أكد محمد علمي رئيس الفريق الاشتراكي أن الحكومة مستمرة في منهجيتها التضييقية على الحريات ،والتراجعية على المكاسب الاجتماعية ومحاولة تجاوز اختلالات وإفلاس الصناديق والمؤسسات على حساب أوضاع الشغيلة وجيوب المواطنين البسطاء…
وأضاف علمي في مناقشة مشروع قانون المالي لسنة 2016 ، أن الحكومة ليست لديها أية اقتراحات أو اجتهادات لمواجهة أكبر الآفات الاجتماعية وأخطرها على مستقبل المجتمع المغربي، ألا وهي البطالة التي تؤكد كل المؤشرات استفحالها وتناميها خاصة في أوساط الشباب وخصوصا بالمجال الحضري. ورغم ذلك لم تراجع الحكومة اختيارها التنموي الذي أبان عن محدودية كبيرة في خلق مناصب الشغل
وفيما يلي النص الكامل لمداخلة رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين
أتدخل باسم الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين لمناقشة مشروع القانون المالي لسنة 2016، وهو آخر مشروع ميزانية في عمر هذه الحكومة. ومع كامل الأسف فإنني أجد نفسي مضطرا لتكرار العديد من الملاحظات وإعادة التذكير بالكثير من المزالق والهفوات وكشف جوانب الهشاشة والضعف التي لم تستطع الحكومة أن تتداركها أو تصلحها منذ بداية ولايتها وإلى حدود هذه الجلسة.
فلم يعرف المغرب مرحلة يغلب فيها الادعاء على الفعل وإطلاق الوعود السهلة دون تنفيذ وإيهام المواطنين والناخبين بالإصلاح ومحاربة الفساد دون أي مجهود يذكر في هذا الإطار، اللهم التصريحات والخطب الرنانة وذر الرماد في العيون عبر بعض التحركات الدعائية بينما الواقع أن كل توجهات الحكومة كانت في اتجاه إنهاك القدرة الشرائية للمواطنين والإجهاز على المكاسب الاجتماعية واستهداف الفئات الوسطى بتدابير قاسية ومجحفة.
إننا في نهاية المشوار الحكومي الحالي، وبالتالي كان أحرى بالحكومة أن تتحلى بالشجاعة اللازمة وأن تعرض علينا حصيلتها الاقتصادية والاجتماعية على مدى أربع سنوات، وكان لزاما عليها أن تعرض علينا مدى تقدم أوراش الإصلاح التي وعدت بها خلال الانتخابات التشريعية التي أعطتها الأغلبية ومكنتها من رئاسة الحكومة، وكان من المفروض أن يكون مشروع القانون المالي هذا تتويجا لولاية حكومية تستكمل من خلاله الحكومة تنفيذ التزاماتها ووعودها..
لكننا مع كامل الأسف لم نلمس أي حس تقييمي لدى الحكومة عبر مشروع القانون هذا، ولم نر أي تقدم على مستوى الإصلاحات التي يتطلبها اقتصادنا وتفرضها أوضاعنا الاجتماعية والسياسية…
إننا نناقش مشروع القانون المالي الحالي في أجواء احتفاء العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان، وهي المناسبة التي تقدم من خلالها الحكومات تقدمها على المستوى الحقوقي وفي تعزيز الحريات العامة وإعمال المبادئ الكونية لحقوق الإنسان…
لكننا مع كامل الأسف نعيش ردة في بلادنا خلال الأربع سنوات الماضية على مستوى الحقوق والحريات. فكل فئات الشعب المغربي اكتوت بإجراءات التقشف وارتفاع الأسعار وحينما تحتج بشكل سلمي تتعرض للقمع والتعنيف وهو ما نرى أنه يعود ببلادنا إلى عقود ماضية من الانتهاكات والممارسات البائدة.
كما أن الحريات النقابية تنتهك باستمرار في تضييق تام على النقابات المناضلة التي تدافع عن مصالح وأوضاع الفئات الشغيلة والضعيفة، في وقت تصر فيه الحكومة على المزيد من الإجراءات اللاشعبية والماسة بالقدرة الشرائية وبالأوضاع الاجتماعية مع إغلاق باب الحوار الاجتماعي الذي كان من أهم المكاسب الحقوقية في بلادنا بتضحيات المناضلين النقابيين ودعم القوى الديمقراطية والتقدمية ببلادنا..
