إدريس لشكر: الحكومة لم تعد تُنصت حتى لمؤسسات الحكامة، وامتد تغوّلها إلى الجهات والأقاليم

نبيل بنعبد الله : الحكومة فشلت في بلورة شعار الدولة الاجتماعية وتنزيله

محمد أوزين: وجدنا أنفسنا أمام هيمنة الحكومة وضعف تجاوبها، وإقبار مبادرات المعارضة البرلمانية

شارك الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الأستاذ إدريس لشكر، في مناظرة/نقاش نظمته مؤسسة HEM حول موضوع: «المعارضة السياسية والمشاركة في صنع القرار: أي دور لبناء التوازن السياسي في البلاد؟»، وذلك مساء أول أمس الثلاثاء 8 أبريل 2025 بالدار البيضاء.
وقد ناقشت هذه المناظرة، التي شارك فيها أيضًا كل من إدريس لشكر ، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، ومحمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، أدوار المعارضة البرلمانية واختصاصاتها الدستورية، بما يضمن لها مكانة تخولها حقوقًا تمكّنها من النهوض بمهامها على الوجه الأكمل في العمل البرلماني والحياة السياسية.
وعرفت المناظرة، التي أدار أشغالها كل من الإعلامية صباح بنداوود عن القناة الأولى، وعبد المولى بوخريص عن قناة ميدي 1 تي في، حضورًا كميًا ونوعيًا لفاعلين حزبيين ومنتخبين وأساتذة جامعيين وفعاليات مجتمعية وهيئات مدنية وإعلامية، إضافة إلى طلبة معهد الدراسات العليا للتدبير بالدار البيضاء.
وأكد إدريس لشكر، الكاتب الأول، خلال هذا اللقاء، أن هذه الندوة جد مهمة ومتميزة بانفتاح المؤسسة المحتضنة على محيطها الخارجي، واستماعها للفاعل الحزبي وتصوراته ومواقفه حول العديد من القضايا والموضوعات المتعلقة بالشأن العام بالمغرب، خاصة من جانب المعارضة.
وشدّد لشكر على أن «المعارضة قائمة على قناعتنا بأن الديمقراطية هي المشاركة في صنع القرار، أغلبية ومعارضة، والمشاركة السياسية للجميع في صنع القرار»، موضحًا أن هذه الديمقراطية تراجعت بشكل واضح. فالديمقراطية في مختلف دول العالم تقتضي أن يقود الحزب الأول الحكومة، ويتولى الحزب الثاني المعارضة، مضيفًا أن هذا لم يحدث في المغرب، وهو ما سمّيناه بالتغوّل.
وأشار الكاتب الأول إلى أن الحكومة لم تعد تُنصت حتى لمؤسسات الحكامة، وامتد تغوّلها إلى الجهات والأقاليم، ولم يعد مقتصرًا على المستوى المركزي. كما سجل أنه في ظل هذه الظروف، أصبح من الصعب تشكيل حتى لجان تقصّي الحقائق، لعدم توفر النصاب لمساءلة هذه الحكومة في العديد من القضايا التي تهم الرأي العام، وآخرها تشكيل لجنة تقصّي الحقائق حول الدعم المخصص لاستيراد الأغنام واللحوم.
وشدّد لشكر على أنه في المعارضة يجب أن نتفق حول المساطر المتعلقة بالديمقراطية، والتنسيق بشأنها، خاصة وأن الأمر مطروح لتشكيل لجنة تقصّي الحقائق، موضحًا أنه بشأن استيراد الأغنام هناك نوع من العبث، وما أثار حفيظتنا هو تصريح أحد أعضاء الحكومة والتضارب في أرقام الحكومة ووزرائها الذين يخرجون بتصريحات متباينة حول أرقام ومبالغ المستفيدين من دعم استيراد الأغنام، مضيفا أن تصريحات وزراء الحكومة متضاربة حول دعم استيراد الأغنام، والمبالغ الممنوحة، ومن المستفيد منها، مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول هذه الوضعية. وأكد أنه «كان يجب اتخاذ مبادرة تشكيل لجنة تقصّي الحقائق حول هذا الأمر، وقد التحقنا بهذه المبادرة حتى لا يكون هناك تشويش في هذا الباب»، مسجلًا أن الاتحاد الاشتراكي منخرط في هذه الآلية، وذلك بالرغم من صعوبتها بالنظر لتغوّل هذه الحكومة، وما يستلزمه ذلك من توفر النصاب القانوني لتشكيل لجنة تقصّي الحقائق.
وشدّد الكاتب الأول على أن هناك مشكلًا في اختيارات الحكومة الاقتصادية، فعوض دعم الكساب والفلاح الصغير، توجهت الحكومة إلى دعم استيراد الأغنام من الخارج، بالإضافة إلى أزمة البطالة وغلاء المعيشة، وجدد التأكيد على أن اللحظة مناسبة لطرح ملتمس الرقابة في مواجهة الحكومة، كآلية قوية وخلق جو للنقاش الواسع، ووضع الأمور في مكانها الطبيعي، في ظرفية صعبة يطغى عليها الغلاء وضعف القدرة الشرائية للمغاربة.
