أكد النائب عبد الوهاب بلفقيه باسم الفريق الاشتراكي أن موقف الأمين العام ، يتطلب تقوية الموقف الداخلي وتعميق الممارسة الديمقراطية ذلك، أننا في قضية الصحراء مدعومون بشرعية القضية ولكن أيضا بالإصلاحات التي ننفذها على الأرض وبتحصين مكتسبات أبناء شعبنا في الجنوب كما في الشمال وفي الشرق كما في الغرب.
وأضاف بلفقيه خلال الجلسة العامة المشتركة يوم السبت حول قضية الوحدة الوطنية أن الواجب المقدس يدعونا اليوم، في هذا الظرف بالذات إلى تعبئة كل الجهود لنصرة قضيتنا المصيرية وتحصين مناعة جبهتنا الداخلية بكل مسؤولية وطنية لإجهاض كل أشكال التآمر والخيانة، وحماية مصالحنا الحيوية العليا وسيادة وحدتنا الترابية الكاملة.
وفيما يلي النص الكامل للكلمة :
في البدء دعونا نعبر لكم عن ابتهاجنا و تفاعلنا الايجابي مع انعقاد هذه الدورة الاستثنائية و التي كنا قد دعونا إليها من خلال المكتب السياسي لحزبنا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تماشيا مع ما ينص عليه دستور مملكتنا ، كما نسجل ارتياحنا و تنويهنا بمواقف جميع الأحزاب السياسة التي استجابت لانعقاد هذه الدورة.
إننا أيها الحضور الكريم لايسعنا إلا أن نعبر بروح صادقة لا نرجسية فيها عن ارتياحنا لتبني الحكومة المغربية من خلال وزيرها في الخارجية لموقفنا الداعي إلى ضرورة مراجعة علاقاتنا مع الأمم المتحدة و الذي عبر عنه البارحة في اجتماع لجنة الخارجية.
نجتمع اليوم في ظرفية خاصة شعارها الهجمات المتكررة على مغربنا في وحدته الترابية، حيث عرفت قضيتنا الوطنية تطورات سياسية وإعلامية متسارعة في الشهور الأخيرة جراء الهجومات المتعددة والمتكررة التي يشنها خصوم وحدتنا الترابية، ومن يدور في فلكهم من انفصاليين ومرتزقة.
اليوم أيها السيدات و السادة نجد أنفسنا هذه المرة أمام منعطف جديد و خطير طرفه الأساسي السيد الأمين العام للأمم المتحدة.
لقد عبر الأمين العام للأمم المتحدة و بشكل غريب قبل أن يصف المغرب بالبلد المحتل من خلال الندوة الصحفية التي أجراها بالجزائر و التي عبر فيها بشكل جلي على امتنانه للجارة الجزائرية على دورها الريادي في وصوله إلى منصب الأمين العام و هو ما دفعه إلى رد الجميل للجارة من خلال الانحياز التام للأطروحة الجزائرية و الانفصالية.
و نحن نتابع الزيارة الأخيرة، للأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إلى المنطقة، نسجل بكثير من القلق والاستياء، الانحراف الخطير الذي انزلق إليه هذا المسؤول الأممي، من خلال عدد من المغالطات اللفظية والتصرفات المتحيزة، التي شكلت استفزازا صارخا للشعب المغربي وقواه الحية، وطعنة غادرة في حق الدولة المغربية التي ما فتئت تتعاون بحسن نية مع المنتظم الدولي و هيئته الأمم المتحدة لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
إن التصرفات و المسلكيات المدانة للأمين العام، لم تتوقف عند حدود الانزياح اللفظي، عن قاموس الأمم المتحدة بخصوص هذا النزاع، وإنما وصلت فداحتها إلى حد انحنائه أمام راية كيان وهمي غير معترف به من لدن المنتظم الدولي، مدليا بتصريحات ذات طابع دعائي ضد المغرب في الوقت الذي كان عليه أن يحترم الحياد فيها، مما يشكل سابقة خطيرة في تاريخ هذه المنظمة، لا تليق بالمكانة الرفيعة والمهام السامية، التي من المفترض أن يمثلها أمين عام للأمم المتحدة.
