تقديم : في حوار مع الجريدة حول استراتيجية اشتغال التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية قال عبد المولى عبد المومني إن هناك إنجازات حقيقية على أرض الواقع، استطاعت التعاضدية العامة تحقيقها، كما استطاعت التعامل بإيجابية مع الإكراهات والصعوبات التي تمر منها، وتتفاعل بشكل إيجابي أيضا مع المتغيرات والمستجدات الطارئة في محيطها. فالتعاضدية العامة كما تسلمتها الأجهزة المسيرة الحالية المنتخبة سنة 2009، لم تكن في وضعية إدارية وتدبيرية ومالية عادية، حيث تم ذلك بعد تطبيق الحكومة للفصل 26 من الظهير المنظم للتعاضد. وكما هو معلوم فإن تطبيق هذا الفصل لم يتم إلا بعد التأكد من عدم تحقيق التوازنات المالية لهذه المؤسسة، الأمر الذي يعكس عدم ارتياح سلطات الوصاية من قدرة المؤسسة على ضمان استمرارية وديمومة الخدمات المقدمة للمنخرطين وذوي حقوقهم. وقد وجدنا هذه المؤسسة تعاني من عجز مالي يقدر بمليار ونصف، وسيولة قليلة جدا لا تكفي للوفاء بالتزامات التعاضدية العامة تجاه منخرطيها وخاصة صرف تعويضات ملفات المرض ومنح التقاعد والوفاة وغيرها من الخدمات. كما وجدنا تأخرا كبيرا في المصادقة على حسابات المؤسسة منذ سنة 2003 ونحن في سنة 2009، حيث لم تعرض على الجمعية العمومية لمناقشتها والمصادقة عليها في الجموع العامة كما ينص على ذلك القانون المنظم. وهذا معناه أنه ليست هناك رؤية أو استراتيجية مبنية على واقعية، مما يخلق متاعب كبيرة للمؤسسة. ويواصل عبد المولى عبد المومني محاربة الفساد بالتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، من أجل إعادة سكة التعاضدية إلى مسارها الحقيقي، بالكشف والمكاشفة والحقائق التي تعرضت للتعتيم على يد لوبيات تختفي وراء أقلام مكلفة.
– السيد رئيس المجلس الإداري للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية مرحبا في حوار نريد أن ندشنه للجريدة بتساؤلات حول التعاضدية العامة التي حاول البعض أن يرفع بها سؤال المعرفة والبعض سؤال القلق والبعض الآخر يرفع بها صورة التشويش بناء على معطيات ذاتية وموضوعية، لذلك نريد منكم تقريبنا من التعاضدية العامة في إطار الاستراتيجية التي اتبعتموها والتي أثارت كل هذه المناحي الإيجابية منها والسلبية.
– أولا، أود أن أشكركم على اهتمامكم بهذا الموضوع، وأنا متأكد بأنك كصحفية لا تتناولين أي موضوع دون أن تكون له أي إضافة للقوات الشعبية والمواطن المغربي، خاصة أن الموضوع اجتماعي ويهم فئة واسعة من المغاربة. وهو من المواضيع الاجتماعية التي تعتبر في صلب قلق واستراتيجية الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ومن أولويات اهتماماته. كما أود أن أحيي من خلالك جريدة الاتحاد الاشتراكي التي تستضيفني اليوم للحديث عن التعاضدية العامة، حيث أثارني سؤال القلق وسؤال المعرفة، من منطلق التمعن واختلاف النظرة حول ما هو متداول في الساحة بخصوص التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية.
وبالعودة إلى جوهر سؤالك، فإنني أعتبر التشويش القائم عادي، لماذا؟ لأن هناك إنجازات حقيقية على أرض الواقع، استطاعت التعاضدية العامة تحقيقها، كما استطاعت التعامل بإيجابية مع الإكراهات والصعوبات التي تمر منها، وتتفاعل بشكل إيجابي أيضا مع المتغيرات والمستجدات الطارئة في محيطها. فالتعاضدية العامة كما تسلمتها الأجهزة المسيرة الحالية المنتخبة سنة 2009، لم تكن في وضعية إدارية وتدبيرية ومالية عادية، حيث تم ذلك بعد تطبيق الحكومة للفصل 26 من الظهير المنظم للتعاضد. وكما هو معلوم فإن تطبيق هذا الفصل لم يتم إلا بعد التأكد من عدم تحقيق التوازنات المالية لهذه المؤسسة، الأمر الذي يعكس عدم ارتياح سلطات الوصاية من قدرة المؤسسة على ضمان استمرارية وديمومة الخدمات المقدمة للمنخرطين وذوي حقوقهم. وقد وجدنا هذه المؤسسة تعاني من عجز مالي يقدر بمليار ونصف، وسيولة قليلة جدا لا تكفي للوفاء بالتزامات التعاضدية العامة تجاه منخرطيها، وخاصة صرف تعويضات ملفات المرض ومنح التقاعد والوفاة وغيرها من خدمات. كما وجدنا تأخرا كبيرا في المصادقة على حسابات المؤسسة منذ سنة 2003 ونحن في سنة 2009، حيث لم تعرض على الجمعية العمومية لمناقشتها والمصادقة عليها في الجموع العامة كما ينص على ذلك القانون المنظم. وهذا معناه أنه ليست هناك رؤية أو استراتيجية مبنية على واقعية، مما يخلق متاعب كبيرة للمؤسسة.
