عن الاتحادة الاشتراكي
حدث ذلك قبل أكثر من أربعين سنة ..وفي كل سنة من هذه الأربعة عقود يتصدر هذا الملف موضوع حقوق الإنسان بين المغرب والجزائر . وتشكل جنيف أحد أبرز المحطات السنوية لإثارته وتناول تداعياته وبسط مطالبه .. إنه ملف المغاربة الذين طردتهم جارتنا الشرقية في أحد ليالي الشتاء البارد من سنة 1975.
عددهم يفوق الثلاثمئة ألف، جاء إليهم الأمن الجزائري ومخابراته المدنية والعسكرية إلى منازلهم ليلا، وفي أجواء عيد الأضحى، لينتشلوهم من عمق نومهم، ويسلبوهم أمتعتهم، وممتلكاتهم، ويحشدونهم شبابا، نساءً، أطفالا، رضعا، وشيوخا . يحشدوهم في شاحنات، ويلقون بهم بالحدود دون مراعاة لأي وازع إنساني . من بين المرحلين، من ولد هناك بالجزائر، ومنهم من عاش عقودا وكون اسرة، وشيد ممتلكات، في إطار القانون . كل ذلك لم يشفع لهم لدى جزائر الهواري بومدين، التي أقدمت على هذه الخطوة، كانتقام سياسي من بلادنا، التي استرجعت صحراءها في نفس السنة . فليس بين المسيرة الخضراء المغربية ومسيرة الطرد الجزائرية سوى أيامٍ معدودات.
مناسبة هذه الرسالة، رسالة الاتحاد، مناقشةُ ملف المطرودين من الجزائرهذا الأسبوع أمام المنتظم الدولي بجنيف.فقد أبرزت المنظمات الحقوقية والإطار التنظيمي، الذي أسسه الضحايا منذ سنوات :»جمعية المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر» ، أبرزوا حقائق الملف وخلفياته والانتهاكات الجسيمة، التي اقترفتها الجزائر في حق الآلآف من البشر، لا لشيء غير أن المغرب حرر جزءا من ترابه، الذي كان يرزح تحت نيّر الاستعمار الاسباني.
إن ثمة مطالب عدة، تتعلق بجبر الضرر، الذي لحق الضحايا من بينها: ممتلكاتهم، وتشريدهم، والزج بهم في معاناة لاتزال جاثمة على حياتهم اليومية بجوانبها الحقوقية و المادية والنفسية ، ومن بينها حالات الاختفاء القسري، الذي تعرض له عدد منهم، ولم يظهر لهم أثر حتى اليوم، وهي قضية عرضت –أمس- أمام مجموعة العمل بالأمم المتحدة، حول الاختفاء القسري أو اللاإرادي بجنيف،حيث تم تقديم ثلاث حالات اختفاء، سجلت خلال عملية الطرد التعسفي، ضمنها اختفاء طفلة لم يكن يتجاوز عمرها آنذاك 12 سنة وشخص ازداد بالجزائر سنة 1929، اعتقل وسجن بسيدي بلعباس في وقت تعرضت فيه أسرته للطرد، ولم يتوصل أقاربه بأي أخبار عن مصيره.
إن المغرب، وهو يثير هذا الموضوع، فلأجل الكشف عن الحقيقة كل الحقيقة، وتعويض الضحايا عن ممتلكاتهم، ومعاناتهم، ومعرفة مصير المختفين قسرا، وفوق هذا، تقديم اعتذار من طرف الدولة الجزائرية، التي قامت أجهزتها وبأوامر من سلطاتها العليا بعملية الطرد الجماعي وسلب الممتلكات. لقد أصدرت عدة لجان أممية توصيات تنصف المطرودين، وتكشف مدى وحجم معاناتهم وآلامهم.. وليس على جارتنا الشرقية إلا العمل على طي هذا الملف الذي عمّر طويلا .
تعليقات الزوار ( 0 )