«إخواني ، أخواتي
بعد التحية والسلام
أود بداية أن أتقدم بشكري للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي على الدعوة والاستضافة.
صراحة لقد استمعنا إلى كلمات قيمة جدا حول الوضع العربي تجعل الإنسان يحار في ما يمكن أن يقوله في هذه الدقائق البسيطة أمام جبل، جبل من الإخفاقات ومن التراجعات وأمام وضع بئيس، شئنا أم أبينا، أمام وضع بئيس في عالمنا العربي.
أولا، للتصحيح، ومن باب التذكير أيضا فإن المنتدى الديمقراطي الاجتماعي في العالم العربي، كانت نشأته بعدما سمي حراك العالم العربي، وكل الإطارات الاشتراكية والديمقراطية الاجتماعية الدولية كانت تضم في صفوفها أحزابا تابعة لبعض الأنظمة العربية التي أسقطها هذا الحراك، و كانت تسمي نفسها أحزابا يسارية كذلك، مع كامل الأسف . لقد فوجئوا هم كذلك بهذا الحراك الذي كان من أجل أهداف نبيلة، ولم يستطيعوا مجاراته والانخراط فيه وتأطيره.
لقد كان ذاك الحراك حابلا بمرجعيتنا من أجل الديمقراطية وقضايا الإنسان ومن أجل الحرية والعدالة، لكن للأسف الذي استفاد منه في النهاية هي القوى المحافظة والقوى الرجعية، وبالتالي كان لابد من البحث عن بدائل وحلول لهذه النتائج .
لذلك كان من ضمن هاته الحلول وقتها أننا في الإطارات الدولية التي ننتمي إليها، وخاصة في الأممية الاشتراكية، طرحنا هذه القضايا وطرحنا الخطأ الذي وقعت فيه الأحزاب الاشتراكية في أوروبا من حيث رهانها على أحزاب وأنظمة عربية فاسدة وكانت الأمور بتلك النتيجة.وبدأنا في النقاش ووجدنا أصدقاء في السويد وألمانيا عبر جمعياتهم التي كانت كلها داعمة . ذلك النقاش هو الذي طرح أن تلتئم القوى العربية الحقيقية الجماهيرية التي لها امتداد في الحركة المدنية والحركة الاجتماعية قبل أن نترك ذلك للقوى المحافظة الرجعية التي فاجأتنا في المسيرات وفي التظاهرات.
هذه البداية هي التي أشار إليها الأخ فياض وهو يذكرنا باللقاءات الأولى، لكن لابد أن نذكر أن المؤتمر التأسيسي للمنتدى الاجتماعي الديمقراطي كان في الرباط 2013 ، أي سنتين بعد الحراك ، وكان مؤتمر الرباط التأسيسي تتويجا لمجمل نقاشاتنا.
كل ما أعقب هذا المؤتمر كان مجرد لقاءات تداولية وتشاورية، لذلك يمكن أن أقول بعد المؤتمر التأسيسي، أن هذا هو المؤتمر الأول للمنتدى الديمقراطي الاجتماعي.
فطوبى لإخواننا في الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، لأنه ينعقد عندهم هذا المؤتمر بفعل الحوار والنقاش الذي كان بيننا من أجل أن نجعل هذا الإطار قيمة مضافة لنضال الشعوب العربية.
وبما أننا عازمون على إعطاء نفس وحياة جدية وجديدة لإطارنا التنسيقي هذا، دعوني أقول لكم بصراحة، إنه لا يجب أن نغالي في رهاننا على إطارات دولية أخرى، لأن قضايا العالم العربي ومشاكل و تطلعات شعوبه لا يستوعبها إلا مناضلو العالم العربي ولا يمكن أن يتوحد حولها بشكل شامل إلا هؤلاء المناضلون، أي أحزابنا المناضلة أولا ، ثم مجموع القوى التي تقاسمنا اختياراتنا ومرجعيتنا وأهدافنا .