إلى ذلك لم نجد مدونة للصفقات تشتغل في إطارها التعاضدية العامة، وليس هناك مراقب للحسابات، وممثل الدولة الذي يعينه وزير المالية لا يواكب أشغال لجنة المراقبة، أضف إلى ذلك وجود 550 ألف ملف مرض مركونة في رفوف المؤسسة لم تتم لا معالجتها ولا تسويتها ولا صرف مستحقاتها للمرضى المنخرطين منذ 2003، وتستوجب 14 مليار سنتيم لتمكين أصحابها من مستحقاتهم. وفي ما يتعلق بالتدبير الإداري فقد وجدنا جل مناصب المسؤولية بالمؤسسة شاغرة، مما يعني أنها كانت مؤسسة على أنقاض..
الذين أشرفوا سنة 2009 على الانتخابات هم المتصرفون المعينون من طرف وزير التشغيل ووزير المالية آنذاك. وسأقدم لكم بعض الأرقام لوضعكم في الصورة، ففي سنة 2008 كان يسير المؤسسة الجهاز المنحل، وعند انتخابنا سنة 2009 لم يكن قد تم عقد أي جمع سنة 2008، بينما القوانين الجاري بها العمل تنص على ضرورة تنظيم جمع عام كل سنة للمصادقة على حسابات السنة السابقة، وما تم عقده هو 3 اجتماعات للمجلس الإداري بينما القانون ينص على ضرورة عقد اجتماع لهذا الجهاز مرة كل شهرين على الأقل. وهنا نتحدث عن الحكامة، أي الإشراك والشفافية والمسؤولية في التدبير. عند تحملنا للمسؤولية ارتفع عدد اجتماعات الجموع العامة إلى جمع عام واحد على الأقل كل سنة، وخلال السنوات الأولى كنا نعقد جمعين عامين في السنة لأجل المصادقة على حسابات السنوات السابقة لتدارك التأخر المسجل على عهد الأجهزة السابقة. بينما اليوم التعاضدية العامة تشتغل على حسابات 2017، وأصبحنا كباقي المؤسسات نحصر حسابات التعاضدية العامة في الآجال المحددة قانونا ونصادق عليها في السنة الموالية. وهذا إنجاز حققته التعاضدية العامة ومن حقنا الافتخار به.
وبخصوص اجتماعات المكتب الإداري للتعاضدية العامة فتبلغ اليوم 39 اجتماعا في السنة، وانتقلنا من 3 اجتماعات المشار إليها إلى 10 اجتماعات في بعض السنوات، وهذا معناه أن هناك حكامة، وهناك شفافية وهناك إشراك، وأن هناك إرادة للتغلب على الإكراهات والصعوبات التي تواجهها المؤسسة لتحسين وتجويد خدماتها. الخلاصة من هذا العرض هو التأكيد أن التعاضدية العامة خرجت من عهد التحكم إلى عهد الإشراك.
– طيب السيد عبد المولى عبد المومني، لا يختلف اثنان في كون التعاضدية العامة قبل سنة 2009 وما كتب عنها من أنها كانت علبة سوداء مغلقة، وأثارت العديد من الأسئلة حول الفساد الذي كان مستشريا فيها وخرج إلى العلن وتناوله الرأي العام وتعرض لتداعياته، وفي سنة 2009 تتولون زمام الأمور بهذه التعاضدية وتحاولون إعادة الأمور إلى نصابها، ووقفتم على عدة خروقات، من بينها ما أشرتم إليه من عدم احترام دورية انعقاد اجتماعات أجهزتها المسيرة طبقا للقوانين المعمول بها، مما يطرح السؤال حول دواعي وأسباب هذه الخروقات. ولم يتم الوقوف والبحث عند الضبابية التي شابت تسيير هذه المؤسسة الاجتماعية. وفي سنة 2009 جئتم بسؤال الإصلاح، وبعد سنتين صادفتم دستور 2011، وهذا الدستور كما تعلمون يرفع درجة العمل المؤسساتي بمأسسة مؤسسات داخل الحكومة، بطبيعة الحال التي تعني الجماهير الشعبية وتعني كذلك المواطن المغربي بصفة عامة، في تقويم صحته وفي تقويم حياته، لتمكين هذا المواطن من حقوقه الاجتماعية وفي مقدمتها الحق في الصحة وضمان كرامته الإنسانية، كيف تعاملتم، على المستوى القانوني من حيث الملاءمة، مع دستور 2011، حتى تكون القوانين المنظمة للتعاضد مستجيبة لهذا الدستور الطموح، بما يحصن المكتسبات ويحقق الكرامة والعدالة الاجتماعية؟
– شكرا على إثارة هذا السؤال الذي يطرح لأول مرة في شقه المتعلق بالحقوق، فأنت عندما تتحدثين عن دستور 2011 تتحدثين عن الحق في الصحة للمواطن وليس الصدقة وليس الإحسان وليس الاستجداء، وهذا التوجه الحقوقي هو ما نطمح إليه دائما في عملنا ومجال اشتغالنا، وهذا يتماشى مع المبادئ والقيم التي نؤمن بها والأهداف التي ندافع عنها. أول ما قمنا به بعد دستور2011 والذي يعتبر أساسيا بالنسبة للمواطن لتحقيق كرامته وغلق الأبواب أمام الإحسان هو سياسة القرب، حيث عملنا على افتتاح مكاتب إدارية للقرب لفائدة المنخرطين، وكما أشرت فقد كانت المؤسسة في وضعية عجز، ولتجاوز هذا الإكراه وتفادي أي مزايدات سياسوية، قررنا البحث عن شركاء ومتعاونين متواجدين في جميع أنحاء المملكة، وكان الشركاء الذين استجابوا لمبادرتنا هم السلطات المحلية والجماعات الترابية التي توفر مكتبا وموظفا بينما تتكلف التعاضدية العامة بالتجهيزات المكتبية والمعلوماتية، وقد أثمرت هذه الشراكة نتائج إيجابية جدا لفائدة المنخرطين، وكان أول مكتب إداري للقرب افتتحناه هو مكتب إقليم أسا الزاك، وبعده انتقلنا إلى الأقاليم، جرادة، فكيك، الداخلة، السمارة، بوجدور، كلميم، سيدي إفني، تارودانت، وغيرها في مختلف الجهات والأقاليم، وقد بلغنا اليوم 55 مكتبا. وهذه الشراكة توفر للتعاضدية العامة مليار و200 مليون سنتيم سنويا، كانت ستصرفها من أموال المنخرطين لو أنها تتحمل التكلفة المالية كاملة لهذه المكاتب.
