أمام اللجنة الإدارية

26 أكتوبر 2013

 

الأخوات والإخوة،

لا يخفى عليكم أننا بصدد دخول سياسي واجتماعي له نكهته الخاصة هذه المرة، لأننا نواجه حزبا يترأس الجهاز التنفيذي ، فشل على مختلف المستويات، لكنه بدل أن يصارح الرأي العام ويتوجه الى الشعب بالحقيقة، معترفا بعدم قدرته وكفاءته على قيادة تجربة حكومية، في  إطار دستور جديد، مازال يراوغ ويبحث عن التبريرات ويعوض العجز بخطاب يتراوح بين التمييع تارة والتهديد تارة أخرى.

و هذا يتجلى بوضوح في مذكرة تقديم مشروع قانون المالية لسنة 2014. القراءة النقدية لهذه المذكرة تبين أن مشروع المالية تم إعداده في الكواليس تحت ضغط منظمات و لوبيات ستذهب ضحيتها الفئات البسيطة.

  • إنه مشروع يفتقر إلى أية فكرة مبتكرة لهذه الحكومة التي تكتفي بالنقل الحرفي لتوصيات لجان وطنية مختلفة دون حتى أن تكلف نفسها عناء شرح كيفية تطبيق هذه التوصيات.

 

  • إنه مشروع يفتقر إلى توجهات عقلانية كبرى أو إلى خطة للتنمية تعطي دفعة قوية للإقتصاد.
  • إنه مشروع الزيادات في الضريبة على القيمة المضافة للمواد الغذائية التي تمس كل شرائح المجتمع. مشروع المالية لا يتناول نتيجة الزيادات في الملح، السردين، الأرز، الأغذية المخصصة للمواشي، على القدرة الشرائية للمواطنين.
  • إنه مشروع الإمتثال إلى ضغط صندوق النقد الدولي في ما يخص المقايسة و ضرب جيوب المواطنين.
  • إنه مشروع المنح الموزعة لشركات النقل العمومي للمسافرين:

Ø     300.000 درهم عن تكسير حافلة و 400.000 درهم عن تجديد حافلة. لماذا يتوجب على الدولة المغربية دفع منح على تجديد الحافلات؟ هل للمغرب صناعة للحافلات يود دعمها؟ أم أننا نريد صناعة الحافلات في أوربا لمساعدة أوربا على الخروج من الأزمة الإقتصادية؟ لأننا في النخاية لا نصنع إلاّ هيكل الخافلات. الدول التي تعطي هذا النوع من المنح هي الدول المصنعة مثل فرنسا التي كانت تدعم صناعتها للسيارات في وقت و صل فيه سوقها الداخلي إلى النضج.

Ø     200.000 درهم لكل مقاولة نقل عمومي في حالة إنخراطها في المعايير الدولية لتصنيف و تدبير و مراقبة مقاولات النقل الطرقي. في حين كان الأحرى بالحكومة أن تقدم “إئتمان ضريبي” (crédit d’impôt) بهذا المبلغ على سنتين أو ثلاث سنوات.

Ø     منحة التنازل عن مأذونيات خدمات النقل العمومي الجماعي للمسافرين. بعد الريع و الإستفادة من المأذونيات لسنين سنضيف لهم ريعا جديدا من خلال منحة للتنازل عن المأذونيات…

Ø     كل هذه المنح ستكلف أكثر من 1,7  مليار درهم…

  • إنه مشروع توزيع المنح على الشركات و المقاولات على حساب إثقال كاهل المواطنين، و هو ما أبان عنه ممثلي الشركات بمجرد تعيين الحكومة الجديدة بترحيبهم و تهليلهم لعملية التجميل الفاشلة للحكومة التي إستهدفت نبل العمل السياسي و أراد بها تبخيس العمل الحزبي.