وقد فهمنا منذ استعار هذه الحملة أن أسباب هذا الهجوم السافر على المغرب كما عبرنا عنه سابقا بخصوص المبعوث الشخصي للامين العام ، أصبح يأتي حتى من المؤتمنين على ضمان السلام و الأمن الدوليين ،إنها حرب جديدة أيها السادة بآليات جديدة هدفها التشويش على المبادرة الجادة للمغرب المتمثلة في الحكم الذاتي، والتي لقيت دعما دوليا غير مسبوق.
لكن مع كامل الأسف الأمين العام الأممي جاء للمنطقة وسعى إلى تسويق أفكار بالية تحصر تقرير المصير في الاستفتاء فقط متجاهلا أن الحكم الذاتي يعد دوليا من أرقى أشكال تقرير المصير ،
إننا نشعر بخيبة كبيرة، من هذه الحملة المأجورة التي لا تستهدف مواطني المملكة فقط ، بمقدار ما أنها تستهدف بقاء أبناء الأقاليم الجنوبية المحتجزين في تندوف في حال من البؤس والتعبئة، بدل السماح لهم بالعودة إلى مدنهم وقراهم والعيش بسلام وأمان في أقاليم تتمتع بحكم ذاتي موسع في ظل دستور عصري لا يختلف اثنان على أنه يوفر كل الضمانات المطلوبة للمواطن.
بل تستهدف بخلفياتها الخبيثة استقرار المنطقة عبر المزيد من تقسيم المقسم و تجزيء المجزأ.
السيد الرئيس
إننا لا نختلف حول النزعة الانحيازية للأمين العام، ولا حول كون تصريحاته الأخيرة تشكل تراجعا عن التقدم المحقق في تعاطي الأمم المتحدة مع النزاع المفتعل حول وحدتنا الترابية، ولا حول كونه لا يعطي الاعتبار اللازم لما تحقق على أرض المغرب من إصلاحات دستورية وسياسية وحقوقية واقتصادية واجتماعية كانت الأقاليم الجنوبية في طليعة المستفيدين منها، ولكننا نريد أن نتقاسم معكم مجموعة من التساؤلات و التخوفات:
– إننا نتساءل معكم أيها السيدات و السادة لماذا لم يطرح الأمين العام للأمم المتحدة خلال زيارته للمخيمات و بعد أن عاين ما عاينه من بؤس عام في و جوه الأطفال و الأمهات و الشيوخ ، لماذا لم يطرح عليهم الخيار بين اثنين لا ثالث لهما ، إما العودة لبلدهم المغرب بتعدد هوياته و ديمقراطيته و منظومة الحقوق و الحريات التي يتمتع بها مواطنوه ، من حق في التعبير و التظاهر ،و باقي الحقوق، و بين البقاء رهن نموذج بئيس من علاماته الحزب الوحيد ، و المرشح الوحيد، والرئيس الوحيد، حيث لا حق في الاختلاف و لا حق في التعبير.
و إننا إذ نطرح هذا التساؤل فإننا نجد مبررا له فيما اقترحه المغرب من حل لهذا النزاع المفتعل الذي عمر طويلا ، من خلال مبادرة الحكم الذاتي التي تستجيب للخصوصية المحلية ، و تجعل من المواطن الصحراوي طرفا أساسيا في تسيير شؤونه، و يشكل بصدق أرقى أشكال تقرير المصير.
-ونتساءل معكم و بشكل واضح لماذا لم يلتزم فعلا بان كي مون بقرارات الأمم المتحدة نفسها و التي وقع نفسه عليها و الداعية إلى إحصاء سكان مخيمات تندوف، ألا تستحق قرارات الأمم المتحدة المتابعة و التحري حتى تحقيقها؟
– كما نتساءل معكم عن السر في تفادي الأمين العام للأمم المتحدة الحديث عن ما أثير من طرف المنظمات الدولية حول التلاعب و المتاجرة في المساعدات الإنسانية الدولية المقدمة لسكان المخيمات ، و بذلك يكون قد أدى خدمة للصحراويين ،بدل الانسياق وراء التباكي و التأسي على الوضعية الحالية للمخيمات.