– وماذا عن الموارد البشرية المؤسسة لهذه المكاتب، هل تتوفر التعاضدية العامة على خريطة للموظفين؟
– من طبيعة الحال، فقد قمنا مركزيا بخلق وحدة إدارية خاصة تعنى بالتتبع اللصيق والمواكبة الاستراتيجية للموظفين العاملين بهذه المكاتب للقيام بالمهام المنوطة بهم على أحسن وجه، ولضمان قيام هذه المكاتب بالأدوار المحددة لها وهي تقريب الخدمات الإدارية من المنخرطين، دون الحاجة إلى الانتقال إلى المركز. فالمنخرط المتواجد مثلا بسيدي إفني لم يعد مضطرا للانتقال إلى أكادير من أجل إيداع ملف مرض. وهكذا يتم تخفيف أعباء التنقل على المنخرط، وتفادي إهدار ساعات عمل بالنسبة للإدارات العمومية المشغلة.
– هل هذا يعني أنكم شرعتم في تطبيق الجهوية؟
– هناك فرق، ما أتحدث عنه هو سياسة القرب الإداري، وأما الجهوية فهي مشروع استراتيجي آخر، ويهم الجهوية الصحية.
-نقصد أنكم قمتم باللاتمركز الإداري؟
– تماما. حيث كان الهدف هو تخفيف تكاليف التنقل لأجل مصلحة إدارية بسيطة من قبيل الحصول على ورقة علاج، أونموذج طلب استفادة من منحة تقاعد أووفاة وغيرها من المصالح الإدارية، وتفادي ضياع ملفات المرض المرسلة عبر البريد أو تأخرها، وقد يتجاوز الآجال المحددة للإيداع فيحرم المنخرط من التعويضات المستحقة.
وعلى سبيل المثال، قبل مجيئنا، كان عدد ملفات المرض التي تصرف تعويضاتها لا يتعدى 560 ألف ملف سنويا، واليوم وبفضل سياسة القرب التي نتحدث عنها، بلغنا صرف تعويضات مليون و400 ألف ملف مرض في السنة.
– ما هي الإجراءات التي قمتم بها لتحسيس الموظفين بحقوقهم وبأهمية الانخراط في التعاضدية العامة والاستفادة من خدمات هذه المنظومة الصحية؟
– عن طريق مكاتب القرب الإداري، فعندما يقصد المواطن هذا المكتب يتم إخباره بعدم اضطراره للسفر إلى مدينة أخرى لقضاء مصالحه الإدارية. فالمنخرط المتواجد مثلا في مدينة فكيك أصبح معفيا من الانتقال إلى مدينة وجدة عاصمة الجهة لإيداع ملف مرضه، وما يعنيه ذلك من الإعفاء من تكلفة السفر التي قد تكون أكثر بكثير من المبلغ المفوتر في ملف المرض. فهو اليوم يدرك أن إدارة التعاضدية العامة أصبحت تفكر فيه وأنها هي من انتقل إليه لتسلم ملفاته وقضاء مصالحه الإدارية، بالإضافة إلى أن مدة معالجة الملف المودع بفكيك تكون أقصر بكثير عن نظيره الذي يتم إيداعه بالرباط، حيث إن الملفات التي تودع بهذا المكتب الإداري بفكيك قد لا تتعدى 20 ملف مرض يوميا، بينما في الرباط تتجاوز 1200 ملف يوميا.
– طيب سياسة القرب الإداري هاته والجهوية الصحية هي سياسة جديدة ابتكرت بعد دستور 2011 الذي توجه نحو جهوية موسعة لتحقيق اللاتمركز في محور الدار البيضاء الرباط وتجنب لغة الهامش، وغير ذلك مما أنتجته المرحلة، وهنا أسائلكم السيد الرئيس، هل هذه الثقافة الجديدة في التدبير وهذه المنظومة في الاشتغال منصوص عليها في القوانين الأساسية والداخلية للتعاضدية العامة؟ أقصد هل تم تنزيلها بعد مجيئكم أم أن إرهاصاتها كانت متوفرة قبل 2009، مع الأخذ بعين الاعتبار الاختلالات التي كانت قائمة والتي أشرتم إلى بعضها، ومنها عدم الالتزام بدورية اجتماعات الأجهزة المسيرة؟
– في ما يتعلق بالقوانين المنظمة للتعاضدية، فإنها تنص على انخراط موظفي الدولة والإدارات العمومية وشبه العمومية والجماعات الترابية في التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، وتأدية نفس مبلغ الانخراط على قدم المساواة أينما تواجدوا، في فكيك أو في الرباط على سبيل المثال. وكما هو معلوم فإن هؤلاء الموظفين متواجدون في جميع التراب الوطني، وأداء الانخراط يخول الاستفادة من مجموع الخدمات التي تقدمها هذه المؤسسة، غير أنه إذا كانت هذه المؤسسة تمركز خدماتها بالرباط فقط، فهذا يعني أنها مؤسسة للرباطيين دون غيرهم، وليست مؤسسة لكافة الموظفين في مختلف الأقاليم والعمالات والجهات.
