إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في حوار صريح مع «موقع العمق» : النموذج المغربي هو الناجح في منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط
تحدث الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر،عن المصالحة التي أعلن عنها داخل حزبه، مشددا على أن الفضاء السياسي والحزبي بالمغرب مدعو كله إلى المصالحة.
وأضاف لشكر في حلقة جديدة من برنامج «حوار في العمق»على الموقع الالكتروني «العمق»، أن كل الأحزاب تعرف خلافات، و»الفيسبوك» يعج بكثير من الأمثلة على ذلك، مضيفا أن الاتحاد الاشتراكي قام بالمصالحة لأنه الحزب الأكثر وضوحا وصراحة مع المجتمع والرأي العام. وزاد قائلا: «نحن في هذا الحزب لا يمكن بجرة قلم من طرف القيادة أن نسطر على أقاليم حزبية ونراجع فيها العضوية، نحن في هذا الحزب، وفي ما يتعلق بالذين تخاصموا مع حزبهم، لا نقدر على طرد عضو في المكتب السياسي أو نتخذ فيه قرارا».
واعتبر لشكر أن حزب الاتحاد الاشتراكي ورث تاريخ المغرب باختلاف الرؤى والتحليلات لكل ظرف سياسي، مضيفا بالقول: «اليوم نريد أن نقول إن كل رموز الاتحاد وقياداته بنجاحاتهم وإخفاقاتهم هم من كل هذا الاتحاد ولا يجب التشطيب على قيادة معينة لأنه في محطة سياسية معينة وقع معها اختلاف».
وأشار الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي إلى أنه عندما كان في عمر 18 سنة «خاصموني مع عبد الله إبراهيم، ومع المحجوب بن الصديق، ومع قادة تاريخيين للاتحاد»، مضيفا أن «المشهد الحزبي في بلانا، أختلف معك وأخرج وأعطيك نموذجا، وليس أن أقوم بالتخوين والتآمر» .
وفي السياق ذاته، قال لشكر، «نحن خرجنا من حزب الاستقلال في 1959، وهو ما أوضحته في كلمتي لكن من الذي لعب دورا أساسيا في تطوير المغرب؟: هي تفاهمات الاتحاد والاستقلال في الإصلاحات الدستورية والسياسية في مراحل صعبة من حياة هذه الأمة، لذلك اشتغلنا بشكل مشترك رغم أننا خرجنا من حزب واحد، ومع الأسف هذه الثقافة غائبة اليوم».
وشدد لشكر على أنه ليس طرفا في الخصومة، وأن بعض القيادات هي التي كانت طرفا في هذه الخصومة التاريخية، مذكرا بالمؤتمر السادس حيث قال: «آنذاك لم أكن كاتبا للحزب وخرج من رحم الاتحاد 3 أحزاب، وخلال المؤتمر السابع أيضا، لم أكن كاتبا أولا للحزب». وأردف أن «الخصومة وقعت عبر التاريخ ونبهنا لذلك أكثر من مرة، وأشير إلى الأموي وهو من أبرز القادة، ونعرف ما وقع في المؤتمر السادس، ونعرف رد الفعل، هل كان المشهد محتاجا إلى منظمة نقابية في إطار رد الفعل على الأخ الأموي؟ هل كان المشهد محتاجا لكل هذه الأحزاب في إطار الاختلاف حول المشاركة في حكومة التناوب من عدمه».
وزاد المتحدث ذاته، أنه «في أوج الصراع آنذاك مع النظام وضرب الصحة والتعليم قمنا بخلق إطار الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وبعد ذلك وقع تراجع ونكوص في الإضراب العام سنة 1980»، مضيفا أنه «عندما اختلفنا في استراتيجية النضال الديمقراطي: هل نكون في المؤسسات أم لا، خرج حزب الطليعة، إذن الاختلاف لديه جذوره التاريخية».
وبحسب لشكر، فإن النموذج المغربي هو الناجح في منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط، «هذا النموذج بانشقاقاته وديمقراطيته الناشئة أثبت في النهاية أنه النموذج الناجح في المنطقة، وهناك دول وأحزاب وأسماء انهارت، وما زلنا نسمع اسم بنبركة، ونتساءل عن الذين كانوا معه بالنسبة لشعوبهم وأحزابهم أين وصلت أوضاعهم”.
وشدد على أن «الخصومة والتوافق مع الدولة هما اللذان أعطيا المناعة»، مشيرا إلى أن المغرب ليس كباقي الشعوب حيث مسيرة ألف أو ألفي شخص قد تؤدي إلى قلب الدولة. وحول مصير العائدين إلى الحزب في إطار المصالحة، أوضح لشكر أنه قبل 30 مارس، أي تاريخ المؤتمر، ستنظم 6 ندوات تضم الكفاءات الاتحادية من خارج الحزب إلى جانب الكفاءات من داخل الحزب، للبحث عن مكمن الخلافات، وهل هناك خلاف سياسي؟ وما هو التصور الاقتصادي والاجتماعي، وهل هناك مطالب أخرى؟ واعتبر لشكر، أن «كل الكفاءات الاتحادية التي ساهمت في هذه الندوات وهو المقترح الذي سنقدمه للمجلس الوطني، ستأخذ بالصفة العضوية في اللجنة التحضيرية للمؤتمر، بصفتها كفاءة حزبية بأقدميتها وانخراطها، ولن نتعامل معهم كعضو جديد التحق مؤخرا بالحزب».