وسجّل لشكر أنه من خلال القوانين وتوفر النصاب القانوني يمكن محاسبة هذه الحكومة ومساءلتها حول هذه القضايا، خاصة وأننا على بعد سنة من الاستحقاقات الانتخابية، وبالتالي يجب أن يأتي رئيس الحكومة إلى البرلمان لمساءلته ومحاسبته حول قضايا اقتصادية واجتماعية حارقة تشغل بال الرأي العام.
وفي ما يتعلق بالمحطة القادمة وإصلاح القوانين الانتخابية، شدّد لشكر على أنه ينبغي على الحكومة أن تنطلق من الإحصاء العام للسكان والسكنى، بما يخدم المشاركة السياسية واستعادة الثقة في العمل السياسي والحزبي، وذلك عبر الحوار والتواصل مع كل الفرقاء، وانفتاح الحكومة على المعارضة والاستماع لمبادراتها ومقترحاتها.
وأكد لشكر أنه «يجب القطع مع الممارسات المتعلقة بالإحسان الانتخابي والسياسي، والتصدي لمظاهر توزيع القفف، وأن الوقت قد حان لوضع حد نهائي لهذه الوضعية.»
وخلص الكاتب الأول إلى أنه لا حل إلا بالمساءلة والمحاسبة، ودعوة رئيس الحكومة إلى البرلمان لمساءلته حول القضايا الأساسية التي تهم المغاربة وتدبير الشأن العام مشددا على أن هذه الحكومة تتعاطى مع الشأن العام ومصالح المغاربة بقدر من العبث، وأن تشكيل لجنة تقصي الحقائق سيصطدم بعائق جمع ثلث التوقيعات، مما يُفقد المبادرة فعاليتها. مؤكدًا أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية انخرط في هذه المبادرة حتى لا يكون هناك تشويش في هذا الباب.
وأكد لشكر أنه في المعارضة يجب أن نتفق حول المساطر المتعلقة بالديمقراطية، وأن الانسجام داخل صفوف المعارضة ليس شرطًا ضروريًا، عكس أحزاب الأغلبية التي يفترض فيها التناسق والعمل المشترك حين تفرض الظرفية ذلك.
وتابع قائلًا: من الصعب في المغرب أن تتفق مكونات المعارضة على مشاريع قوانين بسبب التباين الإيديولوجي، وكل حزب يعبر عن مواقفه باجتهاده الخاص، وأكد أن تشكيل لجنة تقصي الحقائق حول دعم استيراد الماشية يبقى من الآليات المهمة، بالرغم من صعوبتها، نظرًا للتغول الذي تمارسه هذه الحكومة.
وسجل لشكر، بشأن استيراد الأغنام، أن «هناك نوعًا من العبث، وأثار ذلك حفيظتنا تصريح أحد أعضاء الحكومة، وأن هناك تضاربًا في أرقام الحكومة ووزرائها الذين يخرجون بتصريحات متضاربة حول أرقام ومبالغ المستفيدين من دعم استيراد الأغنام.»
وأضاف الكاتب الأول، «أن تصريحات وزراء الحكومة متضاربة حول دعم استيراد الأغنام والمبالغ الممنوحة، ومن المستفيد منها، مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول هذه الوضعية.»
وجدد لشكر التأكيد على أن اللحظة مناسبة لطرح ملتمس الرقابة في مواجهة الحكومة كآلية قوية وخلق جو للنقاش الواسع، ووضع الأمور في مكانها الطبيعي في ظرفية صعبة يطغى عليها الغلاء وضعف القدرة الشرائية للمغاربة.
وفي هذا السياق، شدد الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي على أن السياسة هي فن الممكن، مؤكدًا أن المعارضة تملك اليوم حق التقدم بملتمس رقابة لمواجهة هذه الحكومة وتوجهاتها.
وأضاف قائلًا: نحن في الاتحاد الاشتراكي نعتبر هذا الملتمس أداة دستورية مشروعة لمساءلة الحكومة والضغط من أجل تصحيح المسار.
وأوضح لشكر أنه لا حل إلا بالمساءلة والمحاسبة، ودعوة رئيس الحكومة إلى البرلمان ومساءلته حول القضايا الأساسية التي تهم المغاربة وتدبير الشأن العام. مشددًا على أن الوضع السياسي الراهن يختلف تمامًا عما كان في السابق، نظرًا للتراكمات التي حققتها أجيال النضال السياسي، مؤكدًا: «نحن في الاتحاد الاشتراكي مقتنعون بأن الديمقراطية لا تُختزل في حكم الأغلبية فقط، بل تقوم أيضًا على إشراك المعارضة في صناعة القرار.»
وسجل لشكر أن النقاش حول المشاركة السياسية للجميع انطلق مع تجربة التناوب التوافقي، وترسخ مع دستور 2011 الذي اعتُبر محطة توافق وطني كبير، رغم التفاوتات التي عرفتها الممارسة السياسية بعده، صعودًا وهبوطًا، بحسب السياقات. معتبرًا أن هيمنة أحزاب الأغلبية على المشهد السياسي أفرز نوعًا من التغول والاحتكار لسلطة القرار، سواء على المستوى المركزي أو الجهات والأقاليم، في ظل غياب أي تفاعل جدي من قبل الحكومة مع تساؤلات المعارضة ومبادراتها ومقترحاتها داخل البرلمان.
