وعيا منه بالدور الذي تلعبه الأحزاب السياسية في تخليق الحياة العامة والسياسية والبرلمانية، ولِكَون هذا التخليق يُعد مسؤولية وطنية وضرورة مجتمعية، اختار حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن يَحمل مؤتمره الإقليمي ببرشيد المُنعقد، مساء يوم السبت 2 مارس، برئاسة كاتبه الأول إدريس لشكر، شعارَ «تخليق الحياة السياسية مدخل أساسي لتنمية الإقليم»، وذلك من أجل القطع مع مختلف أشكال العبث والفساد، وبهدف العمل على إيجاد برنامج عمل واضح بأبعاد اجتماعية واقتصادية تستجيب لاحتياجات الساكنة وتساهم في تطوير المنطقة في إطار الجدية لمحاربة العشوائية التي يتخبط فيها الإقليم، وأيضا لاستحضار السياق الوطني والدولي والوقوف عند ملتمس الرقابة الذي يعتزم حزب الوردة تقديمه في مجلس النواب، ولتجديد هياكل الحزب على صعيد الإقليم.
وقد افتتح الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إدريس لشكر، أشغال المؤتمر الإقليمي لبرشيد، بالتعبير عن ارتياحه لطريقة عمل الهيئة الوطنية المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة داعيا إلى الاستمرار وِفق هذا النهج وفي إطار مِسطرة مُعقلنة والتوقف عن استغلال الدين للتشويش على المجهود الذي بذله المغرب في هذا الإطار، مشيرا إلى أن يوم احتفال العالم بالمرأة « 8 مارس» سيتزامن مع نهاية الحوار الوطني حول مدونة الأسرة وانتظارات الجميع للإنصاف، الذي أكد عليه جلالة الملك محمد السادس، وهو يُشكل الهيئة الوطنية لهذا الحوار الذي امتد طويلا قائلا :» لا يسعنا في الاتحاد الاشتراكي إلا أن نهنئ ونثمن العقلنة والنقاش الهادئ والسلس الذي كان لهذه الهيئة مع مختلف تعبيرات الحركة المجتمعية سواء الحركة المدنية أو السياسية، أحزابا، أو المجتمعية مُجَسدة في النقابات، الجمعيات الوطنية والنسائية.. ونأمل في الاتحاد الاشتراكي أن يستمر العمل وفق نفس الأجواء الهادئة والمسؤولة، وما ابتغاه جلالة الملك، وما توافقنا عليه جميعا».
وأكد القيادي الاتحادي أن الاختلاف لا يفسد للود قضية ،على اعتبار أن اختلاف الرأي من أُسس الديموقراطية شريطة عدم إقصاء أي طرف أو إلغاء أي رأي مخالف، مضيفا بالقول :» لذلك لابد أن أقول، في هذا الشأن، إنني أتوجه لمختلف التعبيرات السياسية ألتمس منها أن نبقى في نفس الجو الهادئ، وأن نحتفظ بالمسطرة معقلنة.. اليوم الهيئة عليها أن تقدم مقترحا إلى جلالة الملك، وجلالته بعد اطلاعه على هذه المقترحات سيحيل الأمر على الحكومة التي هي مطالبة بمقتضى الدستور أن تُحضِّر مشروع قانون سيطرح للبرلمان المغربي، وهناك، كيفما كانت تعبيراتنا السياسية وآراؤنا سنعبر عنها بمواقف سياسية واضحة»، قبل أن يدعو في هذا السياق إلى الحد من محاولات التشويش قائلا :» لا داعي للتشويش على هذا المجهود الجبار الذي بذلته بلادنا بأي تصريحات تؤدي إلى الإقصاء وقمع الرأي المخالف تحت أي شكل من الأشكال واستغلال الدين بِجَعله فزاعة لحرمان الآخرين من التعبير عن آرائهم».
