هل كان فقط شعارا كيفما اتفق، لتأثيث الحملة الانتخابية؟
نحتاج نحن مناضلات ومناضلو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن نتمثل الأعباء السياسية والنضالية لهذا الشعار الفارق، وأن يستشعر مجموع الشعب المغربي عبره خطورة التحديات التي تواجه بلادنا، وأن يفهم مجموع الطيف الحزبي والسياسي والمدني ببلدنا أننا في مرحلة تقتضي أن يكون الوطن قبل التنظيم، أن يكون المغرب قبل الجماعة، أن يكون البلد قبل أي انتماءات ضيقة.
يمر العالم من منعطف خطير يتم فيه استهداف الكيانات الدولتية، لصالح كيانات عابرة للقارات، تحاول أن تجعل الدولة هشة ( حتى في الدول المتقدمة)، تخدم مصالح الشركات الكبرى وتجار الحروب والأزمات، وتستغل أي ثغرة يمكن من خلالها إضعاف المؤسسات التي تشكل التجسيد الحقيقي لوجود الدولة.
إن إضعاف الدولة تحت أي ستار، يعني بالتبعية جعلها رهينة الخارج وتقلباته، فتصبح دولة تابعة لا تملك قرارها، وبالتبعية تصبح مصالح مواطنيها مهددة، مادامت الدولة غير قادرة على تلبية انتظاراتها في الصحة والتعليم والشغل والسكن، وغيرها من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
لقد وعت بلادنا هذه التحولات، وبعد أن تم فتح أوراش سياسية في بداية حكم جلالة الملك محمد السادس ( المفهوم الجديد للسلطة، العدالة الانتقالية، الإنصاف والمصالحة، التعديلات الدستورية…)، وبعدها وموازاة معها كان الشروع في أوراش اقتصادية وصناعية مهيكلة وموزعة على مناطق مختلفة من التراب الوطني ( ميناء طنجة المتوسط، الطاقات المتجددة والبديلة، القطار فائق السرعة، صناعة السيارات …)، تحولت الدولة إلى سد ما يمكن سده من نقص في المجالات الاجتماعية.
كان الإرث الموروث عن الماضي ثقيلا، خصوصا ما تعلق بقطاعات التعليم والصحة والشغل والسكن والتغطية الاجتماعية والفوارق الطبقية والمجالية،
وقد التقت الإرادة الملكية السامية مع التطلعات المجتمعية، فإذا كان المجتمع في دينامياته أفرز مجموعة من التعبيرات الاحتجاجية المرتبطة بالأسئلة الاجتماعية أساسا، فإن الجواب الملكي الذي يعبر عن جواب الدولة كان استباقيا، ويمكن التمثيل لذلك، بالنموذج التنموي الجديد الذي تم إقراره، أو بمجموع التدابير السابقة عليه أوالموازية له، كمشروع السجل الاجتماعي الموحد، وتعميم التغطية الصحية، والانتباه لإشكال الاقتصاد غير المهيكل.
إن كل ما سلف، وفي علاقة بتداعيات جائحة كورونا، أعاد الدولة للواجهة بقوة…
لقد كان المجتمع محتاجا للإحساس بالأمن أمام المجهول، وكان محتاجا للإحساس بوجود دولة قوية.
واستطاع المغرب بقيادة حكيمة من الملك محمد السادس أن يدبر هذه المرحلة بأقل الخسائر، ولكن بفرص أخرى للتنمية في مجالات مختلفة، واكتشفنا في قمة الخصاص على مستويات كثيرة كما باقي دول العالم، أن لنا عناصر قوة أخرى سواء على مستوى الدولة أو المجتمع.
إن هذه النجاحات، رغم كل عناصر النقص المتبقية، كما جعلت بلادنا محط تنويه، فقد جعلها ذلك محط استهداف من قوى لا تريد لدول تنعت بأنها من الجنوب أن تنهض، وأن تعيد بناء علاقاتها مع شركائها على قاعدة رابح ـ رابح لا على قاعدة التبعية.
فاتجه الاستهداف والإضعاف نحو محاولة التشكيك في المؤسسات التي تعبر عن قوة أي دولة ( الأمنية والاستخباراتية والقضائية والإدارية…).
لقد أبانت مؤسساتنا عن قوتها، وعبرت بشعبنا فوق حقول ألغام كثيرة، لكن إذا كان شعبنا في هذه المرحلة معتز بالمؤسسات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية، ويلمس النجاحات المحققة على المستوى الاقتصادي والصناعي والبنيات التحتية، فإنه للأسف لايزال مترددا وغير راض عن المؤسسة الحكومية وباقي المؤسسات المنتخبة، ولذلك فإن الرهان على مشاركة واسعة في الاستحقاقات الانتخابية، وفي هذه الظروف العصيبة المطبوعة بتداعيات كورونا من جهة، وباستهداف بلدنا من جهة أخرى، يصبح واجب الوقت، يتطلب مشاركة الجميع، حتى تكون الانتخابات القادمة ردا على كل المشككين وكل المتربصين.
إن بلدنا ستكون في الانتخابات القادمة تحت المجهر أكثر من أي انتخابات سابقة، فالإعلام الخارجي المنصف منه والمغرض، والراغبون في الاستثمار ببلدنا، والدول الكبرى الراغبة في قياس قوة الدولة لتحديد سقف الشراكات، وغيرهم، كلهم سيحددون أفق تعاملهم مع المغرب عبر تحليل مخرجات العملية الانتخابية، وأساسا نسبة المشاركة، ومخرجات الاستحقاقات على مستوى التركيبة الحكومية التي من مصلحة المغرب أن تعكس توجهه نحو التحديث والديموقراطية الاجتماعية وخدمة الأمن والاستقرار الإقليمي.
لكل ذلك، رفعنا عن وعي وإيمان ومسؤولية في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية شعار: المغرب أولا…
بتاريخ : 30/08/2021
تعليقات الزوار ( 0 )