وبكل أسف فإن الحكومة مستمرة في منهجيتها التضييقية على الحريات ،والتراجعية على المكاسب الاجتماعية ومحاولة تجاوز اختلالات وإفلاس الصناديق والمؤسسات على حساب أوضاع الشغيلة وجيوب المواطنين البسطاء…
ولعل المسيرة الحاشدة للنقابات الوطنية التي نظمت بالدار البيضاء يوم 29 نونبر الماضي لهي أكبر مؤشر على الاحتقان الكبير الذي تعرفه الساحة الاجتماعية التي لولا صبر وتعقل النقابات والشغيلة لأدت لانزلاقات وتوترات لا نتمناها لبلادنا في هذه الظروف الدقيقة.
وبالتالي فإننا ندعو الحكومة إلى الرجوع لآليات الحوار الاجتماعي المسؤول والاستجابة لمطالب النقابات المشروعة ومراعاة الأوضاع الاجتماعية للطبقة الشغيلة التي ضحت من أجل الحفاظ على صلابة الاقتصاد الوطني وعلى تكريس السلم الاجتماعي في ظروف صعبة وهي اليوم تدق ناقوس الخطر بإعلانها لإضراب وتنبه الحكومة إلى خطورة أوضاعها…
إن فشل الحكومة لم يقتصر على المستويات الاقتصادية والاجتماعية وفي مستوى الاستمرار في الإصلاحات والحفاظ على المكتسبات… بل إن فشل الحكومة الدريع امتد اليوم إلى الحياة السياسية حيث لم تستطع الحفاظ على مستوى لائق لتنظيم انتخابات مهنية ومحلية وجهوية في مستوى ما راكمته بلادنا من تجربة ومن نضج على مستوى الاستشارات الانتخابية.
لقد أخرت الحكومة تنظيم الانتخابات لسنوات حتى وصلت الأوضاع ببعض المؤسسات المنتخبة إلى درجة كبيرة من التفسخ، وحينما شرعت في الإعداد للمسلسل الانتخابي سادت الارتجالية والتسرع مما أدى إلى فوضى عارمة عانت منها الأحزاب السياسية في تدبير الانتخابات وفق الأجندة الضاغطة التي تحكمت فيها الحكومة.
كما أن المواطنين دخلوا في دوامة انتخابية طويلة لم يستوعبوا مراحلها خاصة وأنها انطلقت في الصيف واستمرت دون انقطاع حتى الدخول المدرسي، وبالتالي لم تجن بلادنا الفائدة المطلوبة لانخراط المواطنين بوعي ومسؤولية في الاستشارات الانتخابية التي كنا نعول عليها لإحداث تحول في مسار الديمقراطية المحلية ببلادنا وفي فتح آفاق واعدة للجهوية المتقدمة التي تم التبشير بها كمشروع وطني كبير لكن تفعيلها بالشكل المتسرع والناقص اليوم لن يحقق ما كنا نصبو إليه من تطلعات.
إننا في الفريق الاشتراكي جد آسفين لإجهاض هذه المرحلة السياسية المهمة من تاريخ بلادنا، ونعتبر أننا أضعنا فرصة هائلة لدخول مرحلة التأسيس العملي لجهوية متقدمة تشكل الأساس الصلب للمشروع التنموي والمجتمعي المغربي للقرن الواحد والعشرين. وإننا لنحمل هذه الحكومة مسؤولية إجهاض هذا الحلم الوطني لأغراض انتخابوية ضيقة أعمت الحزب الذي يقود الحكومة وجعلته يفكر فقط في استمراره في التسيير الحكومي وحصوله على المزيد من المكاسب الانتخابية التي ستمكنه من تحقيق هذا الهدف الحزبي.
إن التحدي الكبير أمام المغرب في المستقبل المنظور هو إنجاح ورش الجهوية المتقدمة وما يستلزمه من وسائل ودعامات قانونية ومالية وبشرية وغيرها.. لكننا لا نلمس أن مشروع القانون المالي لسنة 2016 يشكل انطلاقة فعلية للتجاوب مع متطلبات التفعيل العملي لمغرب الجهات. ولا أدل على ذلك من الاعتمادات الضعيفة التي رصدت للجهات الإثنى عشر والتي لم تتجاوز 4 ملايير درهم.