– هل هذا معناه أن الإطار القانوني كان متوفرا، وإنما لم يكن هناك تفعيل لثقافة تقريب الخدمات، وأنكم بادرتم إلى تفعيلها في إطار سياسة جديدة تضع المنخرط في قلب اهتماماتها؟
– هذه الثقافة الجديدة التي تتحدثين عنها، أبدعنا فيها وقمنا بإرساء أسسها ورسخناها على أرض الواقع، وداخل أجهزة التعاضدية العامة التقريرية والمسيرة، أي الجمع العام والمجلس الإداري، بصيغة أخرى وإن صح التعبير، حركنا آلية الحكامة لتبدع في ضمان استفادة المنخرطين من الخدمات على قدم المساواة اعتبارا لكونهم يؤدون نفس الاشتراكات.
– اسمحوا لي أن أنتقل إلى سؤال آخر، ذلك أن المتتبع الواعي والعاقل للشأن التعاضدي والتعاضدية العامة على وجه الخصوص، وطريقة اشتغالها، وتوجهاتها الاستراتيجية وانعكاساتها الإيجابية على المجتمع وعلى مصلحة المنخرطين، يقف حائرا أمام ما يكتب وما ينشر ويروج من طرف أقلام معينة ضد التعاضدية العامة وضد النتائج الإيجابية المحققة لفائدة المنخرطين والصالح العام عموما بفضل هذه المنظومة التدبيرية لتقريب الخدمات وقد وقفنا عند تمفصلاتها في الأقاليم والجهات التي تؤكد أن التعاضدية العامة منسجمة مع دستور 2011 ومع لغة الحكامة، ومنسجمة مع الخطابات الملكية التي تدعو إلى تفعيل الحكامة وجعل الإدارة في خدمة المواطن وتقريب خدماتها منه، سواء كان في الفرع أو الهامش، في شمال المغرب أو في جنوبه، وهنا أفكر بصوت مرتفع: لماذا هذه الضجة حول التعاضدية العامة؟ هل الأمر يتعلق بصراع إيديولوجي سياسي، أم يتعلق بمصالح ذاتية تم المساس بها عند إقبالكم على تفعيل الحكامة بالتعاضدية العامة؟
– أعتقد أن السؤالين المطروحين يمكن مزجهما في صورة التعاضدية العامة، حيث إن الذاتية والسياسوية تجتمعان. وللتوضيح سأقدم مثالا، عندما تساءلت عن قانونية اشتغال هذه المؤسسة ومدى الملاءمة مع دستور 2011، وأحييك مرة أخرى على إثارة التوجهات العامة للبلاد التي تؤطرها خطابات جلالة الملك محمد السادس نصره الله والداعية إلى تقريب الإدارة من المواطن وجعلها في خدمته، والاهتمام بالموارد البشرية، هذه التوجهات كلها جعلناها في صلب اهتمامات التعاضدية العامة، حيث إن قرارات الجمع العام والمجلس الإداري والمكتب المسير تصب كلها في خانة هذه التوجهات. لماذا في هذه الخانة؟ لأننا في التعاضدية العامة قمنا بإجراء استقراء للرأي في أوساط المنخرطين في ظرفية غير مواتية وصعبة، وتقوم به مؤسسة اجتماعية تروج عنها مجموعة من المغالطات وتعاني من التشويش من كل ناحية، كما أشرت إلى ذلك، فماذا كانت النتائج؟ قبل مجيئنا كان 3% من المنخرطين فقط الذين عبروا عن رضاهم عن خدمات المؤسسة، وأما الاستطلاع الذي قمنا به عبر 60% من المنخرطين عن رضاهم عن خدمات التعاضدية العامة و70 % منه راضون عن ظروف الاستقبال في مرافق التعاضدية العامة، وهذا معناه أننا خلال المدة التي تحملنا فيها المسؤولية استطعنا إقناع المواطنين الذين يستفيدون من خدمات المؤسسة بأننا لسنا بيروقراطيين، بل ننتخب لأجل تطبيق دستور 2011ومسايرة التوجهات الكبرى لبلادنا. والآن سأشرح ما يتعلق بالذاتية والسياسوية، فنحن اليوم نقوم بتنظيم برامج طبية، وأرجو أن يفهم العاملون في المجال الصحي، وكذا المشوشون من الناحية البيروقراطية الإدارية، أنه عندما تكون التعاضدية العامة متوفرة على مركز صحي بالرباط الذي هو المركب الصحي والاجتماعي الأمير مولاي عبد الله، والمرحوم الملك الحسن الثاني هو من أطلق هذا الاسم على هذا المركب، والذي من المفروض تقديم خدماته الاجتماعية والصحية لفائدة كافة منخرطي التعاضدية العامة، لكن هل المنخرطون المتواجدون بالرباط وحدهم من لهم الحق في الاستفادة من هذه الخدمات؟ بالطبع لا. لأنهم ليسوا وحدهم المنخرطين في التعاضدية العامة، بل كافة المنخرطين أينما تواجدوا عبر مجموع التراب الوطني. وهنا نتساءل مرة أخرى: هل من المفروض على منخرط موظف في إقليم فكيك أو إقليم الداخلة على سبيل المثال التنقل إلى الرباط لأجل العلاج في هذا المركب؟ حيث عليه أن يؤدي تكلفة التنقل بقيمة 300 أو 400 درهم لأجل الاستفادة من خدمة بتكلفة 10 دراهم كما هو الحال بالنسبة للأسنان، أو لأجل إجراء فحص طبي للعينين بتكلفة 70 درهما !؟
لو أننا في التعاضدية العامة، وفي منظومة التغطية الصحية الأساسية نتحمل تكلفة التنقل للمرضى، ولدينا الجرأة في النظام الإجباري الأساسي عن المرض لتحمل تكاليف تنقل المرضى، حينها لن يكون لدينا مبرر ولا عذر للتنقل إلى المناطق النائية والبعيدة في المغرب العميق لتقديم الخدمات الصحية لمنخرطينا.