وتعليقا منه على المجزرة الأخيرة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في حق عشرات الفلسطينيين الذين تحول رغيف الخبز الذي كانوا ينتظرونه إلى رصاص نخر أجسادهم، أكد الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن ما تعرفه فلسطين هو محاولة لإبادة شعب بالكامل، ليتحدث عن فظاعة واقع المشهد الفلسطيني خاصة في قطاع غزة قائلا :» نتألم وتضيق أنفسنا مما تشاهده العين من فظاعة المجازر التي تقوم بها القوات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، فمؤخرا كانت هنالك ضربة بشعة أدت إلى قتل الأطفال والنساء فلم نعد نشاهد فقط الضحايا في صفوف الرجال لكي نعتبر أنها حرب بين الرجال والرجال فقط، اليوم ما تقوم به الحكومة اليمينية الإسرائيلية هو محاولة لإبادة الشعب الفلسطيني، وهذه المحاولة العنصرية الهدف منها الإنهاء التام لكل شيء يعود إلى هذه الأرض العزيزة علينا فلسطين»، حيث دعا القيادي الاتحادي إلى اتخاذ موقف حاسم تجاه ما يحدث قائلا :» أتوجه إلى اللجنة التحضيرية ولجنة الرئاسة التي سيرت هذا المؤتمر، لا يمكن أن يخرج هذا المؤتمر دون أن يتخذ موقفا واضحا من هذه المجزرة والعمل العدواني بإدانته والمطالبة بالوقف الفوري لإطلاق النار، وفي ذلك انسجام مع ما عبرت عنه بلادنا رسميا وشعبيا وبمختلف قواها الاجتماعية».
كما حرص المسؤول الحزبي من داخل المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية ببرشيد، على التوقف عند مُستجدات القضية الوطنية والدعم الدولي الذي يحظى به المغرب في هذا الإطار رغم محاولات خصوم الوحدة الوطنية اليائسة لإثارة الفتن التي تُقابَلُ بحنكة الديبلوماسية المغربية، مشددا على أن السياق الذي ينعقد فيه المؤتمر الإقليمي لبرشيد، يفرض الحديث عن مستجدات القضية الوطنية قائلا :» مما لاشك فيه أنكم جميعا تابعتم وتشاهدون المحاولات التي يقوم بها جيراننا بهدف الإساءة لوطننا، هذه المحاولات لحسن الحظ ردود الفعل عليها دائما تكون مسؤولة، ما وقع بالسعيدية من قتل لشباب مغربي وأيضا ما وقع بالسمارة من استفزاز كان ليؤدي بنا إلى مشكل كبير، لكن من حسن حظنا أننا حريصون على الدفاع عن حقنا ووحدتنا الترابية الوطنية ولكن بكل مسؤولية دون السقوط في استفزاز الآخرين».
واسترسل لشكر قائلا :» بل على العكس كل مشاريعنا تجد الدعم والمساندة من الرأي العام الدولي، وآخرها ما تعلق بمشروع الأطلسي الذي سيفك الحصار عن دول الساحل والصحراء، فبعد التوترات التي عرفتها هذه الدول، وكدنا نتشكك في مواقفها، بل حتى ما وقع مؤخرا بمجموعة من هذه الدول في منطقة الساحل، ها أنتم ترون أنها انتهت نهاية المطاف إلى الاستمرار في الاعتراف بمغربية الصحراء، والارتباط بالحل كما يقترحه المغرب، أي الحكم الذاتي، ونحن نعرف ما تعيشه هذه الدول من عدم الاستقرار، وما تحاول الجزائر استغلاله من أجل ضرب الوحدة الوطنية وإثارة الفتنة في هذه المنطقة.. إذن من حسن حظنا أن لا الحكم الذاتي ولا المشاريع التي يقترحها، ولا علاقاتنا الديبلوماسية وخصوصا الموازية منها أي الشعبية، كلها جعلت الرأي العام الدولي وكل الملتقيات والمنظمات الدولية والقارية والجهوية اليوم تكتشف الزيف والتغليط الذي مارسه هؤلاء وبدأت اليوم تفهم وتستوعب موقف المغرب، وأضحى خصومه يشعرون بعزلة في ما يتعلق بقضيتنا الوطنية»، قبل أن يتابع قائلا :» لا يسعنا، مرة أخرى، من خلال هذا المؤتمر في برشيد، إلا أن نؤكد أننا فاتحون أذرعنا من أجل التجاوز السلبي لأخطاء النظام الجزائري الماضية، الذي تبنى قضية خاسرة، لأن وحدة الشعب المغربي لا غبار عليها».
