في كلمته باسم الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين في مناقشة مشروع القانون رقم 01-17 يوافق بموجبه على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، الموقع بلومي (التوغو) في 11 يوليوز 2000، كما تم تعديله بالبروتوكول الملحق به، المعتمد بأديس أبابا (إثيوبيا) في 03 فبراير 2003 وبمابوتو (الموزمبيق) في 11 يوليوز 2003، قال رئيس الفريق محمد العلمي إن الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين و من خلاله حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، عند تعاطينا مع القانون التأسيسي المنظم للاتحاد الأفريقي لم نقتصر في قراءتنا له على البعد التنظيمي و الآليات والمصطلحات المستعملة فيه، بل كانت قراءتنا له قراءة شاملة و ليست جزئية أو تجزيئية ، تتبنى تشخيص و تمحيص الواقع الدولي الحالي الذي لا يطبعه ما عانينا منه سابقا من ثنائية قطبية غلب عليها الصراع و التنافس الايديولوجي الطاحن، كان من تداعياته نشأة الكيان الوهمي جبهة البوليزاريو. و إن الصراع الحالي و الحقيقي هو الصراع من أجل الحياة و أن لا حياة بدون تنمية و تقدم اقتصادي أساسه التعاون الدولي و التشارك الإقليمي والجهوي لاعتبارات أساسية ترتكز على أن القضايا الكونية الراهنة لا يمكن التغلب عليها إلا بتضافر جهود جميع الدول المحبة للأمن و السلم و التعايش.
وفيما يلي نص الكلمة «السيد الرئيس السادة الوزراء السيدات و السادة المستشارون:
يشرفني باسم الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين و أنا أناقش مشروع القانون رقم 17-01 يوافق بموجبه على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، أن أوجه التحية الصادقة لكل القوى السياسية و الوطنية و التي في كل المحطات التاريخية تظهر مدى وطنيتها و ترفعها عن الاختلافات التدبيرية والسياسية لتعلي من شأن الوطن و مصالحه التي لا تقبل التلاعب و الاختلاف.
ولا يسعني إلا أن أذكر في هذا المقام وأنا أناقش باسم الفريق الاشتراكي مشروع القانون رقم 17 -01 بإجماع الشعب المغربي جنوبه وشماله، شرقه وغربه، حول أولوية القضية الوطنية وأهميتها وانتظارات هذا الشعب لحل المشكل بشكل نهائي ودائم في ظل المقترح المغربي الواقعي والمتقدم جدا، الحكم الذاتي.
نجتمع اليوم أيها السادة و السيدات في هذه اللحظة التاريخية بكل ما تحمله من معنى سياسي و تاريخي،لحظة إجماع من داخل الإجماع العام حول قضية وحدتنا الترابية.
هذه الجلسة هي نتاج عملية دبلوماسية متواصلة واستراتيجية يقودها جلالة الملك محمد السادس بجرأة و حنكة و بتصور متكامل، واضح المعالم وجلي الأهداف و المرامي، جوهره حماية و ضمان المصالح الوطنية العليا للدولة المغربية على كل مستويات التعاطي الخارجي إقليميا و جهويا ودوليا٠
أيها السيدات و السادة
إن عودتنا لفضائنا الطبيعي المتمثل في الاتحاد الأفريقي لم يأتِ لتلبية مصالح ضيقة للدولة المغربية بل هو نتاج رؤية ملكية متكاملة عبر عنها جلالته في كلمته الموجهة للجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها التاسعة و الستين، والتي اعتبرت في حينها من طرف كل المتتبعين المحليين و الدوليين قراءة نقدية تقييمية ثورية تضع كل الأطراف أمام مسؤوليتهم التاريخية في الوضعية التي هي عليه القارة الإفريقية.
إنها رؤية جديدة أساسها المحاسبة مع الماضي ليس بمنطق المحاكمة و التعاطي التشاركي مع الغد ، على أرضية الاعتماد على القدرات الذاتية من أجل إفريقيا واعدة للتنمية و الديمقراطية و التقدم.
إنها أيها السيدات و السادة عملية تكاملية بين التصور الاستراتيجي والعمل الميداني من خلال سلسلة من الزيارات التي قام بها جلالة الملك للعديد من الدول الإفريقية من شرقها و غربها و من فرانكفونيتها إلى انغلوساكسونيتها. زيارات للتقارب و للتفاعل و التشارك في كل القضايا و بكل أبعادها السياسية و الاقتصادية و التنموية.و هو ما عبر عنه جلالته في خطاب بمناسبة الذكرى الواحدة و الأربعين للمسيرة الخضراء و التي تم بثها من داخل العمق الأفريقي من العاصمة السينغالية دكار. حيث حدد جلالته دواعي عودة المغرب للاتحاد الأفريقي :»إن عودة المغرب للاتحاد الإفريقي، ليست قرارا تكتيكيا، ولم تكن لحسابات ظرفية. وإنما هو قرار منطقي، جاء بعد تفكير عميق».