– ونتساءل معكم كذلك عن سر تغاضي الأمين العام عن حالة الديمقراطية في المخيمات في الوقت الذي تعرف فيه هذه المخيمات حركات احتجاجية و تعالي أصوات معارضة للخط السياسي للبوليساريو و هذا التغاضي هو انحياز تام للقرار الجزائري المتحكم في الأجهزة السياسية للكيان الوهمي، و في المقابل كان المغرب دائما يوفر للمبعوث الشخصي للامين العام خلال زيارته للأقاليم الجنوبية حرية اللقاء مع من يدافع عن الطرح المغربي ومن ضده ، فلماذا رفض الأمين العام استقبال الأصوات المعارضة خلال زيارته للمخيمات؟
– نتساءل معكم دائما و هذه المرة عن مكامن السر في اختيار بان كي مون لهذا التوقيت بالضبط ليدلي بهده التصريحات المشبوهة أليس في الأمر أغراض شخصية لما بعد انتهائه من مهامه كأمين عام؟
إننا أمام هذا الوضع نؤكد ما يلي:
* موقف الأمين العام ، يتطلب تقوية الموقف الداخلي وتعميق الممارسة الديمقراطية ذلك، أننا في قضية الصحراء مدعومون بشرعية القضية ولكن أيضا بالإصلاحات التي ننفذها على الأرض وبتحصين مكتسبات أبناء شعبنا في الجنوب كما في الشمال وفي الشرق كما في الغرب.
* نذكر أيضا في هذه المناسبة، بأن قضية الوحدة الترابية هي قضيتنا جميعا، أغلبية ومعارضة، وهي ليست موضوع مزايدات، أو اختلافات. هذه الرسالة يجب أن يعلمها الجميع: الأمم المتحدة والمبعوث الشخصي، والأطراف العاملة من أجل استدامة النزاع وفي مقدمتها الجزائر والذين نتوجه إليهم للمرة الألف بأن المستقبل المشترك يتطلب تجديد الوعي والمواقف والسياسات.
* وفي هذا الصدد نعرب عن شكرنا لموقف بعض الدول الصديقة التي عبرت عن دعمها للموقف المغربي بشأن الحكم الذاتي عقب الزيارة المستفزة للأمين العام للأمم المتحدة.
السيد الرئيس
إننا في الفريق الاشتراكي نؤكد أن بلادنا أحرزت تقدما ملموسا في مقاربتها الحقوقية، ولا مجال للمزايدة علينا من أية جهة أو منظمة. لكننا نتألم لما نشهده من انتهاك صارخ لحقوق وكرامة وإنسانية إخواننا المحتجزين في مخيمات الذل والعار، داعين المنتظم الدولي إلى مساندة المغرب في إنهاء محنة أولئك المواطنين.
ومن جانب آخر يجب كذلك التنبيه منهجيا في إطار التعبئة الشاملة لزوم النقد البناء عندما يتعلق الأمر بمسالة وحدتنا الترابية. وعلى ضرورة التسلح بالموضوعية والجرأة النضالية، التي تتوخى الاعترافَ بالهفوات والأخطاءَ من أجل تجاوزها، في أفق يستشرف المستقبل، فإن التحولات الراهنة تفرض على الدبلوماسية، بجميع مستوياتها، أن تعمل على أن تجعل المواطن المغربي أولوية لها إلى جانب القضية الوطنية الأولى.
السيد الرئيس
إن الواجب المقدس يدعونا اليوم، في هذا الظرف بالذات إلى تعبئة كل الجهود لنصرة قضيتنا المصيرية وتحصين مناعة جبهتنا الداخلية بكل مسؤولية وطنية لإجهاض كل أشكال التآمر والخيانة، وحماية مصالحنا الحيوية العليا وسيادة وحدتنا الترابية الكاملة.
و نؤكد في هذه الصدد أننا في الاتحاد الاشتراكي، أدينا ثمن موقف وطني جريء في 1981 عندما اعتقلت قيادتنا بعدما أصدرت بيانا سياسيا تاريخيا رفضت فيه الاستفتاء على أي جزء من التراب الوطني،و لذلك لن نسمح اليوم بأي تدبير انفرادي لهذه القضية. لأن الأمر يتعلق بالتراب الوطني وبمصير البلاد وباستمرارية الأمة، و لا تفريط في كل هذه التضحيات التي بذلها الشعب المغربي من أجل صحرائه.
السيد الرئيس
في الأخير ،و كما أشرت سابقا، ننوه من جديد بانعقاد هذه الدورة الاستثنائية و نشيد بالروح العالية لكل القوى الوطنية ، و نؤكد عزمنا إلى جانبكم على الدفاع ضد أي مس بمغربنا من طنجة إلى الكويرة».
تعليقات الزوار ( 0 )