وأكد لشكر أن الإصلاحات التي جاء بها دستور 2011 أصبحت غير قابلة للتنزيل في ظل الوضع الحالي، داعيًا إلى استعادة روح المشاركة والتوازن التي ميزت التجربة الديمقراطية المغربية في مراحلها السابقة.
من جهته، أكد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بنعبد الله، أن الحكومة وأغلبيتها، تبخس اليوم أدوار المعارضة ولا تستجيب لمقترحاتها ومبادراتها، خاصة في العديد من القضايا الأساسية التي تهم المغاربة. مشيرا إلى أن حزب «الكتاب» عبر بكل وضوح عن رفضه للتوجه الحالي للحكومة، واعتبر أن الانتخابات الأخيرة أفرزت أغلبية عددية واسعة، بالإضافة إلى استعمال أساليب غير مقبولة. محذرا من تكرار ما وقع في الانتخابات السابقة، على الاستحقاقات الانتخابات القادمة 2026.
وشدد بنعبد الله على أن هناك فشلا حكوميا واضحا وذريعا في تدبير الملفات الديمقراطية الأساسية وفي التواصل السياسي وفي تدبير الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، موضحا أن الحكومة فشلت في بلورة وتنزيل شعار الدولة الاجتماعية، وبالتالي يكفي النظر إلى أرقام البطالة المتفشية في صفوف الشباب وأزمة الغلاء في الأسعار، كبرهان على فشل التدبير الحكومي.
وأكد نبيل بنعبد الله، أنه حان الوقت لنقول «كفى» لهذه الحكومة وأغلبيتها العددية، وبالتالي لابد « لنا كمعارضة إلى جانب مكونات وهيئات أخرى، أن نفرز بديلا حقيقيا قادرا على فتح الآفاق أمام عموم المواطنين المغاربة.»
وسجل بنعبد الله، أنه يجب طرح ملتمس الرقابة لإسقاط هذه الحكومة،وكان علينا فعل ذلك عندما تم اقتراحه من قبل لنجعل من ذلك لحظة سياسية فارقة والتواصل مع جميع الفرقاء خاصة وأننا على بعد سنة من الانتخابات، مؤكدا «أننا لا زلنا متفقين من حيث المبدأ على طرح ملتمس الرقابة لمواجهة هذه الحكومة». مشددا على أنه لابد من خلق الفرص لكي تقدم هذه الحكومة الحساب الموضوعي، وأن تخرج من التناقضات التي تعيش فيها.
وخلص بنعبد الله، إلى أن التحدي القادم، يكمن في إيجاد الصيغ والآليات المناسبة لإبعاد الفاسدين عن العملية السياسية والانتخابية، وإرجاع النخب والمناضلين الشرفاء إلى الساحة لإعطاء صورة ديمقراطية عن المغرب الذي نريده.
ومن جهته، أكد محمد أوزين الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، أنه «وجدنا أنفسنا اليوم أمام الهيمنة وضعف التجاوب الحكومي، وإقبار مبادرات ومقترحات المعارضة البرلمانية.»
وشدد أوزين خلال هذه الندوة، على أن الحكومة وأغلبيتها، لم تتجاوب مع مبادرات المعارضة بالبرلمان، وأن العديد من المقترحات مازالت عالقة لحد الساعة ولم تتفاعل الحكومة معها، خاصة وأنها مواضيع وقضايا أساسية تهم المواطنين بشكل واضح، منها ما هو متعلق بالقدرة الشرائية للمغاربة وتخفيف العبء عن قدرتهم الشرائية مؤكدا « أننا اليوم نعيش الافتراس مع هذه الحكومة، باتخاذها إجراءات وتدابير أثقلت كاهل المواطنين المغاربة، ولم يكن لها أثر على أرض الواقع، وبالتالي لابد من تفعيل آليات رقابية حول قضايا ومواضيع وإشكالات اقتصادية واجتماعية». مشددا على أنه لابد من محاسبة الحكومة ونواياها، وعلى تدميرها للقدرة الشرائية للمواطن. كما أن عليها اليوم أن تخرج عن صمتها وتقول لنا، بالنظر إلى التصريحات المتضاربة لأعضائها، ماذا تريد، هل التطبيع مع الفساد أم محاربته؟ كما أن عليها التحلي بالشجاعة إما بالدفاع عن المواطن أو الوقوف ضده، مع مصالح «اللوبيات».

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

حقائق عن استيراد الأبقار والأغنام وتداعياتها السياسية والمالية والاجتماعية!

الكاتب الاول الاستاذ ادريس لشكر، في برنامج «نقطة إلى السطر» بالقناة الأولى

بخصوص ما قاله الكاتب الأول عن فلسطين الآن!

ندوة للكتابة الإقليمية للحزب حول «المنظومة الصحية بإقليم الحسيمة هل نحن على مشارف أزمة أم نقترب من الحل؟