رسالة الاتحاد

تُفتتح الدورة البرلمانية الربيعية، يومه الجمعة الثانية من أبريل، على إيقاع نقاش مجتمعي يخص العديد من القضايا والملفات ذات الطبيعة الحقوقية أو الاجتماعية أو التدبيرية، ومن المنطقي أن ترنو الأبصار إلى المؤسسة التشريعية، في سياق مؤسساتي يتميز بالاختلال الفادح لفائدة مكونات الحكومة، لمعرفة مدى توفرها على حظوظ لممارسة وظيفتها الرقابية كاملة، بخصوص ما يشغل الرأي العام، ومنها قضية الدعم الذي منحته الميزانية العمومية للمستوردين، ومدى تطابقه مع القوانين المنظمة له، ومع أخلاق المسؤولية المطلوب توفرها في تدبيره، إضافة إلى الانعكاسات الاجتماعية المنشودة من ورائه، ثم أخيرا وليس آخرا، تكريس قوة الثقة في المؤسسات وفي السياسة بشكل عام.
ـ كان الاتحاد سباقا، عن طريق فريقه البرلماني، إلى تفعيل القانون الداخلي للبرلمان لطلب توفير المعطيات والبيانات بخصوص عدد المستفيدين والكلفة المالية للتدابير الخاصة بهذا الموضوع، لا سيما وقف استيفاء الضريبة على القيمة المضافة والرسوم الجمركية …، وكل ما يتفَّرعُ عن ذلك، في ما يغطي سنوات 2021 إلى 2024. وفي هذا الباب، وجه فريق المعارضة الاتحادية رسالة إلى رئيس لجنة المالية والتنمية، بتاريخ 23 أكتوبر 2024، يطرح فيها الموضوع، الذي سيشغل الناس في ما بعد .
يسجل الاتحاد، بخصوص تداعيات الموضوع ما يلي:
1 – إقرار الحكومة في شخص الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية أن»عملية الدعم المخصصة لاستيراد الأبقار والأغنام لم تحقق النتائج المرجوة في تخفيض الأثمان«. وكان ذلك تعقيبا على مداخلات النواب الاتحاديين في متم شهر أكتوبر نفسه. وسيعود مجددا إلى نفس المضامين، بمناسبة جلسة التصويت على ميزانية 2025 بتاريخ 24 نونبر 2024 ليقر باسم الحكومة أن »الدعم المخصص للاستيراد كان خطأ والاعتراف بالخطأ فضيلة«.
2 – يسجل الاتحاد كذلك، في نفس السياق، تفاعل وزارة الاقتصاد والمالية مع فريقنا الاتحادي المعارضة الاتحادية بخصوص العملية.
3 – كما يسجل الاتحاد، وبكل الوثائق والشهادات المكتوبة والمسموعة والمرئية، خروج وزراء في الحكومة، سواء في لقاءات ذات طبيعة حزبية أو برامج حوارية، للتشكيك في نجاعة العملية بل في الظلال القاتمة التي أحاطت بها، سواء في ما يتعلق بلوائح المستفيدين أو في ما يتعلق بتأثيراتها العملية الملموسة على المواطن المغربي.
4- يسجل الاتحاد، تضاربا فادحا في المبالغ التي يتم تقديمها من طرف المكونات الحزبية للأغلبية. وإذ يشير الاتحاد إلى أن المعطيات المتداولة وخصوصا في فضاءات النقاش العمومي كلها متباينة من لدن القطاعات الوزارية أو من لدن المكونات الرسمية للحكومة، وليس غيرها، يذكر بأن المبالغ تتراوح بين 250 مليون درهم و 13 مليار درهم بهامش شاسع للغاية، يصعب معه التسليم بأخطاء في الحساب!!!
5 – يسجل الاتحاد كذلك، وجود تضارب كبير في أعداد المستفيدين من هذا الدعم، وبنفس الهوامش، بين العدد كما يقدمه كل مكون من مكونات الأغلبية، بدءا بالبرلمان ووصولا إلى القطاعات الوزارية.. من وزارة السكنى إلى الفلاحة إلى الماء والتجهيز والصناعات التقليدية. مرورا بالقيادات السياسية.
مما يدل، بشكل فادح، على ارتجالية السجل الحسابي لكل قطاع، وتضارب المعلومة بين مكوناتها، والارتجالية التي تطبع تدبير قضية من صميم الأمن الغذائي والروحي للبلاد، كما اتضح مع شعيرة عيد الأضحى..
