بقلم جواد شفيق
تعرف دائرة المعارف البريطانية المواطنة بأنها، «علاقة بين الفرد و الدولة يحددها القانون بما تتضمنه من حقوق و واجبات».
ولا يكاد يخلو تعريف أو بحث عن المواطنة لا ينحو نفس المنحى، بتأكيده على هذه العلاقة التعاقدية القائمة وفقا للقانون على ثنائية الحق والواجب.
هذه العلاقة التعاقدية القانونية بين الفرد و الدولة هي أسمى درجات المواطنة، وإليها عادت البشرية وهي تبدع و تبني فضاءات أخرى للتعاقد بين الفرد ومحيطه (اجتماعيا / نقابات، سياسيا / أحزاب، وظيفيا/ إدارة، مجتمعيا/ منظومة قيم..»
وهكذا، فإن ما يتبادله الفرد مع دولته، حقوقا وواجبات، عليه أن يتبادله أيضا في كل علاقة قانونية تربطه بحزب أو نقابة أو مشغل أو مجتمع، أو أية مجموعة بشرية منظمة تربطه بها رابطة ما.
من هنا جاءت فكرة المواطنة الحزبية، باعتبارها علاقة قانونية بين أفراد في ما بينهم، لهم حقوق وواجبات، وعلاقة قانونية في ما بين هؤلاء الأفراد وحزبهم (باعتباره وطنا مصغرا لهم، له هو أيضا حقوق و واجبات).
المواطنة، هي علاقة قانونية بين الفرد وطرف آخر، مادي أو معنوي، تتأسس على ثنائية الحق والواجب، وهي تختص بكونها علاقة تبادلية، طوعية، فردية، وقابلة للاكتساب والفقدان.
عندما يختل توازن أساس العلاقة: الحق و الواجب، تختل معه كل أركان العلاقة، ويشرع معه في هدم غايات المواطنة، في تحقيق الانسجام، وحفظ الحقوق والحريات، واحترام الأفراد لالتزاماتهم و واجباتهم ، واحترام الاختلاف و التنوع.
شكل الغلو في الذود عن الحقوق دونا عن الواجبات، أحد أهم معطلات بناء المواطنة، وهو أحد مظاهر التخلف التاريخي والحضاري والثقافي في تمثل الديمقراطية، في المجتمعات العالمثالثية عموما، والمشرقية خصوصا.
وحيث أن البنيات الحزبية هي وليدة بيئتها ، هنا أو هناك، فإن الظاهرة الحزبية ببلادنا، قد استوطنتها كل أعطاب وتشوهات وانحرافات «الديمقراطية الشرقية»، لتصبح الديمقراطية/ و المواطنة الحزبية ذات اتجاه واحد …الحق.
والحال أن الديمقراطية/ المواطنة الحزبية تستلزم وجوبا، لتطويرها ونموها، أن يقترن الحق بالواجب، والفرد بالجماعة، والاختلاف بالانضباط بعد اكتمال كل الأشواط، والمشاركة بالحضور والمساهمة، والعضوية بالاستمرارية والتضحية، والترشيح والرأي والاقتراح بقبول مخرجات الاقتراع،….ووجود الأنا بحتمية وجود بالآخر.
وماعدا ذلك ، وأمام اقتصار بعض العقل الحزبي على مكون واحد من هذه الثنائيات المتلازمة …فهي الفاشية والنرجسية.. وهي أبعد ما تكون عن الديمقراطية والمواطنة الحزبية.
تعليقات الزوار ( 0 )