وإضافة إلى كل هذا و إلى أشياء أخرى سأتطرق إليها من خلال التحدث عن الأهداف الأربعة لمشروع قانون المالية، كيف يعقل أن 16 في المائة من نفقات الدولة و 34 في المائة من موارد الدولة لا تخضع لمساءلة البرلمان؟ إنها الحسابات الخصوصية للخزينة التي خفض عددها من 130 إلى 78 سنة 2006، لتستقر في 79 منذ مجيء حكومة بنكيران… أين نحن من الشفافية؟ أين نحن من المحاسبة و المسؤولية؟

 

أما عن الأهداف الأربعة التي تتحدث عنها مذكرة تقديم مشروع قانون المالية، فهي كالآتي:

 

أولا فيما يتعلق بما يسموه مواصلة البناء المؤسساتي وتسريع الإصلاحات الھيكلية:

مذكرة التقديم تتحدث عن تنزيل مقتضيات الدستور بعبارات من نوع “تواصل المجهودات”  “الأرضية الملائمة للتنسيق” … دون أي إلتزام زمني حول هذا التنزيل أو إجراء ملموس… فيما عدا بطبيعة الحال التعيينات في المناصب العليا التي لم تتوانى حكومة بنكيران عن أجرأتها و القيام بتعيينات في كل مجلس حكومي بمنطق زبوني لا يراعي الكفاءة و الجهد و القدرة، مما حول كل ما إستهدفه الإصلاح الدستوري من إصلاحات سياسية إلى خدمة الزبناء الحزبيين و السياسيين و العائلات.

إفتقار الحكومة لأي إجراء ملموس لتنزيل الدستور، جعل المذكرة التقديمية تعطي من بين آليات البناء المؤسساتي:

  • أولا تنظيم معرض وطني للمجتمع المدني و أول منتدى إفريقي للفاعلين الجمعويين…
  • ثانيا طبع موسوعة لحصيلة “50 سنة من العلاقات بين الحكومة و البرلمان”…

هل بالله عليكم هذا هو النضال الديمقراطي الذي ناضل  و ضحى من أجله الشعب المغربي، و خرج  لأجله شباب 20 فبراير؟؟

أما عن سراب الجهوية الموسعة فبحسب مذكرة تقديم مشروع المالية سوف يتم في 2014 “إعطاء إنطلاقة لورش الجهوية المتقدمة”… والواقع أن هذا “ورش” لم ينتظر 2014، بل إنطلق في 2010 مع تقرير اللجنة حول الجهوية الموسعة ثم مع مقتضيات الدستور الجديد فإنتخابات 2011 التي على إثرها تم إئتمان حكومة بنكيران على تفعيل الجهوية الموسعة… و النتيجة: حتى الآن لا يوجد حتى بصيص بداية عمل حقيقي من طرف الحكومة حول الجهوية.مما يطرح مسألة تدبير الزمن السياسي بالنسبة لهذه الحكومة…

لقد ودعنا منذ أيام ممثل الأمين العام للأمم المتحدة: كريستوفر روس، و خدمة لقضيتنا الوطنية كان من المفيد جداً أن نكون حاضرين من خلال التقدم في هذا “الورش” بتقديم مشاريع قوانين حول الجهوية الموسعة و الحكم الذاتي. ألا يعتبر هذا التردد و البطء في تنزيل هذه القوانين خدمةً مجانية لخصوم قضيتنا الوطنية؟

و حول تنمية اللأقاليم الجنوبية، تكتفي مذكرة التقديم بسرد محاور التقرير المؤقت حول مشروع النموذج التنموي المستقبلي للأقاليم الجنوبية لشتنبر 2013، ثم بالتحدث عن وجوب التفكير و التنسيق دون إعطاء أي فكرة أو جدول زمني مع أن المجلس الإقتصادي و الإجتماعي هيأ تقريرا قويا في هذا الإطار يلزم هذه الحكومة بضرورة أجرأة الإقتراحات و تقديمها في مشروع قانون المالية. أليس هذا مرة أخرى تأكيد على ضعف إن لم يكن إنعدام الحس الوطني لهذه الحكومة؟؟

الفقر الفكري يتجلى كذلك في عدم توفر الحكومة على أي فكرة مبتكرة لتطوير التحصيل الضريبي خيث لم تجد لها مخرجا إلاّ في ترديد فكرة توسيع الوعاء الضريبي.