أما على الصعيد الوطني فقد استحضر القيادي الاتحادي انتخابات 2021، مشيرا إلى أن ما أفرزته الاستحقاقات الماضية جاء خارج السياق المنتظر حيث أن تصريحات قادة هذه الأحزاب المُكوِّنة للأغلبية الحالية كانت، وقبل ساعات قليلة فقط على تشكيلها، تشتكي من بعضها البعض وتعلن عن خِلافاتها التي تؤكد صعوبة تجانُسها قائلا :» رغم كل هذا فوجئنا جميعا بخروج تشكيلة هذه الحكومة، وقلنا على أية حال هذه حكومةٌ خطها الاستراتيجي مرسوم فرضه أولا واقع أننا أمة لديها إجماع على القضية الوطنية وأننا أمة خرجنا ككافة البشرية من أزمة «كوفيد» وآثارها، وتعاملنا، بشكل مسؤول، وأنه لدينا نظام تلعب فيه إمارة المؤمنين دورا في ما يتعلق بتسيير الوطن، وفي ما يتعلق بتوجهاته العامة، وأن كل الخُطب الملكية التي جاءت بعد الجائحة كان فيها مشروع استراتيجي تنموي لا يمكن أن يعارضه إلا أحمق.. مشروع جلالة الملك كان مشروعا يُنبئ بأننا بلاد وضعت أرجلها على سكة قطار التنمية، وبالفعل أصبحنا، شاء من شاء وأبى من أبى، نموذجا في دول الجنوب للتطور والتقدم بل إن البعض يعتبرنا من الدول الصاعدة».
في نفس السياق تحدث إدريس لشكر عن أوضاع بعض البلدان، ومنها المجاورة للمملكة كالجزائر وتونس، والفتنة التي مسَّت ليبيا وسوريا والعراق واليمن، إلى درجة أن القتل يكون بالهوية، ما يعني غياب الاستقرار والأمان، في الوقت الذي كان المغرب يُقدم نموذجا حقيقيا للتطور الهادئ، وملك البلاد يطرح مشروعا استراتيجيا في ما يتعلق، سواء بالتغطية الصحية أو الحماية الاجتماعية، ومختلف المشاريع الاستراتيجية، مشيرا إلى أن كل هذه المشاريع التي أعلن عنها جلالة الملك كان سقفها عالٍ جدا، ليُضيف قائلا :» إذن كنا نتوقع أن هذه حكومة لديها أولا ما تدَّعيه من أغلبية عددية، وثانيا لديها ذلك التنسيق الذي تم بين مكوناتها ما كان من المفترض أن يُحدث تجانسا ما بين المركز والجهات والأقاليم والجماعات، ما يعني أنهم اقتسموا التسيير، وليس لديهم مشكل إذا ما كان عندهم جماعة أو جهة وعندهم مطالب أو برنامج فهم يتوفرون على كل الوسائل كي يتعاونوا مع المركز، كنا نعتبر أن هذه عناصر قوة، لديها مشروع اجتماعي كبير مُسانَد ومُدَعَّم من طرف جلالة الملك ومتوفرة له كل الشروط والإمكانيات.. ومع كل هذا شعرنا في الاتحاد الاشتراكي أن كل الظروف مواتية، وبالتالي إذا كنا سنقوم بالمعارضة فسنقوم بمعارضة مسؤولة إذ لا يمكننا معارضة التغطية الصحية الشاملة أو الدعم المباشر أو الحماية الاجتماعية والأرقام أرقام مهمة هنا، ولا يمكن أن نعارض نتائج الحوار الاجتماعي التي سترفع الأجور بهذا الحجم وهذه القيمة، لذلك دعمنا وساندنا كل القوانين والإجراءات التي اتُّخِذت في البداية على هذا أساس.. لكن مع الأسف تغول هؤلاء زاد ليقوموا بحسابات ضيقة، أولا بين بعضهم البعض وثانيا في ما يتعلق بعدم احترام السلط والمؤسسات، فالتغول على مستوى الحكومة أراد أن يؤثر أيضا حتى في التوجهات والقرارات والتقارير التي تصدرها هيئات الحكامة، مع كامل الأسف».