كما أن التشخيص الحالي للمسار الجهوي يجعلنا ندق ناقوس الخطر حول التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية الصارخة بين الجهات. فكيف يعقل أن تستحود جهتا الرباط سلا القنيطرة والبيضاء سطات على أكثر من 63 في المائة من الاستثمارات العمومية؟ إن ذلك من شأنه أن يكرس استمرار الاختلالات والتفاوتات على كافة المستويات مما يضرب في العمق فلسفة النظام الجهوي…
إننا إذ نرصد هذه الحصيلة الكارثية للحكومة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا… فإننا نستغرب من استمرارها في نفس النهج الاستسلامي وعدم مبادرتها في آخر مشروع لها بإجراءات ومبادرات استدراكية تعالج بها على الأقل بعض ما تسببت فيه من اختلالات.
فقد كان أولى بالحكومة أن تستفيد من ظرفية استمرار انخفاض أسعار المحروقات عالميا وهو ما مكن من إيقاف نزيف ملايير الدراهم عبر صندوق المقاصة، ناهيك عما يشكله تحسن ميزان الأداء التجاري من مناخ ملائم للاقتصاد الوطني.
لكن الحكومة لم تستغل هذه الظرفية المساعدة لإرساء إصلاح نهائي لصندوق المقاصة باعتماد ما وعدت به من إجراءات لاستهداف الفئات الضعيفة والمهمشة بالدعم المباشر، ولم تقم بأية إجراءات اجتماعية محفزة للفئات الشغيلة وللفئات الوسطى التي هي محرك الاقتصاد الوطني.
بل على العكس من ذلك تماما استمرت الحكومة في البحث عن الحلول السهلة للهروب من أزمتها وذلك عبر اللجوء إلى المزيد من الاقتراض ورهن مستقبل الأجيال القادمة بمديونية خارجية ثقيلة حيث فاق حجم المديونية اليوم أكثر من 63 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وستصل إلى 67 في المائة سنة 2016.
إن هذا المسار لا ينبئ بأن للحكومة عزما على إبداع نموذج تنموي مغربي يساير التحولات ويبحث عن مصادر جديدة للتمويل ويراهن على العنصر البشري في تكوينه وتأهيله لتحقيق التحول التنموي المنشود. بل إن كل المؤشرات تنم عن اختيار الحكومة لمنهجية سترهن سيادتنا الوطنية وتمس بقرارنا الاقتصادي والسياسي المستقل على المدى البعيد وتحكم المؤسسات المالية الخارجية في اختياراتنا.
إن نسبة النمو التي رصدناها منذ تولي هذه الحكومة ظلت ضعيفة وبعيدة عن وصول النسبة التي وعد بها البرنامج الحكومي والذي بشرنا إذاك بنسبة نمو تصل إلى 5 في المائة، لكنها اليوم بالكاد تعدنا ب3 في المائة وهي من أضعف نسب النمو منذ أزيد من 15 سنة.
وفي هذا الإطار يتضح أن الحكومة ليست لديها أية اقتراحات أو اجتهادات لمواجهة أكبر الآفات الاجتماعية وأخطرها على مستقبل المجتمع المغربي، ألا وهي البطالة التي تؤكد كل المؤشرات استفحالها وتناميها خاصة في أوساط الشباب وخصوصا بالمجال الحضري. ورغم ذلك لم تراجع الحكومة اختيارها التنموي الذي أبان عن محدودية كبيرة في خلق مناصب الشغل الذي ظل محصورا في بضعة آلاف في حين أن الحاجة كبيرة وماسة إلى مئات آلاف مناصب الشغل لإدماج الفئات النشيطة وخاصة الشابة في الدورة الاقتصادية الوطنية.
فالواقع الفلعي اليوم يثبت أن الحكومة فشلت فشلا ذريعا في الالتزام بتخفيض مستوى البطالة إلى ما دون 8 في المائة، لأن الواقع الحالي يؤكد أن معدل نسبة البطالة تفاقم وأصبح يتجاوز 10 في المائة.