ومادامت هذه الإمكانية متوفرة اليوم، ويكون المريض مضطرا لتحمل تكاليف التنقل إلى الرباط وتنجم عنها مضاعفات سلبية خلال رحلة طلب العلاج، أليس من واجبنا أن نجعل الإدارة في خدمة المواطن!؟ لذلك فإننا ننظم برامج طبية بنفس الاختصاصات المتوفرة بالمركب الصحي بالرباط، لتقريبها من هؤلاء المرضى في هذه المناطق، وتمكينهم من الاستفادة منها على قدم المساواة.
– إذن ماذا يريد هؤلاء من خلال نشر ثقافة التيئيس واليأس، التشكيك القانوني واستعمال مراكز القرار لضرب المؤسسات والكفاءات وفرملة مبادراتها الإصلاحية؟ ما الهدف من هذا، خصوصا وأن الأمور بلغت حد استعمال مقاعد في البرلمان والحكومة، ولا أتحدث الآن عن التجربة الحكومية التي يشارك فيها الاتحاد الاشتراكي إلى جانب الحزب الأغلبي ولكن أتحدث عن مرحلة سابقة والتي تم فيها استعمال مواقع القرار لضرب التعاضدية العامة. ولنتحدث بكل شفافية للمواطن المغربي الذي كلما فتح مواقع التواصل وجد هذه الحملة الشرسة على التعاضدية العامة وعلى اسم عبد المولى عبد المومني بالدرجة الأولى.
– بوضوح أكثر، عندما يتم الترويج في أوساط مواقع القرار بأن التعاضدية العامة تقوم بحملات طبية، ونحن لا نقوم بحملات طبية، بل ببرامج طبية لفائدة منخرطي التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية والتعاضديات الشقيقة وذوي حقوقهم. وأنبه هنا إلى أن الاستفادة من خدمات هذه البرامج الطبية لا تتم بالمجان، بل إن منخرطينا يؤدون نفس التسعيرة عن كل خدمة التي يؤديها من يلج المرافق الصحية بالرباط طلبا للعلاج، أو بتسعيرة أقل اعتبارا إلى أن الخدمة التي توفرها هذه البرامج الطبية في مدينة فكيك مثلا داخل وحدة طبية متنقلة، ليست بنفس الجودة المتوفرة في الرباط. وأحيانا ننظم برامج طبية تضامنية باعتبار التعاضدية العامة مؤسسة اجتماعية مواطنة لفائدة أعضاء المقاومة وجيش التحرير، ألا يستحق هؤلاء الرجال الذين قدموا خدمات جليلة للوطن الاستفادة من خدمة صحية مؤسساتية مجانية!؟ كما ننظم برامج طبية تضامنية لفائدة المواطنين في وضعية هشاشة الذين يتم تحديدهم من طرف السلطات المحلية، وكذا لفائدة نزلاء السجون، أليس من حق التعاضدية العامة تنظيم هذه البرامج مساهمة منها في محاربة الهشاشة والإقصاء الاجتماعي!؟ وهل تترامى بهذا على اختصاصات الآخرين !؟ وما نقوم به هو أن العمل المؤسساتي في بلادنا بدأ يحتل مكانته، مما يعني أنه يمس المصالح الضيقة وغير المؤسساتية لبعض الجهات في هذا الميدان وميادين أخرى. وما نقوم به مؤسس ومنظم وليس عشوائيا هدفه كسب ثقة الناس بفعل عمل إحساني لاستغلالها في مآرب شخصية. لهذا فإن العمل الذي نقوم به يزعج الآخرين، مما يدفعهم إلى مهاجمتنا.