وأكد الكاتب الأول لحزب الوردة أن إقليم برشيد عانى من هذا التغول أكثر من الشعب المغربي برمته، على اعتبار أن هذا التغول عرف نوعا من التفاهم في المغرب كله إلا أنه في إقليم برشيد وقع انقلاب على ذلك التغول الذي قُرِّر في المركز قائلا:» وبالتالي القيادات المحلية هنا رفضت توجهات المركز فقلنا هذه طبيعة الديموقراطية وهؤلاء الناس اختاروا محليا لكن الذي وقع هو أن ذلك التغول الذي كان يمارَسُ على المعارضة أضحى يمارس حتى على أحزاب الأغلبية هنا في هذا الإقليم، الذي يوجد به المستشفى الوطني للأمراض النفسية، اليوم المرضى لا يسعفهم الأطباء لقلتهم لأنه عند شغور منصب لا تقع استجابة، والأمر لا يتعلق بهذا القطاع فقط بل في كل القطاعات، والذي يقع أن المناصب الشاغرة لا يتم تعويضها، وإن تم تعويضها يتم تعويضها بالذين أوشكوا على التقاعد، وبالتالي ليست هنالك طاقات جديدة».
كما نبَّه القيادي الحزبي إلى أن إقليم برشيد تتوفر فيه كل شروط النهوض التنموي كونه أحد مراكز قُفة المغرب ولتواجده قرب المطار وميناء الدار البيضاء، وبجوار أكبر مدينة سكنية، إلا أن كل هذا لم يعد على أبنائه وبناته بالنفع، مشيرا إلى أنه حتى المصانع المهمة التي يتوفر عليها الإقليم يشتغل بها أبناء الجوار قائلا :» لا يجب أن يأخذ الإقليم من الدار البيضاء وكل هذه المشاريع الكبرى السلبيات فقط، حتى التسيير المحلي أخذ منه السلبيات فقط، بل يجب أن يستفيد من إيجابياتها، فالمنتخبون الذين يصعدون محليا في الجماعات هم الذين من المفترض أن يكون لديهم امتداد للمركز، أي الحكومة، لكن هذه الأخيرة غاضبة عليهم، ولذلك تعيشون، بالفعل، مفارقة غريبة نرى آثارها على هذا الإقليم».