لابد أن إخوتكم على بينة من المواقف الرسمية للتحالف التقدمي الدولي مما وقع و يقع للشعب الفلسطيني منذ سابع أكتوبر 2023 ، بحيث تم التعامل على قدم المساواة بين الضحية والجلاد ، وهو أمر نبهنا له في حينه، و قلنا بأنه مرفوض أخلاقيا وسياسيا.
وعلى العكس من ذلك، فإن إطارا دوليا آخر هو الأممية الاشتراكية لابد أن نعترف له ولأصدقائنا الاشتراكيين الإسبان ورئيس حكومتهم الذي يقود الأممية الاشتراكية لأن الأممية كانت لها مواقف متميزة داخل الاتحاد الأوروبي بالنسبة لقضيتنا العربية الأولى، قضية فلسطين، في حين فاجأنا كل أصدقائنا الاشتراكيين الذين عرفناهم في السبعينات والثمانينات والتسعينات والذين كانوا مساندين للحرية والديمقراطية ، فاجأونا بدعمهم لهجمة إسرائيل .
لماذا لا نتساءل: لماذا جاء هذا الدعم لإسرائيل ؟ لما لا نطرح السؤال الحقيقي، أليس الخطأ فينا؟ أليس الذي يحمل قضية عادلة ويعجز عن تسويقها وإقناع الآخرين بعدالة قضيته هو المسؤول ويجب أن يسائل نفسه ويقدم نقده الذاتي.؟
أعتقد أنه علينا أن نكف عن دغدغة العواطف والاستمرار في ركوب لغة الشعارات والحماس واللاءات الثابتة، وقد رأينا كيف سقطت كثير من اللاءات في العالم العربي وغيره من العوالم.
اليوم لابد من مخاطبة العقول. ومخاطبة العقول لا يمكن أن تكون بلغة متطرفة فقط ، مخاطبة العقول ستجعلنا نتحدث اليوم مع رفاقنا حول العالم بواقعية. الواقعية تتطلب أن نؤكد أننا الضحية ولسنا المنتصرين ، يجب أن نقر ونعترف بأن الضحية من حقها أن تطالب اليوم في إطار الشرعية الدولية، بما احتل من الضفة الغربية وقطاع غزة منذ 1967 ، وهو ما يجمع عليه المنتظم الدولي وقراراته، لا أن نظل نطالب بأشياء لا يتقبلها العقل .
كنا نذهب لمخاطبة أصدقائنا وحلفائنا ورفاقنا ليفاجئونا بأن بعضنا لا يزال يطالب برمي خصومنا إلى بالبحر، وأننا بهكذا مواقف لا نزال نرفع الشعارات وبصور يندى لها الجبين، وأن خطابنا هذا غير مقبول ولا يمكن أن يكون العالم كله على خطأ.
أعتقد أنه حان الوقت لأن نتوجه بخطاب عقلاني، وبوسائل سياسية تفاوضية وبأهداف واضحة نحن ذوي المرجعية الاشتراكية الديمقراطية التي تتوخى العدالة والحرية وحقوق الإنسان.
إن على رأس أولوياتنا من الشعوب المقهورة المظلومة التي يجب أن تحل لها المشكل هو الشعب الفلسطيني، لذا نطالب فقط أن توضع على أولويات جدول أعمال شعوب العالم.
واسمحوا لي هنا أن أقول لكم بأننا في المنتديات الدولية لحقوق الإنسان كنا نجد قضايا هامشية تسجل على جدول الأعمال قبل قضية شعب الفلسطيني، لذلك حان الوقت لأن نجعل قضيتنا أولا قضية رأى عام دولي، وأن يكون خطابنا خطابا عقلانيا ومقنعا سياسيا ومرتكزا على ما أقره المنتظم الدولي و القمم العربية والواقع على الأرض.
إننا نأمل أن نستوعب جميعنا بأنه لا حل إلا في إطار دولتين مستقلتين جارتين».
تعليقات الزوار ( 0 )