مصطفى المتوكل الساحلي

يغضب الناس ويثيرون استفهامات عديدة في علاقة   بقرارات وإجراءات تضرب في العمق مكتسبات نضالات واجتهادات وتوافقات 66 سنة، قرارات يعلن عنها شفهيا أو توثق في ورقة على شكل مذكرة أو إعلان أو برقية أو تصريح، وأحيانا تضمن بتشريعات جديدة إضافية أو تعديلية تجعلنا معنيين بمثال ضربه الله في القرآن الكريم عندما قال سبحانه :» كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا «، خاصة وأننا هذه المرة أمام إقصاء ممنهج لعشرات الآلاف من المجازين الذين تجاوزت أعمارهم 30 سنة، ليس لأنهم اختاروا العطالة للاستراحة من سنوات الدراسة والتحصيل والنجاح بل لأن الحكومات المتعاقبة قلصت مناصب وفرص الشغل في القطاعات العمومية لدرجات ألحقت الضرر الكبير بحقوق أبنائنا في التوظيف والإنتاج والمساهمة في التنمية، رغم تسجيل نمو ديموغرافي يتطلب المزيد من الموظفين والموظفات في المؤسسات والقطاعات التي هي العمود الفقري للدولة والتنمية، كما أثرت بشكل كبير في مهام الموظفين العموميين وأدوارهم الرائدة ومستوى الأداء المتعلق بمردودية قطاعات رئيسية منها التعليم والصحة.. إلخ،  قرارات لا تضمن تنزيل أي برنامج تنموي بصيغته القديمة أو تصوراته الجديدة، إن من أسباب مشاكل التعليم والصحة بعض القرارات التي أثبت الواقع أنها، رغم بعض الإيجابيات التي لا يمكن تجاهلها، غير موضوعية وتسببت وستتسبب في اضطراب المنظومة وإضعاف مهامها التربوية النبيلة التي بدون تقويتها لا تقدم وتطور يلحقنا بركب مجتمعات ودول المعرفة والتقدم، وهنا يحق للجميع أن يتساءل عن خلفيات التعاقد بالمباراة فقط دون تكوين في علاقة بتحجيم أدوار مراكز تكوين الأساتذة بالابتدائي والإعدادي والثانوي …؟ ومن المسؤول عن عطالة الخريجين لسنوات حتى تجاوزوا الأربعين سنة …؟ ومن المسؤول عن أزمة التشغيل عموما ؟


إن حق التوظيف والشغل والإدماج في آليات التنمية بتثمين لكل الرأسمال البشري مكفول للجميع من المهد إلى اللحد، وهو من مسؤوليات الدولة الكبرى مباشرة وفي علاقاتها بالقطاع الخاص وشبه العام والاستثمار الأجنبي وهجرة الكفاءات المغربية إلى كل دول العالم  بتوظيف عطاءاتهم وخبراتهم في التنمية الوطنية والمحلية، إن بدعة تقنين العمل بالسن أمر فيه أكثر من نظر إذا أضفناه لما يسمى « التوظيف بالتعاقد» بالصيغة المعتمدة في قطاع التعليم، الذي تسبب في احتقان  واحتجاجات قوية بمطالب موضوعية ستتوسع وتتقوى بانضمام عشرات الآلاف من المحرومين من حق بسيط في التباري على مناصب محدودة وسيصل هذا الأثر إلى الطلبة والطالبات بالجامعة، الذين سيرون أن كل الآفاق تغلق أمامهم تباعا ومعها ستتلاشى آمال آبائهم وأسرهم المنتمين بطبيعة الحال في أغلبهم  للطبقات الشعبية، التي كانت صابرة ومضحية بكل شيء من أجل استكمال الدراسات الجامعية لبناء غد أفضل لهم …


وهنا نذكر بما قامت به الحكومة ما بعد ستور 2011 التي ألحقت الضرر الكبير بتراجعاتها التي سنتها مع المتعاقدين والمتعاقدات، وبتخل غريب عن تشريع يهم  منظومة التقاعد وأوضاع المتقاعدين والمتقاعدات  والذي تطور تدريجيا منذ الاستقلال بحوار ومفاوضات وحركات احتجاجية مختلفة القوة وبتضحيات جسام في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات وأوائل التسعينيات حتى استوى بشكل اطمأن له الجميع، وظيفيا وإنسانيا واجتماعيا وحقوقيا، في زمن حكومة سي عبر الرحمن اليوسفي رحمه الله .


لقد أصبح المطلب المشترك لنضال الخريجين وحتى الطلبة والطالبات :» لا للانتقاء، لا لتحديد السن، نعم لتكافؤ الفرص، المجازون وشبابنا يعانون من البطالة، لا للتعاقد ..» ، إن صلب أي نموذج تنموي هو جعل  الشباب، وفق التوصيف المعتمد عالميا وإنسانيا، هم  أساس أي تغيير وتقدم وبناء مجتمع متحضر .. قال تعالى: (وَلَا تَكُونُوا كالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ…)، سورة النحل، قال المفسرون :» إنما هذا مثل ضربه الله لمن نقض العهد» ، و» هذا مثل لمن نقض عهده بعد توكيده» وقالوا :  «نقضت غزلها أنكاثا، أي : أنقاضا، ويعني: من بعد إبرام «.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الفريق الاشتراكي يطالب بمنهجية تشاركية لأجل قانون إضراب يخدم المجتمع

بيان منظمة النساء الاتحاديات

من مقترحات تعديلات المعارضة الاتحادية إعفاء جمعيات المجتمع المدني 

يوسف إيدي لرئيس الحكومة: «أين نحن من الاكتفاء الصناعي؟»