تنتهي يومه السبت ، آخر محطة للمسيرات الاحتجاجية الغاضبة ، التي قررتها أجهزة الفيدرالية الديمقراطية للشغل ، في المدن القنيطرة وبنسليمان والصويرة ، بشن إضرابا وطنيا يوم الخميس 11 فبراير المقبل ، في قطاع الوظيفة العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ، ردا على السياسة الحكومية التي تستهدف حقوق ومكتسبات الشغيلة المغربية من خلال ضرب القدرة الشرائية بالزيادات المتتالية في الأسعار والضرائب، وتجميد الأجور وضرب المكتسبات الاجتماعية ، والحوار الاجتما
عي، والتنكر للاتفاقات السابقة خاصة اتفاق 26 أبريل 2011، وكذا الاتفاقات القطاعية.
وفي هذا السياق يقول عبد الحميد فاتحي الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل «عرفت السنة التي ودعنا ومدخل السنة التي نحن في سياقها سلسلة من الحركات الاحتجاجية المنظمة لفئات اجتماعية، طالها عسف وتضييق على حقوقها بلى على مستقبلها، نتيجة القرارات الحكومية الغير المحسوبة والمدعنة في التماهي مع توصيات المؤسسات المالية الدولية».
كما تطرق فاتحي في هذا الحوار الى ما يتعرض له الطلبة الاطباء والأساتذة المتدربين وقرار المرسومين المشؤومين والعنف المسلط على الاساتذة ، وعرج الى الملف الساخن اصلاح انظمة التقاعد وقانون النقابات والإضراب …
p تشهد الساحة الاجتماعية توثرا ملحوظا تؤكده كثير من الحركات الاحتجاجية الخارجية عن التأطير النقابي، إلى ماذا تردون ذلك، وماهو واقع الفعل النقابي ميدانيا ؟
n بالفعل عرفت السنة التي ودعنا ومدخل السنة التي نحن في سياقها سلسلة من الحركات الاحتجاجية المنظمة لفئات اجتماعية، طالها عسف وتضييق على حقوقها بلى على مستقبلها، نتيجة القرارات الحكومية الغير المحسوبة والمدعنة في التماهي مع توصيات المؤسسات المالية الدولية، وهكذا شهدنا المعركة التي خاضها الطبلة الأطباء ضد ما سمي بالخدمة الوطنية التي خاضها الطلبة الأطباء ضد ما سمي بالخدمة الوطنية التي كانت ستؤدي حتما إلى عطالة محسومة سلفا، ورأينا كيف أذعنت الحكومة تحت الضغط وتراجعت عن مشروعها الغير المؤسس على بديهية الحرص على مناصب الشغل وعلى التوازنات الاجتماعية.
كذلك شهدنا الحركة التي خاضها الأطباء الداخليون والمقيمون دفاعا عن أفق جدير بنبل المهنة وضد واقع صحي يشهد كثيرا من التردي في المقاربة الخارقة في خطاب خادع للواقع، الذي يشهد خصاصا مهولة في الموارد البشرية والبنيات الاستشفائية.
ولازلنا إلى يومنا نعيش مسلسل استماتة الأساتذة المتدربين في الدفاع عن مكتسباتهم، والذي قارب الأربعة أشهر، ضد قرار حكومي غير مستساغ في تدبير قضية التربية والتكوين عبر واجهة المرسومين المعتبرين في جوهرهما ضربا للخدمة العمومية وللمدرسة العمومية ومحاولة لفتح هذا المجال للقطاع الخاص، لكن وطنية هؤلاء الشباب وضعت الحكومة في حرج كبير أمام الرأي العام الوطني والدولي، خاصة حالات التعنيف التي شكلت نقطة سوداء في سجل هذه الحكومة وانتكاسة لكل المحاولات الجادة في الحفاظ على جذوة الانتقال الديمقراطي الذي تعطل في عهد هذه الحكومة.
