قال محمد بنعبد القادر “في غياب الأمن القضائي لا يستقيم أي نموذج تنموي، ولا يمكن لأي مستثمر أجنبي أن يطمئن على مشاريعه في غياب قضاء مستقل ونزيه يعطي كل ذي حق حقه”.
وأضاف محمد بنعبد القادر، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ووزير العدل، خلال لقاء تفاعلي مع فعاليات مدنية وقانونية، نظمته الكتابة الإقليمية للحزب بالرباط، أول أمس بالرباط، أن العدل أساس الشرعية، بحكم أنه شأن دولتي، والدول التي عرفت قرارات صعبة كانت بفضل العدل الذي يعطي قوة للدولة، والعدل بدون قوة عاجز، والقوة بدون عدل استبداد، والأحكام الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع وتتطلب قوة رادعة، وإذا لم تنفذ هذه الأحكام تتزعزع الثقة في القضاء.
وأشار وزير العدل، بنفس المناسبة، في حواره التفاعلي مع كل من لطيفة بوشى، رئيسة رابطة فدرالية النساء الديمقراطيات، ومريم جمال، محامية وعضو المرصد الوطني للسجون، وعبد الفتاح زهراش، المحامي وعضو المجلس الوطني للحزب، إلى أن إصلاح منظومة العدالة تتأسس انطلاقا من التوجهات التي جاءت في الخطابات الملكية السامية ثم الدستور كأسمى قانون للبلاد، ولا يمكن إخضاع هذا الإصلاح لمزايدات سياسية أو إيديولوجية لصالح جهة معينة.
وشدد وزير العدل على أن تعزيز إصلاح منظومة العدالة، يقتضي الاستمرار في الرؤية الشاملة والعميقة وليس النظرة الترقيعية التجزيئية التي يسعى البعض لجر الدولة والمجتمع إليها في محاولة ديماغوجية لتغليط الرأي العام وخلق اصطفاف مصطنع لا يخدم المصلحة العامة، مشيرا في نفس الوقت إلى أن هناك إدراكا ونضجا وحسا عاليا لدى الدولة والمجتمع والإعلام بأن الإصلاح له مرجعياته الأساسية التي يستمد منها توجهاته وخارطة طريق الإصلاح المنشود.
وأبرز عضو المكتب السياسي على أن القانون الجنائي الذي يرى البعض أنه عرف تعثرا كبيرا في المصادقة عليه بالبرلمان، يتناسى البعض على أنه ذو شأن كبير وفيه رهانات كبرى وانتظارات أقوى مما يتصور البعض، ولا يجب أن يغيب عن الأذهان أن القانون يتضمن 600 مادة وليس 83، التي هي الآن مطروحة للتعديل في البرلمان.
كما سجل الوزير على أن هناك قوانين هيئت على عجل، واتخذت المسطرة العادية للمصادقة عليها إلا أنها أسقطت من قبل المحكمة الدستورية، مؤكدا في هذا السياق أن الإصلاح التجزيئي والترقيعي أو التقني لا يمكن أن يفي بغرض الإصلاح الشامل والعميق الذي دعا له جلالة الملك.
وأكد بنعبد القادر أن السياسة الجنائية بالبلاد لها أهميتها الكبرى، والقانون الجنائي يترجم تلك السياسة حسب رؤية وفلسفة متكاملة ضمن شأن منظومة العدالة، لضمان الحريات والحقوق والمحافظة على النظام العام، هذا النظام الذي هو محدد ومكتوب في المجتمعات الراقية، أما بالنسبة للمغرب فالبعض له تصور خاص للنظام العام في حين أن الدستور حدد لنا المراجع الكبرى التي يمكنها تحديد هذا النظام العام، أولها الدين الإسلامي السمح، الملكية الدستورية، الوحدة الوطنية بتعدد روافدها والاختيار الديمقراطي.
وأشار بنعبد القادر إلى أن في الدول المتقدمة هناك برامج ومؤسسات مجتمعية ورسمية تقوم بأدوارها الاجتماعية والحمائية والإدماجية والوقائية ما يخفف العبء عن العدالة والسياسة الجنائية في البلاد، والمغرب بدأ ينحو في هذا الاتجاه مشيرا إلى نموذج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تعتبر مبادرة اجتماعية وإدماجية وقائية.
وسجل الوزير، في تفاعل مع تدخل مريم جمال، عضو المرصد الوطني للسجون، على أن نصف من يقضون عقوبات بالسجون المغربية لاتتجاوز العقوبة سنتين، وهذا رأسمال بشري كبير العدد يجب استرجاعه، لذلك من الضروري مراجعة السياسة العقابية في القانون، خاصة منها في الحراسة النظرية، كاشفا أن الوزارة بصدد تفعيل عقوبة البدائل والتعاون مع بعض الدول التي لها تجارب في هذا المجال.
حضر هذا اللقاء، الذي سيره سعيد العزوزي، عضو الكتابة الإقليمية للحزب بالرباط، وألقى في مستهله عبد اللطيف شنطيط، الكاتب الإقليمي، كلمة ترحيبية بالحضور، حضره عدد كبير من المناضلات والمناضلين الاتحاديين والفاعلين المدنيين والحقوقيين، ووسائل الإعلام الوطنية.
الكاتب : مكتب الرباط: عبد الحق الريحاني
تعليقات الزوار ( 0 )