أوضح الأخ  الأمين مشبال  عضو مكتب فرع تطوان للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والمعتقل السياسي السابق  أن هناك العديد من العوامل  التاريخية التي ساهمت في بروز أقصى اليسار المغربي وطنيا وعربيا وعالميا. فعلى الصعيد الوطني أبرز مشبال الذي كان يتحدث في موضوع “تجربة أقصى اليسار المغربي في السبعينيات، أية دروس للحاضر”، ضمن لقاء نظمته الشبيبة الاتحادية بتطوان في سياق أنشطتها السياسية والإشعاعية  (ساعة من النقاش) مساء الجمعة 27 شتنبر الجاري بمقر الحزب، كيف أن وضعية الانسداد السياسي  الناجمة عن حالة الاستثناء التي تلت أحداث الدار البيضاء الدامية في 23 مارس 1965،أرخت بظلالها الثقيلة على الأحزاب الوطنية .أما عربيا، فيضيف الأخ مشبال، كان لهزيمة الخامس من يونيو1967،أثرٌ بليغ في نفوس الشعوب العربية ،وزعزعت الصورة نظام جمال عبد الناصر التي كانت ترى فيه نموذجا للتحرر ولمواجهة الغطرسة الإسرائيلية. كما كان من نتائجها المباشرة الانطلاقة الفعلية للمقاومة الفلسطينية وخصوصا بروز جناحها اليساري المتمثل في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين التي أكدت في طروحاتها على “هزيمة الأنظمة البرجوازية الصغيرة” وضرورة خوض ” حرب تحرير شعبية طويلة الأمد” على غرار التجربة الفيتنامية. أما على الصعيد العالمي فلقد كان للثورة الثقافية في الصين وأحداث مايو 1968 بفرنسا دورٌ لا يستهان به في إعطاء الانتشار والمصداقية للفكر الماركسي داخل الأوساط الطلابية والمثقفين عموما.
المحور الثاني في عرض الأخ الأمين مشبال،خلال هذا اللقاء الذي أدارته الأخت جيهان حطاطا،  انصب حول الأطروحات الرئيسة  لأقصى اليسار المغربي، ومدى تأثرها بالبنية الاجتماعية والعمرية.
لقادة وأطر تلك الحركة، إذ اعتبر المتدخل كون معدل عمر غالبية التنظيمات  لم  يكن يتجاوز 24 أو 25 سنة، وحضورهم التنظيمي في أوساط الشباب المتعلم لم يكن يسمح لقادتها الاحتكاك بالواقع، ولامعرفة  المغرب العميق بتاريخه وبنياته الاقتصادية والاجتماعية. من هنا يضيف الأخ مشبال  لا غرابة أن يكون “إنجيل” تلك الحركات استنساخا لكتاب “ما العمل” الذي كتبه لينين في 1902، ولبعض كتيبات ماوتسي تونغ التي عرض فيها تحليله للتركيبة الاجتماعية والطبقية داخل المجتمع الصيني في مطلع خمسينيات القرن الماضي، وكذا تصوره  العسكري المتمثل في استراتيجية القواعد  العسكرية الحمراء المتحركة، والحرب الطويلة الأمد. وانطلاقا من ذلك دعت تنظيمات اقصى اليسار المغربي في أدبياتها إلى  “العنف الثوري” وخوض “حرب تحرير شعبية طويلة  على غرار الأنظمة الشمولية التي كانت في أوروبا الشرقية والاتحاد السوفياتي والصين آنذاك.
أما على المستوى المباشر،  يضيف مشبال فقد دعت أدبيات أقصى اليسار المغربي إلى بذل كل الجهود وتوحيدها قصد “التجذر في الطبقة العاملة” وفي أوساط “الفلاحين الفقراء” بغية بناء “الحزب البروليتاري” الذي سيقود تلك المعارك .بيد أن ذلك “التجذر” ظل حبيس أوساط التلاميذ والطلبة وبعض الاساتذة والمثقفين، وتمت الاستعاضة عنه بأطنان من المناشير التحريضية، وعرف بدوره تراجعا ملموسا خصوصا بعد منع الاتحاد الوطني لطلبة المغرب في 24 يناير1973.كما أن حملات الاعتقالات  والاختطافات والتعذيب الجهنمي  المتتالية من 1972 إلى مارس 1976 أدت إلى اعتقال ما تبقى من أطر وقيادة  تنظيم “إلى الأمام”، بعد أن تمت تصفية منظمة “23 مارس” إثر اعتقالات نوفمبر 1974.
المحور الثالث والأخير من العرض، كان عبارة عن أربع خلاصات رئيسة من تجربة أقصى اليسار المغربي في السبعينيات، والتي حددها المتدخل فيما يلي:
أولا:غلبة الإرادوية على فكر وممارسة الحركة اليسارية، إذ أنه رغم معاينتها لتراجعها التنظيمي وتقلص تأثرها وإشعاعها داخل أوساط الشبيبة المدرسية، وتوالي الاعتقالات في صفوفها بدون توقف تقريبا، ناهيك عن انعدام الحضور في الأوساط العمالية والشعبية عموما، فلقد اعتبرت أن الحل الوحيد والأمثل يكمن في تعبئة وشحن المناضلين قصد التغلب على “التذبذب ” الناجم عن أصولهم “البرجوازية الصغيرة”، وأن التغلب على تهلهل التنظيم والاعتقالات التي تحاصره، يكمن في “الصمود تحت التعذيب” إلى ما لانهاية وإلى الموت، وهو ما لم يتحقق في ساعة الحقيقة. فالفكر الإرادوي كان يتجاهل ويغمض عينه عن تعثرات والإشكالات التي يطرحها الواقع العنيد، بالشعارات الحماسية الرنانة، باعتبار أن التغيير الثوري والاجتماعي عموما يرتبط بشكل وثيق بالواقع الاجتماعي وتحديدا بموازين القوى داخل الساحة.
وكانت الأخت جيهان حطاطا قد أوضحت أن هذا اللقاء يندرج في سياق الحلقة الثالثة من النسخة الثانية من برنامج الشبيبة الإتحادية بتطوان ساعة من النقاش قبل أن تقدم نبذة عن المسار السياسي و النضالي للأخ مشبال الذي حكم ب 20 سنة في إطار محاكمة الدار البيضاء لسنة 1977 و التي حكم فيها 139 من النشطاء السياسيين أغلبهم ينتمون لتنظيمات ماركسية لينية .
كما عرجت الأخت جيهان على تجربة مشبال سواء داخل” منظمة إلى الأمام ”  أو بالمعتقل مولاي الشريف وكذا ممارسته السياسية الحالية داخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية .
وتفاعل مناضلو ومناضلات الشبيبة الاتحادية مع موضوع اللقاء من خلال  تدخلاتهم التي انصبت على طرح مجموعة من الأفكار  حول تجربة أقصى اليسار بالمغرب والتحديات التي واجهته والأخطاء المرتكبة من طرف مناضليه.

الكاتب : مكتب تطوان:  عبدالمالك الحطري 

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

في البيان العام للمجلس الوطني للشبيبة الاتحادية

بحضور الكاتب الأول الاستاذ ادريس لشكر : الجامعة السنوية للتقدم والاشتراكية تناقش «السياسة أولا.. لإنجاح المشروع الديموقراطي التنموي»

الكاتب الأول يترأس اجتماع المجلس الوطني للشبيبة الاتحادية

ندوة للحزب بالمحمدية على ضوء التطورات الدولية والاقليمية الأخيرة