يونس مجاهد
تحولت مسألة الحقد والضغينة، في السياسية المغربية، وخاصة من طرف الذين انتموا، يوما، إلى حزب الاتحاد الاشتراكي، إلى ظاهرة تستحق الدراسة، لأنها عقدة فريدة، تحتاج إلى تحليل دوافعها النفسية، نظرا للعنف اللفظي وحالة التكرار اللذين تتميزان به.
من تجليات هذه الظاهرة، بعض التصريحات التي تصدر عن أشخاص، يحاولون تصريف هذا الشعور الغريب، الذي ينتابهم، فيلجأون إلى قاموس سياسي رديء، من التهجم والتحامل، رغم أنهم محسوبون في خانة «النخبة»، ومن المفترض فيهم، أن يرقون في تعابيرهم عن سفهاء القوم، وألا يكرروا ما تردده صحافة الرصيف، تجاه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وأحزاب الحركة الوطنية الديمقراطية.
لكن من هم هؤلاء؟
بعد أن غادروا حزب الاتحاد، تخصصوا في تدميره، وكأنهم مكلفون بمهمة، منهم من يتجول في المقاهي والأسواق، ليسب ويشتم مناضليه، دون مراعاة حتى العلاقات الإنسانية، التي جمعته بهم سابقا، ومنهم من يقوم بحملات انتخابية مضادة لمرشحي هذا الحزب، ويطرق البيوت والمكاتب والشوارع «زنقة، زنقة»، ليحث الناس على إسقاط إخوته، سابقا، ومنهم من يتخصص في ترويج الإشاعات ضد مناضلي الاتحاد، أو يلجأ إلى الفايسبوك لترويج أحقاده… لأنه عجز عن إقناع المناضلات والمناضلين، داخل الحزب، بوجهة نظره، هذا في حالة إذا كانت له أصلا وجهة نظر، لأن أغلب هؤلاء، ابتعدوا عن التنظيم، واحترفوا التخريب، لأنهم لم ينالوا منصبا أو انتهت المنفعة التي كانوا يجنونها وراء انتمائهم.
على رأس هذه الفصيلة من الناس، من قضى عقدا من الزمن في وزارة، كان يعض عليها بالنواجذ، إلى درجة أنه قضى عشر سنوات من عمره، ولم يفتح فمه أبدا لينطق بأي موقف سياسي، لا حول النظام السياسي أو الإصلاح الدستوري أو الملكية البرلمانية، بل أكثر من ذلك، كان من أشد المتحمسين، داخل المكتب السياسي، للاتحاد، للمشاركة في حكومة إدريس جطو، ضاربا عرض الحائط ببيان المنهجية الديمقراطية وموقف أغلب أعضاء اللجنة المركزية، المعارض لمبدإ المشاركة.
مثل هؤلاء الذين يتهمون الآخرين بالبيع والشراء وبتحويل الأحزاب إلى دكاكين سياسية، عليهم أن يتذكروا أنهم كانوا وراء أبشع قانون صحافة، عرفه المغرب، وفي الوقت الذي كان فيه المناضلون النقابيون والصحافيون، يحتجون على التعديلات القمعية التي ألحقت سنة 2002، كان عراب هذا المسخ، يتحامل عليهم في الصحافة الخليجية.
اليوم، يدعون أنهم متشبعون بقيم اليسار، فما هي هذه القيم؟
أول قيمة عند اليسار، هي الأخلاق، أي التزام لغة مؤدبة وتعابير تعتمد على الموضوعية في التحليل وعلى الحجج، وليس على تنميق الكلام بأسلوب سوقي، ثانيها، العمل داخل التنظيمات من أجل الدفاع عن وجهات النظر، التي قد تكون مختلفة، وليس اللجوء لتخريب التنظيمات والتشفي فيها لدى صحف اليمين، ثالثها، ممارسة النقد الذاتي، على ما اقترفوه في حق الحزب والشعب، رابعها، التواضع والنضال إلى جانب الجماهير الشعبية، في الميدان، وليس التفرج على معاناتها ومعاناة المناضلين، من شرفة الفيلا والتقاعد المريح.
تعليقات الزوار ( 0 )