فما جدوى الاختيارات السياسية والاقتصادية إن لم تكن لها آثارها على التنمية وبالأساس على مستوى تشغيل الشباب ودفعه للمساهمة في بناء الاقتصاد الوطني ومستقبل المغرب؟ وما الغاية من مشاريع الميزانيات إن كانت مجرد أرقام وحسابات ولم تكن لها الانعكاسات الفعلية على مستوى الرفع من المستوى الاقتصادي والاجتماعي للأسر المغربية؟
بل أكثر من ذلك فإن المجهود الاستثماري الذي تفتخر الحكومة بأنها قامت به خلال ولايتها والذي بلغ 740 مليار درهم من الاستثمارات العمومية المبرمجة في القوانين المالية المتتالية بين 2012 و2014، لا نجد أثرا كبيرا له على المستوى الاقتصادي والاجتماعي يوازي هذا الحجم الكبير من الاستثمار.
وأكثر من هذا وذاك فإن مستوى إنجاز هذه الاستثمارات لا يتجاوز 60 في المائة على العموم، وقد لا يتجاوز 10 في المائة في بعض البرامج والقطاعات العمومية وهو ما يطرح مسألة الحكامة والرؤية الإستراتيجية.
إننا أمام مشروع قانون مالي مستسلم وفاشل على مستوى الاختيارات ولم يعد له أي طموح ولو على مستوى الشعارات الحماسية التي انطلقت بها الحكومة في بداية ولايتها سنة 2012. إننا نلمس فيه أن الحكومة أنهكت نفسها بوعود ثقيلة لا قدرة لها على الوفاء بها ولم تعد لها الشجاعة للاستمرار في الطموح للوصول إليها.
فبالإضافة إلى فشل الحكومة في الاستمرار في الإصلاحات وفشلها في الحفاظ على وتيرة النمو وفشلها في معالجة الإشكاليات الاجتماعية المزمنة في التعليم والصحة والسكن والتشغيل… فإننا نلمس أن الحكومة فاشلة حتى في تعاطيها ألموازناتي والحساباتي بمشروع الميزانية.
فمشروع القانون هذا يكرس العجز في ميزانية الدولة حيث النفقات تفوق المداخيل بشكل كبير. والإشكال الكبير الذي برز في السنوات الأخيرة وسيتعمق أكثر إذا لم تبادر الحكومة بالجواب عليه، هو محدودية الموارد المالية المغذية للميزانية وندرة مصادر التمويل.
وكان حريا بالحكومة أن تستثمر الظرفية في مباشرة بعض الإصلاحات الأساسية خاصة على مستوى المجال الضريبي بتفعيل توصيات المناظرة الوطنية التي لن نجد ظرفية أنسب لتفعيلها.
إننا في الفريق الاشتراكي نجدد الإلحاح على استعجالية الشروع في الإصلاح الجذري لنظامنا الضريبي وإقرار عدالة جبائية تتماشى مع المقتضيات الدستورية الجديدة وتعزز روح المواطنة والمساهمة الجماعية في بناء الدولية المغربية القوية والمتضامنة بكل فئاتها وشرائحها كل من موقعه وحسب مسؤولياته.
إننا نلمس من خلال مشروع هذا القانون استقالة الحكومة بشكل تام من تحمل مسؤولياتها في المجلات الاجتماعية التي تتطلب تدخلا استراتيجيا للدولة. وبالتالي فإن مجالات كبرى تهم التربية والتعليم والسكن اللائق والصحة العمومية والتشغيل… كلها جمدت وتمت التضحية بالبرامج الطموحة التي كان من المفروض الاستمرار فيها تحت هاجس ضغط تقليص النفقات.