وبالموازاة مع هذا الحراك الفئوي الغير المنقب، يعرف الفعل النقابي ارتباكا حقيقيا في رؤياه للمسألة الاجتماعية وفي تدبير العلاقة مع الدولة، التعددية النقابية التي من المفروض أن تخلق التنافي في الاجتهاد والتأطير وإبداع سبل نضالية محرجة، أضحى عندنا اليوم غير ممتلك لأفق واضح وغير مستجيب لأفق انتظار مكونات الشغيلة المغربية، مما يطرح بحدة سؤال واقع الحركة النقابية ببلادنا وآفاقها.
p الفيدرالية الديمقراطية للشغل جزء من هذا المشهد النقابي الذي تحدثتم عنه، هل لكم تصور لمواجهة الوضع الاجتماعي المتوتر ؟
n نحن في الفيدرالية الديمقراطية للشغل واعون بالأعطاب التي تعتري المشهد النقابي، الذي نحن جزء منه، ونحاول بإرادة المناضلات والمناضلين أن نخلق أفقا من التفاؤل لدى الشغيلة المغربية، وفي هذا السياق كنا السباقين إلى المطالبة بالإسراع بإخراج قانون النقابات المنصوص عليه في الفصل الثامن من الدستور، وذلك من خلال التوجه إلى السيد رئيس الحكومة في جلسة المساءلة الشهرية بمجلس المستشارين، وكذا توجيه سؤال شفوي إلى السيد وزير التشغيل في جلسة سابقة، ووجهنا نداء إلى كل المكونات النقابية من أجل توحيد الجهد النقابي لمواجهة ما تتعرض له المكتسبات التي حققتها الطبقة العاملة المغربية وخاصة الاتفاقات السابقة وتراكمات الحوار الاجتماعي.
ميدانيا سطرنا برنامجا نضاليا انطلق منذ 16 يناير 2016 بوقفة احتجاجية بمدينة وجدة وتلتها مسيرات جهوية بكل من خريبكة ومكناس وتازة والعرائش واليوم وغدا بكل من القنيطرة وسيدي سليمان وبني ملال والصويرة وأكادير، وصولا إلى إضراب وطني في الوظيفة العمومية والجماعات المحلية يوم الخميس 11 فبراير 2016، وسنقف بعد ذلك للتقييم ومواصلة هذا المسلسل النضالي في إطار من الوضوح والمسؤولية.
p هل تعتقدون أن الحكومة قد تتراجع تحت ضغط قراراتكم النضالية عن مخططها لإصلاح نظام التقاعد؟
n المشكل أكبر من ذلك ياسيدي، فالحكومة منذ مجيئها عقب انتخابات 25 شتنبر 2011، اختارت أن تنهج سياسة الأرض المحروقة فأوهنت كل التراكمات التي تحققت لإنجاز مهام الانتقال الديمقراطي عبر دعائمه الأساسية، السياسة والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، من خلال القرارات التي اتخذتها في عدد من المجالات أولا، ومن خلال خطاب السيد رئيس الحكومة الذي برع في الحديث بلسانين، لسان رئيس الحكومة، ولسان الأمين العام للحزب من الفم الواحد وفي كل المنابر والأمكنة، لذلك فكل قرار حكومي يلزم لتمريره خطاب مزدوج حكومي/حزبي للسيد رئيس الحكومة (المقاصة، الاقتطاع من أجور المضربين، التقاعد…)
لذلك وبعد تدمير التراكمات التي تحققت في مأسسة الحوار الاجتماعي وتجميد الاتفاقات السابقة، والرفع من الضرائب والأسعار، وتمرير مشاريع القوانين المتعلقة بنظام المعاشات المدنية خارج طاولة الحوار الاجتماعي، فلا يمكن لمسؤول نقابي أن يبقى صامتا أمام ما يجري .