هناك مسألة أخرى تتعلق برفض منح قن الولوج إلى نظام «اسكيف» بالنسبة للموظفين بمكاتب القرب، ويتحججون بالقانون وحماية المعطيات الشخصية، وهذا حق يراد به باطل. حيث إن القانون الأساسي الموحد لمستخدمي التعاضدية العامة الذي وقعت عليه جميع النقابات ينص على إمكانية وضع موظفين عموميين رهن إشارة التعاضدية العامة. وهذا يعني أن المسألة قانونية. وعندما يرفض مدير الصندوق تمكين هؤلاء الموظفين من قن الولوج لأجل الاشتغال، مع العلم أنهم موظفون عموميون ملزمون بالسر المهني وحماية المعطيات، ولا يتم تزويدهم بهذه الأقنان لممارسة مهامهم الإدارية في المناطق النائية، مما يحرم منخرطي هذه المناطق، بسبق الإصرار والترصد، من الاستفادة من الخدمات التي توفرها هذه المكاتب الإدارية، في فكيك، آسا، الداخلة، بني تجيت، تارجيست على سبيل المثال دائما، وهنا أعود للعمل المؤسساتي الذي يحول دون أن يكون المنخرط رهينة للسماسرة، ورد السماسرة معروف في مثل هذه الحالة.
– بالرغم من هذه الإكراهات والصعوبات توجهتم نحو الانفتاح على المحيط الإقليمي والدولي، على مستوى إفريقيا، أمريكا اللاتينية، والمنظمات الدولية العاملة في مجال الحماية الاجتماعية، ما جعل التعاضدية العامة محط اهتمام كبير للاستفادة من تجربتها وخصوصا على الصعيد الإفريقي، وربحتم رهان كرسي رئاسة الاتحاد الإفريقي للتعاضد في هذا الجانب. بلغة الذهاب والإياب نحو الآخر ما موقع التعاضدية العامة كمغرب في هذا الإطار؟
– من خلال ممارسة ديبلوماسية من نوع آخر، ديبلوماسية فيها المغرب، وفيها قضاياه، وفيها كذلك قيمة المغرب المعرفية والأدواتية والقانونية والدستورية لكي يفيد الآخر، إفريقيا على الخصوص.
وصلت التعاضدية العامة إلى هذا المستوى من الإشعاع، لأنه مباشرة بعد مجيئنا، وفي أول مجلس إداري قررنا اعتماد مدونة للصفقات، ومراقب الحسابات، وكما أشرت إلى ذلك، شرعنا في تفعيل سياسة القرب والجهوية الصحية والحكامة والشفافية، كما اشتغلنا على مالية التعاضدية لترشيد النفقات، إلى جانب تحديث وعصرنة الإدارة، فماذا كانت النتيجة؟ في 09 يناير 2018 مراقب الحسابات يسلمني مذكرة يطلب مني عرضها على المجلس الإداري للتعاضدية العامة للقيام ببذل مجهود إضافي لتنقية وتطهير حسابات التعاضدية العامة لسنوات ما قبل 2009 حتى تتمكن من المصادقة على حساباتها. وهذا معناه أن حسابات سنوات ما بعد 2009 ليست بها أي شوائب، وأننا استطعنا منذ سنة 2009 إلى الآن جعل حسابات التعاضدية العامة مطابقة للقوانين الجاري بها العمل.
هذا إقرار من مراقب الحسابات، وهو يؤكد أننا بذلنا مجهودا كبيرا من ناحية التدبير المالي للتعاضدية العامة، وقد تتساءلين إذا كان الأمر كذلك، فلماذا تستمر حملات التشكيك في سلامة مالية التعاضدية العامة !؟ خلال حصر حسابات السنة المالية الفارطة تمت موافاة الوزارات الوصية بها وكذا كل من يهمه الأمر بمن فيهم المشككون، وأوضحنا لهم بأن منخرط التعاضدية العامة توصل خلال سنة 2008 بما مجموعه 7 مليارات و 800 مليون سنتيم عن الخدمات التي تقدمها، وفي سنة 2016 بلغت مجموع 16 مليار سنتيم، أي بنسبة ارتفاع بلغت 111% وهذا يعني أن المنخرط أصبح يثق في تعاضديته ويُقبل على الاستفادة من خدماتها، ويودع ملفات المرض لأجل الاستفادة من التعويض عنها، وأن المؤسسة أصبحت تفي بالتزامها تجاه منخرطيها وتؤدي لهم مستحقاتهم، وتصوري أن مؤسسة كانت مفلسة قبل سنوات، ترفع من قيمة خدماتها بنسبة 111% ، أليس هذا مقنعا لأي كان، سواء في البرلمان أو الحكومة ! وأن المطلوب منا في المجال الاجتماعي والصحي لفائدة المنخرطين نقوم به على أحسن وجه.
وهناك مؤشر دال على هذه النتائج، وهو أنه في سنة 2008 لم تكن الانخراطات الجديدة في التعاضدية العامة تتعدى 6 آلاف منخرط جديد، وفي سنة 2016 بلغ عدد المنخرطين الجدد 12 ألف منخرط جديد، وفي سنة 2015 بلغ 10 آلاف منخرط جديد، مع العلم أن سياسة التوظيف في القطاع العمومي تراجعت بالمقارنة مع السنوات الفارطة. وهذا يعكس مدى رضا المنخرطين عن الخدمات التي تقدمها التعاضدية العامة اليوم، وثقتهم في التدبير الإداري والمالي والتواصلي الذي نتبعه.