وفي مقابل ذلك تلجأ الحكومة إلى الزيادات الضريبية دون الجرأة على مباشرة الإصلاح الضريبي الشامل والعادل، وتلجأ إلى تفكيك منظومة المقاصة دون تحقيق مبدأ الدعم المباشر عبر استهداف ملايين الفئات الفقيرة وتلجأ إلى إصلاح صناديق التقاعد دون اعتبار للتوازن الاجتماعي واقتراحات النقابات في هذا الشأن…
إذن فهي حرب أعلنتها الحكومة على الفئات الوسطى وعلى باقي الفئات الضعيفة في المجتمع. ونحن في الفريق الاشتراكي نحذر من مخاطر الاستمرار في هذا التوجه لما سيؤدي إليه من الزيادة في تفقير المواطنين وسيادة اليأس لديهم وتهيئ التربة لاحتمال انهيار السلم الاجتماعي وعودة الاحتقان والتوتر الذي عانت منه بلادنا في سنوات مضت وكانت مخاطره وآثاره وخيمة على أوضاع بلادنا الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
إننا نقول هذا الكلام انطلاقا من غيرة وطنية صادقة بغض النظر عن اختلافنا السياسي والإيديولوجي مع الحكومة الحالية. فرغبتنا في استقرار بلادنا وأمنها وتقدمها وازدهارها لم نجعله في يوم من الأيام موضوع مزايداتنا السياسية.
وفي هذا الإطار نريد التنويه بقدرات بلادنا على مستوى يقظتها الأمنية وجهود أبنائنا وبناتنا في أجهزة وإدارة الأمن التي أبانت عن يقظة وحس مهني استباقي رفيع نال اعترافا دوليا مستحقا على مستوى كشف المخاطر الإرهابية والإجرامية التي تنامت في عدد من الدول حتى المتقدمة منها.
لكننا بالمقابل ننبه الحكومة إلى أن فعاليتنا الأمنية مهما بلغت من النجاعة واليقظة فإنها في حاجة إلى دعم سياسي وإلى اختيارات اقتصادية واجتماعية تحصن النموذج المغربي الديمقراطي الحداثي وتعزز ثقة المغاربة في مؤسساتهم وفي تجربتهم الديمقراطية.
ومن هنا لا بد من التأكيد على أن بلادنا اكتسبت تفرد تجربتها ونجاحها في الحفاظ على استقرارها الأمني والسياسي والديني بفضل حكمة تدبير شؤون الدولة الاستراتيجية من طرف صاحب الجلالة حفظه الله، وهو ما تشهد به كل المنتديات الدولية التي أجمعت على أن المغرب استطاع إقرار نموذج مستقر سيكون ضمن النماذج الصاعدة بفضل الرعاية المولوية السامية.
وهو نفس السبب الذي جعلنا نتغلب على العديد من المآمرات التي تريد المس بوحدتنا الترابية لكنها تكسرت جميعها على صخرة الإجماع الوطني وروح الإبداع التي ميزت مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها صاحب الجلالة وحظيت بقبول دولي واسع، وهو ما يجعل اليوم خصومنا في موقف مكشوف أمام المنتظم الدولي، خاصة والعالم يتابع الزيارة الملكية الناجحة لأقاليمنا الجنوبية وما أسفرت عنه من تعبئة والتحام شعبي وما نتج عنها من أوراش تنموية استراتيجية.
لقد عارضنا هذه الحكومة منذ بداية تنصيبها انطلاقا من توجهنا المبدئي، وانطلاقا من احترام إرادة الناخبين المغاربة. وعبرنا عن معارضتنا منذ البداية بكل شجاعة ووضوح، لكننا، انطلاقا من غيرتنا الوطنية، كنا نتمنى أن تنجح هذه الحكومة على الأقل في استكمال الأوراش الإصلاحية التي كانت مفتوحة.
واليوم فإننا نعلن من جديد أننا سنعارض بقوة مشروع هذا القانون لأنه بكل موضوعية لا يختلف عن مشاريع القوانين التي عارضناها منذ أربع سنوات. ولأنه يستمر في نفس النهج العقيم الذي اختارته الحكومة بشكل سلبي وغير منتج في ظرفية كان من الممكن أن نستثمرها ونستغل إمكانياتها في تطوير النموذج الاقتصادي الوطني وإدماج كل الفئات الاجتماعية للمساهمة الجماعية في بناء مستقبل المغرب.
سنستمر في معارضة الاختيارات البئيسة واللاشعبية التي سترهن مستقبل الأجيال القادمة بشكل غير منتج وعبر الاستدانة واستغلال الفئات الضعيفة والهشة لتأدية فواتير الاستدانة الثقيلة بعدما أدت تكاليف آثار التقويم الهيكلي والفساد الذي نخر الصناديق والمؤسسات العمومية وغيرها من الاختلالات التي كانت ستؤدي ببلادنا إلى السكتة القلبية.
تعليقات الزوار ( 0 )