وعن ملتمس الرقابة قال إدريس لشكر:» نحن نعلم أنه ليست لدينا القدرة على إسقاط هذه الحكومة لذلك طرحنا ملتمس الرقابة، لكن لماذا طرحناه؟ لأنه لم تعد هنالك حتى إمكانية الحوار بين المعارضة والأغلبية في المؤسسات.. نتذكر عندما كان ملتمس رقابة في بداية الستينيات وملتمس رقابة في بداية التسعينيات، نحن نعرف آثار ملتمس الرقابة الذي كان في بداية التسعينيات والمعارضة كانت محدودة العدد، لكن كان النقل المباشر وكانت المتابعة لكل الجلسات، وكان الإنصاف، ومن يجب عليه الحديث هم أصحاب الملتمس، وكانت المعارضة تأخذ نصيب الأسد من أجل أن تعارض بالوسائل التي تعتمدها في المطالبة بالتصويت على الثقة بالنسبة للحكومة، وبالفعل جاء جواب الحكومة آنذاك والأغلبية كانت لها فقط مشاركة بسيطة.. اليوم هؤلاء جاؤوا لنا بقانون على مقاسهم، ووضعوا لنا قاعدة التمثيل النسبي، التي كانت قبلا في الأجهزة فقط، وعند القضايا الوطنية وفي الحوار، لكن هؤلاء وضعوا لنا هذه القاعدة، مثلا عندما يأتي موعد المساءلة الأسبوعية فنحن لا نتجاوز كفريق اشتراكي 14 أو 15 دقيقة كمعارضة وتبقى أكثر من ساعتين للأغلبية وحكومتها.. إن البرلمان أحدث لمراقبة الحكومة، وفي العالم لم يتم إحداث البرلمانات من أجل أن يتحول أعضاؤها إلى مصفقين للقائد، بل من أجل أن يقوم أعضاء البرلمان بمحاسبة الحكومات ومساءلتها».
وتابع لشكر قائلا :» لذلك اخترنا أن نتقدم بملتمس الرقابة من أجل أن نكون نحن من يسائل الحكومة، والأصداء التي تصلنا من الأحزاب السياسية المتواجدة داخل المعارضة كلها جيدة، ولاشك أنه في الأيام القادمة ستكون لدينا لقاءات مع قيادة هذه الأحزاب للتداول في هذا الملتمس، وستعرف بلادنا نقاش ملتمس الرقابة إذا ترك هذا التغول العملية الديموقراطية تسير في اتجاهها.. لأن ملتمس الرقابة في التسعينيات هو الذي أفرز لنا مكاسب الحوار والدمقرطة وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وعودة المنفيين وإطلاق الحريات العامة، والذي جنَّب المغرب كارثة فتنة الدول وانهيار دول الشرق، وساهم في جعل هذا الجسد جسدا سليما، ومكن بلادنا من العيش في أمن واستقرار وحل مشاكلها بالحوار ، وحتى عندما يكون الصراع يكون صراعا مسؤولا وفي إطار المؤسسات»، كما شدد لشكر على أنه من المفيد للبلاد أن يكون الحوار داخل المؤسسات معتبرا أن ما أنجزه المغرب والمسار الديموقراطي الذي ذهب فيه يجعل أن الحوار المسؤول لابد أن يكون من داخل المؤسسات، مشيرا إلى أن ملتمس الرقابة، وإن لم يأت بنتيجة فهو بمثابة تنبيه للحكومة أنها ليست في الطريق الصحيح.
وختم لشكر كلمته بالتأكيد على ضرورة وجود إصلاح سياسي يكون فيه العنصر الأساسي هو القوانين الانتخابية قائلا : «يجب أن نقوم بمجهود في ظل هذه القوانين الانتخابية ما يجب أن يؤدي بنا إلى تخليق الحياة السياسية لأنها المدخل الوحيد لتحقيق التنمية، لأن تخليق الحياة السياسية يعطي الديموقراطية، وأي تنمية بدون الديمقراطية هي تنمية فاشلة، والتنمية التي تصمد وتستمر هي التي تكون مؤسسة على قواعد ديمقراطية الحق، ومن قواعد ديمقراطية الحق هو تخليق الحياة السياسية، ولذلك ستلاحظون أن الخطاب الأخير لجلالة الملك في الذكرى الستين لتأسيس البرلمان تحدث عن مدونة السلوك والأخلاقيات، ونحن في الاتحاد الاشتراكي قبل إغلاق هذه الدورة وقفنا ضد محاولة تمرير نص اعتقد البعض أنه سيُطبق ما ورد في الخطاب الملكي حول هذا الأمر، ووقفنا ضده وبالفعل أُعد على أساس أن يقع نقاش في الدورة القادمة، وكلنا أمل أن تخرج مدونة السلوك لتقضي على كل هذه العاهات والأمراض في ما يتعلق بالانتخابات القادمة».
