دعا الكاتب الأول للحزب إدريس لشكر إلى ما أسماه تناوب ثالث بعد التناوب الأول التوافقي الذي قاده ذ. عبد الرحمان اليوسفي في عهد الحسن الثاني والتناوب الثاني الذي جاء بعد دستور 2011.
و أوضح لشكر الذي حل ضيفا على مؤسسة المشروع للتفكير والتكوين في إطار برنامجه مؤانسات فكرية، أول أمس بالرباط، على أن المرحلة السياسية تقتضي أن نسير في اتجاه تناوب ثالث من أجل تعزيز دمقرطة المجتمع و دولة الحق والمؤسسات، والتصدي لكل التراجعات والنكوص في عدة مجالات، قصد ضمان انتقال ديمقراطي حقيقي، متوجها في نفس الوقت لكل المحافظين والرجعيين واللاديمقراطيين الذين يعتقدون أن المعركة انتهت وحسمت بينما المغرب في حاجة لتناوبات من أجل تثبيت المسار الديمقراطي وترسيخه.
وسجل لشكر بهذه المناسبة أن المجلس الدستوري قد أنصف الموقف السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المتمثل في الطعن السياسي في نتائج الانتخابات، إذ قرر إسقاط عضوية 15 مستشارا برلمانيا من أصل 120 عضوا بمجلس النواب، مبرزا في هذا الصدد على أنهم ناخبون كبار متهمون بالتزوير والفساد الانتخابي ويشكلون 12 في المائة من تركيبة الغرفة الثانية، وهذا يطرح بقوة وضع الناخبين الصغار.
وقال الكاتب الأول للحزب أن القضاء قد أنصف الاتحاد الاشتراكي لكن ننتظر إنصافا آخر يتعلق بمراجعة اللوائح الانتخابية التي وجهنا مذكرة بشأنها بمعية أحزاب المعارضة لرئاسة الحكومة، مذكرا في هذا الإطار أنه إن كان الأمين العام للأصالة والمعاصرة اليأس العماري قد تحدث عن 300 ألف تم تسجيلهم الكترونيا من قبل العدالة والتنمية، فوزير الداخلية محمد حصاد حين جاء للبرلمان تحدث عن 500 ألف مسجل. وشدد لشكر أن «تصريح وزير الداخلية داخل مجلس المستشارين، يفرض مراجعة اللوائح الانتخابية وإن لم يكن فإننا نقول من اليوم، أننا ذاهبون إلى انتخابات مزورة».
وذكر لشكر في ذات السياق أن التسجيل في اللوائح حسب القانون هو عملية شخصية يقوم بها الشخص بنفسه، ولا يمكن أن تقوم بها جهة معينة في مقر حزب أو أي مكان آخر باعتبار أن هذا الفعل يدخل في إطار مخالفة القانون وبالتالي الدخول في عمليات الإنزال الانتخابي في اللوائح.
وبخصوص التحالفات السياسية المقبلة، قال لشكر أن التحالف المقبل ستحدده صناديق الاقتراع وأعداد المقاعد المحصل عليها، فإذا ما حصلنا على أغلبية مقاعد فسنكون في غنى عن التحالف مع عدد من الأحزاب، لذلك يرى الكاتب الأول للحزب أن التحالف سيكون بعد نتائج الانتخابات وطبعا سيراعي النقط البرنامجية التي نلتقي فيها مع الأحزاب الأخرى والمزمع تطبيقها.
وبخصوص حرية التعبير والمعتقد قال لشكر أن موضوع الحريات لا يمكن اختزالها فقط في هذين العنصرين، فالحريات والحقوق هي التي ناضل الاتحاد من أجلها مند عقود ومن أجلها خلق الاتحاد الاشتراكي، للدفاع عن هذه القيم النبيلة الضامنة لكرامة الإنسان ولمناهضة الظلم والتسلط والاستبداد، فقضية الحريات هي جزء من هويتنا وهي ما تميزنا عن الأحزاب الأخرى.
وذكر الكاتب الأول للحزب بمغرب الستينات والسبعينات الذي كان يعيش أفراده داخل المجتمع ذكورا وإناثا في أمن وسلام بهندام ولباس مواتي للمرأة فكانت العلاقات الإنسانية عادية، ولاحظنا كيف كانت المؤسسة الملكية تقدم النموذج بإشراك المرأة في جميع مناحي الحياة ، واستطرد لشكر كلامه متأسفا من كون الاتجاه المحافظ بدأ في نشر ثقافة غريبةبدأت تطفو من جرّائها عدة مظاهر دخيلة على المجتمع المغربي.
