوى حقوق المرأة أو بالنسبة للتوجه نحو الحداثة و نحو الوضع المتقدم مع أوروبا، ومع باقي الشركاء في العالم.

إن هذا الرأسمال، الذي يمثله شباب المغرب ونساؤه و اعتداله وحريته و تسامحه وانفتاحه، و الذي أصبح رمزا للاستثناء المغربي، و فرض على المجتمع الدولي أن يكون أكثر تفهما لقضيتنا الوطنية وأكثر احتراما  لمصالحنا الحيوية، أصبح اليوم مهددا أكثر من أي وقت مضى، من قبل الحكومة الحالية،  مما يشكل إساءة بالغة لسمعة البلاد بعد كل جهود العهد الجديد في تعزيز مكانتها على الصعيد الدولي.

بالإضرار الكبير، الذي لحق بالبناء و الإختيار الديمقراطي، حيث مازال العجز واضحا في تفعيل الدستور،  و بناء الهيآت الدستورية الجديدة التي ينص عليها، و إحترام المكانة اللائقة لمؤسسة رئيس الحكومة، و التعامل الإيجابي مع الرقابة البرلمانية و إعادة التوازن للسلط.

بتردي خطاب رئيس الحكومة، الذي يعمل على احتقار المؤسسات الدستورية، وتمييع الحياة السياسية، و تشويه صورة النخبة و البرلمان، و ذلك بتحويل النقاش و الجدل البناء، إلى مناوشات و سب و قذف، بما يشكله ذلك من خطر على البناء الديمقراطي، و الذي من شأنه تعميق العزوف عن المشاركة، في الإستحقاقات المقبلة.

 

إن اللجنة الإدارية الوطنية، بالإضافة إلى هذه القضايا الأساسية، على المستوى السياسي و المؤسساتي والدستوري، فإنها تبدي قلقها تجاه الوضع الاقتصادي، نتيجة السياسة التي نهجتها هذه الحكومة لحد الآن، والذي أدى إلى تزايد المديونية، و تراجع الاستثمارات و الزيادة في عجز الميزان التجاري و تجميد مشاريع كبرى، التي كانت مبرمجة، في عهد حكومات سابقة، و التباطؤ في إنجازها، مما نتجت عنه مشاكل هيكلية وصعوبات كبيرة لدى الشركات الخاصة و المؤسسات العمومية، و ضعف واضح في الإستجابة لحاجيات التشغيل والتنمية.

-تتضامن مع المركزيات النقابية الديمقراطية، التي وصلت علاقتها بالحكومة، إلى الباب المسدود، و التي اضطرت إلى اتخاذ مواقف جذرية و استثنائية في تاريخها، لأنها لم تجد من وسيلة أخرى، غير ذلك، للاحتجاج على السلوك اللاديمقراطي للحكومة، وعلى تدمير مكتسبات الحوار الاجتماعي ونسف قواعد المفاوضات الجماعية و الإجهاز على المطالب النقابية  و ضرب القدرة الشرائية للجماهير و الامتناع عن تحسين أوضاعها.

تستنكر المنهجية التي اتبعتها الحكومة، في التعامل مع كل الملفات التي تهم المجتمع المدنيـ، إذ ساد التعامل السلطوي، مع مكوناته، في مجال يستدعي الحوار و المشاركة الواسعة، طبقا لروح الدستور، حيث عملت على نهج فلسفة تحكمية، لفرض منظور رجعي و متخلف. و موازاة لذلك، كرست صيرورة التراجع على المكتسبات، في ميادين حقوق الإنسان و المساواة و المناصفة، و الإحتجاج السلمي و المشاركة السياسية لمغاربة المهجر، و حرية الإعلام،  و استقلالية القضاء و غيرها من الجوانب التي كان المجتمع ينتظر أن يحصل فيها تقدم، على ضوء الطفرة الديمقراطية، بينما الذي حصل هو النكوص و التراجع.

تعتبر أن الخطاب الديماغوجي والشعارات البراقة التي رفعتها، الحكومة، و خاصة الحزب الذي يقودها، بصدد محاربة الفساد، و ترويج خطاب أخلاقي، قد تبخرا، و لم يصمدا أمام الواقع، خاصة و أن الرأي العام الداخلي و الخارجي، يتابع باستمرار توالي الفضائح، التي تلاحق مسؤولي ووزراء  هذا الحزب.

تدين الصمت، الذي تنهجه بعض مكونات الحكومة، و الذي يصل إلى حد التواطؤ مع الخطابات التكفيرية، و مع الدعوة للعنف و الكراهية، مما يشكل مظلة للإرهاب و تحريضا عليه، علما أن للشعب المغربي تقاليده و ثقافته الدينية، و له مؤسساته التي تضمن الوحدة و السيادة و الشرعية الوطنية و الدينية.

 

بناءا على ما سبق ، فإن اللجنة الإدارية الوطنية، و هي تعتبر أن بلادنا، التي تعيش تحديات كبيرة، لبنائها  واختيارها الديمقراطي، و لتطورها الحضاري، و دفاعها عن استكمال وحدتها الترابية، لا يمكنها أن تقبل الإنزياح عن هذا الإختيار وهدر الزمن السياسي، و تلح على ضرورة تدارك الوضع، قبل فوات الأوان، لما فيه مصلحة البلاد، و ذلك بتقديم استقالة الحكومة إلى جلالة الملك،  وفسح المجال لانتخابات تشريعية سابقة لأوانها .

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

من مقترحات تعديلات المعارضة الاتحادية إعفاء جمعيات المجتمع المدني 

يوسف إيدي لرئيس الحكومة: «أين نحن من الاكتفاء الصناعي؟»

حفل تسليم شهادات نهاية الدورة التدريبية بتعاون مع مؤسسة فريدريك إيبرت التابعة للحزب الاجتماعي الديمقراطي الألماني

في البيان العام للمجلس الوطني للشبيبة الاتحادية