 

الدعامة الثانية لمشروع قانون المالية تتمثل في المغالطة التي أسمتها الحكومة تحفيز النمو ودعم الاستثمار والمقاولة وتطوير آليات إنعاش التشغيل

رغم كل اللغط حول الإستثمار العمومي فقد تم خفض ميزانيته ب 9 مليار درهم.

فيما يخص الإستثمار الخاص و التنافسية، فمرة أخرى، تعيش الحكومة على إرث الحكومات السابقة كبرنامج إمتياز للمقاولات الصغرى و المتوسطة أو برنامج مساندة.

أما الحكومة الحالية فتود تخصيص 20 في المائة من الطلبيات العمومية للمقاولات الصغرى و المتوسطة دون تحديد كيف سيتم تحديد المشاريع المعنية أو الوزارات أو المديريات أو القطاعات المعنية.

ثم تدعي الحكومة كهدف ثالث لهاز تطوير الرأسمال البشري و تعزيز آليات التضامن و التماسك الاجتماعي و المجالي

و في هذا الإطار مذكرة التقديم لا تتضمن أي إقرار صريح بضرورة إصلاح منظومة التعليم رغم إجماع المجتمع المدني و النقابات و آباء و أمهات التلاميذ و كل الأطراف التي لها علاقة بمنظومة التربية و التعليم و التي كللت بالخطاب  الملكي.

وتتوالى في المذكرة النوايا حول إصلاح منظومة التعليم بدون أي فكرة أو مشروع أو أولوية قد تحدث القفزة الموعية الضرورية في مجال التعليم.

يبدو أننا سنمضي الأشهر بل السنوات السنوات المقبلة في إجترار نفس الكلام خول ضرورة إصلاح التعليم … كما سبق أن حصل مع الجهوية الموسعة، و تنزيل مقتضيات الدستور، و الحكامة، و إصلاح القضاء و محاربة الفساد… أبن نحن من كل هذا الكلام؟؟؟

تتوالى النوايا و اللجان و المناظرات و الإجتماعات و القمم و المنتديات و لكن لا وجود للفعل و العمل و البناء.

 

أما ما جاء في الدعامة الرابعة لمشروع قانون المالية  خول موضوع استقرار الموجودات الخارجية والتحكم في عجز الميزانية فمشروع المالية يتحدث عن “ترشيد نمط عيش الدولة”. كيف؟

هل بالزيادة في عدد الوزراء (ومنهم من استفاد من منح المغادرة الطوعية لتعود الدولة لتدفع له من جديد راتبا)؟

هل ببلقنة الوزارات التي ستؤدي إلى الزيادة في تكاليف التسيير؟ ب

هل بتضخيم عدد أعضاء مكاتب الوزراء؟ أو بتجديد آثاث مكاتب الوزراء؟

هل بالإرتفاع غير المسبوق في عدد سيارات الدولة؟

الحكومات التي تود فعلا ترشيد نمط عيش الدولة تبدأ من نفسها، من أعضائها، لتعطي بذلك القدوة للمواطنين. و لنا تحربة في الحكومة الإشتراكية الفرنسية التي قانت بمجرد تولي هولاند رئاسة الجمهورية ب خفض رواتب الرئيس و الوزير الأول و أعضاء الحكومة ب 30 في المائة.

أما في بلادنا فالترشيد لا يتم إلا بضرب القدرة الشرائية للمواطنين لإرضاء اللوبيات و المنظمات…

 

و في النهاية يتضح من خلال القراءة النقدية لمشروع قانون المالية أننا لا زلنا في ظل حكومة تصريف أعمال، بعيدة كل البعد عن حكومة سياسية لها مشروع إقتصادي و مجتمعي.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

بيان منظمة النساء الاتحاديات

من مقترحات تعديلات المعارضة الاتحادية إعفاء جمعيات المجتمع المدني 

يوسف إيدي لرئيس الحكومة: «أين نحن من الاكتفاء الصناعي؟»

حفل تسليم شهادات نهاية الدورة التدريبية بتعاون مع مؤسسة فريدريك إيبرت التابعة للحزب الاجتماعي الديمقراطي الألماني