وقبل الجواب عن سؤال الإشعاع الدولي للتعاضدية العامة، اسمحي لي أن أقدم بعض الأرقام والمؤشرات الأخرى، وعلى سبيل المثال، قبل اعتماد الجهوية كانت نسبة 80% من ملفات المرض يتم تسجيلها في الرباط، وهذا معناه أن تسوية ملف مرض وصرف تعويضاته يتطلب 6 أشهر على الأقل. وكان حينها تأخر صرف التعويضات لمدة 3 سنوات أمر عادي. اليوم تقلصت هذه النسبة إلى 38 %، أي أن منخرطي الرباط هم فقط من يسجل ملفات مرضه بالرباط، والباقي في الجهات بنسبة 62 %، يعني أننا منحنا الأهمية اللازمة للمنخرطين في الجهات، وتفادي تراكم الملفات في الرباط. وهذا أدى طبعا إلى تقليص آجال صرف التعويضات إلى 21 يوما في الأدنى و45 يوما في الأقصى. إذن بخصوص تسجيل الملفات قلصنا مدة الانتظار من 3 سنوات إلى 21 و45 يوما. أما عملية تسويتها فكانت تنجز بنسبة 100% في الرباط من طرف طاقم إداري لا يتعدى عشرة موظفين، وأصبحت تنجز في الجهات اليوم بنسبة 68 %، مما حقق تسوية الملفات في الجهات في أجل بين 15 و30 يوما.
هذا مثال على سياسة الجهوية التي أعطت أُكلها بالنسبة للمنخرطين ومكنتنا من تحقيق النتائج الإيجابية المسجلة. وبالنسبة لعدد ملفات المرض المعالجة ارتفعت، كما أشرت، من 650 ألف ملف إلى مليون و400 ألف، مما يعني أن ما كان يعالج من ملفات على مدى سنتين أصبحنا نعالجه اليوم في سنة واحدة، وهو ما يعكس تضاعف المجهود المبذول لخدمة المنخرطين وتخفيف معاناتهم بتجاوز طول الانتظار، ولكن نحن كإدارة نعاني من أجل تقديم هذه الخدمة وإرضاء المنخرط.
بالنسبة لبرامج القرب الطبية، في سنة 2012 أي بعد دستور 2011 دستور الحقوق، شرعنا بتنظيمها في ثلاث مدن فقط، وفي سنة 2016 وصلنا إلى 43 مدينة وجماعة ترابية، وقد فعلنا ثلاثة مشاريع مهيكلة ومؤسسة لعمل التعاضدية العامة، مكاتب القرب الإدارية، والبرامج الطبية للقرب، والمراكز الصحية الجهوية، بمقتضى قرارات الجموع العامة وتنفيذ المجلس الإداري بإشراك جميع أجهزة التعاضدية العامة. واستفاد من هذه البرامج الطبية سنة 2012، 1226 مستفيدا، وفي سنة 2016 بلغنا 12495 مستفيدا، وهذا يعني أن المواطنين في حاجة ماسة لهذه البرامج الطبية، والذين هم منخرطو التعاضدية العامة من موظفي الدولة وأطرها وأعوانها.
وهنا أعود إلى سؤالك الأخير، وأريد أن أشير إلى بعض المجالات التي حصلت فيها التعاضدية العامة على جوائز وشهادات استحقاق دولية.. حيث في سنة 2008 كانت مداخيل التعاضدية من واجبات الاشتراك تبلغ 18 مليار سنتيم، وفي سنة 2016 بلغت 36 مليار سنتيم، كيف؟ ولماذا هذا الارتفاع؟ لأننا قمنا بتجويد نظام تحصيل الاشتراكات وتتبعه ومواكبته، بناء على توجه واضح يتلخص في ضرورة تقوية المداخيل لضمان تغطية تكاليف مجموع الخدمات المقدمة دون المس بالتوازنات المالية للمؤسسة، ودون أن نضطر لتأخير أوالتوقف عن الأداء. وهذا مكننا من رفع المداخيل بنسبة 99 %. وبالنسبة للخزينة كانت التعاضدية العامة تروج 20 مليار سنتيم سنة 2008، وفي سنة 2016 بلغت 50 مليار سنتيم، بنسبة 167 %. نقدم هذه الأرقام والمؤشرات للتوضيح على أن حملات التشويش والتشكيك لا مبرر لها من الناحية الواقعية والمنطقية..
– هل هذا معناه أن هناك تعتيما على مجموعة من الحقائق؟
– بالتأكيد، وأستسمح من أجل مزيد من التوضيح، بشأن سؤالك الذي أثار أسباب هذه الهجمة الشرسة على التعاضدية العامة، وهل هي سياسوية أو ذاتية أو إيديولوجية، وأضيف أنه في سنة 2008 وجدنا 480 موظفا بالتعاضدية العامة، وفي النصف الأول من سنة 2017 بلغ عدد الموظفين 528 موظفا، بمعدل ارتفاع بلغ 10 % في ظرف 10 سنوات، أي 1 % سنويا، مع الأخذ بعين الاعتبار مضاعفة العمل المنجز والخدمات المقدمة، ولم نلجأ إلى مضاعفة عدد المستخدمين، بل تمت محاربة الريع داخل المؤسسة وأصبح كل مستخدم يقوم بعمله، يعني أن هناك عقلنة لتدبير الموارد البشرية. مؤشر آخر، يتمثل في سندات الطلب التي كانت مرتفعة في التعاضدية العامة وهذا الارتفاع يعكس ضعف الشفافية داخل المؤسسة، على العكس من طلبات العروض المفتوحة. حيث في سنة 2008 تم تسجيل 207 سندات طلب، وفي سنة 2016 تقلصت إلى 76 سند طلب، وبينما كانت فقط 10 طلبات عروض، رفعناها إلى 23 طلب عروض، وذلك لتحقيق الشفافية وتكافؤ الفرص. مثال آخر، اقتناء العقارات والتهيئات، لم نقم بأي اقتناء خلال ولايتنا.
