قضية محسن فكري، المواطن الذي نالت من جسده طاحونة شاحنة النفايات قبل أسبوع بالحسيمة، تكشف تداعياتها على جوانب متعددة، يجب رصدها والإشارة إليها لأن لها دلالات عديدة.
في مسار الحادث انطلاقا من حمولة أسماك على رصيف ميناء المدينة، مرورا ببوابة المرسى بجماركه وأمنه ومسؤوليه الإداريين وصولا إلى واجهة مبنى الأمن الوطني واستقدام الشاحنة، إلى أن أسلم محسن الروح إلى باريها ،في هذا المسار هناك اختلالات عدة ضحيتها هو عدم تطبيق القانون والتغاضي عن انتهاكه والتستر على تجاوزه . وهذه الاختلالات تشهدها عدة مسارات في أكثر من ميناء وإدارة ومرفق عمومي…ودون شك، فإن لكل مسار هناك ضحية محتملة قد تكون بدورها شريكة في تغذية الاختلال أو سلبها هذا الأخير حقا من حقوقها وقد يكون الحق في الحياة.
في مسار الحادث تم اتخاذ قرارات لا سند قانوني لها ولا منطق إداري ، منها مثلا الأمر بإتلاف المحجوز بالرغم من أنه ليس ببضاعة فاسدة، ولم تصرح الجهات المختصة بذلك ، ومنها أن شاحنة نفايات لا علاقة لها بالموضوع تم استقدامها، ومنها كذلك أن عملية الإتلاف تمت بالشارع العام …
في قضية محسن وفي المئات من القضايا في مناطق عدة ، هناك جهات تتخذ قرارات خارج نطاق صلاحياتها وتنفلت من القانون الذي يحدد الاختصاصات ، جهات، أفراد وإدارات ، تتعامل بمنطق السيبة وأحيانا بشخصنة الواقعة إذ يصبح استعراض عضلات المسؤول بديلا لسيادة القانون .. وهنا تنتهك حقوق وتمس حريات وتقع مآس …
وفي مسار حادث محسن اتضح أن القانون يطبق بسرعات متعددة. لأن جزءا من القيمين على تطبيقه لم تترسخ لديهم بعد، دولة الحق والقانون . هل سنحتاج كل مرة إلى تدخل جلالة الملك لكي تقوم الجهات المعنية بالتحقيق وبأسرع ما يمكن ؟؟ ما الذي يعيق جهاز النيابة العامة مثلا عن اتخاذ المبادرة فورا عند وقوع حادث يستلزم ذلك ؟؟ إن صيانة الحقوق والحرص على عدم ضياعها يقتضي من الجهاز الذي يمثل الحق العام والشريك في إقامة عدالة منصفة للمواطنين، يقتضي منه أن يكون في حالة استنفار دائمة بدل انتظاره الأوامر والتعليمات …
وفي نفس المسار، برز أن هناك وعيا لدى المواطنات والمواطنين وحرصهم على صون الكرامة وعلى تطبيق القانون واحترام المواطنة، وهي مبادئ وقيم شكلت مطالب رئيسية في كل الاحتجاجات التي عرفها المغرب طيلة عقود ، ويبدو أن دسترتها رفعت من حدة هذا الوعي . لكن في المقابل نجد أن مسؤولين بالإدارة المغربية لم يدرجوا بعد الكرامة والمواطنة واحترام حقوق الإنسان في قاموس التعامل مع المواطنين .
إن القانون اليوم يجب عليه أن يتحرر من مزاجية مسؤولين وينعتق من سلطتهم التي لا تعترف له بالسيادة، فبناء دولة الحق والقانون تقتضي وجود مسؤولين ومواطنين ،على السواء، على وعي بالحقوق والواجبات ، وإلا فإن حادث محسن وقبله أحداث شبيهة سيتكرر وننتظر مرة أخرى تدخل جلالة الملك كي يفتح تحقيق وتتخذ قرارات …
تعليقات الزوار ( 0 )