وسجل لشكر في موضوع قضية المرأة أن موقف الاتحاد الاشتراكي واضح في مجال المساواة والتي تعتبر إحدى المبادئ الأساسية لديه، ولا يمكن لأي حزب أن يزايد عليه في هذا الموضوع مذكرا بقضية الخطة من أجل إدماج المرأة في التنمية مع حكومة التناوب، وكيف كانت المعارضة الشرسة من طرف الاتجاه المحافظ، ثم قضية تعديل ومراجعة مدونة الأسرة وكيف كان الخلاف مع المحافظين إلى أن جاء التحكيم الملكي، فضلا عن قانون الجنسية الذي لاقى هو الآخر معارضة من قبل هذا الاتجاه المحافظ.
وبخصوص الحريات الفردية قال لشكر لنا أن نختار، أن نعيش العالم بقيمه وتطوراته وتفاعلاته أم نعيش ونحن نحتكم إلى قيم القرن 14، والبلاد لها دستور وقوانين نحتكم لها وهي الفيصل بين جميع المواطنين، ولا يحق لأي كان أن يحاكم أحدا بقانونه الخاص أو ما يعتقده، فالبلاد تسير بقواعد قانونية ملزمة للجميع، وأن قضايا مثل المثلية.. ليست من الأولويات وإن حان وقت معالجتها فلن تكون بموقف فلان أو علان.
وفي ما يتعلق بحرية التعبير أكد الكاتب الأول للحزب أن هناك تراجعا كبيرا على مستوى الصحافة المكتوبة والإعلام المرئي والمسموع، لكن في المقابل هناك ثورة رقمية متمثلة في الشبكات الاجتماعية ومن حسن الحظ إننا ما زلنا لم نراكم التطور القانوني في المجال، ومن هو ضد حرية التعبير والصحافة والإعلام فلا يمكن أن يقف سدا منيعا أمام هذه الثورة الرقمية التي لا يمكن أن تكون له سلطة كبيرة عليها.
وردا على ما تم تداوله في بعض الصفحات على الفايسبوك والخواطر العاطفية المرتبطة باستضافة مؤسسة المشروع للتفكير والتكوين للأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، قال لشكر،» للتذكير لقد استقبلنا بنكيران في إطار القيادة السابقة للحزب ممثلة في عبد الواحد الراضي في إطار مشاورات حزبية بالمقر المركزي العرعار ولم ينبس أي أحد بكلمة، كما إن قادة سابقين للحزب كانت لهم لقاءات مع قيادات هذا الحزب بهذا المقر» مخاطبا هؤلاء:» كفى من إثارة فزاعات في وجه قيادة الحزب من أجل فرملة كل تدبير مسؤول وجاد للمرحلة».
وأكد لشكر أن هذه المجموعة التي أثارت هذه الضجة هي مجموعة غادر جزء منها الحزب قبل المؤتمر الوطني التاسع، والجزء الأخر غادر الحزب بعد نفس المؤتمر ولا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة. وكان محمد درويش المدير التنفيذي لمؤسسة المشروع للتفكير والتكوين قد ألقى كلمة في بداية هذا اللقاء الذي نشطه الأكاديمي والفنان رشيد فكاك والصحفيين فاطمة النوالي ورضوان الرمضاني ويوسف بجاجا، الصحفيان اللذان حاورا إدريس لشكر.
وذكر درويش بالبرنامج المخصص لهذه المؤانسات الفكرية والسياسية التي تستضيف فيها مؤسسة المشروع فعاليات فكرية وسياسية واقتصادية وفنية، من أجل تناول قضايا أساسية بالدراسة والتحليل ورفع الغبار عنها مساهمة منها في فتح نقاش فكري وثقافي ووطني من شأنه أن يوضح الرؤية ويرسم الأفاق المستقبلية للبلاد على أكثر من صعيد.
وفي موضوع الحداثة قال الشكر إننا حزب مع الحداثة ونحن كذلك امتداد للإسلام العقلاني لابن رشد والفلاسفة الرائدين في هذا الفكر الإسلامي المتنور، ونحن كحزب ضد كل إسلام أصولي محافظ، نحن مع إسلام عقلاني متنور يتفاعل مع التحولات والتطورات المجتمعية ونرفض الانغلاق والتقليد.
تعليقات الزوار ( 0 )