محمد العمري
بعد دخول وخروج في الكلام بلورَ أحمد منصور صيغةَ الخدعة التي ينتظر أن يضحك بها مستقبلا، على من صدقه، فقال:
“إني أعتذر بشجاعة عن أي خطأ غير مقصود أو إهانة غير متعمدة. والاعتذار بشجاعة يقتضى كرم القبول بشجاعة أيضا.
وكما اعتذرت بشجاعة يجب أن تكون هناك رجولة ومروءة وشجاعة لدى كل من أساء إلي أن يعتذر أيضا لاسيما من بدأوا والبادئ أظلم” .
تعليق:
1 ـ في الجملة الأولى يعتذر عن أي “خطأ غير مقصود” وعن أي “إهانة غير مقصودة”، وظاهر اللفظ أنه إذا كان يقصد الإهانة فهو لا يعتذر، وما دام ضميره غير مكشوف لنا، فمن حقه أن يقول يوما إني لم أعتذر أيها المغفلون. كان اعتذاري عما لم أقصد، والحال أني قصدت إهانتكم بإصرار أنتج معجما كاملا.
2ـ ذلك أنه إنما يُتحدث عن انعدام القصد حين تكون العبارة ملتبسة، أو مجرد فلتة لسان، فيقال: لم أقصد الإساءة، فإذا فهم من كلامي ــ أو: ما دام قد فهم من كلامي ـ ما يسيءُ فإني أعلن أني لا أقصده، وأعتذر عنه.
وهذا الاحتيال الخطابي قديم ومستهجن، ومن أمثلته في التراث العربي ما جاء في خطبة لخالد القسري حين ترحم على الحجاج بن يوسف فجاءه أمر من الخليفة بلعنه في الجمعة الموالية، فقام وخطب إلى أن قال: إن أمير المؤمنين أمر بلعن الحجاج، فالعنوه، لعنة الله عليه. فترك اللعنة مترددة بين الحجاج والخليفة تحسبا للظروف المتغيرة.
وغدا سيقول أحمد منصور لعشيرته التي نشرت زبالته على موقعها ودافعت عنه بغفلة ستسيء إليها: لقد ضحكت عليهم، اعتذرت عما لم أقصد. وهو مصيب: فهل يعقل أن يُفرغ المرء كل تلك الزبالة دون قصد منه؟ من صدقه سيكون فعلا مخذولا في عقله. ومن قدمه على أبناء الوطن سيندم حيث لا ينفع الندم.
3 ـ الحديث عن الشجاعة في معرض الخطأ الفادح المشين، دليل على العنجهية وعدم الإحساس بخطورة الجرم. والرجل في قمة العجرفة والغرور.
4 ـ الحديث عن «الاقتضاء»، ومقايضة اعتذاره «بوجوب اعتذار» من عاتبوه على جريمته في حق الشعب المغربي، يجعل الاعتذار موقوفا، وهذا لؤم وليس شجاعة.
5 – شرط «الرجولة والمروءة والشجاعة» عند الآخرين بالاعتذار له يفرغ اعتذاره من أي معنى، ويجعله بدون قيمة.
أنا أقول له: اخسأ أيها الفتان العاق، إنك تخاطب شعبا ووطنا. وعلى السيد وزير الاتصال أن يبلع لسانه إلى الأبد ما دام لم يحس بالجرح.
تعليقات الزوار ( 0 )