من جانبه أكد الكاتب الإقليمي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ببرشيد، سعيد بوكطاية، الذي حاول تحليل الوضعية السوسيو اقتصادية لإقليم برشيد، أن المحطة التنظيمية الثالثة للحزب بقلعة النضال والمقاومة، جاءت من أجل الوقوف عند المشاكل والتحديات التي يعاني منها الإقليم، داعيا إلى إعادة النظر في تقسيم الجماعات الترابية بالإقليم، وِفق تقسيم يمكن من إفراز جماعات ترابية متوفرة على موارد تمكنها من الانخراط في إنجاز المشاريع ولعب دورها في مجال التنمية المحلية، وذلك عبر تخليق الحياة السياسية، مؤكدا أن لا تنمية محلية بدون تخليق للحياة السياسية، وأن الانتخابات النزيهة هي التي تفرز نخبا سياسة قادرة على إيجاد حلول وأجوبة حقيقية للإشكالات المرتبطة بالتنمية المحلية بطرق حديثة وعقلانية في تدبير هذه الجماعات الترابية.
وأشار الكاتب الإقليمي إلى أن الصناعة والفلاحة تُعتبران أهم نشاط اقتصادي بالإقليم حيث تتواجد بالإقليم أربع مناطق صناعية مهمة، المنطقة الصناعية برشيد سيدي المكي، حد السوالم والساحل الخيايطة، وتضم عددا من الصناعات الكيماوية والغذائية والنسيج، الجلد ، الميكانيك، التعدين الصناعات الكهربائية والإلكترونية، ويعتبر المجمع الصناعي لبرشيد على مساحة 60 هكتارا «إيكوبارك» أول مجمع صناعي في إفريقيا حاصل على شهادة الجودة البيئية العالية سنة 2015، كما تم إنشاء مجمعات صناعية جديدة بشراكة مع تحدي الألفية من أجل توسعة منطقتي حد السوالم وساحل الخيايطة، إلا أنه ورغم تعدد هذه الوحدات الصناعية وكثرتها فهنالك مجموعة من الإكراهات المتمثلة في تمركز هذه المناطق الصناعية في أربع جماعات من أصل 22، وأن أغلب اليد العاملة من خارج الإقليم في حين يعاني أبناء الإقليم من العطالة والتهميش، وتواجد وحدات صناعية غير مهيكلة سواء داخل إسطبلات أو «هونگارات»، وغياب استراتيجية للدولة والوزارة الوصية من أجل إيجاد حلول لهذه الوحدات الصناعية العشوائية وإدخالها إلى القطاع المهيكل على شكل وحدات.
في نفس السياق نبه الكاتب الإقليمي إلى أن إقليم برشيد الذي ارتبط في المتخيل الجغرافي المغربي بكونه مطمورة الحبوب بالشاوية على مستوى إنتاج الحبوب حيث أن 203000 هكتار من الأراضي الفلاحية عبارة عن سهول خصبة إذ يساهم الإقليم بنسبة 13% من الإنتاج الفلاحي الوطني، يواجهه تحدي الجفاف، مشيرا إلى أن كل المؤشرات تنذر بسنة فلاحية جد صعبة ما سيضاعف معاناة الفلاح سواء في مواجهة القروض البنكية المتراكمة من توالي سنوات الجفاف أو البحث عن الأعلاف للحفاظ على قطيعه، في مقابل صمت الحكومة التي لم تتخذ أي إجراء استباقي تساهم به في التخفيف من معاناة الفلاحين ونفس الشيء المديريات الإقليمية والجهوية للفلاحة.
كما طالب بوكطاية بإحداث محطات للمعالجة البعدية للمياه العادمة في جميع المناطق الصناعية بالإقليم، وإحداث مزيد من مراكز التكوين المهني لتوفير أطر محلية ذات تكوين وكفاءة تقنية عالي، وتأهيل وتوسعة المستشفى الإقليمي ببرشيد، عبر إحداث مستشفيات عمومية وإحداث مفوضية للشرطة بكل من الذروة والسوالم، والالتفات إلى الخصاص الذي تعرفه الرياضة في الإقليم، وكذلك المشاكل المرتبطة بالتعليم قبل أن يختم كلمته بالتساؤل « أين نحن من مفهوم الجهة أو الجهوية الموسعة ؟».