p بعد أن أحالت الحكومة مشاريع قوانين إصلاح أنظمة التقاعد على البرلمان، كيف ستواجهون الأمر؟
n لقد كان الوعي حاضرا لدى الحكومات السابقة أن ملف التقاعد، ملف وطني ويتطلب تظافر جهود جميع المكونات ذات الصلة بهدف الوصول إلى التوافقات الإيجابية المؤسسة لإصلاح شمولي ودائم، لذلك تم تأسيس اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد والتي انبثقت عنها اللجنة التقنية والتي اشتغلت منذ سنة 2004 حتى مجيء هذه الحكومة، ووصلت إلى خلاصات أساسية شكلت القواعد العامة للإصلاح الشمولي، كما رافق عمل اللجنة آراء قدمتها مؤسسات وطنية ودولية، يجمعها خيط ناظم وهو الإصلاح الشمولي لجميع صناديق التقاعد، إلا أنه للأسف جاءت هذه الحكومة وتجاهلت تراكم عشر سنوات من عمل اللجنة الوطنية، وتجاهلت آراء كافة المؤسسات وخاصة رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ناهيك عن تجاهلها لمعالجة الأمر داخل دواليب الحوار الاجتماعي، واستفردت بإدخال إصلاحات معيارية على نظام المعاشات المدنية فقط وللأسف، مقاييس كلها على حساب الموظف، المنهك أصلا بالتهاب الأسعار والضرائب وتجميد الأجور، وتركت جانبا الصناديق الأخرى أي النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي التي تضيف افواجا جديدة إلى دائرة الهشاشة الاجتماعية، لأن المتحكم الأساسي في هذا القرار هو التوازنات المالية وفاء للمؤسسات المانحة وليس التوازنات الاجتماعية.
لذا سنواصل برنامجنا النضالي على الساحة مع كافة مكونات الشغيلة المغربية، وسنفتح الحوار مع كافة الفرقاء السياسيين والاجتماعيين والاقتصاديين بالبرلمان بغرفتيه لتوضيح موقفنا وشرح رؤيتنا للإصلاح.
p تقدم فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب بمقترح قانون تنظيمي لحق الإضراب، كيف تنظرون إلى هذه الخطوة ؟
n عندما تختلف المنطلقات، تختلف المقاربات، وتقديم مقترح قانون تنظيمي لحق الإضراب من طرف فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب بمجلس المستشارين، أمر منسجم مع من يمثل هذا الفريق، أي المقاولات المغربية العاملة في القطاع الخاص، لكن الدستور نص صراحة على ضرورة إخراج القوانين التنظيمية خلال هذه الولاية التشريعية، ومقترح القانون التنظيمي السالف الذكر هو في الحقيقة إحراج للحكومة أكثر من غيرها، من جانبنا نحن نقدر سمو الوثيقة الدستورية ونحترم مضامينها، والحاجة قائمة إلى قانون تنظيمي لتنظيم حق الإضراب مما يجعله حقا غير مقيد لكل المأجورين كمكون أساسي لترسانة القوانين الضامنة للحقوق والحريات التي تضمنها كل الديمقراطيات في العالم وتكرسها المواثيق الدولية.
سؤال : أقدمتم على توجيه عريضة إلى السيد رئيس الحكومة ترفضون فيها استفراد الحكومة بالتقرير في نظام التقاعد، أين وصلت التوقيعات ؟
جواب : فعلا، في شكل احتجاجي قمنا بتوزيع عريضة موجهة إلى السيد رئيس الحكومة، نرفض فيها مقاربة الحكومة لمنظومة التقاعد ونطالب بسحب مشاريع القوانين المتعلقة بها والعودة إلى طاولة الحوار الاجتماعي وقد انطلقت هذه العملية يوم 30 يناير 2016 ولازالت مستمرة وتعرف انخراطا واسعا لكافة مكونات الشغيلة وسنعمل على تجميعها ووضعها على طاولة السيد رئيس الحكومة، كرفض قاعدي من طرف المعنيين بالأمر لما أقدمت عليه الحكومة، وكإجابة على بعض الخطابات التي تحاول تبخيس العمل النقابي والتقليل من دور النقابات، ولنقول لكل هؤلاء، إن صوت النقابات الرافض للقرارات الحكومية هو صوت الشغيلة المغربية، لعل الحكومة تعيد النظر في سياستها التي توسع يوما بعد يوم دائرة الغاضبين والرافضين لهذه المشاريع الحكومية.
تعليقات الزوار ( 0 )