إن خطاب جلالة الملك بدكار حدد الرؤية بشكل دقيق و بشكل متناسق نظريا وعمليا مع خطاب الجمعية العامة للأمم المتحدة ، رؤية تستحضر الماضي بأوضاعه و آثاره السلبية و التي مازالت جارية إلى يومنا هذا، و تستحضر الحاضر باستشراف الأفق المستقبلي الواعد و الحرص على إرساء مقومات التنمية الاقتصادية و السلم والاستقرار في القارة الإفريقية.
السيد الرئيس، إننا في الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين و من خلاله حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، عند تعاطينا مع القانون التأسيسي المنظم للاتحاد الأفريقي لم نقتصر في قراءتنا له على البعد التنظيمي و الآليات و المصطلحات المستعملة فيه بل كانت قراءتنا له قراءة شاملة وليست جزئية أو تجزيئية ، تتبنى تشخيص وتمحيص الواقع الدولي الحالي الذي لا يطبعه ما عانينا منه سابقا من ثنائية قطبية غلب عليها الصراع و التنافس الإيديولوجي الطاحن كان من تداعياته نشأة الكيان الوهمي جبهة البوليزاريو. و إن الصراع الحالي و الحقيقي هو الصراع من أجل الحياة و إن لا حياة بدون تنمية و تقدم اقتصادي أساسه التعاون الدولي و التشارك الإقليمي والجهوي لاعتبارات أساسية ترتكز على أن القضايا الكونية الراهنة لا يمكن التغلب عليها إلا بتضافر جهود جميع الدول المحبة للأمن و السلم و التعايش.
إن الأهداف المتضمنة في القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي أهداف نبيلة لا يمكن لأي كان الشك فيها، كما أن التجربة المغربية ستكون أكثر إفادة نظرا للمسار التنموي الذي اشتغلت عليه المملكة المغربية ، كما أن الاتحاد الأفريقي بالنسبة لنا من جهة المجال الخصب لتبادل الخبرات الإفريقية، ومن جهة ثانية المجال الحيوي للمغرب في إقناع العديد من البلدان الإفريقية بعدالة قضية وحدته الترابية و كل المبادرات الذاتية الرامية إلى وضع حد نهائي لهذا النزاع المفتعل على أرضية الحكم الذاتي كحل نهائي للنزاع المفتعل، والذي سيمنح لساكنة الأقاليم الجنوبية تدبير شؤونها بأيديها.
إن المملكة المغربية ،أيها السيدات و السادة ، دولة محورية في إفريقيا و رغم انسحابها من المنظمة الإفريقية إلا أن علاقاتها الثنائية مع العديد من الدول الإفريقية ظلت ثابتة و مؤثرة سياسيا و اقتصاديا، وما القبول و الانطباعات الإيجابية من طرف العديد من الدول لطلب المغرب بالانضمام و العودة لخير دليل .
إن الرؤية الجديدة للدبلوماسية المغربية و بقيادة جلالة الملك، تقوم على مبادئ جوهرية أساسها الندية و التفاعل و الهجوم لأنها دبلوماسية عادلة وسلمية ومحبة للخير، و إن لا مكان للكرسي الفارغ في طياتها، بل الكرسي المسؤول و الفاعل والديناميكي سياسيا و اقتصاديا و تنمويا.
إن قضية الصحراء المغربية لن تتأثر سلبا بعودتنا للاتحاد الإفريقي، كما يحاول الترويج له من طرف من ألف الدبلوماسية في تصورها السابق. إننا في محيطنا الأفريقي سنكسب المزيد من الدعم و المزيد من المساندة و التأييد لأن الصوت الذي غاب لما يناهز ثلاثة عقود سيصدح بالحقائق و سيقنع من ظل على جانب الحقيقة بحقيقة الأمور و خلفياتها وملابساتها « و من لا بر له لا بحر له» كما قال محمود درويش.
السيد الرئيس، إننا في الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين و إيمانا منا بالمصلحة العليا للمملكة المغربية والتي هي في العمق المصلحة العليا للمغاربة، و في لحظات الإجماع الوطني يكون حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى جانب كل القوى السياسية الوطنية حاضرا مثمنا الرؤية الملكية الحكيمة في عودة المغرب إلى حضنه الأفريقي و إلى منظمتها الاتحاد الأفريقي مصادقا على قانونه التأسيسي و المرفقات التابعة له،وعاش المغرب موحدا قويا .
تعليقات الزوار ( 0 )