بدوره أشاد الكاتب الجهوي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بجهة الدارالبيضاء سطات، مهدي مزواري، بالوصول إلى هذه المحطة التنظيمية بشكل سلس وبالجدية التي رافقت الاشتغال للوصول إلى هذا المؤتمر الإقليمي ببرشيد، مشيرا إلى أنه المؤتمر الإقليمي السادس على مستوى جهة الدارالبيضاء سطات، حيث كشف المتحدث أن الحزب بقيادة إدريس لشكر اتخذ قرارا أساسيا، وهو التوجه إلى تجديد التنظيمات ليس التجديد العادي الميكانيكي بل تجديد الأفكار والمقترحات والنخب بإقليم برشيد ومختلف الأقاليم التي عرفت وستعرف عقد مؤتمرات تنظيمية من أجل اجتياز امتحان يُحضِّر لعقد سياسي للمستقبل.
وأكد مزواري أن إقليم برشيد ليس إقليما عاديا بل هو إقليم متجذر في التاريخ قائلا :»الأخ الدكتور عبد الحق بوزيان، الكاتب الجهوي السابق للشاوية ورديغة وبرلماني معروف ومرموق ودافع عن قضايا المغرب لمدة 3 ولايات. قضايا هذا الإقليم كلها عادلة لكن المدافعين عنه فاشلون. لذلك الاتحاد الاشتراكي اليوم جاء ليقدم نفسه ولو أن موازين القوى لم تكن متساوية لكنا رقم واحد داخل هذا الإقليم، ولقد رفعنا شعار التخليق لأنه أمر أساسي لأن من أهم الأمور التي يجب العمل عليها هو التخليق رغم أن هذا شعار الحزب منذ عقود متعددة لكنه اليوم أضحى شعارا تحمله الدولة وأعلى سلطة في البلادن جلالة الملك، حيث لا يمكن لنا أن نغيِّر هذه المؤسسات بدون تخليق العمل السياسي وبدون محاربة الفاسدين داخله». فوعيا منه بالدور الذي تلعبه الأحزاب السياسية في تخليق الحياة العامة والسياسية والبرلمانية ولِكَون هذا التخليق يُعد مسؤولية وطنية وضرورة مجتمعية، اختار حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن يَحمل مؤتمره الإقليمي ببرشيد المُنعقد، مساء يوم السبت 2 مارس، برئاسة كاتبه الأول إدريس لشكر، شعارَ «تخليق الحياة السياسية مدخل أساسي لتنمية الإقليم»، وذلك من أجل القطع مع مختلف أشكال العبث والفساد، وبهدف العمل على إيجاد برنامج عمل واضح بأبعاد اجتماعية واقتصادية تستجيب لاحتياجات الساكنة وتساهم في تطوير المنطقة في إطار الجدية لمحاربة العشوائية التي يتخبط فيها الإقليم، وأيضا لاستحضار السياق الوطني والدولي والوقوف عند ملتمس الرقابة الذي يعتزم حزب الوردة تقديمه في مجلس النواب، ولتجديد هياكل الحزب.
تجدر الإشارة إلى أن هذه المحطة التنظيمية التي وقع فيها الإجماع على سعيد بوكطايا كاتبا إقليميا لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ببرشيد حيث اختار مناضلو ومناضلات الحزب تجديد الثقة فيه كقيادة سياسية قادرة على العمل من أجل حل مشاكل الساكنة ومواجهة التحديات المطروحة، قد عرفت تكريم مجموعة من المناضلين الاتحاديين الذين قدموا للعمل الحزبي والسياسي الشيء الكثير.
تعليقات الزوار ( 0 )