6 ـ السبق الذي سجله الاتحاد، من خلال فريقه، حول إثارة المبلغ الحقيقي، وذلك من خلال النقاشات في الميزانيات القطاعية لقانون المالية، ومن خلال إثارة الانتباه إلى الوَقْع المالي العملي للاستيراد، والذي فاق 13 مليار درهم، »وذلك في الوقت الذي كانت فيه فرق الأغلبية بمجلس النواب تشكك في صحة الرقم«!
 مبادرة الاتحاد إلى وضع تعديلات على مشروع قانون المالية تهدف إلى إلغاء الإعفاءات الخاصة بالاستيراد، والتي رفضتها الحكومة بسند من غالبيتها البرلمانية.. وهي الأغلبية نفسها التي تستند عليها اليوم لنسف مبادرة لجنة تقصي الحقائق.. وبمجهود لا أخلاقي يروم طمس الحقيقة، بعد أن تم »تفتيتها «عبر التصريحات المتضاربة.
8 – يسجل الاتحاد، ومعه الرأي العام، أن الوزراء المنددين بالوضعية الحالية، كما هو حال زملائهم، في ادعاء البحث للاطلاع على ما جرى، هم أنفسهم الذين صادقوا في المجالس الحكومية على كل المراسيم الخاصة بالإعفاء والرسوم الجمركية، وصوتوا على قانون المالية الذي يتضمن نظاما جبائيا تفضيليا .
9 – لقد قدمت الحكومة في سياق هاته الفضيحة صورة مزرية عن حقيقة الفعل الحكومي، وعن المواقف المعلنة المتسمة بالتذبذب والارتجالية وعدم الدقة والتغليط الرسمي العلني المقصود، ونموذج ذلك البلاغات الصادرة عن وزارة الفلاحة بخصوص الأثر الملموس لهاته الإعفاءات »في تعزيز العرض من الأغنام خلال عيد الأضحى«، أو من خلال ادعاء بأن تعليق الرسوم الجمركية والضريبية على القيمة المضافة «لم ينتج عنه أي أثر مالي على ميزانية الدولة«.
10 – إن أهم الخلاصات التي يمكن تسجيلها في هذا المضمار هو أن النقطة التي ترافع عنها الاتحاد وبرلمانيوه لم تجد التجاوب الواجب والناجع من طرف الحكومة، التي استمْرأَت مجددا تغولها في فرض سياسة مثيرة للشك والريبة، طابعها الزبونية على حساب المصلحة الوطنية والسِّلْم الغذائي والاجتماعي. كما تبين الممارسات السياسية للأغلبية عن مواطن قصور عديدة ليس أقلها غياب أي حلول إجرائية لفائدة الفلاحين الصغار والمتوسطين المغاربة، من أجل دعم مجهودهم في تجديد القطيع الوطني، بل الأنكى من ذلك هو الإصرار على دعم الفلاحين ومربي المواشي في “الخارج” على حساب الفلاح المغربي والمستهلك المغربي.
ولهذا نعتبر بأن المناسبة تستوجب أكبر من الدفاع عن الحقيقة في هذا الملف، بل ترتيب الآثار الدستورية التي يتضمنها ربط المسؤولية بالمحاسبة، بما لذلك من أثر في تعزيز ثقة المغاربة في مؤسساتهم، في لحظة وطنية تحتاج المؤسسات فيها إلى جرعات كبيرة من هاته الثقة لإنجاح المشاريع الكبرى والحضارية التي يشرف عليها جلالة الملك، وتصليب ديموقراطيتنا الناشئة، من خلال تخليق الحياة الوطنية وتحصين المالية العمومية.

(المزيد من التفاصيل انقر الرابط أسفله)

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الكاتب الاول الاستاذ ادريس لشكر، في برنامج «نقطة إلى السطر» بالقناة الأولى

بخصوص ما قاله الكاتب الأول عن فلسطين الآن!

في مناظرة «المعارضة السياسية والمشاركة في صنع القرار: أي دور لبناء التوازن السياسي في البلاد؟» بمؤسسة HEM

ندوة للكتابة الإقليمية للحزب حول «المنظومة الصحية بإقليم الحسيمة هل نحن على مشارف أزمة أم نقترب من الحل؟