– هذه النتائج وهذه المؤشرات والأرقام جواب صريح على جميع الألسنة التي أطلقت العنان ضد المؤسسة.. حبذا لو ننتقل إلى سؤال الاتحاد الإفريقي للتعاضد.
– طيب، بهذا الخصوص أريد الإشارة إلى شواهد الاستحقاق المحصل عليها من طرف التعاضدية العامة في مجال الحكامة ومجال سياسة القرب التي منحتها لنا الجمعية الدولية للضمان الاجتماعي. والتعاضدية العامة هي المؤسسة الوحيدة التي حصلت على هذه الشواهد. وهذه المنظمة عاملة في مجال الضمان الاجتماعي وقد استطعنا نحن الذين نشتغل في مجال التعاضد المغربي أن نحصل منها على هذا الاعتراف في مجال الحكامة وسياسة القرب.
وبالنسبة لإفريقيا، قامت مؤخرا ضجة صحفية تدعي أننا فقدنا رئاسة الاتحاد الإفريقي للتعاضد، يحدث هذا الادعاء في الوقت الذي تعرف فيه قضيتنا الوطنية الأولى هجمة شرسة لخصوم وحدتنا الترابية، والحال أنه بتاريخ 01 و02 دجنبر 2017 نظمت التعاضدية العامة والاتحاد الإفريقي للتعاضد أياما دراسية حول الحكامة التعاضدية بإفريقيا بشراكة مع جامعة محمد الخامس بالرباط، وبتعاون مع الوكالة المغربية للتعاون الدولي، حضرتها شخصيات حكومية عسكرية ومدنية من دول إفريقيا، وتوجت أشغالها بتبني ميثاق حكامة التعاضديات الإفريقية المنضوية تحت لواء الاتحاد الإفريقي للتعاضد وإصدار إعلان الرباط حول الحكامة التعاضدية.
وبتاريخ 03 دجنبر 2017 تم تجديد الأجهزة المسيرة للاتحاد واحتفظ المغرب بمنصب الأمانة العامة الدائمة في شخص التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، وهذا اعتراف صريح بأن حجم هذه المنظمة والعمل الذي تقوم به أصبح كبيرا، ويتطلب إمكانات لوجيستيكية وموارد بشرية كفؤة لمواكبة هذا التطور. وأما رئاسة الاتحاد فقد حازها المغرب للمرة الثالثة على التوالي في شخص التعاضدية العامة ورئيس مجلسها الإداري. كما حصلنا على منصب آخر هو منصب أمين المال المساعد للاتحاد في شخص أمين مال التعاضدية العامة، تم هذا خلال شهر دجنبر الأخير، بينما يتم الادعاء بفقدان المغرب لتسيير منظمة الاتحاد الإفريقي للتعاضد.. أليس من الغرابة بمكان الترويج لهذا الادعاء !؟ تساءلت عن سبب هذه الهجمة على الاتحاد الإفريقي، وأنا أرد لأن هذا الاتحاد وهؤلاء الأفارقة يحضرون لتأسيس منظمة دولية للتعاضد في مختلف المجالات وليس في المجال الصحي فقط بتعاون مع تعاضديات أمريكا اللاتينية، ومادامت بلادنا تتبع التوجهات الملكية السامية التي تدعو إلى محاربة الهشاشة والفقر والإقصاء الاجتماعي وتحقيق التنمية البشرية المستدامة فإنه يتحتم علينا توسيع نطاق اشتغالنا وعدم الاقتصار على التعاضد في المجال الصحي فقط، ولا يمكننا تحقيق هذه الرهانات إلا بإشراك والاستفادة من خبرات وتجارب المنظمات الدولية العاملة في المجال الواسع للتعاضد في الفلاحة والتعليم وباقي الميادين، والتي ستقدم إضافة نوعية لبلادنا وتحسن من مؤشراتنا في مجال التنمية، وتعكس الوجه الحقيقي للتقدم المسجل في مختلف المجالات، ومنها التغطية الصحية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني ودور التعاضد في ذلك. وللتذكير فإن المكتب الدولي للشغل هو الذي راسل الاتحاد الإفريقي للتعاضد لأجل أن يكون عضوا ملاحظا بهذه المنظمة، والجمعية الدولية للضمان الاجتماعي بمجرد إيداع طلب الانخراط وافقت على عضويتنا في أجهزتها، مع العلم أن عدد التعاضديات المنخرطة في هذه الجمعية قليل جدا. فهل هذا العمل وهذا المجهود يستحق أن يحارب وتشن عليه كل هذه الهجمات وكل هذا التشويش !؟
– شكرا السيد الرئيس على رحابة الصدر وعلى هذه التوضيحات، وسنعود إليك مرة أخرى في إطار مواكبتنا وتتبعنا للتعاضدية العامة. ومن طبيعة الحال فإن هذا الحوار سيخاطب العقل في المتلقي، وسيساهم بشكل كبير في رفع التعتيم حول العديد من الحقائق التي تخص التعاضدية العامة.
– شكرا لك على اهتمامك بالتعاضدية العامة والتعاضد وعلى اهتمام الجريدة بقضايا القوات الشعبية.
الكاتب : حاورته/ بديعة الراضي
تعليقات الزوار ( 0 )