تطرق يوسف إيذي، الكاتب العام للمركزية النقابية الفيدرالية الديمقراطية للشغل، إلى ما تعرفه البلاد من طرف التغول الحكومي الذي بدأ بالتراشق ما بين مكوناته الثلاثة، والحملات السابقة لأوانها، ومحاولات تبني المشاريع المهيكلة وإدخالها في دائرة اللون الذي ينتمي إليه الحزب.
وقال يوسف إيذي، الكاتب العام، في دورة المجلس الوطني الفيدرالي، أول أمس السبت: « أمامنا حكومة متغولة، بدأ التوافق في ما بينها ينفرط، وبدا التراشق الإعلامي في ما بين أغلبيتها، سواء في البرلمان أو في الجهات والمدن وفي التسيير الجماعي، فشرعوا في حملات سابقة لأوانها، لاستمالة المغاربة في الانتخابات المقبلة، ووصلت بهم الكارثة الى شن هجومات على مشاريع مهيكلة يصفى فيها اللون الحزبي الذي ينتمي إليه».
وتطرق الكاتب العام إلى الإضراب الأخير، وموقف الفيدرالية الديمقراطية للشغل، الشجاع والصعب، لكن بفضل الفيدراليات والفدراليين تم إنجاح تنزيله، بعدم الخلط الذي مارسته النقابات الداعية للإضراب، فلم يسبق في تاريخ المغرب أن تم الإعلان عن إضراب عام بهذه السرعة والشكل، نحن عقلاء، فكيف لدولة، منذ 8 أشهر، وقعت اتفاقية اجتماعية كبرى، في التعليم والصحة والعدل، واتفاق اجتماعي مركزي للزيادة 1000 درهم، تكلفة الحوار الاجتماعي لأول مرة في المغرب 47 مليار الدرهم، نعم نمارس المعارضة ولكن نحلل بموضوعية وإنصاف، لم أر في العالم أي دولة خارجة من اتفاق اجتماعي عد مرة قصيرة تخوض إضرابا».
إن كان هناك إضراب عام على القانون التنظيمي للإضراب، فقد صودق عليه وواهم من يعتقد على أنه يمكن التراجع عنه، وكان من المفروض أن يتوقف منذ أن تم طرحه في الجلسة، «في تلك الفترة كنا نقوم بإضراب وننزل إلى الشارع بالمسيرات ، إذا كان الإضراب على الزيادة في الأسعار، فنقول لهم إن الأسعار قد تراجعت. الزيادة كانت في السنة الماضية مرتفعة جدا، نسبيا الآن قد تراجعت بعد تراجع التضخم لمستويات عادية ومقبولة، ولا يعقل كيف مر قانون المالية في الشهر الماضي ولم يصوت ضده، ماذا وقع بين الأمس واليوم؟ !».
وأشار إيذي الى أن إضراب التسعينات كان قرارا سياسيا نتج عن احتقان اجتماعي كبير عرفته بلادنا، «أما إضراب الأمس، فنعتبره في الفيدرالية الديمقراطية للشغل مزايدة، وتوقيت إعلانه بمثابة انتحار جماعي».
«فلما تم طرح مشروع قانون الإضراب، في مناقشته في مجلس النواب، يقول الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، تم الاتصال بالفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية بمجلس النواب للترافع عن موقف الفيدرالية، وتم إدخال العديد من الملاحظات والتعديلات، وتم تأسيس جبهة موحدة، انخرطت فيها الفيدرالية، بالمشاركة في كل الوقفات والمسيرات، إلا أننا تفاجأنا في الأمتار الأخيرة بانسحاب النقابات وعدم التوقيع على التعديلات المشتركة، رغم ذلك ترافعنا كفدرالية ديمقراطية للشغل، في مجلس المستشارين، وعقدنا لقاء مع وزير التشغيل 3 مرات في إطار الحوار الاجتماعي الذي تم إقصاؤنا منه في السابق، كانت اجتماعات إيجابية، ناقشنا مع الوزير قانون الإضراب وقانون النقابات والانتخابات المهنية والتمثيلية، كل هذه المواضيع تم التطرق لها والتي حبذها الوزير وأثنى على موقف الفيدرالية الديمقراطية للشغل.
وقال إيذي: « كنا منسجمين مع الموقف التاريخي للفيدرالية الديمقراطية للشغل الذي عبرت عنه بإيماننا على هذا القانون، قانون مهيكل مرتبط بتنزيل الدستور ومهم للبلاد، ومهم لحماية حقوق الأجراء لممارسة حق الإضراب ولحماية المقاولة الوطنية، إيمان نابع من تجربتنا المتواضعة، فمنذ التأسيس لم يكن للفيدرالية الديمقراطية للشغل حضور في القطاع الخاص، ومع ذلك الحضور المتواضع في القطاع الخاص، قدمنا انتصارا للعمال وللحفاظ على المقاولة الوطنية «.