وكشف الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، إدريس لشكر، عن موقفه من الاستمرار على رأس حزب الوردة، وقال إنه «لا يمكن ذلك لأن القانون يمنع ولايتين على رأس الحزب»، معتبرا أن مهامه الأساسية أن يؤكد على أن هذا الاتحاد ليس عقيما بل ولّادا، مضيفا بقوله: «أتمنى أن يترشح 10 مرشحين للكتابة الأولى».
وأضاف أنه يستحيل حتى أن يقبل بعضوية المكتب السياسي للحزب، مشددا على أن أمله «هو أن أنهي ولايتي على رأس الاتحاد الاشتراكي، وتكون الحصيلة أنني تركت لهذا الوطن اتحادا قويا».
وشدد لشكر على أنه لن يتقاعد سياسيا بعد مغادرته للكتابة الأولى لحزب الاتحاد الاشتراكي، وقال في هذا الصدد «بكل مسؤولية أنا سأتقاعد في المسؤولية الحزبية»، مشيرا إلى أن القيادة التي ستأتي بعده سيحرص على الحضور لكل تظاهراتها والتصفيق لمواقفها ودعمها، لأن على القيادات الوفاء لمسيرتها داخل الأحزاب وهي مسؤولة أخلاقيا عن دعم خلفها، وفق تعبيره.
وبالمقابل، استغرب لشكر في إشارة منه لعبد الإله بن كيران عندما لم يتم ترشيحه لولاية ثالثة على رأس حزب العدالة والتنمية (استغرب) من مهاجمته لخلفه وعدم دعمه له، رغم أن الحزب كان يدعم بنكيران عندما كان رئيسا للحكومة وأمينا عاما له. وفي السياق ذاته، أضاف أنه «بمجرد أنك لم تعد أمينا عاما للحزب لم تسعف الذين أتوا بعدك، ولم تساعدهم في أن ينجحوا في مهامهم»، مضيفا أن «واجب التحفظ مطلوب والناس اختارت، والقيادات موجودة، ومن المسوؤلية الأخلاقية أن نتركها تشتغل».
كما كشف الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي أنه وابنته لم يكونا مقترحين للاستوزار في التعديل الحكومي الأخير، معتبرا أن الاستقالة كانت هي الجواب الطبيعي في حالة اقترح نفسه للاستوزار ولم ينل الحقيبة وقال في هذا الصدد: «لو اقترحت نفسي في هذه الحكومة ولم أحظ بالثقة، لكان القرار الأمين والرسمي والمسؤول الذي يجب أن يكون، هو أن أقدم استقالتي من قيادة الحزب».
وأوضح زعيم حزب الوردة، في نفس السياق، أنه قدم لائحة مكتوبة إلى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، تتضمن الأسماء المقترحة خلال التعديل الحكومي الأخير، بحيث لم يكن فيها اسمه ولا اسم ابنته، وهو نفس الأمر الذي قام به خلال 2017، معتبرا أن «القرينة والحجة هي ما يُكتب».
وعبر لشكر عن اعتزازه بالعمل الذي يمارسه على رأس حزب الاتحاد الاشتراكي، قائلا: «أعتبر الوزارة تكليفا إضافيا، وأنا اعتبر نفسي عاجزا عن إضافة هذا التكليف الإضافي إلى المهام التي أقوم بها»، وفق تعبيره. وبخصوص حصول حزب الوردة على حقيبة وحيدة في النسخة الثانية من حكومة العثماني، أوضح لشكر أنه «قياسا على الأحزاب التي نتواجد معها، فنحن أخذنا حقنا ولم نأخذ أكثر من ذلك»، مشيرا إلى أنه «في منطق الأغلبية يمكن اعتبار أن رئاسة البرلمان تساوي حقيبتين».
واسترسل لشكر قائلا إن وجود كثرة الوزراء التكنوقراط في النسخة الثانية من حكومة العثماني، يطرح سؤال ربط المسؤولية بالمحاسبة، داعيا الوزراء غير المنتمين للأحزاب إلى النزول للمجتمع، وفق تعبيره. مضيفا أنه «على هؤلاء (الوزراء التكنوقراط) أن يبحثوا في المشهد الحزبي من أجل الانخراط في حزب سياسي، أو تأسيس حزبهم إذا لم يكونوا مقتنعين بأي حزب». واعتبر المسؤول الحزبي أن الكفاءة بمفهومها السياسي تعني الشجاعة والجرأة والقدرة على اتخاذ القرارات مع وجود بنية تقنية، ودور الوزير هو الاطلاع على تلك الأمور التقنية بدقة لكي يختار بكل مسؤولية، حسب قوله.
وتابع بالقول: «ديمقراطيتنا ناشئة تمتد لنصف قرن أو 60 عاما، لذلك لا يقنعني أحد بأن الوزير يجب أن يكون مختصا في قطاعه، ما يجب أن يكون الوزير مختصا فيه هو القدرة على التدبير، وهناك رؤساء من فنانين ورجال الأعمال يقودون دول العالم».
وبخصوص مدى الانسجام بين مكونات الحكومة رغم اختلاف مرجعيات الأحزاب، اعتبر لشكر أن «الاتفاق على كل شيء ليس ضروريا، يكفي الاتفاق على برنامج حكومي». ومضى قائلا: «الاتحاد الاشتراكي خرج من حزب الاستقلال، لكن العمل المشترك معه أتى بمكاسب كبيرة للبلد، ولا أستبعد في كل محطة مقبلة، أن كل المشهد الحزبي يجب أن يكون مطروحا في التحالف من أجل أن يحصل الاتفاق».
تعليقات الزوار ( 0 )