عبد الحميد جماهري
عن سؤال حارق، يمس مغاربة القرن الواحد والعشرين، مع وباء القرن الواحد والعشرين، اختار وزير التربية، جوابا يعود إلى شعب أثينا في القرن السادس قبل الميلاد، في أجواء سياسة القرن السادس قبل الميلاد..!
كيف ذلك؟
يبدو المشهد التعليمي، كما لو أن وزير التربية والتكوين ووووو، قد اتخذ قرارا، وحقيقة الأمر أنه اتخذ قرارا بعدم اتخاذ قرار… ورمى بالمعضلة في وجه الأسر، لكي تتخذ قرارا يمس السير المؤسساتي للمدرسة الوطنية، بشقيها العمومي والخاص!
على الشعب أن يغوص في المعضلة، ويتخذ القرار الذي يراه مناسبا…
الشعب يتخذ قرارات سياسية كما لو أننا بالفعل ما زلنا نبحث عن نظام سياسي وعن شكل للبناء المؤسساتي والطريقة التدبيرية لاتخاذ القرار…
فهل يليق بمسؤول حكومي أن يكتشف، في عز أزمة صعبة، أن الآباء أصحاب قرار يهم مؤسسة حكومية ومجتمعية استراتيجية كالمدرسة؟
يتوقف ذلك على سؤال آخر: هل الابن، عندما يلج المدرسة، يظل ابنا أو يتحول إلى تلميذ، يخضع في تعريفه ومشروطية التحاقه، إلى قوانين الفضاء العام؟
هل تمتد الأسرة إلى داخل الحرم التعليمي بهذا المعنى؟
أبدا، فالمدرسة اكتشاف جماعي واكتشاف حصري للدولة، ولم يكن أبدا اكتشافا عائليا…
ليس للوزير أن يشعر بالارتياح، وهو يخلع الدرع الثقيل للمسؤولية التعليمية عن كتفيه ويضعها على كتفي الأولياء، …تلك طريقة غير شريفة في ممارسة التشاركية والعمل المشترك…!
الشعب، كما كتبنا، ليس هو شعب أثينا في القرن السادس قبل الميلاد، ولا يتخذ قرارات تمس السياسة اليومية والتدبير اليومي للفضاء العمومي، هو يشارك مرة كل خمس سنوات ويترك لمن تخوله توازنات السياسة، اتخاذ القرار..
وإلا لا شأن للدولة في قضية ملتهبة إلا بما يحصل من قناعات أسريةَ، والحال أن شؤون الدولة لا تخضع للاختيار الحر، libre arbitre بل تخضع للإجبارية…، كما هو التعليم.
والتعليم، شأن دستوري:
في الشكل وفي المضمون
في المبنى وفي المعنى
في الفضاء العام وفي النتيجة.
في الفصل 31 من الدستور «تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة من الحق في… الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة ««.
ولا تكون الأسرة شريكة دستورية للدولة سوى في ما يتعلق بالتعليم الأساسي… ولنا في الفصل 32 من الدستور المغربي تأكيد يقول إن «التعليم الأساسي حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة».
غير ذلك ، علينا أن نتفق على تعريف موحد للمدرسة من جديد ليمكن أن نتفق على طبيعة القرار ومسؤولية الوزارة وإذن الدولة والحكومة والمؤسسات الرسمية، على ما يجب أن تفعله.
قبل أن نناقش الشكل، سيكون من المؤسف حقا أننا نختزل إشكالية عظمى، قبل الوباء فبالأحرى أثناء الوباء في تقنيات الذهاب والإياب، ونسقط عنها طابعها الاستراتيجي، بتمييع المسؤولية في ما يحدث…
هل يمكن أن نشرك الآباء والأولياء في اختيار المناهج، وفي طريقة التنقيط والواجبات التربوية ومستويات النجاح والفشل والمواد التي يجب دراستها… إلخ؟
أبدا..
المعضلة أعمق بالنسبة للمسؤول الحكومي الذي عليه أن يصارع من أجل مدرسته، ومدرسة أبناء شعبه…
ولذلك لا يكفي قرار وتصريحات ترتيبية..
لا بد من العودة إلى مفهوم أعمق للمدرسة، باعتبار أن المفهوم هنا هو التقاط إبداعي للواقع، لا يؤدي بالضرورة إلى إلغاء تعقد الواقع وتشابكه..
هل المشكلة عويصة؟
بلى..
هل اللاقرار الوزاري يجيب عنها؟
كلا…
لقد اختار الوزير أمام حيرته، أن أفضل جواب هو، تعميم الحيرة على الجميع..
وأخاف أن يكون ذلك بسبب نوع من التحلل الوظيفي لا غير..
تعليقات الزوار ( 0 )