وأضاف الكاتب العام: «لم يسجل على الفيدرالية الديمقراطية للشغل أن كان لها مسؤول في الاتحاد المحلي، يبيع ويشتري في العمال أو «يبزنس» في حقوق العمال البسطاء، والإخوة في القطاع الخاص كانوا متميزين في التفاوض مع الباطرونا، شرسين صحيح، لكن الأهم الأساسي هو المزاوجة ما بين الحفاظ على حقوق العمال واستمرارية المقاولة، لأن ليس في مصلحتنا أن نقفل المعمل ونشرد العمال».
أهمية قانون الإضراب، يقول إيذي، هي الحفاظ على التراكمات الفضلى التي حققتها الطبقة العاملة المغربية في ممارسة حق الإضراب، والذي حافظ على امتداد نصف قرن وما يزيد دون قانون، وكانت ممارسات جيدة في قطاعات الوظيفة العمومية والقطاع الخاص.
موقف الفيدرالية الديمقراطية للشغل هو إقرار ما بين قانون الإضراب وقانون النقابات، لأننا يقول إيذي» نعتبر قانون النقابات، ليس فقط مكملا لقانون الإضراب، بل إنهاء لحالة الفوضى التي يعاني منها المشهد النقابي.
اليوم غير مقبول ببلادنا للقطاع النقابي أن يبقى خارج أي تأطير قانوني ، وأن نرمي الساكنة النشيطة وبملايين العمال والموظفين بين «البياعة والشراية» في المشهد النقابي، غير مقبول أن تبقى النقابات خارج أي محاسبة للمال العام التي تتلقاه من أموال دافعي الضرائب وأموال المغاربة، ولابد من إعادة النظر في المشهد النقابي وإعادة هيكلة حقيقية على شاكلة ما اعتمدته في قانون الأحزاب السياسية».
وعلى المستوى التنظيمي، اعتبر الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل أن الوضع الداخلي يتطلب من الفيدراليين والفيدراليات الاشتغال على الذات التنظيمية للتهيئ للاستحقاقات المقبلة، مسجلا أن الإيقاع الذي نشتغل به يعرف نوعا من البطء، بالرغم من عدد القطاعات التي تم تجديدها، مثل الفوسفاط والعدل والاتصالات ونشرع في التهيئ لمؤتمرات الصحة والبريد لتقوية النقابات الوطنية القطاعية، والعمل على استرجاع قطاعات فيدرالية فقدناها في غفلة منا (قطاع المالية والإسكان…). كما ندعو الاتحادات المحلية لمد يد العون لقطاع جديد وأساسي عزز تواجده داخل صفوف الفيدرالية الديمقراطية للشغل، وهي المقاولات الصغرى والمتوسطة «بروليتارية الباطرونا» وهي إضافة نوعية.وسنستمر في تجديد الاتحادات الإقليمية المحلية، يقول يوسف إيذي، بعد النجاح الباهر الذي عرفته مدينة الجديدة وخريبكة، وبرمجنا لقاءات في الأسابيع المقبلة.
وعلى الصعيد الدولي، تطرق الكاتب العام إلى ما يعرفه العالم من تداعيات خطيرة أدت إلى إبادة الشعب الفلسطيني، والتطورات السريعة مع فوز الرئيس الأمريكي ترامب، وخرجاته الإعلامية وتصريحاته، والتي أدت إلى استمرار الاضطراب العالمي، وعدم استقرار أسعار المواد الطاقية، وانعكاس ذلك على الوضع السياسي والاقتصادي.
نشير إلى أن المجلس الوطني الفيدرالي، للفيدرالية الديمقراطية للشغل بمراكش، انعقد في دورة عادية في ظروف اجتماعية استثنائية، هذه الظروف تميزت فيها المركزية النقابية، بطرحها للتصور العمل النقابي بالبلاد متجددا في أسلوب التفكير في الساحة النقابية.
دورة المجلس الوطني الفيدرالي، أول أمس السبت، سبقها يوم الجمعة اجتماع المكتب المركزي بكتاب الاتحادات المحلية والنقابات الوطنية، حيث تم اتخاذ قرار بأن سنة 2025 ستكون سنة التنظيم، لتأهيل المنظمة لتواجه كل الإكراهات المطروحة ولتشكل قوة اقتراحية إضافية متميزة في الساحة النقابية، باعتبار الفيدرالية الديمقراطية للشغل بديلا حقيقيا، وامتدادا للحركة النقابية الأصيلة.كما تم تقديم التقرير السنوي المالي وتقارير شعبة التكوين وشعبة الإعلام ودائرة المرأة.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

هذا ما قاله الكاتب الاول في اللقاء الحقوقي بالمقر حول” الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بسجون البوليساريو بتندوف”

المجلس التنظيمي الإقليمي بأسفي ملال: حكومة «رجال الأعمال» فاشلة اقتصاديا وسياسيا

«الفريق الاشتراكي» يصوت ضد قانون الإضراب

الفريق الاشتراكي يستنكر الزيادة في أسعار غاز البوتان ويدعو إلى تدخل عاجل